07/08/2017 - 12:15

مكتبة متنقلة فوق ثلاثة إطارات تجوب أحياء القاهرة

قوائم حديدية، تثبتت عليها ثلاثة رفوف خشبية، وضعت على 3 إطارات مطاطية، تظللها قطعة قماش ملونة، لتتحول إلى مكتبة متنقلة تلفت الانتباه في شوارع القاهرة، تتطلع إلى التوعية والربح التجاري في الوقت ذاته.

مكتبة متنقلة فوق ثلاثة إطارات تجوب أحياء القاهرة

قوائم حديدية، تثبتت عليها ثلاثة رفوف خشبية، وضعت على 3 إطارات مطاطية، تظللها قطعة قماش ملونة، لتتحول إلى مكتبة متنقلة تلفت الانتباه في شوارع القاهرة، تتطلع إلى التوعية والربح التجاري في الوقت ذاته.

في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اقتحمت الفكرة الوليدة عاصمة الزحام، القاهرة، التي يقطنها نحو 22 مليون نسمة (من أصل أكثر من 90 مليون)، على يد الشاب محمد أبو السعود (26 عاما)، الذي استعاض عن حلمه بتأسيس مكتبة كبيرة، بتلك الدراجة الهوائية التي تحمل كتبا متنوعة.

وفي هذا السياق، قال أبو السعود، الذي أنهى دراسة علمية في عام 2012، إن فكرة المكتبة المتنقلة على دراجة هوائية تكلفتها لا تتعدى بضعة آلاف من الجنيهات (الدولار = 18 جنيها مصريا).

وبحسب أبو السعود، لاقت الفكرة ترحيبا مجتمعيا، وأعادت ذاكرة المكتبات إلى المصريين بعد أن كانت في طريقها للاندثار بسبب ارتفاع تكاليف تأسيس المكتبة الواحدة الثابتة حيث تحتاج لمقر وتجهيزات بأموال تتجاوز عشرات أو مئات الآلاف من الجنيهات.

تشارك أبو السعود في صياغة حلمه بنشر التوعية والثقافة، لا سيما بين الأطفال، زميلته هدير منصور (23 عاما) حيث يعمل الاثنان في تجارة الكتب.

مكتبة "تروسيكل"

رحلة تنفيذ الفكرة بدأت بشراء الدراجة الهوائية، ثم تثبيت القائم الحديدية عليها ومن ثم الرفوف الخشبية لدى أحد المتخصصين، لتصبح أشبه بـ"التروسيكل" وهو وصف يطلق لدى المصريين على دارجة هوائية أو بخارية تكون ذات ثلاث عجلات وتحمل صندوقا مكشوفا من الخشب أو الحديد يصلح لأغراض مختلفة.

ولكن في حالة دراجة أبو السعود وهدير فإنه جرى إجراء تعديلات على شكل "التروسيكل"، بوضع القوائم الحديدية وتثبيت الرفوف الثلاث عليها حتى يمكن وضع الكتب على تلك الرفوف بشكل منظم.

"30 يوما هي عمر صناعة التروسيكل وتجهيزه، ليتحول إلى مكتبة تجول شوارع القاهرة حاملة في صندوقها المكشوف عشرات الروايات العربية والأجنبية وقصص الأطفال ومجلات المرأة"، بحسب أبو السعود.

ويقول أبو السعود: "تطورت الفكرة بعد أن لاقت ترحيبا بين الشباب لتصبح دراجة مسماة ببوكس بايك (دراجة الكتب)، تحمل ما يقرب من 500 كتاب ومجلة".

الرفوف الثلاث مقسمين الأول (من أسفل) للأطفال ليتمكنوا من البحث عن القصص الخاصة بهم، والرف الأوسط خاص بالكتب والروايات الأدبية المترجمة، والأعلى لكتب الفكر والسياسية.

وتستهدف "بوكس بايك" الأحياء "الراقية"، مثل حي مصر الجديدة (شرقي العاصمة)، حيث يسكن مواطنون من طبقة مادية عليا، يمكنهم شراء الكتب ومنح التقدير المناسب للعاملين في هذا المجال، بحسب أبو السعود.

ويكرس أبو السعود رؤيته في جمهوره المستهدف بقوله: "الفقراء ليس مطلوبا منهم شراء كتب لأنهم مهتمون بتوفير احتياجاتهم الأساسية"، مؤكدا أن الفقراء يقدمون على شراء الخبز لا الكتب.

بائع كُتب متجول

أصبحت الدراجة "بوكس بايك" مصدرا أساسيا لدخل أربعة أفراد، منهم اثنان يمتلكون أعمالا أخرى، يتناوبون على العمل حسب ترتيب مسبق حدده صاحب الفكرة ومؤسسها.

يقف القائمون على "بوكس بايك" عند مداخل الشوارع الرئيسية (شرق القاهرة) وينصبون معرضا صغيرا، ويبدؤون في شرح الفكرة لجذب الراغبين في الشراء.

ووفق أبو السعود، فإن بائع الكتب المتجول لا يمكنه تحقيق ربح حقيقي من الكتب في وقت قصير، لذلك نلجأ للتنسيق مع بعض الأهالي للسماح لنا بالتواجد لمدة طويلة على مدار اليوم داخل هذه الأحياء.

"أسبوع أو أكثر قليلا" هي المدة التي حددها القائمون على "بوكس بايك" للاستمرار في المنطقة السكنية الواحدة، ثم ينتقلون بعد ذلك إلى منطقة أخرى، بعد أن يتشبع سكان المنطقة الأولى من شراء الكتب والمجلات.

الإلكترونية تنافس الورقية

وفي رأي أبو السعود أن "القراءة الإلكترونية تنافس بشراسة القراءة الورقية"، غير أنه أكد أن للكتب والمجلات الورقية بريق خاص لا يقاوم، وهو ما يبرر استمرار تواجدها رغم الطفرة التكنولوجية التي اجتاحت البلاد خلال السنوات الأخيرة.

وفي إطار استغلال الطفرة الإلكترونية للترويج للمشروع، أنشأ القائمون على دراجة الكتب صفحة خاصة بهم على موقع "فيسبوك" وأطلقوا خدمة توصيل الكتب للمنازل عبر التواصل عن طريق تطبيق "واتسآب" بالهواتف الجوالة.

وحسب أبو السعود، تتركز مجالات الكتب التي تُعرض على رفوف "بوكس بايك" بين تخصصات الأدب المترجم، والأدب العربي، والروايات الاجتماعية التي باتت هي الأكثر مبيعا في مصر مؤخرا، خاصة مع ظهور جيل متميز من الكتاب الشباب.

ويشترط مؤسس المشروع في العاملين معه أن يكون لديهم إلماما بمساحات واسعة من الثقافة العامة، لتيسير شرح وتفسير محتويات الكتب والمجلات والتسويق لها.

ولا يتعدى متوسط معدل القراءة في العالم العربي، ربع صفحة للفرد سنويًا، بحسب نتائج خلصت إليها لجنة تتابع شؤون النشر، تابعة للمجلس الأعلى للثقافة بمصر في عام 2015.

وفي نيسان/ أبريل الماضي، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر (رسمي)، أن عدد دور الكتب والمكتبات العامة والمتـخصصة ومكتبـــات الجامعــــات والمعــــاهد بلغ 1154 مكتبة في عام 2015، مقابــل 1149 مكتبــة عــــام 2014 بـزيادة ضئيلة جدا.

كما رصد الجهاز ذاته، عــدد المترددين على المكتبات العامة مطالعين ومستعيرين والذي بلغ 5513 ألف متردد عــام 2015، مقابـل 5412 ألف متردد عام 2014 بـزيادة بلغـت نسبتها 1.9%. وتبقى هذه النسب ضئيلة مقارنة بعدد السكان.

التعليقات