15/11/2010 - 04:20

رحيلُ العلاّمة "الجيلالي" بعد 103 أعوامٍ اكتظّت بالمعارف

ودّعت الجزائر واحدًا من أهمّ علماء العالم العربيّ في القرن العشرين، العلاّمة "عبد الرحمن الجيلالي"، والذي رحل قبل يومين عن عمر يناهز الـ 103 أعوام.

رحيلُ العلاّمة

ودّعت الجزائر واحدًا من أهمّ علماء العالم العربيّ في القرن العشرين، العلاّمة "عبد الرحمن الجيلالي"، والذي رحل الجمعة عن عمر يناهز الـ 103 أعوام.

ويعدّ الجيلالي موسوعة ثقافية حية، إذ برع الرجل في مختلف ضروب المعرفة، وأثرى المكتبات بعشرات المؤلفات النفيسة، مما جعله نموذجا استثنائيا وقامة نادرة.

وُلد الشيخ عبد الرحمن الجيلالي في التاسع فبراير\شباط 1908، بحي بولوغين العريق وسط الجزائر العاصمة.

وينتمي الجيلالي نسبا، إلى العالم "عبد القادر الجيلالي" المشهور، والذي يتواجد ضريحه بحاضرة بغداد حيث توفي هناك العام 1077 ميلادية، مخلّفا وراءه إرثا هائلا من النتاجات الأدبية والفقهية، مثل "آداب السلوك والتوصل إلى منازل الملوك"، "جلاء الخاطر في الباطن والظاهر"، وغيرهما كثير.

العلاّمة عبد الرّحمن الجيلالي في ذمّة الله

وأتمّ عبد الرحمن الجيلالي حفظ القرآن وسنه لم يتجاوز الرابعة عشر، كما نهل العلم عن مشايخ بوزن "المولود الزريبي الأزهري"، "الشيخ الحفناوي"، و"عبد الحميد بن سمايا"، الأمر الذي مكّنه من التألق في سماء لغة الضاد والشريعة وعلوم الفقه.

كتب الفقيد في شبابه الأول مقالة متميّزة عنونها بـ "عبرة وذكرى"، نشرتها جريدة الإقدام التي كان يديرها الأمير خالد الجزائري في عشرينات القرن الماضي، وقد حفز الوضع الذي كانت تعانيه الجزائر آنذاك، من مسخ واستلاب وتجهيل جرّاء ممارسات المحتل الفرنسي، حفزت هذا العلامة الجليل على العطاء بقوة بغرض نشر العلم والمعرفة بين مواطنيه.

واشتهر الجيلالي في كافة أرجاء المغرب العربي وشمال إفريقيا، بكتبه في أصول الدين الاسلامي وتاريخ الجزائر، إضافة إلى بحوثه في أصول المعمار الإسلامي والعملة الجزائرية، ناهيك عن تاريخ المدن الجزائرية، إضافة إلى مصنفين حول سيرتي العالمين "عبد الرحمن محمد ابن خلدون" و"محمد بن أبي شنب".

ويُحسب للراحل أنّه كان السبّاق إلى جمع ذاكرة الجزائر على نحو شامل وكامل في مصنّفه الفريد "تاريخ الجزائر العام" (صدرت منه ثماني طبعات)، حيث قدّم عملا ضخمًا تطرّق فيه بأسلوب ممحّص وجمالي إلى كل الأشواط التي عرفتها الجزائر على مدار تاريخها الطويل.

بيد أنّ الراحل ورغم موسوعيته وقيمة منجزاته وعلو كعبه في مجال الموشحات الدينية، بقي في الظلّ يعيش حياة متواضعة، ولم تبرزه الأضواء إلاّ في مناسبات قلائل، إثر فوزه بجائزة الجزائر الأدبية الكبرى قبل قرابة نصف قرن، وتكريمه من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في أكتوبر\تشرين الأول 2003، إذ منحه شهادة الدّكتوراة الفخرية عن جامعة الجزائر، فضلا عن احتفاء المؤسسة الجزائرية للأرشيف بيوبيله الذهبي في فبراير/شباط 2007.

ورغم ثقل السنين، فقد ظلّ محافظا على حيويته ونشاطه حتى أيامه الأخيرة، حيث واظب على تقديم حصص إذاعية وتلفزيونية عديدة، بجانب تدريسه الفقه الجامعي المالكي في جامعات الجزائر.

وفي موكب مهيب، ووري الراحل الثرى عشية الجمعة بمقبرة سيدي امحمد وسط الجزائر العاصمة، بحضور مكثف لجمع غفير من الشخصيات والمثقفين ورجال العلم والآلاف من مواطني الفقيد الذين قدموا لتوديع أحد كبار علامات الجزائر والعرب في العصر الحديث.

التعليقات