03/06/2009 - 12:56

بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009 شعراء فلسطين يقاومون الاحتلال حباً و شعراً

بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009
شعراء فلسطين يقاومون الاحتلال حباً و شعراً

الجليل 30/5/2009
عاد الى البلاد الشعراء سليمان دغش سفير فلسطين في حركة شعراء العالم , معين شلبية وعبدالناصر صالح بعد مشاركة فاعلة ومميزة في احتفاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 التي نظمتها وزارة الثقافة القطرية في عاصمتها الدوحة بدعوة رسمية من وزارة الثقافة القطرية والمجلس الأعلى للثقافة والتراث القطري,

وأحيا الشعراء مساء (الأربعاء) 27/5/2009 ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 أمسية شعرية في قاعة الصالون الثقافي بحديقة الرميلة، وذلك بدعوة من وزارة الثقافة والفنون والتراث.
وتأتي الأمسية الشعرية التي أدارتها باقتدار الإعلامية أماني عواد، ضمن مساهمات وزارة الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر في الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية لهذا العام.
ويعد الشعراء الثلاثة من الجيل الثاني لشعراء المقاومة بعد محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد، هذا الجيل الذي لا يزال إلى حد بعيد منقطعاً عن محيطه العربي الكبير لما يفرضه الاحتلال من حصار وتضييق على أدب المقاومة والذي يشكل أحد أهم خيارات المواجهة الفلسطينية مع الاحتلال.
وتناولت قصائد الشعراء موضوعات مثل القدس والعدوان الهمجي الصهيوني على غزة والوحدة الفلسطينية والحلم الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال، كما أكد الشعراء بحضورهم وأشعارهم استمرار مسيرة شعر المقاومة وعدم توقفه عند جيل الرواد كما يتصور البعض، وأنّ ثمة تجارب شعرية زاخرة في فلسطين يمثل بعض أبرزها الشعراء الثلاثة تواصل مجرى هذا النهر العظيم وترفده بماء الشعر المقدس/ماء الحياة.
وألقى الشعراء -من خلال إحياء الأمسية الشعرية- الأضواء على القدس المحتلة والتي تتعرض إلى حملة تهويد مسعورة لتغيير معالمها العربية وتفريغها من سكانها العرب الفلسطينيين ومواصلة خنقها بسلسلة من المستوطنات التي تمتد وتتوسع يوماً بعد يوم، وكانت سلطات الاحتلال قد منعت أية فعالية ثقافية في مدينة القدس وداخل الخط الأخضر التي كانت مقررة في افتتاح فعاليات «القدس عاصمة للثقافة العربية 2009».
وفي بداية الأمسية شكرت الإعلامية أماني وزارة الثقافة والفنون والتراث في شخص وزيرها الدكتور حمد عبدالعزيز الكواري، والأمين العام للوزارة مبارك بن ناصر آل خليفة، ومدير إدارة الثقافة والفنون فالح عجلان الهاجري، الذي كان حاضرا في الأمسية إلى جانب شعراء وأدباء ومسئولين سامين بسفارة فلسطين بالدوحة.

وكان أول الصادحين الشاعر سليمان دغش سفير الشعر الفلسطيني إلى العالم الذي قرأ «الكلمة الأخيرة لامرئ القيس\\


في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
والْحُلْمُ أوَّلُ خطوَةٍ في الرّيحِ
سوفَ أطلُّ من حُلُمي عليكِ
وأشتهي ما شئتُ أو ما شِئتِ من غاباتِ لوزكِ
وهْيَ تومئُ
للفراشاتِ التي ارتعَشَتْ
على قيثارةٍ في الرّوحِ تختزلُ المسافةَ
كيْ توحِّدَ ذاتَها
في زُرقَتيْنِ
قريبتيْنِ
بعيدَتيْنِ
فليسَ أبعدَ منكِ عنّي
ليسَ أقربَ منكِ منّي
ليسَ أقربَ
ليسَ أبعدَ
من سماءِ الحُلْمِ عن بحرِ الحقيقةِ
زُرقتانِ
وزورقانِ
ووحده الماءُ المُهيمنُ في المدى الوهميِّ
يحتَرفُ المرايا...
ها هنا في الحُلْمِ مرآةٌ
تُباعِدُ
أو تُقارِبُ
رُبّما كُنّا وتلكَ حقيقةٌ مخفيّةٌ
فيما تعدّى ظاهرَ المرآةِ في المرآةِ
متّحدَيْنِ
مَرْئيَّيْنِ
مخفيّيْنِ
لا أحدٌ سيفهَمُ شيفرةَ المرآةِ إلاّ نحنُ
فالمرآةُ وهمُ الحالمينَ
وَوَحيُ أصحابِ اليقينِ
فلا تقولي للعصافيرِ التي ألِفَتْ أنينَ الرّوحِ
وائتَلفَت جنونَ الرّيحِ
وَيْحَكِ... لَنْ تَمُرِّي هاهنا
في الحلْمِ مُتَّسعٌ لها..
في الحُلْمِ متَّسعٌ لَنا...

وأنشد بعدها قصيدة حول غزة متوسلا للموت أن يكون رحيما بهم في ظل الحصار الطويل الذي يفرضه الاحتلال:

في سَماءِ العصافيرِ
ما بينَ غزَّةَ والمتوسِّطِ
ثمَّةَ طائرةٌ تتسابَقُ مع ظِلِّها الزّئبقيِّ
على سطحِ أحلامِ أطفالنا النائمينَ
على موعدِ البحرِ
لا كهرباءَ هنا كيْ تضيءَ منازلنا
في ظلامِ الحصارِ الطويلِ الطويلِ
على حافّةِ الموتِ
ما أصعب الموت حينَ يجيءُ بطيئاً بطيئاً
كما السُلحفاة ليأخُذَ أطفالنا
واحِداً
واحداً
كُنْ رؤوفاً بنا أيُّها الموتُ
ما أنتَ إلاّ ملاك نبيل توصّى بنا
لا تَكُنْ قاسيَ القلبِ
خُذنا جَميعاً إلى ملكوتِكَ لا تتلكأْ
لماذا تُقَسِّطنا هكذا دفعةً دُفعةً
طالما اخترتَنا للرحيلِ إليكَ على جانحيكَ
تقدَّمْ تقدَّمْ
فإنَّ فراشاتنا احتَرَفَتْ سُنَّةَ النارِ حولَ القناديلِ
كيْ تتوضّأَ بالضوءِ
أو تتوحَّدَ بالمستحيلِ على بُعدِ وَمضَةِ
نجمٍ وليدٍ
يسمّى لدينا الشهيدَ الشهيد

أما الشاعر معين شلبية فأنشد عن «رحيل الروح»:

رأيتك ترسمين الحلم بين النار والغسق
وفوق الليل أقمار
وخلف الروح أحزان
ولون الحزن كالشفق
....
رأيتك تحملين البحر في عينيك مغتربا
وألواحا من الإيمان والفكر
سألت البحر هل يدري بحامله
فرد البحر أمواجا من الأرق
رأيتك تغرقين الحزن في شفتيك صامتة
ألا تتساءلين الآن عن غرقي؟
فقلت: بلى
لماذا النهر لا يجري كما ينبغي
ولا نبغي عبور الحب كالورق

ثم تلاها بقصيدة «الموجة عودة»

ولماذا أسامح يا أصحاب
هل أحد منكم يحمل أمتعة الصبح مكاني
هل من يقرأ في حزني النكبة
ويشارك في موت الليل مقاساة العتمة
ويمزق شريانا في أحشاء زماني
كانت في قلبي تتفتح زهرة
كانت في روحي زنبقة مرة
مر العمر ويا ليته.. ما مر
.....
كانت في قلبي تتفتح طفلة
تتململ في رحم الأحزان.. تعاني
كانت في روحي أنثى
ترسم أجنحة الشمس وأعقاب البسمة
لكن سهاما من قوس أحبائي
بعثت في عز الصبح إلى روحي.. فأصابت!
ماذا أفعل يا أصحاب؟
هل يوجد من يحمل منكم أتعاب الأمة
هل أحد منكم يقرأ أسفار البحر
ويرشف من قاع الكأس بقايا الجمرة
وتقول الطفلة:
ماذا أفعل كي تجعلني حبلى!
.....
ماذا أكتب يا أغراب؟
هل يوجد من يفهم فيكم ما قد كتب؟
قد أكتب عنكم كل خطاياكم
وأعانق فيكم في عز الظهر عذابي
لتكون الثورة
لتكون الثورة
لتكون الثورة.

وغنى بعدها لـ «محنة الألوان»:

هناك
خلف البحار العتيقة
لا نوى قرمزي يربض خلف الزحام
لا نوارس تودع عش الندى
ولا هواء يحرك في الصدى
لي خلف البحار بحار
ولي وردة في مرايا الكلام
وفناء مرجعي يحمل خيط المدى
يدي على ساحل الجسد المخيم
ويدي الأخرى
نواحي الكلام
فاخرجوا مني لتعبر خطوتي
رويدا رويدا
ثقوب الخيام.

وختم قصائده بـ «رؤيا» وفيها:

تصورت يا صديقتي
أن قراءة الشعر
قد تكون دهشة أو نزوة أو همس نار
وتصورت يا جميلتي
أن كتابة الشعر
قد تكون فكرة أو شطحة أو عنفوان
وتصورت يا حبيبتي
أن الأنوثة
قد تكون خفة في الكشف أو رعشة انبهار
وتصورت يا أميرتي
أن وصلك الوحشي
قد يكون نزعة أو جرعة أو كهرمان
وتصورت أن الحزن غاليتي
وطن ككل المرايا وكل البحار.

وحيى الشاعر عبد الناصر صالح دولة قطر، وجاء الشكر والعرفان بالجميل قصيدة نوردها كاملة:

قطر.. قطر
الليل يشتهيك والنجوم والقمر..
وشاعر متيم بالعشق،
مولع بوجهك الفتان
مولع بالنور يأتي من مرافئ السمر
يا ظبية الصحراء في بهائها
وموجة البحر التي تظل في حضورها
عصية على الخطر
آتيك من بلاد الخوف والحصارْ
آتيك مثقلا بالعطر والأشعار
آتيك من حقول النار
وفي حقيبتي وصية الأطفال والنساء والشجر..
وصية الأرض التي تحلم بالظفر..
آتيك يا حبيبتي
وكلما أتيت دوحة الضياء والسَّحر
تغسلني عيناك، يملؤني العشق والمطر..
فلتسلمي وتسلمي
مدى الدهور يا قطر..

قصيدة «وجه الغزالة.. ماس جدائلها»، وهي قصيدة أهداها إلى الطفل الشهيد فارس عودة الذي تحدى قوات الاحتلال بصدره عاريا، ولم يكتفي العدو بقتله بالرصاص، بل أمعن في القتل وجاء عن طريق المدفع، ومزقوه مزعا، وفيها:

ولد معجزة
عاد من نومه تحت ظل الصفيح
وأودع أحلامه غيمة
وعصافير تعبر صوب المخيم
رتب أشياءه في الحقيبة
أقلامه
صورة الأهل
رائحة القمح
واجبه المدرسي
بشاشة وجه المعلم أو عنفه حين يغضب
رهبته حين يفشل في حل أسئلة الامتحان
وفرحته حين يمضي إلى الجائزة
.....
ولد معجزة
يفتح الآن نافذة ذؤابتها أيكة الصدر
يبعث أغنية للغزالة
وهي تجوب الزقاق على هدي أنفاسه
(يتذكر:
وجه الغزالة مفتتح اليراعات
حين يجف الكلام
يسيل الهواء دما صافيا)
يتهيأ للصحو
أي الدروب سيسلكها دمه؟
أي قنبلة ستفجر رأس الفتى
وتميط اللثام عن الجرح
(والجرح أوسع من دورة الأرض
والقلب أكبر من لهفة الغائبين)
يتهيأ للصحو
قال الفتى وهو ينفض أعباءه
ليس يأخذني النوم من يقظة السيف
لا وقت للنوم
لا وقت للانتظار قليلا لكي تعبر الحافلات
عقارب ساعته سوف يدركها الوقت
والأصدقاء يجيئون
يتجهون إلى أول العمر:
راياتهم
والنشيد المؤجل
والشجر النبع والقدس والعرس
والطفل يصعد أدراجه الجاهزة

وبعدها قرأ قصيدة صمت:

الآن انزلقت من أهداب الليل غصون الموت
الآن بكيت
وشربت مرارة كأسي
نادمني الحزن/ السجن/ الوقت
الليلة زارتني عيناك وساد الصمت

ثم قرأ على الحضور قصيدة قصيرة بعنوان: «كآبة»

تزورني الكآبة
تسحقني الهموم والرتابة
فأرتمي في حضن عزلتي
في حضن مأساتي
مسافرا يهدني التعب
ينخر في أحشائي السغب
لن تطفئي بركان ثورتي
لن تقطعي بقشة شلال أمتي
لن تقطعي جذوري
فلتدركي
فلتدركي
حقيقتي
يشار إلى أن الأمسية الشعرية أبى النثر فيها إلا أن يقول كلمته، وفسحت الزميلة أماني عواد النقاش، ودار الحديث حول دور الشعراء في لم الشمل ووحدة الوطن، وقال الشعراء إنهم بكلمتهم وشعرهم فداء للوطن، رغم حملة التهويد المسعورة، ومصادرة الأراضي والقتل والتشريد والتجريف، ولن يرضخوا وإن كان الثمن الأغلال والسلاسل والسجون.

قناة الجزيرة تستضيف الشعراء الفلسطينيين:
هذا وكانت قناة الجزيرة قد استضافت الشعراء الثلاثة في برنامجها الصباحي حديث الصباح يوم الخميس الساعة التاسعة والنصف في بث حي ومباشر وأجرت المذيعة والإعلامية المتألقة هبة الغمراوي حواراً لمدة نصف ساعة مع الشعراء تناول موضوع القدس وأدب المقاومة والحرب على غزة والانقسام على الساحة الفلسطينية. وألقى الشعراء بعضاً من قصائدهم أثناء اللقاء . وتجدر الإشارة أنها المرة الأولى التي تستضيف بها قناة هامة بحجم الجزيرة الشعراء الثلاثة الذين يمثلون أهم شعراء الجيل الثاني في أدب المقاومة هذا الجيل الذي لا يزال قليل الحظ مع الاعلام العربي بشكل عام
كما استضافت إذاعة قطر مساء الخميس 28/5/2009 الشعراء في حوار حيّ ومباشر أدارته المذيعة والإعلامية بثينة عبدالج تناول الوضع الراهن في فلسطين والانقسام الداخلي وأوضاع القدس التي تتعرض لحملة تهويد مسعورة إضافة الى المشهد الثقافي وأدب المقاومة . وغطت الصحافة القطرية كافة الفعاليات التي قام بها وفد الشعراء تغطية موسعة وشاملة.

التعليقات