الفصائل الفلسطينية من النشأة إلى حوارات الهدنة

الفصائل الفلسطينية من النشأة إلى حوارات الهدنة
يقدم هذا الكتاب عبر مجموعة من الدراسات خلفية تاريخية وسياسية مهمة عن نشأة الفصائل الفلسطينية، ويأتي الكتاب، بدراساته التي كتبها أكثر من باحث إمتدادا لاهتمام محرره الكاتب والباحث صبحي عسيلة الباحث في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام والمتخصص في الصراع العربي الصهيوني، وله دراسات مهمة في هذا المجال آخرها..


«ماذا بعد أبو عمار» ويقول المحرر في المقدمة ان الظروف التي مرت على الصراع العربي الصهيوني زادته تعقيدا.. ويضيف أن عملية التسوية، ومحاولة وقف العنف، والعودة لطاولة المفاوضات وخارطة الطريق أثارت إشكالية الموقف من إستمرارية أو وقف الإنتفاضة ومرجعية عملية التفاوض وأطرافها، وعلاقة المنظمات الإسلامية، وتلك الرافضة لاتفاق أوسلو بالسلطة الفلسطينية.


ويشير الكاتب إلى أن الاسباب السابقة أكدت على أهمية دراسة العوامل والاسباب البنائية لغياب وفاق وطني بين الطيف السياسي الفلسطيني إزاء عملية التسوية.


ويشير الفصل الأول «منظمة فتح ومنظور التسوية السلمية» وقد شاركا في كتابته كل من الباحثين عبير ياسين ومحمد جمعة إلى أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» بدأت في شهر أكتوبر من عام 1957 إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 واحتلال إسرائيل لقطاع غزة. وظلت الحركة تعمل سرا حتى عام 1965 حين أذيع أن ياسر عرفات هو الناطق الإعلامي للحركة.


وجاءت بدايتها عبر تأسيس الخلايا بشكل سري في نهاية الخمسينات وبداية الستينات في سوريا ولبنان والأردن ودول الخليج العربي حيث يعمل الفلسطينيون، وكان لأعضاء الحركة إمتدادات تنظيمية في مصر وغزة والأردن ولبنان وسوريا والسعودية والكويت وقطر والضفة الغربية وبدأت بذرة التكوين في الكويت من أبو عماد وخليل الوزير (أبو جهاد ) وعادل عبد الكريم ويوسف عميرة.


وتؤكد الدراسة أن العديد من المصادر الفلسطينية أشارت إلى أن حركة فتح نشأت في البداية في أحضان حركة الاخوان المسلمين وخصوصا بين أفرادها من أبناء قطاع غزة.


وتقول : أنه منذ عام 1968 أصبحت هي التنظيم الأهم في منظمة التحرير الفلسطينية واستحوذت على القسم الأكبر من عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة وبقيت كذلك حتى الآن وتبنت فتح مجموعة من الأسس الفكرية يأتي على رأسها :


1 ـ الحرب الشعبية طويلة الأمد والنضال العسكري هما سبيلا تحرير فلسطين.


2 ـ تحرير فلسطين هو الطريق إلى توحيد الوطن العربي.


3 ـ الهوية الفلسطينية واستقلالية القرار الفلسطيني.


4 ـ الدولة الديمقراطية وحل المسألة اليهودية.


وقد رفضت منظمة فتح أن يكون لها أيديولوجية أو عقيدة سياسية محددة، واعتمدت البراغماتية في أدائها السياسي، وأخذت البنية التنظيمية لحركة فتح شكل البنية التنظيمية للحزب الواحد حيث تشكل هيكلها من المؤتمر العام واللجنة المركزية والمجلس الثوري وتطور موقف فتح من «الصراع مع إسرائيل إلى الاعتراف والتفاوض معها.


وكما تقول الدراسة: مرت إستراتيجية الكفاح المسلح من 1965 إلى2000 بالمرحلة الأولى من 65 -1967، والمرحلة الثانية من 1967 - 1987 والمرحلة الثالثة 1987 - 2000 حيث إندلعت الانتفاضة الفلسطينية وتنازع قيادتها تياران هما : التيار الإسلامي ومنظمة التحرير الفلسطينية


وتقول الدراسة أن موقف فتح من عملية التسوية يتمثل في أنها مع المبدأ لكن الخلاف يكون حول الأساليب وتجلى ذلك في قمة فاس عام 1974، وفي عام 1968 على لسان أبو إياد وللمرة الأولى قال أن الهدف الإستراتيجي للكفاح الفلسطيني يتمثل في إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية على إمتداد فلسطين التاريخية، وفي عام 1988 صادق المجلس الوطني على مبادرة السلام الفلسطينية، وأكد التوجه إلى حل قوامه وجود دولتين على أرض فلسطين.


وترجع الدراسة أزمة فتح إلى تغيير الظرف الدولي، وخريطة التحالفات، وكذلك طبيعة البنية وطبيعة الداجماتية وطبيعة الشعارات والعلاقة بالنظام العربي وطبيعة القيادات ومنابت نشأتها. كل ذلك ساهم في أزمة فتح وخياراتها وتقلباتها.


ينتقل الكتاب في دراسة أخرى عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وقضايا التسوية للدكتور عماد جاد الباحث البارز بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام وتقول الدراسة:أصطدمت محاولات التوصل إلى برنامج وطني فلسطيني «مشترك بين الفصائل والتنظيمات المختلفة بعقبة رئيسية تمثلت في عدم قدرة المنظمات التي تستند في عملها إلى منطلقات إيديولوجية على إحداث تغيير جوهري في طرحها.


ومن بين هذه المنظمات برزت تلك التي تنطلق من أرضية دينية فهذه المنظمات تنطلق من مقولة أن فلسطين من البحر إلى النهر أرض وقف إسلامي، وتحدد الدراسة جذور حركة الاخوان الفلسطينية إلى ثلاثينات القرن العشرين والتي توطدت بمشاركة المتطوعين من الاخوان من مصر والاردن في حرب 1948 ويلاحظ المؤلف في دراسته أن بداية نشاط الاخوان المسلمين في فلسطين لم يكن موجها ضد قوات الاحتلال، بل كان منصبا على هدف «أسلمة المجتمع» عبر بناء الفرد المسلم.


ويقول حركة حماس تعد إمتدادا لحركة الاخوان المسلمين أو جناح من أجنحتها. ويشير المؤلف إلى عدد من المواقف السياسية لحماس أبرزها وضعها شروط دخول المجلس الوطني الفلسطيني وهي :


1ـ إعادة تمثيل القوى الوطنية والإسلامية داخل منظمة التحرير بما يتلاءم مع حجمها الطبيعي على الأرض، وطلبت الحصول على 40% من مقاعد المجلس.


2 ـ المجلس الوطني الجديد غير ملزم بقرارات المجلس السابقة، أي قبول قرارات 242 و338 أو الاعتراف بإسرائيل.


3 ـ دستور جديد لمنظمة التحرير.


كما رفضت حماس إتفاق أوسلو بشكل قاطع. وشاركت بشكل واسع في إنتفاضة الأقصى وقامت بجهد في عسكرة الإنتفاضة وتعرض العديد من قادة حماس للاغتيال من قبل العدو الإسرائيلي وأجهزة مخابراته وأخيرا دخلت طرفا في حوار مع أطراف العمل الفلسطيني بإشراف جهاز المخابرات المصري.


وفي الفصل الثالث عن حركة الجهاد الفلسطيني للباحث سعيد عكاشة يقول : حركة «الجهاد الإسلامي في فلسطين بدأت على خلفية التطورات التي لحقت بالواقع الفلسطيني منذ هزيمة 1967، وقد تم الاعلان عنها في أواخر السبعينات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم مرت الحركة بلحظات صعود وهبوط إرتبطت بالتغييرات الإقليمية والدولية من جانب والتطورات على الساحة الفلسطينية من الجانب الآخر.


أما فيما يتعلق بمشروعات التسوية التي طرحت منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي فإن حركة الجهاد إضطرت في لحظات كثيرة لخوض نقاشات حول مشروعات تسوية طرحتها الساحات الدولية والعربية.


وفي الحديث عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للباحث محمد فايز فرحات، يقول أنها أحد أهم مكونات التيار الماركسي الفلسطيني وكانت هزيمة 1967 أحد العوامل الرئيسية وراء تأسيسها وهي تشكل خروجا من عباءة حركة القوميين العرب، وقد تبنت الجبهة العنف الثوري والكفاح المسلح، وتبنت مفهوما واسعا للصراع،


حيث ترى أن التناقض الاساسي في المنطقة هو ما قصر بين إسرائيل والصهيونية والإمبريالية والقوى الرجعية المحيطة من ناحية والدول العربية التقدمية والجماهير العربية من ناحية أخرى، وتنطلق الجبهة من تحرير فلسطين التاريخية كهدف إستراتيجي للثورة الفلسطينية وإقامة دولة وطنية وديمقراطية عربية ثنائية القومية يتعايش فيها العرب واليهود معا ويتمتعون بالمساواة.


وقد آمنت الجبهة بالكفاح المسلح وشاركت فيه وبالإنتفاضة الفلسطينية وقد أولتها إهتمامها الكبير وبلورت رؤية تجاه عملية الإصلاح الداخلي وطالبت بتشكيل قيادة وطنية موحدة كشرط للإصلاح الداخلي وكذلك شاركت في الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني وفي الفصل الأخير قام الباحث صبحي عسيلة بجولة عن علاقة مصر بالفصائل ودورها في الحوار فيما بينها في محاولة منها للوقوف على برنامج مرحلي لتوظيف التسوية وانتزاع بعض الاراضي الفلسطينية من الأنياب الإسرائيلية.


(أمين اسكندر - "البيان)

التعليقات