28/07/2015 - 21:31

بعد "فاقع من الضحك": بدارنة وشماس في "يفضح عرضنا"

ما زلنا نقول يفضح عرضنا بينما عرضنا مفضوح سياسيًا واجتماعيًا، ها هو الاحتلال يفضح عرضنا يوميًا، عرضنا ليس عرض المرأة فقط، فهي المقدّسات أيضًا التي ينتهكها الاحتلال يوميًا، والعنف المتفشّي في مجتمعنا، والعائلات المفكّكة من أجل دونم أرض بينما سلب الاحتلال ملايين الدونمات

بعد

يعمل الفنّانان الفلسطينيان الكوميديان، حنّا شمّاس ونضال بدارنة، على إتمام الترتيبات لعرضهما الكوميدي الساخر المقبل تحت عنوان 'يفضح عرضنا'، الذي سيكون عرضه الأول الافتتاحي في قاعة 'كريجر' في مدينة حيفا يوم السبت المقبل في تمام الساعة الثامنة مساء.

ليس هذا العمل الأول الذي يجتمع فيه الفنّانان بدارنة وشمّاس، إذ اشتركا بداية وبرفقة الفنّان الكوميدي عدي خليفة في العرض الكوميدي 'فاقع من الضحك'، الذي كان التجربة الأولى التي يشترك فيها االثنائي بدارنة وشمّاس على خشبة المسرح لينجح ويولّد 'يفضح عرضنا' الكوميدي الاجتماعي السياسي الساخر.

وليس وجود بدارنة وشمّاس، على خشبة واحدة لتقديم عرض كوميدي ساخر بالأمر المفهوم ضمنًا، فكل منهما قدّم في الماضي نوعًا مختلفًا من الكوميديا الساخرة، إذ تميّز بدارنة الذي عمل في السابق بائعا متجوّلا على عربة 'مشاوي الصحّاف' في قرية عرّابة البطوف بتناوله لقضايا القرية الشعبوية والسخرية منها بصورة لاذعة، وفي المقابل قدّم شمّاس أعمالًا مسرحية جماعية أكثر من فردية كانت بصورة أو بأخرى تحاكي المدينة والبيئة التي قدم منها بعد أن كان هو الآخر يعمل في مجال الطبخ، ولكن كنادل في مطعم. ويبقى السؤال ما الذي سيقدّمه نادل سابق في مطعم في مدينة حيفا، وصاحب عربة 'مشاوي الصحّاف' في قرية عرّابة؟

'الهموم المجتمعية والقمع المجتمعي الذي لم ينفصل يومًا عن السياسة، والمقولة الاجتماعية والسياسية التي نملكها، ونرى أنه من واجبنا قولها كفنّانين، شغلتنا المسخرة، إحنا بدنا نجيب قضايا في المجتمع ونتمسخر عليها، هاي شغلتنا، روسنا راكبة عبعض، وعنّا مقولة مجتمعية سياسية بدنا نحكيها، وإحنا كوميديين، مقولتنا بدنا نحكيها والناس فارطة ضحك'، قال بدارنة في مقابلة أجراها 'موقع 'عرب ٤٨'.

وعن اسم العرض الذي اختاراه 'يفضح عرضنا'، قال بدارنة إنها 'مقولة شعبية سنتناولها بمعناها الحرفيّ إذ نعم عرضنا فاضح، سيفضح المجتمع والسياسة، عنّا مقولة بدنا نفضحها ونضحك عليها'.

وأضاف أنه 'سنتناولها أيضًا بالمعنى الرمزي للمقولة، إذ نعم ما زلنا نقول يفضح عرضنا بينما عرضنا مفضوح سياسيًا واجتماعيًا، ها هو الاحتلال يفضح عرضنا يوميًا، عرضنا ليس عرض المرأة فقط، فهي المقدّسات أيضًا التي ينتهكها الاحتلال يوميًا، والعنف المتفشّي في مجتمعنا، والعائلات المفكّكة من أجل دونم أرض بينما سلب الاحتلال ملايين الدونمات'. ويستدرك بلهجة عرابية 'عرظنا مفظوح'..

بدوره، قال الفنّان حنّا شمّاس إن 'مقولة يفضح عرضنا ما زالت متجذّرة في مجتمعنا في العام ٢٠١٥، وهذا أيضًا يستحق أن نتحدّث عنه. هذه المقولة وأبعادها وتجذّرها في مجتمعنا أيضًا تستحق الوقوف عندها، فهي موجودة وما زال عرضنا ينتهك يوميًا، هي مقولة موجودة لا يمكن التغاضي عنها وسنتحدّث عنها بعرض كوميدي'.

وعلى الرغم من أن بدارنة وشمّاس يشعران بصورة شبه أكيده أن هجمة تحريضية كالتي شهدناها في الآونة الأخيرة في مرّات عدة من قبل متطرفين ستشن على عرضهم الساخر، إلّا أنهم مصمّمون على القول إن 'شغلتهن هي المسخرة'، المسخرة من كل التابوهات التي لا تريد الرقابة المجتمعية أن يتمسخروا عليها، فقال بدارنة 'نرى رقابة مجتمعية تريد اليوم قتل المسرح، تريد فرض رقابة لم تنجح المؤسسة العنصرية بفرضها علينا، وهذا لن ينجح، نحن مستمرون لأننا نرى أن المتطرفين هم النشاز، وليس المجتمع الذي يريد أن يضحك، الضحك في مجتمعنا حاجة أساسية كالخبز والماء، خاصة في الظروف السياسية التي نحياها نحن كمجتمع فلسطيني، يصبح الضحك فعلًا حاجة أساسية للحياة، وهذا ما نريد تقديمه لاذعًا انتقاديًا أيضًا'.

بدوره رد عليه شماس مقتبسًا جملة من كتاب بالقول إنه 'إن اخترعوا اختراعًا يمنع تسوّس الأسنان فلن نحتاج لأطباء أسنان، ولكننا سنبقى دومًا نحتاج لمن يحكي لنا قصة، وهاي شغلتنا احنا'.

وعن العرض ذاته، قال بدارنة إنه 'يحوي ١٥ مشهدا ساخرا، سنتطرّق خلالهم إلى أمور مختلفة مجتمعية ودينية وسياسية، كل مشهد فيه عالم مختلف، شخصيات منشوفها كل يوم، من مدرّب فريق كرة قدم في الدرجة الثالثة إلى مدير مدرسة تقليدي، هذه الشخصيات التي نراها ونعيش معها يوميًا، سنمنحها أبعادًا أخرى أكثر من كونها كاريكاتورية، شخصيات وجب النظر إليها من زوايا مختلفة'. ورد شمّاس قائلًا إنه 'من المأساة، راح نضحك، وعليها راح نتمسخر'.

وليس مدير المدرسة هو الوحيد المستهدف في 'يفضح عرضنا'، فالمجتمع ومآسيه كلّها مستهدفة من قبل الثنائي بدارنة وشمّاس، خاصة أن كلاهما يطرح القضايا من حياته ومنشره القائم في حي وادي النسناس المهمّش في مدينة حيفا وعائلته، فقال بدارنة إنه 'لا أريد أن أخرج من عرض خائفًا من أن يطلقوا النار علي، ولا أريد المزيد من موجات التحريض، ولا أريد قمع الجيل القادم، لذلك سأتمسخر'. وفي المقابل قال شمّاس إنه 'يحق لأبنائي أن يعيشوا في ظروف أفضل ومدارس أفضل ومجتمع منفتح وحرّ أكثر، لذلك أنا سأفضح عرضي، عرض كل إشي'.

وأضاف شماس أنه 'في نهاية المطاف أنا فنّان، وظيفتي هي النقد والتغيير المجتمعي، كالطبيب وظيفته معالجة المرضى وظيفتي كفنّان كوميدي المسخرة'. مضيفًا 'كفنّانين نؤمن أن لنا القدرة التحليلية والتشخيصية لأمراضنا المجتمعية التي لا يمكن فصلها عن السياق السياسي، وبالتالي نستطيع تحويلها إلى مواد مضحكة'.

أمّا بدارنة فقال إنه 'لمّا كتبنا مكتبناش عن الفيسبوك واللايكات، عنّا نضوج سياسي واجتماعي، كتبنا عن شو اللي بشغلنا ميطخوش علي وأنا مروّح من عرض، الاقتتال بين الأخوة، يفضح عرضنا كلنا، مش العرض الجنسي بس، عرضنا هو إحنا وحياتنا، نفضح الحارة والشارع والمجتمع'، مضيفًا 'مش جايين نتعدّى ععرض حدا، أنا بقرّر بشكل شخصي شو لازم أعمل وأقول، وأنا بفضح شو شايف صح أفضح، شو بتفرق لمّا بتيجيك المؤسسة وبتقلك هيك صح وهيك غلط، عن حدا بده يمنعك تقول رأيك وتحكي عنه'، في إشارة إلى كل محاولة تحريض ممكن أن تحصل.

وعن التحريض المجتمعي، الذي يرى بدارنة أنه من الواجب التطرّق إليه في العرض، قال إن 'الرقابة الذاتية هي رقابة بدون أساس، ولا المفروض تكون علينا نحن، الرقابة التي لم تستطع المؤسسة الصهيونية ممارسها علينا هناك جزء من المجتمع يحاول فرضها علينا، بالآخر إحنا جايين نعمل كوميديا، إحنا الناس جاي عنّا تضحك، بس هادا الضحك في من وراه مقولة الي منآمن فيها كأشخاص ومش شعاراتية'.

وأضاف ساخرًا 'عم نحاول نوزّع الهجمات ونخفّف الضرر، حنّا بوخذ دور الخوري وأنا الشيخ'. وأضاف أنه 'دائمًا في إشي مستحيل يقمع الناس اللي بدها تضحك، الضحك عنّا زي الخبز واحتياج أساسي، بالنسبة إلنا في هدف، هذا شغلنا وحبنا لهذا الشغل هو الدافع'.

وتابع 'دائمًا ما يحاولون التعامل مع الفنّان كفرد خارج المجتمع، وهذا ما نرفضه بشكل قاطع، فمحاولات الإقصاء ستفشل لكون الفنّان جزءا من المجتمع ليس خارجه، ولن نسمح بأن يكون هناك أحد وصيّا علينا، نحن نعلم ما وجب تقديمه وسنقدّمه، الكوميديا السطحية فاقدة المعنى والنقد غير هادفة للتغيير المجتمعي والسياسي، مش إلنا، واجبنا مخاطبة العقل والجوهر، بدّي مجتمعي غير، وهاي الطريقة اللي بدي اغيّر فيها'.

وحول السؤال عن السياسة، قال بدارنة إنه 'لا يمكن فصل السياسة عن المجتمع، فالتهميش الممنهج هو أيضًا سياسي، والهجرة التي سنسخر منها هي أيضًا سياسية، والعنف المتفشّي في مجتمعنا هو أيضًا سياسي، كل هذا هو نتاج للسياسات العنصرية التي تنتهجها المؤسسة ضدنا نحن كعرب، العمل الجماعي الذي نقوم به الآن هو أيضًا سياسي، فرفضنا لتمويل المؤسسة المشروط وغير المشروط يجعلنا نعمل بشكل جماعي ليس أنا وحنّا فقط، بل طاقم كبير يعمل بأقل ما يمكن من موارد ماديّة لأجل تقديم فن يليق بمجتمع يعاني بشكل يومي، نحن لم نولد ولم نجتمع هنا صدفة، وهذا كله سياسة'.

ومن الجدير ذكره، أن بدارنة وشريكه وافي بلال، أسّسا قبل أكثر من عام 'المنشر – فن وإنتاج'، وهو مشروع مستقل فكرته حضرت الحاجة لمشروع مستقل يتحرّر الفنان الفلسطيني فيه من التبعية للدعم الإسرائيلي، وهو مشروع لا يحصل على دعم من أية جهة إسرائيلية، إذا تعتبر الاستقلالية التامة عن المؤسسة الإسرائيلية الرؤية الأساس لمشروع بدارنة وبلال.

يشارك بدارنة وشمّاس في 'يفضح عرضنا' طاقم مهني مكوّن من: نعمة زكنون في الإضاءة والصوت، مؤثّرات صوتية لفراس شحادة، ومدير الإنتاج وافي بلال.

التعليقات