"تربية العنصرية في المناهج الإسرائيلية"

-

تغيير المناهج العربية لتناسب خطة الإصلاح الأميركية‚ المطلب الأول على قائمة واشنطن‚ وقد أفردت الإدارة الأميركية لهذا الشأن تقريرا خاصا عرف باسم «خطة واشنطن لتغيير المناهج التعليمية في مصر والعالم العربي» زعمت فيه أن المناهج العربية من أهم المصادر المولدة للكراهية ضد أميركا وإسرائيل‚

المطلب الأميركي مهين وجارح ‚ ليس فقط لأنه تدخل في صياغة الوجدان‚ بل أيضا لأن الدولة التي تسعى أميركا إلى حمايتها وتفوقها بكل السبل تنضح مناهجها بالعنصرية المكشوفة‚ دون أن يرف جفن للعين الأميركية "الساهرة" على حماية ثقافة السلام !

وقد قامت الدكتورة صفا محمود عبد العال بقراءة ستة عشر كتابا من مناهج التعليم الأولي الإسرائيلية لتقدم دراستها «تربية العنصرية في المناهج الإسرائيلية» التي صدرت مؤخرا في كتاب عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة قدم له الدكتور حامد عمار شيخ التربويين المصريين‚

قسمت الكاتبة دراستها إلى سبعة فصول يجمع كل منها النصوص المتشابهة أو التي تصب في ذات الإطار‚ مع تنويهها في المقدمة بصعوبة الفصل الحاد بين الموضوعات وأنها لم تلجأ إليه إلا من أجل تسهيل دراسة الحالة‚ وقد أوردت ملحقا بكل فصل يتضمن النص العبري حرفيا لكل الاقتباسات الواردة به‚

وقد ابتدأت برصد النصوص التي تكشف عن نظرة دونية للعرب‚ ثم تلك التي تزعم تفوق اليهود عرقيا‚ ثم التمايز الاجتماعي‚ دعاوى الحقوق التاريخية في أرض فلسطين‚ التوسع الاستيطاني‚ هاجس الأمن الإسرئيلي‚ وأخيرا تهويد القدس‚

وتؤكد الكاتبة على الأهمية التي أولاها ويوليها قادة إسرائيل للمناهج التعليمية خاصة في السنوات التسع الإلزامية لتشكيل وعي المواطن الإسرائيلي بالطريقة التي تضمن الحفاظ على روح العداء للعرب وتشويه صورتهم بالإضافة إلى التأكيد على الخطط التوسعية للدولة العبرية‚ إلى الحد الذي يصبح معه هذا التوسع عقيدة‚
تشير صفا محمود إلى أن كلمة «وطن» هي من أكثر الكلمات شيوعا في الفكر الصهيوني وأكثرها غموضا أيضا‚ وفي حين يكون الوطن ـ لدى كل الشعوب ـ تاما ونهائيا فإن الوطن بالنسبة للصهاينة ليس كذلك‚ وعلى الأرض فإن حدود إسرائيل مغيبة تماما‚ وكما يحكم التطلع التوسعي سلوك كافة الهيئات والوزارات في إسرائيل فإن المؤسسات التعليمية تعمل كغيرها على زرع هذا الإيمان بالوطن اللامحدود‚

وأول خطوة في سبيل ذلك الوطن الغامض تكون بإثارة الكراهية ضد الآخر العربي الذي تحول من صاحب حق تاريخي في ارض تعرضت للنهب على يد استعمار استيطاني إلى لص وسفاح‚ في كتاب (ارض الوطن‚‚ فصول في ميلاد الاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل في العصر الحديث) وتقتتبس د‚صفا النص الذي يراد للتلاميذ أن يعرفوه من صفات العرب: «قاتل جماعة الحارس ضد الناهبين واللصوص والسفاحين والمتآمرين العرب‚ وقاموا بتأمين الطرق‚ ومنذ ذلك الحين فإن الكثير من المستوطنين اليهود يعيشون بكرامة وسط الساكنين»‚

ثم يعود نفس الكتاب ليؤكد على لسان مستوطنة: «نتذكر المخاطر التي تعرض لها الفلاحون القلائل‚ لقد كانوا على استعداد للتضحية بالذات في سبيل توطينهم في المكان وامتلاكه‚ رغم قسوة المناخ والبيئة الغريبة العامرة بحوادث المختلسين واللصوص والإرهابيين العرب الطامحين للأخذ بالثأر»‚

وتعدد الكاتبة الاقتباسات من هذا الكتاب‚ ولا تختلف أوصاف العربي في كتاب آخر مثل كتاب «بين أسوار القدس» الذي نقرأ فيه: «تدور الحياة في أورشليم بين الأسوار‚ تحوطها الجبال والمرتفعات التي تروع وتخيف اللصوص العرب» ‚

من الواضح أنه كليشيه ثابت لصورة الفلسطيني تم تعميمه على معدي المناهج‚ ولا يقتصر الكذب والعنصرية على تحويل الكفاح لاسترداد الأرض إلى لصوصية وقطع طريق فرضها الفقر أو الحقد الأسود على الآخر‚ بل يتمثل في التحويل الشرير للفلسطيني الى «عربي» أي بنفي الهوية التي تربطه بهذه الأرض (فلسطين) كما أن صفة «العربي» الذي يتمتع باللصوصية تفتح جبهة الأعداء إلى أبعد من حدود إسرائيل الحالية‚ وتؤكد ضمنيا على امتداد الوطن الإسرائيلي إلى كل مكان يوجد به «عرب لصوص» ! !


عزت القمحاوي/ الوطن القطرية

التعليقات