22/07/2015 - 21:51

سأحمل ريشتي على راحتي ... ناجي العلي

ابن الشجرة هو، الذي ولد على ترابها واستشهد الشاعر الفلسطينيّ عبد الرحيم محمود، صاحب القصيدة الشهيرة: "سأحمل روحي على راحتي ... وألقي في مهاوي الردى"؛ التي نفّذَ ناجي العلي مطلعها بما ارتآهُ دربًا للحريّة: سأحمل ريشتي على راحتي، وألقي به

سأحمل ريشتي على راحتي ... ناجي العلي

ناجي العلي شهيدًا

همومه وأقداره تجاوزت المكان الذي ولد فيه وترعرع صبيًّا حتّى العاشرة من عمره، ناجي العلي، ابن قرية الشجرة، التي تقاذفته أمواج التهجير بين الوطن والمخيّم الأوّل والهجرة الثانيّة، والمنفى الثالث فالمنفى الرابع، وجدران السجون التي اختلف أصحابها في هويّاتهم، وتشابهوا في مآربهم، حتّى اغتياله، في مثل هذا اليوم من العام 1987.

رسّام الكاريكاتور الفلسطينيّ الأشهر، الذي عكس حياةَ الفلسطينيّين في المنافي القسرّية والمخيّمات البعيدة القريبة، وجدانَهم، عواطفهم، أفراحهم القليلة ومآسيهم العظيمة.

ببساطة، دون 'عجقة' الألوان ودون الشخصيّات المركبة المستوردة، المنمّقة، عَكَسَ العلي القضيّة، قضيّة فلسطين التي عاش على ترابها أحد عشر عامًا، وعاشت في ثناياه ما تبقّى من الخمسين عامًا، التي رحل عنها العلي، شهيدًا في المنافي القسريّة.

عكست رسومات العلي الهمومَ اليوميّة للفلسطيني البسيط، الذي يريد وطنًا وكرامةً، فلسطينيّ لا يهمّه تنظير القاعدين وراء البحار ولا المعارك الجانبيّة بين الفصائل المتناحرة على مصالحها باسم الوطن؛ رأى العلي نفسه الفلسطينيّ الذين يعيش بساطة الدنيا المعقدّة ببوصلة واحدة، رآها بعينه تلك التي استهدفتها رصاصة الحاقدين، في مثل هذا اليوم من العام 1987.

بعد النكبة، هُجِّرَ العلي مع أهله، من بلدته الشجرة، إلى مخيّم عين الحلوة، ثم هجّر من هناك مرّةً أخرى، إلى اللامكان، فلم يعرف بعد الهجرتين الاستقرار في مكان، من زنازين الاحتلال الإسرائيلي التي رسم على جدرانها حنظلة العصيّ على مدافعهم، إلى الجيش اللبناني الذي اعتقله مرارًا، وكذلك رسم العلي أحلامه على جدران سجّانيه، فهجر الجنوب إلى طرابلس التي حمل منها، للمفارقة، شهادة ميكانيكا السيّارات ليعمل بعدها مدرّسًا للرسم، بعد زواجه من الصفّوريّة 'وداد صالح نصر'، التي أنجبت له: خالد، أسامة، ليال وجودي.

يقول ناجي العلي، عن نفسه ربّما، أو عن صديقه الوفيّ في الهجرة، العمل والاغتيال التمّوزيّ، غسّان كنفاني: اللي بدّه يكتب عن فلسطين، واللي بدّه يرسم عن فلسطين، بده يعرف حاله: ميّت!

وقال ناجي العلي، عن حنظلة الذي يعكس الفلسطينيّ الصامد رغم مرارة النكبة والنكسة: ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء. وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973م لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبع.

التعليقات