31/10/2010 - 11:02

"على متاهات الدنى" باكورة الشّاعرة سوسن غطّاس

قصة الديوان:

يضمّ هذا الديوان بين دفتيه قصائد كتبتها الشاعرة في السنوات 2006 -
2010 بعضها نشر سابقا وبعضها يرى النور لأول مرة. أن تصدر شاعرة
ديوانها الأول لهو حدث كبير على المستويين الشخصي والفني، وقد امتنعت
شاعرتنا عن ذلك متذرعة بأسباب عديدة، ولم نفلح في إقناعها بتغيير
رأيها، حتى قررنا أن يصبح إصدار الديوان مشروعنا العائلي نفاجئها به
هدية لها ولقرائها. نستميحها عذرًا لأننا قمنا بالنيابة عنها باختيار القصائد
وترتيبها واختيار اسم الديوان وحتى أسماء بعض القصائد التي لم تعنونها
بنفسها، آملين أن تقوم هي بذلك بحماس عند إطلالة ديوانها الثاني.
ساعدنا في «اقتراف » هذا الإصدار غير المألوف صديقان عزيزان نكنّ لهما
كل الاحترام والتقدير؛ الأول اللغويّ المعروف الدكتور إلياس عطا الله
الذي قام بالمراجعة اللغوية، ولم يبخل علينا بملاحظاته القيّمة في الانتقاء
والترتيب؛ والثاني هو الصديق الشاعر فاضل علي الذي راجع النصوص كلها
وزودنا بملاحظاته القيمة.
للأم والزوجة الشاعرة المرهفة، ها نحن نعيد إليك بحلة جديدة ما جادت به
قريحتك، وباحت به عواطفك الجياشة.
سهيلة وباسل غطاس
حزيران 2010

----------------
من القصائد

متاهات
الوعد
على متاهات الدنى
يندثر الكلام
وينشق أفقي المخملي.
بالأمس جاء وعدك
أنك امتداد الكلمة
حين يغيب الصدى
وتندثر العيون
ينشق غدي الوردي
وينتهي بريق اللحظة
بالأمس جاء وعدك
أنك المدى
وأنك الطل المؤبد
تزدحم الخطوة
ويتلبد عمري الزمني
تضيع البصمة
وأكون الشاهد
لزوال برهة
بالامس جاء وعدك
انك العمر

وانك الزمن السرمدي
على متاهات الدنى
يتطاير ما تبقى مني
إلى أفقك النابت
فوق سفوحي الجرداء
ينهل من دمك اليانع
ليخفق كالفراش
ويزهر من جديد
لا تلمني
حين ينام الحبق
في الأرض اليباب
أو ينحسر تدفقي
في الزحام
فللعصافير هجرة
حين يضيق المكان
أو يرتجف الزغب
اغفر لمقلتي
إن لم تصدحا
في هذا الأفق الدامي
أو ترقصا فرحا
إذا مسّتهما
نظراتك التائهة
ربما العمر يقل
من تحت
ثنايا وسائدي
ويترنح في
حلته البهيجة
كي يخفي
خسوف القمر
وذبول اللوز
واندثار الندى
يراودني العشق
في حالة الشرود
واللون القرمزي
فأتعثر بخطاك
على عتباتي
منسجمة
مع ما تبقى مني
في متاهات الدنى
حين ينشق
أفقي أو غدي
فبالأمس جاء وعدك
انت المدى
وأنت العمر المؤبد



نسيان

اكتبني
قصيدة نسيان
وانثرني
في ثنايا أثواب السفر
فأنا امرأة لم أولد في هذا الزمان
زمان الردة
لا الحاضر لي
ولا حتى المكان
لا أنا أنا
ولا الهواء أنا
لا الأنثى أنا
ولا الجمال
تأكلني مدينتي
وتبتلعني الشواطئ
أنا امرأة أبحث عن حب
يكتبني بورق الأقحوان
ويعصرني ليمونة
كي أقطر شعرا
أولد منه
وأموت فيه
أبحث عن عيون تقول
إني الحاضر الذي لا ينتهي
أحتاج إلى التفاصيل
كي أنسج الهيام
فالعشق يموت
إن هجرْنا الزمان
فيبقى حبا
نروضه
كي لا يفر منا
ليتبدد في الزحام
أنا امرأة لم أولد في هذا الزمان
لا أكتفي بصدر
يكفكف دموعي
فوق غابات رمادية
ولا بدخان يتطاير عبِثا
فوق خصلات شعري
حين يخبو البركان
أحتاجك مطرا أو رذاذا
يحمي احتراقي
كلما مالت أرضي
واهتزت براكيني
وهاجر اليمام
ألوذ بحبك
في هذا الضياع
متى تسدل الستارة
فأرى
بحرا ورملا
وطوق فل
يروض اغترابي
عن هيكلي ومعبدي
ويفك شوكا وشوقا
تراكم فوق الشفاه
أنا امرأة لم أولد في هذا الزمان
سيدة بحرية
أتوارى خلف رتابة الإيقاع
وتخلف الزمن
وجمود الوتر
في عودي القديم
ألوب
باحثة عن قفصي
فحاضري
قصيدة نسيان
في أمتعة السفر





صراع الزبد
كنتَ في قاع المتاهة
حين وعدتك بالزبد
أخذت يديك وانطلقنا
إلى حيث لا تدري
فتناثرت ذرّات
الزبد أشلاء
وتحطمت على
قارعة الرمل والمدى
أتسمت تعود
ثانية كي لا تلعق العلقم
وها أنت تعود أدراجك
إلى بعدِ القاع
وأنا حرة طليقة
استوحي الإلهامَ
من زبد يتحطم
كل يوم على
قارعة الزمن
ورمل البحار..
وأبعَدْ
أَوَتقول بأن اللعبة انتهت؟
لا تساوم على
من سيبدأ..
ولا كيف سينتهي...
فلن تعودَ ثانية
إلى جبال الأولمب




مراسيم
الحصاد
كي أعبد السنابل
سأدور في رحاك
ألمُ الغمار
رزمةً رزمهْ
أو حبةً تلو حبةٍ
أتأرجح فوق
حصاد الأيام
أرجوحة للشمس
وأرجوحة القمر
لم يعد في صيفنا
متسع لليالي
سَمَرٍ غامره
ولا أهازيج
للروح نتقاذفها
بين الأضاحي
وساعات الغسق
ولا للشتاء
رحيق المطر الأول
قبل أن ينتهي الموسم
فنضيع بين
فكي الرحى
تجرد من غبارك
المتراكم على
دروب الليالي
وسراديب الندم
لكي أعبد السنابل
أحتاج إلى طقوس
أخلع فيها نرجسي
وقناع الياسمين
عن جسدي النحيل
وآتيك عارية
على طبق خالٍ
إلا من جدائلي
والشوق إلى
بدايات الهديل
فلا تستبق زمني
لم يبدأ
مشهدي الأخير
فلن أعبد السنابل
ولن أُحَلّقَ إلا
بين كفي الرحى









اندثار
المعاني
نفتعل الحياة العادية
والتفاصيل المملة
ونتخذ القضية
منفذا لنا
ونافذة نطل
منها على
آخر الأنبياء
مذ حل علينا
إعصار آخر
وضياع جديد
نستغيث بالقدر
ليهدينا صراطا مستقيما
لا نحيد منه
فلا نضل الطريق
كقطيع ننتظر
من يروض إيقاع الزمن
نحن في حل
من العزلة
كل شيء
يهيئ لنا منفى
تعددت منافينا
في وطن
داخل وطنٍ
داخلِ وطنْ
حتى انفصال
الروح عن الجسد
نعيش في اغتراب
عن غربتنا
وعن كل معقول
وبديهي
ونسير كأننا
من زمن آخر
ما عادت الحدود لترسم
حدودنا وشرودنا
أدمنا واحات لنا
نعشش في ثكناتها
ننفث النراجيل حينا
ونصلي في دور العبادة
ثم نهلع إلى قهوتنا الشهية
نثرثر وننفث دخانا يتطاير
إلى حدود السماء
ونرقص رقصة الغجر
على حدود جراحنا
وتراكم المنابر في ساحاتنا
واندثار المعنى
في الكلام
وفي الصمت
الطالع من فجيعة المشهد
ووميض الدمار المدوي
وصرخات الثكالى
ومهانة الموت
أنبحث عن جليلنا
في الجليل
أم هدير الموج
في محيطنا المتخبط
هل غابت المدينة
أم تسترخي
فوق ذراع الشاطئ
تنتظر وصول ربانها
ما بال شموسنا تغرب
ويتراءى لنا
الضحى سرابا
متماوجا يخدعنا
كلما حاولنا الوصول

التعليقات