25/02/2004 - 09:23

في حفل تأبين نظمته " النجاح "، شعراء فلسطين وأدباؤها : فدوى طوقان أم شعراء فلسطين وسنديانة الشعر العربي

"انها المرأة التي حركت المياه الراكدة في زمانها ، لقد ارتفعت كالنخلة لتساقط رطبا جنيا"

في حفل تأبين  نظمته
الشعراء يرحلون لكن ليس كما يرحل الآخرون ، فهم يتركون خلف البوابة التي خرجوا منها كلمات نسجت من أرواحهم، معلنة وجود حياة أخرى من جديد لكنها حتما ستكون مختلفة وتحمل معنى آخر .

وعلى غير عادتهم تواجد الحضور في جامعة النجاح الوطنية قبل موعد بدء حفل تأبين الشاعرة الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان ، وقبل أن تدق الساعة كان الجميع في مدرجات الشهيد ظافر المصري يتبادلون أشعارها ويقتطفون مقطوعات من رحلتها الجبلية .... رحلتها الصعبة .

وسط سكون الجمهور الذي احتشد من كل أنحاء فلسطين، شق عريف الحفل الدكتور خليل عودة طريقه معلنا بدأ مراسم الحفل ..

"فدوى خرجت جسدا وعادت روحا وفكرا ، ترفرف بأجنحتها التي صنعتها من وحي الكلمات ، ورقيق شعرها في عالم ما زال يتطلع اليها على انها المرأة التي حركت المياه الراكدة في زمانها ، لقد ارتفعت كالنخلة لتساقط رطبا جنيا". بهذه الكلمات بدأ الدكتور عودة الحديث .

كلمات عديدة قالها المتحدثون ، كل منهم روى قصة حقيقية عن حياة عاشتها فدوى طوقان. فكان لكلمات مدير عام وزارة الثقافة، الشاعر علي الخليلي، وقعا خاصا على النفوس. وقد بدأ القول " لقد وحدت شاعرتنا الأمة العربية تحت افق الشعر في زمن صعب ، ويليق بها أن تحمل لقب " سنديانة فلسطين و أم الشعراء والجيل الثالث في نابلس ويليق بها أن تكون الشاعرة العربية في مختلف العصور ".

ويتابع الخليلي بتأكيده على ان طوقان كانت على مدار ثلاثة أجيال في زمن العتمة والخوف والنكبات تواصل رحلتها الجبلية الصعبة ثم الرحلة الاصعب ، قصيدة بعد قصيدة ومعاناة بعد اخرى ، على الطريق نحو القمة والتي هي قمة شعبها وقمة الانسانية بشكل عام ، سيدة الشعر العربي المعاصر تستريح الآن على هذه القمة ".

وعن شعرها يقول الخليلي " من "وحدي مع الأيام" إلى " وجدتها" الى "اعطنا حبا" الى "امام الباب المغلق" الى "الليل والفرسان" الى كل مجموعاتها الشعرية المتدفقة تأخذ طوقان بأيدينا الى ينابيع الحياة فنعرف أننا قادرون على الثبات ضد الزلزلة وعلى الفرح ضد الحزن والكآبة .

" لنا أن نحزن برحيل سيدة شعرنا كله ولنا أن نقف معها على القمة ، التي أنشأتها و رعتها فينا ، وان نجعل منها عطاء مستمرا ملء الكون كله " اختتم الخليلي حديثه .

أما وزير التربية والتعليم العالي، فيقول في الكلمة التي القتها نيابة عنه جمانة قرمان " لقد كانت فدوى النجمة الوضاءة في سماء فلسطين والشاعرة المبدعة التي رسمت صورة الوطن وحملت همومه و آماله و آلامه وغدت ركنا من أركان الشعر العربي والفلسطيني ، وهي نموذج المرأة الفلسطينية رغم الظروف التي عايشتها فأصبحت المرأة القدوة في شموخها ".
"هي مدرسة اجتماعية شعرية ثقافية متكاملة وهي شاعرة الحب والوطن والمعاناة".

أما رئيس مجلس أمناء الجامعة، صلاح المصري، فبدأ القول " تستحق أكثر من حفل تأبين ، لأنها تمثل محطة أدبية رائعة في تاريخنا المعاصر ، فلا يمكن لنا أن ننسى اصحاب العطاء ، وفدى لم تكن مجرد امرأة . لقد كانت نموذجا للمرأة الفلسطينية وارتفعت كسنديانة في وجه الاعصار ".

ويؤكد المصري على أن طوقان انتقلت في شعرها من جدران البيت الى سفوح عيبال ومن ثم الى كل مكان في الوطن العربي .

رئيس اتحاد الادباء الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، محمد علي طه بدأ حديثه بقوله " تفتح عيناها وجماهير نابلس تهتف ضد وعد بلفور واغمضتهما ودبابات الاحتلال تهدم البلدة القديمة وحارة الياسمين ورغم ذلك عاشت رحلتها الجبلية الصعبة ".

ويؤكد طه على أن العروبة لم تعرف شاعرة في مستويات الحداثة مثل فدوى طوقان ، فالحداثة عندها تنساب رقرقة في كلماتها.

واستعرض طه في كلمته الذكريات الجميلة التي عاشها برفقة فدوى في نابلس وحيفا فوصفها بأنها " شحرورة تهديه اسرارها عما يختلج في نفسها "

وتحدث الاب عطاالله حنا، الناطق الرسمي بأسم الكنيسة الارذوكسية فقال " انه شرف عظيم أن اكون هنا في المكان الذي دفنت فيه فدوى طوقان " وقد اصر حنا على أن تكون كلمته تحت عنوان " كلمة القدس " وذلك لما حملته الشاعرة من حب لتلك المدينة ويضيف كانت دائما الوفية للقدس ومقدساتها المسيحية والاسلامية .

ولا ينسى حنا أن يذكر آخر زيارة له للراحلة طوقان فيذكر الامانة التي حملته اياها وهي أن يقبل المسجد الاقصى وكنيسة القيامة نيابة عنها .

ويتابع حنا الحديث بقوله "لا يمكن أن ننسى دورك في الشعر الفلسطيني ولن تنساك القدس يا فدوى "

وأشادت هدى عبد الهادي، من الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، بقصائد الشاعرة وقالت أن لا رثاء للمبدعين الكبار، كما نوهت إلى دور الشاعرة في إبراز دور المرأة الفلسطينية فقد كانت الرائدة في كسر الحواجز أمام تطور فكر المرأة ونهوضها وأخذ دورها الطليعي في المجتمع.

أما عائلتها فقد ألقى كلمتها المهندس جعفر ابراهيم طوقان، وقد شكر خلال كلمته الحضور والقائمين على الحفل باعتبارهم أهل الشاعرة، كما وصف الفراغ الكبير الذي حدث بعد وفاة الشاعرة، وقال : لقد فقدنا شمعة كبيرة أنارت أمامنا طريق الأمل والحياة، كما تطرق إلى وصف المنزل القديم للعائلة وذكرياته مع الشاعرة، و وصف الشاعرة بأنها عاشقة الجبال والنموذج الصادق للمبدعين الطاهرين وأشار إلى أنه بالرغم من حرمان الشاعرة من التعليم إلاّ أنها استطاعت أن تسير في طريقها إلى الأمام.

وقد كان لجوقة جامعة النجاح ولشعر فدوى طوقان حضور خاص في هذه المناسبة فقد أدت الجوقة عدد من الموشحات الغنائية منها " يا حرّ ما أضرما"، وقصيدة مغناة بعنوان "مخاض"، كما شاركت طفلتان من مدرسة الطلائع بإلقاء بعض قصائد الشاعرة، كما تم عرض كلمة الشاعرة طوقان في حفل منحها الدكتوراة الفخرية في جامعة النجاح الوطنية في عام 1998، واختتم الحفل بنشيد الجامعة الذي وضعت كلماته الشاعرة فدوى طوقان ولحنه الأستاذ فواز البسطامي.

التعليقات