14/04/2015 - 10:42

"الفينومنولوجيا" و"المتخيلات الاجتماعية" موضوعا كتابين جديدين للمركز العربي

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتابان جديدان يتناول كل منهما مسألة فلسفية معاصرة. يقدم الكاتب محمد بن سباع في كتابه تحولات الفينومنولوجيا المعاصرة مرلو-بونتي في مناظرة هوسرل وهايدغر عرضا تعريفيا للاتجاهات المعاصرة في الفينومنولوجيا، فيما أصدرت وحدة ترجمة الكتب في المركز كتاب المتخيلات الاجتماعية الحديثة للكاتب شارلز تايلر ضمن سلسلة "ترجمان".

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتابان جديدان يتناول كل منهما مسألة فلسفية معاصرة. يقدم الكاتب محمد بن سباع في كتابه تحولات الفينومنولوجيا المعاصرة مرلو-بونتي في مناظرة هوسرل وهايدغر عرضا تعريفيا للاتجاهات المعاصرة في الفينومنولوجيا، فيما أصدرت وحدة ترجمة الكتب في المركز كتاب المتخيلات الاجتماعية الحديثة للكاتب شارلز تايلر ضمن سلسلة 'ترجمان'.

تحولات الفينومنولوجيا

يسعى كتاب تحولات الفينومنولوجيا المعاصرة مرلو-بونتي في مناظرة هوسرل وهايدغر (في317 صفحة من القطع الكبير) للكاتب محمد بن سباع  إلى المساهمة في تعريف الفينومنولوجيا المعاصرة، وكشف التحولات التي عرفتها، تحديدًا مع فينومنولوجيا الفيلسوف الفرنسي مرلو-بونتي الذي شهدت الفينومنولوجيا معه منعطفًا مهمًا، تمثّل في التحول من سؤال فلسفة إلى فلسفة السؤال، فكان أول مظهر لهذا المنعطف هو الفينومنولوجيا.

ويحاول هذا الكتاب من خلال نقد مبادئ الفينومنولوجيا التقليدية، إعادة تعريفها مجددًا بطريقة تأويلية، ولتحقيق هذه الغاية سعى المؤلف إلى دراسة الوجود والوعي والإدراك والحرية والجسد والفن، واللغة في علاقتها بالفكر، واللسان في علاقته بالكلام، وغير ذلك من المواضيع لينشئ مدماكًا جديدًا في هذا الميدان الذي ارتبط بإدموند هوسرل تقليديًا.

وقد جاء الكتاب في مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، وقد خصّصت المقدمة للتعريف بالموضوع، بينما خصّص الفصل الأول 'تحولات الفيمنومنولوجيا المعاصرة من أولوية الوعي إلى مساءلة الكينونة'، لدراسة تطوّر مفهوم الفينومولوجيا إلى غاية ظهورها مذهبًا قائمًا بذاته مع هوسرل، وتحولها مع هايدغر إلى دراسة مبحث الوجود.

أمّا الفصل الثاني 'الوعي المتجسد: من الذات العارفة إلى الجسد العارف'، فيوضح المفهوم الجديد الذي يمنحه مرلو-بونتي للفينومنولوجيا، ووظيفتها الجديدة، ممثلة في أهم المقولات التي بنيت عليها، وأهمها 'الإدراك الحسي'، و'فكرة الجسد'.

وخصص الفصل الثالث 'الوجود-في-العالم: من معنى الوجود إلى وجود المعنى'، لدراسة المهمة الجديدة التي حددها مرلو-بونتي للفينومنولوجيا، وهي الكشف عن العالم الواقعي والعودة إليه، مع التركيز على أهم أبعاد الوجود – في - العالم التي هي الوجود المتجسد والوجود لأجل الآخرين والوجود مع الأشياء، من دون إهمال المسألة التي أولاها مرلو-بونتي خصوصًا في فلسفته المتأخرة، أهمية كبيرة، وهي مسألة اللغة.

أمّا الفصل الرابع 'آفاق الفيمنومنولوجيا الجديدة: من إصلاح الفينومنولوجيا إلى إصلاح العقلانية الغربية'، فدرس فينومنولوجيا مرلو-بونتي بوصفها إمكانية واسعة للتأويل والتفكيك، من خلال استئنافها بعض مقولات الحداثة من جهة، وتجاوزها بعض مقولات الفينومنولوجيا المعاصرة من جهة أخرى، ثم دخولها في حوار مع علوم الإنسان من أجل إصلاحها، فيما ضمّن المؤلف الخاتمة نتائج البحث وآفاقه.

ومحمد بن سباع كاتب من مواليد مدينة سطيف الجزائرية، حاز شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة قسنطينة (2013)، وقد عمل في التدريس الجامعي، وهو عضو في اللجنة العلمية لقسم الفلسفة في جامعة قسنطينة، كما شارك آخرين في تأليف عدد من الكتب من بينها: هايدغر: من الكينونة إلى الأثر والفلسفة والنسوية.

المتخيلات الاجتماعية

صدرت عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن سلسلة 'ترجمان' الترجمة العربية لكتاب Modern Social Imaginaries للكاتب تشارلز تايلر، وقد ترجمه الحارث النبهان بعنوان: المتخيلات الاجتماعية الحديثة. ويقع الكتاب في 254 صفحة من القطع الكبير، ويضم عرضًا مكثفًا وغنيًّا لمجمل مساهمات تشارلز تايلر الضخمة في مجالات تشكّل الهوية ومنابع الذات، والحداثة وتعددها، والدين والعلمانية، لكنه يتناول ذلك كلّه هنا من خلال فكرة 'المتخيّل الاجتماعي' التي تشير إلى الطرائق التي يتخيّل بها شعب معيّن وجوده الاجتماعي الجمعيّ.

ويعيد تايلر في هذا الكتاب رواية تاريخ الحداثة الغربية مقتفيًا تطور المتخيّل الاجتماعي الغربي الحديث، والنظام الأخلاقي الذي يقف وراءه ويبعث فيه الحياة، ذلك النظام القائم على المنفعة المتبادلة بين مساهمين يقفون على قدم المساواة.

يتمّيز 'المتخيّل الاجتماعي الغربي الحديث' بأشكال ثقافية أساسية ثلاثة، هي الاقتصاد والمجال العام والحكم الذاتي، يتناولها تايلر تناولًا مسهبًا ليقدّم إطارًا شاملًا وجليًّا لفهم بنية الحياة الغربية الحديثة وأشكال الحداثة المختلفة التي اتّخذتها.

يستطلع هذا الكتاب فرضية مفادها أنّه في وسعنا إلقاء بعض الضوء على المسائل المتعلقة بالحداثة الأصلية والمعاصرة معًا، إن استطعنا التوصّل إلى تعريف أكثر وضوحًا لفهم الذات الذي هو مكوِّنٌ أساس منها. والحداثة الغربية، من وجهة النظر هذه غير قابلة للانفصال عن نوع بعينه من المُتَخَيَّل الاجتماعي؛ كما أنّ من الواجب فهم الفوارق القائمة بين حداثات زماننا المتعددة من حيث المُتَخَيَّلات الاجتماعية المتباعدة ذات الصلة بالأمر.

ومستندًا إلى كتاب الجماعات المتخيّلة لبندكت أندرسن، والذي سبق أن نشره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عام 2014، يحاول المؤلف رسم مخطط مجمل لأشكال المتخيّل الاجتماعي التي وسمت نهوض الحداثة الغربية، أي إنّه يترك صنوفًا من الحداثات البديلة في زماننا هذا من غير أن يمسّها، على أمل أن يكون التوصّل إلى تعريف أكثر قربًا للخصوصية الغربية مفيدًا من أجل النظر على نحو أكثر وضوحًا إلى ما هو مشترك بين السبل المختلفة للتحديث المعاصر.

وتشارلز تايلر واحد من أبرز الفلاسفة المعاصرين في مجال النظرية السياسية والأخلاقية، ومن أكثرهم شهرةً وأبعدهم أثرًا، ولد عام 1931، في مونتريال (كندا)، درّس في كثير من جامعات العالم، وله العديد من الكتب نذكر منها؛ هيجل والمجتمع الحديث، ومنابع الذات: تكون الهوية الحديثة، وعصرٌ علماني، ومن بين أشهر مقالاته 'سياسات الاعتراف'.

التعليقات