15/07/2011 - 13:00

مشاركة الفنانين العرب في المهرجانات الفلسطينية في الأراضي المحتلة: تضامن أم تطبيع؟

في ظرفنا الاستثنائي، حيث تشكلت سلطة وطنية تحت حراب الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 67، وفي الوضع الاستثنائي لواقع عرب 48، تثير مشاركة فنانين عرب في مهرجانات ونشاطات فلسطينية جدلا صاخبًا، وتنقسم الآراء بين مدافع عن تلك المشاركة وبين من يعتبرها تطبيعًا مع الاحتلال.

مشاركة الفنانين العرب في المهرجانات الفلسطينية في الأراضي المحتلة: تضامن أم تطبيع؟

الرئيس الفلسطيني مستقبلاً الفنان المصري إيمان البحر درويش في مكتبه في رام الله، الأسبوع الحالي

في ظرفنا الاستثنائي، حيث تشكلت سلطة وطنية تحت حراب الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 67، وفي الوضع الاستثنائي لواقع عرب 48، تثير مشاركة فنانين عرب في مهرجانات ونشاطات فلسطينية جدلا صاخبًا، وتنقسم الآراء بين مدافع عن تلك المشاركة وبين من يعتبرها تطبيعًا مع الاحتلال.

في الأسبوع الأخير نظّم في رام الله مهرجانًا ضخمًا للرقص والغناء بمشاركة فنانين عرب، وقدّم الفنان التونسي ظافر يوسف في مدينة حيفا عرضا للجمهور الفلسطيني، وأثار ذلك عاصفة من الجدل. 

وجهت صحيفة «فصل المقال» وموقع عرب ٤٨ سؤالا حول الموضوع للعديد من الأدباء والناشطين السياسيين الفلسطينيين، وتراوحت المواقف بين تأييد ومعارضة بدرجات متفاوتة، في حين اعتذر البعض عن الإجابة لأن السؤال برأيهم محيرًا.

تواصل ثقافي

محمد زيدان - مدير الجمعية العربية لحقوق الإنسان
: أعتقد أن عملية التواصل الثقافي هي حق من حقوق الجماهير البسيطة- خاصة بالنسبة لشعب يخضع للاحتلال، ويتعرض لمحاولات مستمرة لنزعه من محيطه العربي ثقافيًا وسياسيًا، ولذلك فإنّ أيّ اتصال ثقافي إيجابي يهدف لمقاومة هذا التحدي هو عمل مبارك - مع التأكيد على أن يكون التواصل الإنساني الثقافي هو الهدف، وتجنّب الفن الهابط الذي لا يحمل سوى نقيض ما نرغبه بهذا الخصوص. وينبغي أيضا التأكد من عدم حدوث اي تواصل او اتصال مع المؤسسات الإسرائيلية خلال هذا التواصل العربي الفلسطيني كي لا نشكل "جسرًا" ووسيلة للتطبيع.


محمد زيدان

تضامن مع القضية 

يامن زيدان، محام وناشط سياسي: بعيدًا عن التحسسات والحسابات الداخلية والخارجية والاقتصادية والأمنية والإعلامية التي يجب مراعاتها والتوفيق بينها عند كل كلمة تكتب، فأنا أعتبر ذالك تضامنا مع القضية الفلسطينية وتحدٍ للاحتلال والحواجز والهواجس والحدود الزائفة، والتقوقع والانقطاع الذي يريده لنا المشروع الصهيوني بواسطة آلة الاحتلال، فالانقطاع عن العالم العربي يكرس تفتيت النسيج العربي والفلسطيني.


تحدٍ للاحتلال

أنوار سرحان، أديبة: لا أرى في مثل هذه المشاركات تطبيعًا، بل تحدّيًا للاحتلال بفرض واقعٍ من التواصل والتلاحم بين فلسطين والعالم العربيّ، كما أنّها تبثّ الحياةَ في الحالة الثقافية الفلسطينية، وهذا جزءٌ من النضال بالوجود والبقاء. فلسطين هي ثقافةٌ كما هي قضية، هي فنّ وأدبٌ وفكرٌ وعلمٌ أيضاً.والمطبّع الحقيقيّ هو من يساهم في ترسيخ المشروع الصهيونيّ وخدمة صورة إسرائيل وروايتها، (وقد يفعل هذا بعيدًا عن زيارة هذه الأرض)، أما زيارة أي فنان لأرض فلسطين والتواصل مع شعبها، فيحتاج أن نراه بعيونٍ أوسع، ليغدو السؤال الأهمّ هو ماذا يقدّم، أية رؤيةٍ يخدم، وأيّ توجّهٍ يرسّخ؟


معايشة مؤقتة لواقع الاحتلال 

سليم البيك، 
كاتب وناشط سياسي فلسطيني مقيم في الإمارات

: أرى بأن مشاركة العرب وغير العرب، تجسيد فعلي لأي تضامن نظري مع أهالي الأرض المحتلة بمنطقتيها 67 و 48. القول بالتضامن يسهّل على الكثيرين، فكما يقال "مفش جمرك ع الحكي"، أما من يستطيع من المثقفين زيارة الأرض المحتلة ذاتها، والوقوف مع وبين أهلها، ويفعل ما يتعدّى القول أو الكتابة، إلى معايشة –ولو مؤقتة- فعلية لما قد يعيشه شعب محتلّ منذ أكثر من 60 عامًا، هذا ما أسميه تضامنًا صدق به صاحبه تجاه نفسه وتجاه الجهة المتضامن معها.

سليم البيك

الشاعر عبد السلام عطاري، رام الله: هناك مقولة للراحل فيصل الحسيني «أن زيارة السجين لا تعني زيارة السجان»، هذه حقيقة يجب التعاطي معها ويجب احترام وعي المثقف والفنان العربي الذي يزور فلسطين من أجل فلسطين فهو بلا يؤدي طقوس الولاء والتقرّب للاحتلال وإنما يؤكّد أنّ من حقه أن يعيش ويعايش واقعنا المرّ الذي تسبب به الاحتلال ولم تستطع كل فضائيات الكون أن تشرح له ما يجري على الأرض من مهانة وذلّ على الحواجز والطرقات وعلى الجسور والمعابر، فأنا لا أعتبر زيارة الفنانين والمثقفين العرب للأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967 تطبيعًا، بل هي زيارة تضامن مع فلسطين ومع قضيتها.

الفنانون الذين يشاركون في المهرجان، أو من جاءوا قبلهم فترة الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية لم يحصلوا على تصريح من السفارات الإسرائيلية او تأشيرات دخول منها، وإنما عن طريق السلطة الوطنية الفلسطينية وهذا حق مشروع في ظل السيطرة على المعابر والجسور التي تخضع لحكم الاحتلال الإسرائيلي. أذكركم أن أكثر من عانى من هذا الجدل هم أهلنا في ال48 حين كان يعتبر اللقاء معهم تطبيعًا.

ليس تطبيع بل نخاسة

الشاعر الفلسطيني أيمن اللبدي: يجب استبدال كلمة "تطبيع"، لا أفهم ما هي "الطبيعة" في العلاقة بين الضحية والمعتدي؟ وكيف يصار لإعطاء علاقة الذل والاستجداء والهوان مفهومًا خارجًا عن إطاره، تحت ستار كلمة تطبيع وسواها، لماذا لا تقال الكلمة كما هي؟ أن مثل هذه الاعمال نخاسة للعدو وتعبيد له وليس أي شيء آخر.

أيمن اللبدي

المعيار هو من يقف خلف النشاط 

الصحافي جميل حامد، رام الله: القضية لا تتمثل بزيارة الفنانيين أنفسهم بل بالهدف من الزيارة وبالجهات التي تستضيفهم، فإذا كانت الزيارة بأهدافها وبمرجعياتها خارجة عن إطار التيارات المطبعة فإن زياراتهم ومشاركاتهم في المدن الفلسطينية بالتأكيد سيصب في خدمة القضية والتواصل مع أبناء الشعب الفلسطيني، فالجهات المستضيفة قطعًا تعبر عن التوجه العام للزيارات والمشاركات، وإذا ما تحدثنا عن المشاركات التي ترعاها اللجنة الوطنية للتربية والثقافة في منظمة التحرير فإنها تهدف إلى إبراز الجانب الثقافي والفني في مناطق السلطة الفلسطينية علمًا بأن هذه الزيارات هي في الأصل ممولة إما من منظمة اليونيسكو او الإليسكو لذلك فان مفهوم التطبيع بات فضفاضًا في ظل وجود مؤسسات فلسطينية تمارس التطبيع على أعلى مستوى مع الدولة العبرية ومؤسسات أخرى ما زالت ترفع شعار المقاطعة، لذلك فإن الزائر العربي سواء كان فنانًا أو كاتبًا هو في النهاية يتعامل مع قضية شعب لذا لا تقع عليه أية مسؤوليات إنما المسؤولية بالاصل تقع على عاتق الجهة المستضيفة إن كانت مؤتمنة او غير مؤتمنة.

خلود مصالحة، صحافية، دبورية: بغضّ النظر عن أنّ الموضوع يتم بتنسيق إسرائيلي لافتقار بوابة خاصة لفلسطين إلى العالم، إلا أن هذه المشاركة تساهم بداية بكسر الحصار المفروض على سكان لضفة الغربية، فليس كل من يسكن بالضفة يسمح له بمغادرتها والأمثلة كثيرة لذلك. الحقيقة أن الشعب الفلسطيني يقبع تحت نير الإحتلال لا تعني بالضرورة أن لا يمارس الفلسطينية حياته الطبيعية وهو شكل من أشكال المقاومة، فالاحتلال يرغب بإضعاف الفلسطيني وإحباطه فيما تقوم مثل تلك الفعاليات بتحصينه ومنحه إحساس "في إشي أدافع عنه". ثانيًا، تلك الفعاليات تساهم بالحفاظ على القضية الفلسطينية متصدرة أجندات الإعلام العربي، وصول الفنان الخليجي عبد الله رويشد إلى نابلس سيساهم في طرح قضية الفلسطيني مجددًا في إعلام الخليج العربي كما سيتم نقل معاناة الفلسطيني بالتجربة (يعني إسرائيل ما راح تسمح لعبد الله رويشد الدخول والتحرّك بسهولة). بالنسبة للتطبيع فأرجو أن لا ننسى أن الفنان يتواجد في الضفة الغربية وليس في حيفا أو الناصرة وهذا مرفوض قطعيًا بالنسبة لي.


 آراء الشباب حول زيارة الفنانين العرب لفلسطين                                                                                        

قضيتنا أعمق من ذلك

يافا كريم – مجد الكروم: زيارة الفنانين من العالم العربي هي تضامن مشروع مع الشعب الفلسطيني، ووطنيتنا لا تقيّم او تُلخص بسواء شاركنا بها أم لا. وهي ليست دعمًا للاحتلال بل استغلال صغير جدًا وانتهاز فرصة للقاء الشعب الفلسطيني. بما أنّ الشعب الفلسطيني في حدود ال 67 محدود الحلم والحركة والتنقل، فمن حقه لأن يشارك يستمع ويستمتع. قضيتنا أعمق من ذلك.

هذه الزيارات تجعل من وجود الاحتلال وضعًا طبيعيًا

مجد حمدان – الرينة: واضح انها ليست دعما للاحتلال، ولم يكن هذا سبب المعارضة، المعارضة هي على الدخول بموافقة إسرائيلية وتأشيرات دخول إسرائيلية لمناطق محتلة، والأمر لا يقتصر فقط على المناطق المحتلة عام 67، هذه الزيارات تجعل من وجود الاحتلال وضعًا طبيعيًا وعاديًا، وهو ما تسعى له إسرائيل في التطبيع مع الدول العربية، أي أن تكون العلاقات بينهم عادية، وليس تعامل على أساس أن إسرائيل هي كيان مُحتل يتحتم على الدول العربية مقاطعتها حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل.
من المؤسف، أنه هناك تيّار كامل، وعلى رأسه السلطة الفلسطينية، لا يجد مشكلة في التطبيع مع إسرائيل، بل ويعملون على دعم لمثل هكذا برامج، في الوقت الذي تنتشر به حملات المقاطعة في العالم.

أمر مخجل 

ميسان صبح – طمرة: أعتبر زيارة الفنانين من الوطن العربي للضفة الغربية لإحياء الحفلات مخجلة وأصنفها في خانة التطبيع مع الاحتلال، إذ أنّ دخولهم لإحياء مثل هكذا حفلات تأتي بواسطة تأشيرة اسرائيلية إضافة إلى أنّهم يجتازون الحواجز الإسرائيلية بسهولة تامة، علمًا بأن الآلاف من أبناء شعبنا لا يستطيع عبور الحواجز لشراء الدواء وتأمين حاجيات حياته اليومية، ومن الجدير بالذكر أن مثل هكذا تأشيرات وحفلات تحسّن وتجمّل من صورة اسرائيل .

عمل مستنكر 

رائف اغبارية – مصمص: ببساطة إن زيارة الفنانين العرب للضفة الغربية وإحياء حفلات هناك هو عمل مُستنكر بمجرد كون قطاع غزه محاصرة، والمصالحه الفلسطينية لم تطبق فعليًا بعد. و هذا يعتبر تطبيع مع إسرائيل طالما أنّه لم يعلن بعد عن إقامة الدولة الفلسطينية، لأنّ هؤلاء الفنانون يعبرون الحواجز الاسرائيلية بسهولة تامة، مع العلم أن اخوتنا في الضفة لايمكنهم اجتياز تلك الحواجز ليمارسوا أبسط مكونات الحياة الطبيعية من عمل و شراء مستلزمات حياتية على أنواعها وما إلى ذلك. 

التعليقات