هل الربابة أقدم الآلات الموسيقية في العالم؟

ليس من الغريب أن يتساءل البعض فيما إذا كانت الربابة أقدم آلة موسيقية في العالم لأنها بالفعل آلة موسيقية عريقة وقديمة. بالإضافة إلى ذلك فالربابة لها وتر واحد ومصنوعة بشكل أساسي من جلد الحيوانات أي أن تصميمها يمكن القول عنه بسيط أو على الأقل ليس معقدا مثل غيرها من الآلات الوترية. فهل الربابة بالفعل أقدم الآلات الموسيقية في العالم؟

أقدم آلة موسيقية في التاريخ

في الحقيقة أثبتت البعثات الأثرية والدراسات التاريخية أن أقدم آلة موسيقية في العالم تم اكتشافها في بلاد الرافدين وهي القيثارة السومرية ويعود عمرها إلى أكثر من 4600 سنة. تم إيجاد هذه القيثارة التاريخية عام 1929 في مقبرة الملكة السومرية بو آبي شبعاد التي عاشت في عام 2450 قبل الميلاد، وهي معروضة اليوم في المتحف العراقي وتحديدا في قاعة السومريات في العاصمة بغداد.

تاريخ الربابة

ومع ذلك فالربابة أيضا آلة موسيقية قديمة جدا حتى أن استخدامها يعود إلى ما قبل الميلاد وبرع بالعزف عليها كل من أهل العرب والأتراك والفارسيين. تتميز هذه الآلة الموسيقية المميزة بوترها الوحيد وبأنها مصنوعة من جلد الحيوانات مثل الماعز ومن قطع خشبية.

يختلف المؤرخون حول مسقط رأس الربابة فمنهم من يرى أنها مصرية المنشأ وأن الفراعنة استخدموها في ألحانهم واحتفالاتهم وصوروها في نقوشهم الجدارية، ومنهم من يرى أنها آلة هندية وقد جلبتها أسفار التجارة إلى المنطقة العربية. كما يجزم البعض الآخر أن الربابة قد صنعت في شبه الجزيرة العربية بدلالة المواد البسيطة التي تصنع منها وتوفرها في البيئة البدوية وأن العرب البداوى كانوا يستخدمونها لغناء القصيد والدفاع عن أنفسهم عند اتهامهم تهمة باطلة أو حتى للغزل والمدح. يذكر أن أصل الربابة يعزى أيضا إلى الأناضول وبلاد الرافدين منذ ما يقارب 4000 عام ويقال أنها تطورت وأصبحت تعرف فيما بعد باسم الجوزة.

تم ذكر الربابة في الكثير من الأعمال الأدبية القديمة مثل مجموعة الرسائل للجاحظ كما أن الفارابي وهو أحد أهم الموسيقيين القدماء أورد شرحا ووصفا مفصلا لها في أحد كتبه وذكرها أيضا ابن خلدون في أعماله. ومن أهم الآثار التي تدل على عراقة الربابة وقدمها قطعة حريرية منسوجة تم العثور عليها في إيران وتصور آلة الربابة وتوجد في يومنا هذا في متحف الفنون في بوسطن. كما أن العرب أخذوا معهم الربابة إلى الأندلس عند فتحها ومن هناك انتشرت معرفتها والعزف عليها إلى أرجاء أوروبا وأصبح لها أسماء أخرى.

كيف تم اختراع الربابة؟

قد تكون أكثر الحكايا حول اختراع الربابة حقيقية أو من نسج الخيال أو الفولكلور إلا أن القصة القديمة تحكي أن خلافا نشأ بين رجل وزوجته واحتد النقاش حتى قامت المرأة بترك منزلها ولجأت لبيت ذويها. فيما بعد وعندما هدأت نفس الرجل تبين خطأه وقرر أن يصالحها، إلا أن المرأة على ما يبدو كانت متأثرة جدا بالخلاف الذي حل بينهما فبادرته بطلب الطلاق وقالت له "لا أرجع إليك إلا إذا نطق العود".

شعر الرجل أن المرأة تطلب منه شيئا تعجيزيا فكيف له أن يجعل عود الشجر ينطق؟ لجأ الرجل إلى إحدى عجائز القرية الحكيمات وأطلعها على الأمر. فأرشدت المرأة العجوز الزوج إلى أن يأتي بعود من نبات العوسج وهو نبات شوكي يكثر في الصحراء وطلبت منه أن يجلب جلد الحوار أو صغير الإبل أيضا.

ما إن اكتمل تصنيع الآلة حتى طلبت المرأة الحكيمة من الرجل أن يأتي ببعض شعر ذيل الحصان ويثبته إلى عصا العوسج وهكذا أصبحت الربابة جاهزة. انطلق الرجل إلى دار أهل الزوجة أخذ يغني لها ويطيب خاطرها حتى وافقت على العودة معه إلى المنزل ونسيان الماضي بعد أن جعل العود ينطق بالفعل.

سواء كانت هذه القصة قد وقعت بالفعل أو من نسج خيال القدماء فهي تقدم صورة منطقية عن طريقة اختراع هذه الآلة الموسيقية المميزة.

أشكال الربابة

تعرف الربابة بأشكالها الهندسية المتنوعة وينسب كل شكل منها إلى بلد معين مثل المغرب الذي يشيع فيها استخدام الربابة ذات الشكل المدور، ومن أشكالها الأخرى:

• الربابة المربعة
• الربابة المدورة
• الربابة ذات شكل القارب
• الربابة ذات شكل الكمثرى
• الربابة النصف كروية
• الطنبورة
• الربابة ذات الصندوق المكشوف

مم تتألف الربابة؟

الهيكل

الهيكل هو العصا الطويلة التي يثبت عليا الوتر وعادة ما تكون هذه العصا مزخرفة ومشكلة بطريقة معينة.

الطارة

تعمل طارة الربابة على إبراز الصوت وتكبير ذبذبات الوتر عند العزف عليه. يصنع هذا الجزء من الربابة من الخشب وتكون مفرغة من الداخل ويشد عليها من الجهتين أحد أنواع الجلود المتينة والمناسبة لهذه الغاية مثل جلد الغزال أو الذئب أو حتى الماعز ثم يتم صنع ثقب في أحد الوجهين.

السبيب

السبيب يعني الوتر ببساطة ويشير إلى خصلة مأخوذة من ذيل الفرس وهو ما يصنع منه الوتر والجزء غير الخشبي من القوس الذي يتم العزف به. عادة ما يتم تثبيت السبيب بالخيوط المتينة.

الكراب

قطعة خشبية صغيرة وظيفتها شد الوتر والتحكم بالنغم الذي يصدره حتى يصل إلى الصوت أو الدرجة المرغوبة وتقع في نهاية العصا العلوية.

القوس

يتألف القوس من جزء خشبي يتم ثنيه بشكل معين وعادة ما يصنع من أعواد شجرة الرمان أو من الخيزران لأن هذين النوعين من الخشب يتميزان بتناسق شكلهما والاستقامة والمرونة. أما الجزء الثاني في القوس فيتألف من شعر الحصان ويتم تثبيته أيضاً بخيوط على طرفي القوس.

الغزال

الغزال قطعة خشبية رقيقة وليس لها حجم كبير وظيفتها رفع الوتر عن جلد الطارة لكي يصدر صوتا عند العزف بدل أن يلتصق بالطارة دون نفع.

المخدة

للمخدة نفس وظيفة الغزال إلا أنها تختلف من حيث الموقع حيث توضع تحت الوتر من الأعلى أي من جهة الكراب ويطلق عليها اسم المخدة لأنها مصنوعة من القماش على عكس الغزال المصنوع من الخشب.

في النهاية إذا لم تكن تعرف الربابة مسبقا فننصحك بالبحث على مقاطع فيديو على الإنترنت لهذه الآلة للتعرف على صوتها وطريقة العزف عليها.