26/12/2016 - 11:12

الشاعرة العراقية منى كريم... مغازلة الوطن من المنفى

إذا ألقيت حجرًا في العراق سقط على رأس شاعر"، مقولة شهيرة تجسد الواقع الأدبي المنتعش لبلد عاش فترة طويلة من الصراعات، أنعشت المواهب الأدبية للكتابة عن واقعهم المليء بالحروب.

الشاعرة العراقية منى كريم... مغازلة الوطن من المنفى

إذا ألقيت حجرًا في العراق سقط على رأس شاعر"، مقولة شهيرة تجسد الواقع الأدبي المنتعش لبلد عاش فترة طويلة من الصراعات، أنعشت المواهب الأدبية للكتابة عن واقعهم المليء بالحروب.

منى كريم، واحدة من الذين عايشوا هذه الحالة الأدبية، شاعرة عراقية تكتب قصائد نثرية، وتبتعد عن الشعر الكلاسيكي، توثق حالة المنفى والغربة التي عايشها معظم الشعراء العرب المعاصرين، ومعهم تكتب للحياة والأمل والسعادة.

وعلى هامش مشاركتها في فعاليات مهرجان "التجمع الدولي للشعراء الشباب"، الذي نظمته بلدية "زيتين بورنو" في مدينة إسطنبول، مؤخرا، تم اللقاء مع الشاعرة العرقية.

وتقول منى كريم، "أصلي عراقي وتربيت في الكويت، وبطبيعة الحال أن يولد شخص في مكان يرفض هويته أو يتم تجريمها بشكل أساسي كان هذا شيء صعب للغاية، بدا ذلك جليا بعد غزو العراق للكويت، وما تبعها من حرب 1990".

وشن الجيش العراقي هجومًا على الكويت في 2 آب/ أغسطس 1990، واستغرقت العملية العسكرية يومين وانتهت باستيلاء القوات العراقية على كامل الأراضي الكويتية في 4 من الشهر ذاته.

وتضيف كريم أن المرحلين من الكويت، بعد حرب الخليج 1991، شكلوا أزمة هوية، هناك من ذهب إلى أوروبا وهناك من ذهب إلى دول عربية، حالة الشتات التي عايشتها تلك حاضرة في قصائدي، ولكن أحاول أن أكون شخصية وحميمية في هذه التفاصيل حتى لا تكون قصة المنفى قصة جمعية مكررة تغلب على المواضيع العامة".

العراق كان حاضراً في روح القصائد، التي كتبتها كريم في ديوانها الثالث، "ما أنام من أجله اليوم "، والذي أصدرته في آذار/ مارس 2011، لكنه ليس على غرار المدينة الفاضلة، بل جسدت الاحتلال في قصيدتها التي حملت عنوان "مخبز الشياطين" .

وتقول القصيدة، في أجزاء منها، "في الثالثة والعشرين من عمرك، تصلين مع عائلتك الحزينة، وتعتقدين أنك فتاة تذهب للمطارات ولا تسافر، تجلسين في الطائرة محاطة بجنود سود، ينامون ويحلمون بعراقيين اضطروا لقتلهم، خلال 16 ساعة، خسرت بلدك للمرة الثانية ".

ورغم أن كريم ظلت تقيم بالكويت بعد حرب الخليج وحتى العام 2011، لكنها انتقلت فيما بعد إلى الإقامة بالولايات المتحدة.

وعن تلك الفترة تقول الشاعرة العراقية، "في العام 2011 الحالة العربية كانت ثورية ومسيسة بشكل جميل، وحدث حراك أيضًا في الكويت، وكتبت ما يحدث وهذا أحدث إشكالية أزعجت السلطات، فغادرت إلى الولايات المتحدة، التي أقيم فيها حاليًا".

تأخرت منى كريم، في إصدار ديوانها الجديد، كونها عايشت حالة من الاغتراب اللغوي والأدبي، على حد تعبيرها، جعلتها تتوقف لاستعادة ذاتها ورأب الصدع بين لغة الكتابة، التي تدون بها واللغة التي تستخدمها في حياتها اليومية بعد سفرها.

وتصف الشاعرة العراقية تلك المرحلة بالقول "شعرت بنوع من الاغتراب اللغوي والأدبي، ومكثت فترة حتى استعدت فيها قدرتي على الكتابة واستمديت القوة من شعراء غيري عاشوا حياة الاغتراب ذاتها ومن ضمنهم بالطبع سركون بولس (1944 - 2007) ، هو شاعر عراقي انتقل إلى سان فرانسيسكو ومنها إلى ألمانيا".

وتضيف أن "تجربة بولس كانت ثرية وملهمة لأنه لم ينغلق على نفسه وانفتح على الحياة الجديدة، أثرى الأدب العربي بترجمات عديدة من الأدب الأميركي وشكل حالة ثقافية رغم أسفاره البعيدة".

"كنت أتعمد في كتابة قصائدي إلى رصد التفاصيل حتى أخرج من كونى رقمًا في المنفى إلى تجسيد قصص أناس بعينهم وتفاصيل يومية في حياتنا، ولدي قصائد حب وفرح لأن هذه المشاعر جزءًا من يومي أيضًا"، تقول كريم.

وصدر للشاعرة "نهارات مغسولة بماء العطش" (دار قرطاس 2002)، "غياب بأصابع مبتورة" (دار شرقيات 2004)، و "أنام من أجله اليوم" (دار نوفا بلس للنشر والتوزيع 2016).

وعن مشاركتها في المهرجان تقول "تلقيت دعوة من المنظمين، ضمن توجه لدعوة الشعراء الشباب، والحضور العربي جميل في هذا المؤتمر ومتنافي مع ما يحدث في أوروبا وأميركا حيث الاهتمام بالأدب العربي مسيس ويدور في فلك واحد، لكن في تركيا رأيت أن هناك محاولة للإصغاء، نحن نتشارك هذه الجغرافيا، وجميل أن نجد ثقافة غير عربية تهتم بالأدب العربي بهذا المنوال.

واختتم مهرجان "التجمع الدولي للشعراء العرب"، فعالياته 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بمدينة إسطنبول، بمشاركة نحو 40 شاعرًا من 15 دولة عربية وأجنبية من بينهم تركيا، العراق، فلسطين، وإيطاليا.

وسعى المهرجان إلى خلق منصة تواصل بين الشعراء الشباب (تحت سن 30 عاما) لتبادل ثقافات بلدانهم، وكيف أثرت تجربة الشعر على بلادهم على الكتابات التي قدموها وعلى دواوينهم الشعرية.

يذكر أن منى كريم أصدرت ديوانها الأول "نهارات مغسولة بماء العطش" عام 2002، وهي في الرابعة عشرة من عمرها، ولها قصائد مترجمة إلى عدد من اللغات من بينها الإنجليزية، الإسبانية، اللاتينية، والهولندية، وتعمل بالصحافة ولها مقالات في مجالات عدة، ونصوص مسرحية وقصص قصيرة.

التعليقات