09/02/2016 - 17:30

أنقاض حمص: إيحاء لفنانين سوريّين

باتت مدينة حمص القديمة، التي تغيّرت معالمها بعد عشرين شهرًا من القصف والمعارك العنيفة بين الجيش السوري والفصائل المقاتلة، مصدر إلهام للفنانين ومسرحًا لأعمالهم على اختلاف مجالاتهم.

أنقاض حمص: إيحاء لفنانين سوريّين

باتت مدينة حمص القديمة، التي تغيّرت معالمها بعد عشرين شهرًا من القصف والمعارك العنيفة بين الجيش السوري والفصائل المقاتلة، مصدر إلهام للفنانين ومسرحًا لأعمالهم على اختلاف مجالاتهم.

ووسط الخراب والدمار في مدينة حمص في وسط سوريا، اختار جود سعيد أن يُخرِجَ فيلمَهُ "مطر حمص" في صيف العام 2014، بعد ثلاثة أشهر على انسحاب الفصائل المقاتلة، بعد دفاعها بشراسة عن المدينة وإجبارها على الخروج منها بموجب تسوية إثر عامين من حصار خانق فرضه جيش النظام السوري.

ويقول سعيد (35 عامًا) لوكالة فرانس برس "في نهاية العام 2013، كنّا بصدد التحضير لفيلم يتحدث عن حصار ثلاث شخصيات، وكنا ننوي تصوير ذلك ضمن ديكورات سنقوم ببنائها لهذا الغرض، وفي اللحظة التي حصلت فيها الاتفاقية في حمص نقلنا كل هذا الحدث إليها، إلى الديكور الحقيقي".

ويعتبر سعيد أن حمص هي "المأساة الحقيقية التي خلفناها نحن البشر، ولذلك بني ’مطر حمص’ للأسف كسيناريو على أنقاض هذه المدينة".

وأطلق معارضو الرئيس السوري، بشار الأسد، على حمص لقب "عاصمة الثورة"، كونها شكّلت ساحة احتجاج ضد النظام منذ منتصف آذار/مارس 2011، لتتحول بعدها إلى ساحة معارك عنيفة بين الطرفين.

وبات جيش النظام منذ بداية أيّار/مايو 2014 يسيطر على مجمل هذه المدينة، بعد انسحاب حوالي ألفي عنصر من مقاتلي الفصائل من أحيائها القديمة، بموجب تسوية بين ممثلين عنهم والسلطات إثر حصار خانق تسبب بمجاعة ووفيات. وفي أواخر العام 2015، بدأ تنفيذ اتفاق جديد لإخراج المقاتلين من حي الوعر، آخر نقاط سيطرتهم في هذه المدينة.

ويسرد الفيلم أحداث الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحصار من خلال عرض قصة امرأة وأختها الصغرى، اللتين انتهزتا فرصة أول عملية إجلاء للمدنيين في شباط/فبراير 2014 للدخول إلى المدينة القديمة، بحثًا عن شقيقهما المفقود. وبقيتا هناك بمساعدة قس تم قتله في وقت لاحق.

ويروي المخرج، الذي حاز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان القاهرة السينمائي العام 2015، عن فيلمه الآخر "بانتظار الخريف"، أن "حمص المدمرة كانت تعد جزءًا من شخصيات ’مطر حمص’ بمعنى أن هذا المنظر يلخص ما نحن كبشر قادرون على فعله من بشاعة".

 

وأمضى فريق العمل نحو مئة يوم بين أنقاض هذه المدينة، التي تخلو من أي مظاهر حياة، باستثناء وجود عناصر الجيش فيها.

ويقول سعيد "تروي هذه المدينة ذاكرة أهلها الذين تفرقوا وبقيت هذه الأحجار المدمرة تحمل أسماءهم وآلامهم ودموعهم".

ويتابع "نحن، السوريون كلنا، مسؤولون عن مأساتنا، لا يهم من قام، أين وكيف، وعلينا إيجاد الوسائل للتعافي من جروح أرواحنا وأحجارنا".

زواج وسط الدمار

وتعكس يارا عيسى (26 عامًا) التي روعها ما حدث في المدينة كل ما تشعر به تجاه حمص في لوحاتها. وتقول "كان جو الموت واضحًا جدًا في حمص، أشخاص يقتلون وشهداء وتفجيرات وقذائف، كان هناك دمار إنساني وبدأت برسم ما شاهدته والتعبير عن ذلك باستخدام الألوان الباردة التي ترمز للحزن".

واضطرت هذه الشابة المنحدرة من حي باب السباع في المدينة القديمة، للانتقال إلى دمشق، بعدما دمر منزلها و"جميع الأماكن" التي كانت ترتادها.

وتقول يارا إن الفنان السوري يرسم "كي نذكر العالم بعد الحرب ماذا حدث لنا، أريد أن يكون ذلك موجودًا لأننا مررنا بمرحلة صعبة جدًا، ولكي أبقى على تواصل مع الماضي".

واختار جعفر مرعي بدوره الدمار في مدينة حمص وواجهات الأبنية المدمرة خلفية لصور يلتقطها لعرسان يحتفلون بزواجهم، الفتاة في فستانها الأبيض والشاب في بدلته.

ويقول مرعي إنّه صوّر ثلاث حفلات زفاف وسط الأماكن المدمّرة، ويروي "اقترحت عليهم (العرسان) أن نقوم بالتصوير في مكان مدمّر، ولدى سؤالي عن السبب، أجبتهم بأننا نريد أن نظهر للعالم كله أننا صامدون ولا نستطيع إعمار سوريا إلا بالحب".

ويعزو هذا المصور (22 عاما) الذي لا يخفي ولاءه الشديد للنظام، سبب الدمار إلى "الارهاب"، معتبرًا أن الجيش السوري أدى بواجبه عندما أعاد السيطرة على حمص بالقوة.

اقرأ أيضًا | شاهد: مدينة حمص خاوية على عروشها

والتقط الشاب صور آخر حفل زفاف بين الحطام منذ ايام عدة، حين صور العروسين، الضابط في الجيش السوري حسن يوسف (27 عامًا) وندى (18 عامًا).

وتقول ندى "وافقت على التقاط الصور في هذا المكان التعيس والحزين لكي يرى أولادي صور الزفاف في يوم ما، وأروي لهم أنه برغم الحزن والدمار الحياة مستمرة" مكررة بدورها، أيضًا، أن "سوريا لا تعمر إلا بالحب".

التعليقات