20/11/2016 - 19:53

"حرائق" في النفس والمكان

الفيلم الذي ألفه عبد العزيز أيضًا ولم يستطع حضور عرضه الأول في القاهرة بسبب ظروف الحرب، يروي قصص أربع نساء من شرائح اجتماعية مختلفة تضفي الحرب على أبسط اختياراتهن في الحياة بعدًا مصيريا.

في منطقة غير محددة من الريف، تلقي وداد بدجاج نافق، نتيجة عدوى، في النار، ثم تجلس بجانب أمها لتراقب ألسنة اللهب وهي تلتهم ريشها، بينما في الوقت ذاته وعلى بعد مئات الكيلومترات، يقوم أحد قادة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بإعدام أربعة رجال...

ففي غضون دقائق قليلة يُدخل المخرج السوري محمد عبد العزيز المشاهدين في خضم الحرب السورية التي تقترب من عامها السادس في فيلمه "حرائق"، الذي عرض يوم السبت ضمن مسابقة آفاق السينما العربية في الدورة الثامنة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

الفيلم الذي ألفه عبد العزيز أيضًا ولم يستطع حضور عرضه الأول في القاهرة بسبب ظروف الحرب، يروي قصص أربع نساء من شرائح اجتماعية مختلفة تضفي الحرب على أبسط اختياراتهن في الحياة بعدًا مصيريا.

فهناك وداد، نانسي خوري، التي تعمل مع أمها في مزرعة لتسمين الدواجن، والتي تحب ابن خالها، بينما تريد أمها تزويجها من رجل ثري يكبرها كثيرًا في السن. وهناك خولة، رنا ريشه، التي تدخلها أمها السجن لتحميها من بطش أخيها، والفتاة المسعفة، جفرا يونس، التي تنتمي لأسرة ميسورة الحال والتي تكتشف أنها حامل من صديقها وتخوض معركة في ظل رغبتها في الاحتفاظ بالجنين، وأخيرًا هناك أم علي، أماني إبراهيم، التي يريد تنظيم "داعش" استغلالها في تنفيذ تفجير انتحاري في العاصمة دمشق.

يستفيد سرد الفيلم من المونتاج المتوازي لرؤوف ومعتز ظاظا، للربط بين قصص بطلاته الأربع التي تحدث في الوقت ذاته مع اختلاف الأمكنة، ليعزز الشعور بالتصاعد الدرامي للأحداث قبل أن تتقاطع طرق الشخصيات في مكان وزمان واحد في مشهد الذروة.

كما يستفيد الفيلم أيضا من اللقطات الواسعة الثابتة، التي استغلها مدير التصوير، وائل عز الدين، في مناطق تصوير طبيعية، لتظهر آثار الحرب المدمرة بلا أي رتوش، بينما لجأ في تصوير بطلاته إلى اللقطات المتوسطة التي تبدو فيها انفعالات الوجه واضحة بينما تظهر أيضا البيئة المحيطة بهن في الخلفية ليخلق صلة بين المكان والدمار الذي لحق به وبين الشخصيات والضغوط التي تعاني منها نتيجة هذا الدمار.

اللافت للنظر في هذا الفيلم، إلى جانب تصويره في مناطق الحرب، هو أيضا الاستعانة بأشخاص عاديين لا يمتهنون التمثيل ليكونوا جزءا من فريق التمثيل في الفيلم إلى جانب أبطاله وبطلاته من الممثلين المحترفين، وهو أسلوب مميز سبق أن اتبعه المخرج في فيلمين روائيين سابقين له هما "الرابعة بتوقيت الفردوس" و"دمشق مع حبي".

اقرأ/ي أيضًا | "البر التاني": الهروب من الموت إلى الموت

وهذا الفيلم هو الروائي الطويل السادس لمخرج، ويعرض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية إلى جانب أفلام من مصر والأردن والسعودية والكويت والمغرب والجزائر وتونس.

التعليقات