العدد 33 من فصلية "قضايا إسرائيلية": محوران عن الانتخابات الإسرائيلية العامة والحرب على غزة

-

العدد 33 من فصلية
(*) رام اللـه- صدر حديثًا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار العدد رقم 33 من المجلة الفصلية المتخصصة "قضايا إسرائيلية". ويضم العدد، على نحو خاص، محورين: الأول- عن الانتخابات الإسرائيلية العامة، والتي جرت في شباط 2009. والثاني- حول الحرب على غزة، بالإضافة إلى مقالات وزوايـا أخرى.
وشمل المحور الأول مقالاً للباحث إمطانس شحادة عن الثابت والمتغير في مفاهيم ومواقف الجمهور الإسرائيلي، يسلط الأضواء فيه على نتائج الانتخابات الأخيرة للكنيست الإسرائيلي لدى المجتمع والأحزاب اليهودية، ويشير إلى أنها انطوت على عدة جوانب مثيرة، منها مثلا: نجاح حزب كديما في الحفاظ على عدد مقاعده في الكنيست؛ عودة الليكود ليكون حزبا مرشحا لتشكيل الحكومة، أي ليكون حزبا ذا صلة بالسلطة بعد الانشقاق في العام 2005 وبعد الانهيار الجزئي للحزب؛ تنامي قوة حزب "إسرائيل بيتنا"؛ تراجع قوة حزب العمل؛ انهيار ما يعتبر آخر معقل لليسار الإسرائيلي، ويقصد حزب ميرتس. ويتناول القسم الأول من المقال الخلفية السياسية والأوضاع الحزبية للأحزاب المركزية؛ ويرصد القسم الثاني التغييرات في مواقف المجتمع الإسرائيلي ويراجع برامج الأحزاب الرئيسة؛ ويربط القسم الثالث بين حالة تراخي المنظومة الحزبية وبين التغيير في أنماط التصويت لدى الناخب اليهودي ونتائج الانتخابات.
وفي مقال آخر للباحث مهنـد مصطفـى، بعنوان تفاقم خطاب التشديد على الطابع الإثني لـ "الدولة اليهوديـة"، يؤكد الكاتب أن نتائج انتخابات الكنيست الثامن عشر تؤكد التوجه الإسرائيلي في التعامل مع الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، وأن فوز أفيغدور ليبرمان وحزبه [إسرائيل بيتنا] جاء ليؤكد على الخطاب الإسرائيلي الجديد، الذي يستند إلى ثلاثة أسس هي- أولا: تعميق يهودية الدولة والتشديد على طابعها الإثني؛ ثانيا: ربط المواطنة بالولاء والحقوق بالواجبات؛ ثالثا: الفصل بين المجموعتين إما من خلال تعميق التمييز ضد العرب، أو من خلال الفصل الداخلي كإقصاء العرب من عملية اتخاذ القرار وتوزيع الموارد، أو الفصل الجسدي كما يقترح حزب "إسرائيل بيتنا" من خلال التبادل السكاني. ويشير إلى أن تطورات الخطاب الإسرائيلي الجديد ضد الأقلية الفلسطينية هي بمثابة تراكم لما حدث خلال العقدين الأخيرين على صعيد تطور وتدهور علاقات الأغلبية والأقلية في إسرائيل.
وتوقفت الباحثة أريج صباغ- خوري، في مقالها، عند نتيجتين مركزيتين من نتائج الانتخابات الإسرائيلية العامة فيما يتعلق بالمجتمع الفلسطيني في الداخل. الأولى- انتخاب امرأة عربية من خلال حزب عربي لأول مرة منذ النكبة، وذلك كانعكاس لمسار مجتمعي ما كان ليحدث لولا مثابرة النسويات في الأحزاب السياسية ومثابرة الأطر النسوية المختلفة على طرح قضية التمثيل النسائي داخل الهيئات الحزبية وفي قوائم المرشحين. أما النتيجة المركزية الثانية فهي هبوط التصويت العربي إلى الأحزاب الصهيونية إلى نسبة 18 بالمئة، وهي أدنى نسبة منذ العام 1948. وترى الكاتبة أن هذه الانتخابات جاءت مرافقة للحرب التي شنتها إسرائيل على غزة وعلى ما يبدو فإن صور المجازر ظلت ماثلة في وعي الناس وذاكرتهم، الأمر الذي أدى إلى تنافر إضافي بين الفلسطينيين ومؤسسات الدولة والأحزاب الصهيونية.
أخيرًا شمل المحور مقابلة خاصة أجراها بلال ضاهر مع موسي راز، وهو من الشخصيات الإسرائيلية "اليسارية" والمرشح الخامس في قائمة حزب ميرتس، تناولت القضايا المتعلقة بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وأسباب انهيار اليسار في إسرائيل. كما تشمل محاولة لتقييم فترة ولاية حكومة إيهود أولمرت، التي شنت حربين على لبنان وغزة.
وفي محور الحرب على غزة نشرت المجلة مقالاً مشتركًا للكاتبين أنطـوان شلحـت وعـلاء حليحــل بعنوان "النخب الثقافية والأدبية في إسرائيل- "القوة الناعمة" المكملة لـ "القوة الصلبة"، الحـرب على غــزة كمثـال". ويدرس المقال مواقف الأدباء العبريين إزاء الحرب الإسرائيلية على غزة وفيما إذا كانوا تقمصوا دور "القوة الناعمة" المكملة لـ "القوة الصلبة"، بحسب إحدى النظريات الحديثة. وهو يركز على مواقف شفّت عنها مقالات ظهرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة في أثناء الحرب وبعدها بفترة وجيزة. ويبيّن أن هؤلاء الأدبـاء أيدوا، في معظمهم، تلك الحرب فور الإعلان عن شنها، بحجة عامة فحواها أنها "حرب عادلة ومبررة" تتخذ من شعار "الدفاع عن النفس" المألوف ذريعة لها، غير أن تأييد الحرب وإبداء الحماسة لها لم يعمّرا طويلاً، وسرعان ما انطلقت دعوات من أجل إيقافها، لكن مبرراتها لم تستند إلى مبادئ أو مقولات تحيل إلى قيم إنسانية عالمية عامة، وإنما نهلت من نبع أفكار عكرة تحيل إلى مسلمات صهيونية راسخة تغلب عليها عادة سمة الصنمية.
كما نشرت ترجمة لمقال بقلم د. دان شيفتان بعنوان: من "السور الواقي" وحتى "الرصاص المصبوب". ويدعي فيه أن إسرائيل واجهت في العقد الأخير تحديا جديداً، له سمات اختيرت بعناية من أجل وضعها أمام تهديد يحيّد ويلغي تفوق قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، في مواجهة العناصر الراديكالية في العالم العربي. وتكمن خصوصية هذا التحدي في مكوناته التي لا يتوفر لها جواب عملاني، والتي تتمثل في ترسانة كبيرة من الصواريخ البسيطة والرخيصة، والقادرة على ضرب تجمعات سكانية يهودية دون توفر إمكانية لمنع إطلاقها بثمن معقول؛ إضافة إلى نمط حرب يفرض على إسرائيل عمليا إلحاق ضرر خطير بالسكان المدنيين العرب حتى من أجل تحقيق نتائج جزئية ومخيبة للآمال. وعلى الرغم من تأكيده عدم القضاء على هذا التهديد، وأن المواجهة الأخيرة لم تصل إلى تسوية أو تثبيت (لوقف إطلاق النار)، إلا أنه يمكن المجازفة والقول إن إسرائيل وجدت لهذا التحدي جواباً مرضيا في المرحلة الحالية.
علاوة على هذين المحورين يضم العدد الجزء الثاني والأخير من مقال البروفسور روت غابيزون: تأملات في مغزى وأبعاد مصطلح "يهودية" في تعبير "دولة يهودية وديمقراطية"، وتناقش فيه مجموعة من المسائل المركزية الخاصة، أو الفردية، التي يمكن أن يكون فيها للطابع اليهودي للدولة، وللرغبة المبررة في المحافظة عليه، انعكاس على التسويات والنظم السياسية والقانونية والاجتماعية في إسرائيل. وتتوقف الكاتبة في كل واحدة منها بشكل مختصر على ظروف تجسيد تقرير المصير اليهودي وعلى انعكاساتها على السياسة التي تنطوي على ما من شأنه الحد من حرية الأفراد والمجموعات، وعلى مسوغات مثل هذه السياسة والاعتبارات والقيود المترتبة على الالتزام بحقوق الإنسان والتي تحد من هذه الحقوق. ورغم أهمية هذه الاعتبارات إلا أنها تدعي أنها تتيح حيزاً واسعاً لسياسة مشروعة يجوز انتهاجها من أجل دفع وخدمة المبدأ المهم المتمثل في استمرار تقرير المصير اليهودي وازدهاره في جزء من أرض إسرائيل.
كما يضم ترجمة لمقال بقلم البروفسور إفرايـم عنبـار، مدير "مركز بيغن- السادات للدراسات الإستراتيجية" في جامعة بار إيلان، حول صعود وهبوط نموذج "دولتين لشعبين". ويبدأ هذا المقال باستعراض لتضافر العوامل الداخلية والدولية التي أدت إلى صعود نموذج "دولتين لشعبين"، ومن ثم ينتقل إلى تحليل حالته الراهنة. ويؤكد أنه من غير المحتمل أن نشاهد في المستقبل القريب سلاماً مستقراً يقوم على أساس هذا النموذج، وذلك لسببين أو اعتبارين: "الأول أن الحركتين الوطنيتين- الفلسطينية والصهيونية- ليستا قريبتين من التوصل إلى تسوية تاريخية، والثاني كون الفلسطينيين غير قادرين على بناء دولة". ويتفحص المقال في جزئه الأخير الخيارات السياسية المختلفة المطروحة حاليا أمام صانعي القرارات المنشغلين في النزاع.
كذلك يحتوي العدد قراءة في التقرير السنوي الأحدث لـ "معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي"، بقلم برهوم جرايسي. ويستعرض هذا التقرير، بالأساس، المتغيرات الحاصلة في العالم في كل ما يتعلق باليهود. ويطغى عليه، في الكثير من أقسامه، الاستنتاج أن مكانة الولايات المتحدة الأميركية في العالم تتراجع في الآونة الأخيرة، وأن هذا يتعارض مع مصالح إسرائيل، ولذا فإن التقرير يتعامل مع هذه القضية بقلق بالغ.
كما يضم زاوية "المكتبة" وفيها عرض موجز لأبرز الإصدارات الحديثة في إسرائيل.

التعليقات