05/02/2014 - 15:09

ندوة بمناسبة إطلاق الترجمة العربية لـ"اختراع أرض إسرائيل"

وختم شلحت باستخلاصات ساند حول نشوء مصطلح "أرض إسرائيل"، إذ في البداية كان اسم البلاد في التناخ كنعان، وفي فترة "الهيكل الثاني" كان المصطلح الشامل هو "أرض يهودا". ومصطلح "أرض إسرائيل" يظهر في الميشناه، لكنه ليس مطابقا لبلاد الوعد الإلهي الذي مُنح إلى إبراهيم، ملفتا إلى أن قلائل فقط مستعدون لأن يقرّوا بأن "أرض إسرائيل" في أسفار التناخ لم تشمل القدس والخليل وبيت لحم، وأن التناخ استخدم الاسم الفرعوني للمنطقة وهو "أرض كنعان

ندوة بمناسبة إطلاق الترجمة العربية لـ

نظم المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في رام الله، يوم أمس الثلاثاء (04/02/2014)، ندوة بمناسبة إصداره الترجمة العربية من كتاب "اختراع أرض إسرائيل" لشلومو ساند، شارك فيها مدير دائرة المشهد الإسرائيلي في مدار الكاتب أنطوان شلحت، وأستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية والعربية في جامعة بير زيت د. عبد الرحيم الشيخ، فيما أدار الندوة الكاتب أكرم مسلم.

ولفت مسلّم الانتباه إلى خصوصية مشروع شلومو ساند المعرفي المكوّن من "ثلاثية" تبدأ بكتاب "اختراع الشعب اليهودي" انتهاء بكتاب "لماذا لم أعد يهوديا؟" المقرر إصداره عن مدار لاحقا، ومبررات الاهتمام بهذا المشروع، المتمثلة بتصديه للركائز الأساسية التي تستند عليها الأساطير الصهيونية، ابتداء بمقولة الشعب اليهودي وخصوصيته ونقائه، امتدادا إلى الجغرافيا وامتلاكها والحق بإعادة تشكيلها.

واعتبر مسلّم مشروع ساند أكثر صلابة وجوهرية في استئنافه على نفي مكونات الرواية الإسرائيلية الذي  أنجزه المؤرخون الجدد وعلماء الاجتماع، وطال سردية النكبة، والعلاقة بين القومية والاشتراكية وحيلة الكيبوتس وغيرها.  وتحدث الكاتب شلحت عما يمثله كتاب ساند الجديد من إعادة نظر جذرية في جملة من المسلمات الصهيونية الصنميّة عبر إخضاعها إلى محاكمة تاريخية متأنية وصارمة ومدروسة.

واعتبر شلحت أن أهمية شهادات من قبيل شهادة ساند على التجربة الإسرائيلية ومنتوجها تنبع من الأصداء التي تتركها في دوائر أكاديمية وإعلامية عالمية منافقة لإسرائيل، إذ إنها تسند الرواية الفلسطينية الموجودة أصلا ومنذ وقت مبكر، والتي تواجه تجاهل العالم لصالح إسرائيل.

وأوضح شلحت انصباب جهد ساند في هذا الكتاب على تفكيك الأراجيف المتعلقة بتأكيد صلة "الشعب اليهودي" بفلسطين التي تم اختراع اسم لها هو "أرض إسرائيل" في سبيل إثبات تلك الصلة، وجرى استخدامه كأداة توجيه ورافعة للتَخيُل الجغرافي للاستيطان الصهيوني منذ أن بدأ قبل أكثر من مئة عام.

وركّز شلحت على دور أتباع الحركة البيوريتانية-  وهي الحركة التطهّرية التي انبثقت عن البروتستانتية في بريطانيا- وخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، في قراءة "التناخ" (العهد القديم) على أنه كتاب تاريخي، وأنهم نظراً إلى كون هؤلاء متعطشين إلى الخلاص ربطوا بين حركتهم ونهضة "شعب إسرائيل" في "أرضه"، الأمر الذي لم ينشأ نتيجة قلقهم على اليهود الذين كانوا يعانون الأمرّين، وإنما أساساً بدافع الرؤيا القائلة إنه فقط بعد عودة "بني إسرائيل" إلى صهيون سيحلّ الخلاص المسيحي على البشرية جمعاء.

وختم شلحت باستخلاصات ساند حول نشوء مصطلح "أرض إسرائيل"، إذ في البداية كان اسم البلاد في التناخ كنعان، وفي فترة "الهيكل الثاني" كان المصطلح الشامل هو "أرض يهودا". ومصطلح "أرض إسرائيل" يظهر في الميشناه، لكنه ليس مطابقا لبلاد الوعد الإلهي الذي مُنح إلى إبراهيم، ملفتا إلى أن قلائل فقط مستعدون لأن يقرّوا بأن "أرض إسرائيل" في أسفار التناخ لم تشمل القدس والخليل وبيت لحم، وأن التناخ استخدم الاسم الفرعوني للمنطقة وهو "أرض كنعان".

  وتناول د. عبد الرحيم الشيخ خلفيات مشروع ساند المعرفية والثقافية والسرد التاريخي كفعل سياسي له علاقة وطيدة بالممارسة السياسية، من خلال دوره في تشكيل الذاكرة وإسناد الممارسة السياسية وتبريرها وترويجها.

ولفت الشيخ إلى استخلاص ساند بوجود خطر يتهدد السردية الصهيونية ووجود احتمال لتفككها وبالتالي فشل مشروعها، مشيرا إلى المفارقة المتمثلة بوجود أصوات عربية وفلسطينية تعتبر هزيمة المشروع الصهيوني الكولونيالي مستحيلا وغير واقعي.

وتحدث الشيخ عن البيئة المعرفية والثقافية التي يتحرك فيها ساند، ومنهجيته المرتكزة على الانطلاق من التذكر الشخصي وصولا إلى الطبقات الأعمق في الوعي الجماعي، مركزا على التوظيف الموفق لحكاية قرية الشيخ مونس المقام على أنقاضها الصرح الأكاديمي الذي يعمل فيه ساند، والذي يتجاهل ما تحته من ذاكرة مدفونة، بل ويساهم في دفنها عميقا.

واعتبر الشيخ أن كتاب ساند يندرج في إطار تطبيع إسرائيل ومحاولة تقديمها كظاهرة تاريخية وليس فوق التاريخ عبر تجاوز وهم الحصرية اليهودية بكل ما تعنيه هذه الحصرية من عنصرية واستعلاء.

وختم الشيخ مداخلته بالحديث عن التباسات في الملاحظات السياسية التي يطرحها ساند، ممثلة باعتباره حل الدولتين هو الممكن، دون توضيح أي دولتين يريد، ودون توضيح كيفية تصحيح المظلمة التي أسفر عنها المشروع الذي يتولى تفكيكه.  

التعليقات