31/10/2010 - 11:02

"خبر عاجل" عن واقع مضحك مبكٍ: فلسطينيو الداخل عند محطة "السلام"

-

«فشة خلق» هكذا يسمّونها باللبناني والفلسطيني، وهي تعني في حالة الكاتب علاء حليحل، مؤلف مسرحية «خبر عاجل» أنّه لم يعد يطيق الوضع الذي تحوّل فيه كل خبر في حياتنا ـ سواءٌ أكان مهماً أم سخيفاً ـ إلى «خبر عاجل».

مسرحية «خبر عاجل» هي مجموعة من الضربات المؤلمة، صدمة كهربائية لا تشعر بها لكونك تتلقّاها في إطار مسرحية «كباريه ساتيري»، حيث يُوسعك كاتب النص المسرحي ضحكاً، لكنّه يتناول معظم قضايا المجتمع الفلسطيني في الداخل من خلال مجموعة شخصيات مركّبة يفكّكها الكاتب بإتقان، من خلال كوميديا الموقف، لتكتشف أبعادها وتضحك طوال ساعة ونصف ساعة على واقعنا الفلسطيني.

المسرحية التي أخرجها عامر حليحل، شقيق الكاتب، وأنتجها مسرح «الميدان» في حيفا، تغوص في قضية الإعلام الفضائي المسيطر لتتشعّب الأمور فيما بعد لتشمل التديّن وغشاء البكارة والزواج المختلط وغيرها من القضايا السياسية والاجتماعية على حدّ سواء.

تبدأ المسرحيّة من خلال المحطّة التلفزيونيّة التي ابتكرها الكاتب وأطلق عليها «السلام تي في». وإذا كان الإعلام يعكس وضع الشعب، فلا يوجد أفضل مما يعكس وضع الشعب الفلسطيني من خلال قناة «السلام» في مسرحية «خبر عاجل»، وخصوصاً بعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وضع شروطاً مستعصية لإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة المنزوعة السلاح، كمطالبته السلطة الفلسطينية بالاعتراف بيهوديّة دولة إسرائيل، ومن ثم مهمتهم التالية ـ بحسب نتنياهو ـ القضاء على «حماس»!

ورغم أنّ المسرحية تُعرض منذ شهر ونيف والكاتب ألّفها قبل بضعة شهور، فإنّ خطاب نتنياهو عُرض كخبر عاجل أو خطاب عاجل في معظم الفضائيات العربية في مطلع الأسبوع الحالي؛ فالكاتب الملامس بنصه للواقع والمتمسك بنقديته التي تهدف إلى تغيير الواقع نحو مستقبل أفضل، يؤكد من خلال مسرحيته التي عُرضت قبل خطاب نتنياهو: كفانا انتظاراً للطرف الآخر فلنبدأ بتغيير أنفسنا. وقد يكون الخطأ واقعاً على كاهلنا من خلال سياستنا التي تفتقر إلى الحنكة والبراغماتية لتغيير واقعنا الأليم.

تبدأ مسرحية «خبر عاجل» (تمثيل دريد لداوي وحنان حلو وعنات حديد وشادي فخر الدين وميسرة مصري) حيث ينتظر القائمون على المحطة التلفزيونية «العضو»، أي عضو الكنيست العربي. وهذا العضو (النائب) هو مزيج من جميع زملائه الموقّرين، متوسّط الحنكة السياسية، متوسط الثقافة، متوسط الذكاء، وحتى متوسط الجمال. ويعتمد في خطابه السياسيّ لغة الاستنكار والشجب والتنديد والتعقيب في كل أجوبته الجاهزة المعلبة، ويلجأ إلى الجواب نفسه وهو التشبّث بالأرض، والحديث عن النكبة والتاريخ، في كليشيهات وشعارات لا نهائية. حتى عندما تسأله فتاة عن قضية غشاء البكارة، لا يجيبها ويتهرب، لأنّ مخزون أجوبته لا يشمل أجوبة عن الكثير من القضايا!

يلمس حليحل في «خبر عاجل» شخصيات عدة عدا «العضو»، عضو الكنيست، وهي شخصيات تتشبّث بالحياة، وتعاني قمعاً موجّهاً من الدولة اليهودية، ما يجعل وضع أبطال «خبر عاجل» مركّباً أكثر، ويضعهم في خانة الممانعة أكثر من إخوانهم المقموعين في الدول العربية، لأنّ عارهم ليس من فعل إخوانهم بل من فعل اليهود الصهاينة!

تطرح مسرحية «خبر عاجل» في نهاية المطاف سؤالاً محيّراً، وهو: ما الخبر العاجل الذي سيحرّك مجتمعنا وعالمنا العربي لينهض ويستيقظ من السبات العميق لتغيير الواقع نحو سياسة براغماتية ذات منظومة اقتصادية، ولتغيير اجتماعي جذريّ، وثقافة إجبارية للجميع؟ فقط من خلال بناء الشعب، سيتغير وضع الأمة وهكذا سنحظى بمستقبل أفضل بدلاً من انتظار «خبر عاجل» أو أي خطاب، أكان عاجلاً أم لا.

التعليقات