29/11/2014 - 00:10

"شاعر كبير وإنسان حقير!"

انقلب عقل على نفسه عدة مرات، فقد بدأ مسيرته عروبيًا وانضم للحزب السوري القومي الاجتماعي، وألف العديد من القصائد التي تتغنى بالشام، مما جعل وسائل الإعلام الرسمية السورية تحديدا تشيد به.

في يوم وفاته، بدا التعامل مع الشاعر اللبناني “الفنيقي” سعيد عقل إشكاليًا، فمؤلف 'زهرة المدائن' و”شام يا ذا السيف' و'بحبك يا لبنان”، هو ذاته الداعي أن “على كل لبناني أن يقتل فلسطينيا”، وهو المرحب بالاحتلال الإسرائيلي للبنان وشاكر مناحيم بيغين وشاتم الشعب الفلسطيني بأبشع الألفاظ والمعادي للعروبة والقومية العربية.

انقلب عقل على نفسه عدة مرات، فقد بدأ مسيرته عروبيًا وانضم للحزب السوري القومي الاجتماعي، وألف العديد من القصائد التي تتغنى بالشام، مما جعل وسائل الإعلام الرسمية السورية تحديدا تشيد به.

غير أنه بدّل مواقفه بشكل كامل، وانتقل من النقيض إلى النقيض حين تبنى رؤية مضادة للعرب والقومية العربية تؤكد أن لبنان ليس جزءا من الوطن العربي، بل إن تاريخه وتراثه الفينيقي هو الأصل، كما تبنى موقفا معاديا للوجود الفلسطيني بلبنان.

أمام هذا الشخصية، بدا التعامل مع هذا الشاعر البارز اشكاليًا من قبل مثقفين يساريين في لبنان. فقد كتب الناشر صاحب “دار الآداب”، سماح إدريس على صفحته في “فيس بوك”: أحترمُ الموت، ولذا لذتُ بالصمت حين رحل سعيد عقل. لكنْ أودّ التوقفَ عند بعض مَن يحاولون، هنا وهناك، تبريرَ مقابلته الشهيرة المقيتة مع التلفزيون 'الإسرائيليانيّ' بأنّها كانت محض لحظة يتيمة في سيرورته.

'سعيد عقل كان طوال سنوات الحرب الأهليّة عدوًّا للفلسطينيين، المدنيين قبل المقاتلين. وهو أيّد مجازرَ الفاشيين (التي وقعتْ تحت أنظار الإسرائيليين) في حقّ المدنيين الفلسطينيين، أكرّر المدنيين الفلسطينيين، في صبرا وشاتيلا في أيلول 1982، وأشاد 'بأولادنا البدّعو' (الذين أبدعوا) في قتلهم، وشجب كلَّ مَن 'ينكر' بطولتهم و'إبداعهم'!

'هنا صورتان (مرفقة بأسفل التقرير)، سبق أن نشرتُهما قبل أعوام، للصفحة الأولى من جريدةٍ كان يصدرها، وأشار إليها في مقابلته تلك، وعنوانُها 'لبنان'. 

ملاحظة: نرجو منكم ألّا تحوّلوا هذا البوست إلى نقاش 'شعريّة' عقل. أنا لم أشكّك في أيّ وقت في 'شعريّته'، إنْ كانت الشعريّة رموزًا جديدةً وصورًا مبتكرةً (كدتُ أقول 'مبدعةً' ثم تذكّرتُ 'إبداع' القتلة، 'ولادنا'، في صبرا وشاتيلا!). لكنْ أليس الشعر، إضافةً إلى ذلك كلّه، موقفًا من الظلم ودعوةً إلى العدالة؟”. إلى هنا الاقتباس.

أما المؤرخ فواز طرابلسي فقد كتب على صفحته في “فيس بوك”: “رحل سعيد عقل عن مائة وسنتين.
شاعر كبير وانسان حقير. وما من تناقض. والعبقرية الشعرية لا تعوّض ولا تغفر. هذا القومي اللبناني، السيادوي، والعنصري التوسعي الدعيّ الذي كان يريد زحلنة لبنان ولبننة العالم، رحّب بالغزو وبالاحتلال الاسرائيليين لبلده. وشكر مناحم بيغن وتمنى عليه ان يستكمل غزوه واحتلاله لكل لبنان لتطهيره من آخر فلسطيني. واعلن «اللي بدو يقول انه هيدا غزو بدو قصّ راس». 
كان ذلك العام ١٩٨٢. يوجد دواعش في كل الطوائف والمذاهب. حتى عند الشعراء”.

في المقابل، حاول اليمين اللبناني تبرير مواقف عقل فقد كتب محمد نمر في “النهار”: “بطبيعة الحال، فإن رفض الحملة على الشاعر الراحل الذي ارتبط عطاؤه بصورة مرتجاة للبنان، لا يعني الموافقة على مواقفه -موضوع الحملة، خصوصًا عندما اعتبر خلال الاجتياح الاسرائيلي أن كل لبنان يجب أن يقاتل بجانب 'الاسرائيلياني' ضد 'العنصرية الدموية الفلسطينية'، على حدّ تعبيره. ولا يمكن أيضاً اجتزاء الموقف من سياقه التاريخي الجامع، فأصحاب الحملة على الشاعر صاحب 'زهرة المدائن' يتجاوزون غضبه وغضب المجموعة حينها من تجاوزات الفلسطيني التي لم يلاحظها أنذاك أصحاب القضية من اللبنانيين، بسبب تعاطفهم مع قضية محقّة، وأسباب أخرى. 'المسيحي' كان  يرى في الفلسطيني مصدر قلق وعدم استقرار، وفي مرحلة ما تسببّ الفلسطيني غير المدني بمشاكل ومعارك وحروب، لكن رغم كل شيء بقيَ الاسرائيلي اسرائيلياً...والفلسطيني فلسطينياً صاحب قضية'.

أما الاستاذ الجامعي اليساري، أسعد أبو خليل، فقد عقب على وفاة عقل بأسلوبه الخاص والمعهود، فكتب في “فيس بوك”: “الجنازة حامية والميت… سعيد عقل”.

 

التعليقات