قراءة تقنية فنية لكتاب ،، جفن البنفسج ،، للأديبة نبال شمس

قراءة تقنية فنية لكتاب ،، جفن البنفسج ،،
للأديبة نبال شمس
لن أعدم إزميلا حتى أنحث تمثال عرفان عل صخر صبر البنفسج ،،، أو أستعير لون الحناء من شمس الفراعنة أصبغ بها جفنا يرفض لبوس الأقنعة الوطواطية ،،، و لن أستل سيف الدون كيشوط الأكاديمي نقدا على طواحين كلم جاف ،،، أو أرسم سحنة جوكاندا عربية على أوراق الدفلة ،،، بل هو توليفٌ مٌنسج راتق لخطاطات شمسية اللون و الإيقاع يروم فتل جدائل خيوط الحرف المعتق المنبلج من قلق الذات الموشومة بصدق الحضور بين تضاريس واقع منفلت من مرمى نبال التضاد المتقابل في مكوناته العاطفية و الهوياتية ، من خلال قراءة تمتح نبوغ الملفوظ على مستوى عزاء الأنا لمحيطها و قرينها عبر صور منهرقة من تجسيماتها للنقد المبطن في الزمان و المكان ، الشاهر لكماشة استحضار الماضي بالحاضر ، فاتحا القوس على ضبابية مستقبل يفتقر لهطول قد يغسل الذات من علقات دخيل مصادر للهواء و الماء و المكان و الزمان ، وفق شريعة هلامية ظلامية استيطانية ،،،

فمن خلال هذا الفكر الذي يروم الحقيقة الكيانية كتراث مجبول برهافة هذه الذات المعانقة للحرف الإبداعي الفني ، في جوانية التركيب و الإيقاع و السوناتا الماتعة لذائقة المتلقي القارئ ، المتمكن من أدوات الحس الإبداعي للمسرود ، يمكنني الولوج عوالم الكتاب عبر بوابته المعنونة ب ،، جفن البنفسج ،، و هي بالتأكيد العتبة المصهورة بالجفن و البنفسج كتيمة دلالية لصيقة بالنصوص/الكتاب ، عاملة على فتح دهاليزه المعرفية بتشكيلاتها التماثلية المشعرنة ، كعنصر يمثل عصير عدة فواكه ، تستميل الشارب للتذوق الراقي التأويلي ، بالنسبة للنصوص الجادة التي تمور التجربة الإبداعية للكاتبة ، بعيدا عن النمطية و إنما إصغاء لجدلية الذات المبادرة برش ملح حقيقة الإبداع المسربل بالسؤال عن ماهيتها في الزمان و المكان ،،،
فانسجام الغلاف و العنوان كونا لوحة فنية أرادت لها الكاتبة دلالة لن تعتمي عنها عين المتخصص كصورة تحمل في طياتها مفارقة الجمال و الحزن ،، أناقة البنفسج المقرونة بالجفن كتيمة ترميزية تروم إسقاطا بذات لون معين يغلف محتوى الكتاب بكل تجلياته الموغلة في ضبابية المشهد إن حاضرا أو مستقبلا رغم أنف الأمل المفقود في انبثاق الفجر ،،،
( يسكنها و لا تسكنه ،،، الناس تركض في الخارج و المحاور الزمنية تركض في فكري ، لا تجد لها مكانا تحط فيه ،،) ليبق الصراع بين تكوينيْ الأنا حول وجوديتها و انخراطها في الكائن مع تتبعها لغريزة الحضور و الغياب المفضي لشكلانية الاختيار بين أمرين أحلاهما مر مشبع برمزية المكان ،،( الشعور المتضارب بين هنا و هناك ،،، و العطش لقصيدة تبدد الرهبة و تنز فرحة ،، قصيدة تعيد كيانات الجليل ،،، تراقص الصفصاف الحزين ) الهنا سجن و ضيق تنفس ،، و الهناك شمال ضبابي المصير ظلامي النواميس لتبق المرآة دلالة عن رمزية التاريخ المشبع بالأشياء الجميلة و التشبث بها هروبا في الذات و سكونيتها و أحيانا معانقة استفزازية أسئلتها في تناقضاتها الحسية الدفينة ،،،
فالشعور بالوحدة حتى داخل الذات لازمة لا يفك اغترابها إلا إجناس راق بما هو فلسفة وجود و شعور قلق يبعث بلمعانه و ومضاته من الذات صوب المحيط كونه نهرا جاريا لا توجهه قنوات مصطنعة ،،، بل زلال ينحت مساره بإزميل الإيمان بالذات و ذهب المبدأ و حتمية العود للأصل ليعود السؤال عن فرضية الانعتاق على جسر الحرف الملهلب ،،،،( حلق من أرض البرتقال الحزين عل تحليقه يحث أغصان التفاح توقظ السواسن النائمة في غلس الأوحال ،،، ) وحسرة مسربلة بالتمني / الأمل/ النداء علها تحرك ما ترسب من غبار على أسرة الحلم الذي أثخنته أمصال الغياب المقوننة برائحة الخفاش البني ًليكون السؤال دوما لازمة معبرة عن عطش الذات ،،، ( لتاريخنا ملحمة عظيمة فهل من شاعر يكتبها ؟؟؟ هل من عاشق مثلك يحاول ترتيب زاوية فيها ؟؟؟ )
لترد الذات العاشقة ،،،،
( أتحن إلى وطنك و قدسك ؟؟؟ )
و يلح السؤال دوما كجوهر و كتداعيات مبطنة محرضة على سل اليراع من غمد نومته كجواب على تراكم انفلات القلق القاد لكينونة هشة الأوصال متفرجا على حلبة الصراع بين الحضور و اللا حضور ثم الحضور و الرحيل ( أود الرحيل خوفا من الاختناق )
هل هو الرحيل من الذات إلى الذات ،،، ؟؟؟
( افترشت الحروف عبورا نحو الآتي . أعدو خلف الشمس ، خلف النص ، أطهر روحي بأبعاده ،،، نور أزلي ينمو في خلايا دمي ،،،
الحرف من نور
و الصمت من نور
و الاقتراب من نار ،،، )
أم الرحيل من المكان السراب إلى فلسطين الوطن كما تعشقه و تريده الكاتبة ،،، ؟؟؟
أم هو رحيل فكر أتعبته سراديب التمني و مطر الليل الذي يجففه قحط الظهيرة ،،، ؟؟؟
فما بال هذا الكائن الأبدي المسمى أملا لا يموت ،،، ( على جفن البنفسج يموت الانتظار و يولد قوس قزح في فجر ماطر جديد و على صدر القمر يحترق القمر ،،، و ما القمر و العمر سوى سمفونيات صامتة لإيقاعات كلها صخب ،،، ) و من خلال هذا الصخب الصامت تضع الأديبة الانتظار على سرير جفن البنفسج حتى تسمع آخر زفرات احتضاره لأنه الحزن ذاته ، المستشري في أوردة الآخر و المفتعل من مؤسسة الأمر الواقع الخانع و لغرض مبطن و مكفن في كينونته إلا أن الأمل هذا الكائن الحاضر في وعيها ديدنه الانبلاج كلما ضاقت دروب الانفلات ثانية و للا نهائيته كطائر العنقاء لتتجدد الصرخة ثم الولادة فالحضور رغم أنف ما أسمته نبال بنكران الحياة / جراحات الماضي و الحاضر ،،، فهو كائن رغم موته الإكلينيكي و رغم ضجيج المحيط لتتدخل الأنا الساردة من باب الآن و ربما المستقبل ،،، أنا الصفاء و الرقة و الحرية حتى لا يموت الأمل وهو حي يرزق بألوانه القزحية تنثرها الذات الساردة على حقول البراءة و الحب و الحرية ،،،،
( المتنبي يحيى فيك و بنفسك و أنت تحيين فيه بأنفاسه و كلماته ،،، فلا تبحثي عنه يا حلوتي المتناثرة الشعر ،،، فهو موجود فيك أنت و في عيونك الجميلة ،، موجود في كتبك و يومياتك و بين راحتيك ،،، قولي له أحبك و تحرري ،، )
جميلة و بديعة هذه الحوارية بين الأنا و ذاتها المسكونة بشكلانية الربط و الاستيطان التماثلي في خندق الحرف القوي الفطحل المنساب كخيوط الشمس الموجهة للمتنبي بنبال دمسق و هو المعلوم بشعره و قامته الأدبية السامقة ،، وفي تعدد للرؤية المسكونة بالإبداع القوي ، هناك و في الحاضر طيف أديب غير معلوم و حرف دفين بكل تمظهراته الشعرية المغيبة لهذه الليلى التي قد تكون بنات أفكار أو احتراما أو خجل بوح مطمور في سراديب أناه شديدة الانطواء لا رفقة له إلا الحرف يشكو له و من خلاله فراغ عاطفة ليسكب أقداحه في حب ليلى التي لم تثمل و لن تثمل و كأنه يعرفها و هي لا تعرفه و كأنها تعرفه و هو لا يعرفها ،، من هذا السؤال المبطن و العميق يتبين سمق الإدراك التفاعلي عند الأديبة نبال شمس و قدرة التشخيص الجواني لجمالية النصوص ذات الفكر الراقي كما هي كتاباتها التي تعبق بنكهة قوية الجاذبية على مستوى التفرد اللغوي غير المحنط و قدرتها على الغوص في كنه المشاعر حيث تغدو فيها اللغة ، لغة الزمان و المكان و إلإنسان و الثورة و حتى ألأمل الذي ترفل أهدابه بإيقاعها و موسيقاها كونها مشعرنة ، الشيء الذي يحيلنا على كتابة متميزة لا تعترف الكاتبة بتجنيسها أو سجنها في إطار سلفي التكوين و قد أتفق معها في هذا الطرح ،،،
فلنوعية هذه النصوص القريبة من القصة القصيرة ، خصوصية النوعية الراقية فكرا و قصدا و قد أقول بالسرد ما بعد الحداثي في شقه الجمالي المتربع على عرش الإبداع التماثلي المتأثر بحساسية أروع الانفلاتات اللغوية في بلاغية قصده التي تُعَرف للرهافة التركيبية بانشطاراتها كبراعم ترى النور لأول تفرع و خاصة تقنية التقديم و التأخير نحويا كأسلوبية تحديثية تمتح المستحيل من الممكن و الاستفهامي من الواقعي مع مج التسطيح و الدلالة الأحادية المنظور كثرثرة داخل عجاج زوبعة سرابية ،،
هذه الكتابة الحداثية ( التي رسمت القطيعة مع الابتذال السردي الحامل لغليونه الطبقي على أبراج و صالونات مدفوعة الأجر المسبق ) بتنوعها الميتا- جمالي سردي المحرض على التأمل و البحث في الأجمل و الأرقى و الأبدع هي المفكر المتقدم في تطوير العقل العربي بقدح شرارة الثورة على سلفية طال شخيرها ، و من هنا يمكنني القول بأن إجناس هذه الشكلانية السردية غدا الأنودج الرفيع لقرائية تخييلية لها أدواتها عند نبال و التي تنحت كينونتها بإزميل من ماس ذاكرة الوعي بالحاضر و الآتي إن على مستوى مخزونها الفكري أو ما تلتقطه العين المبدعة من صور لا تشبه الصور و إنما لوحات ينهرق من تجسيماتها نقد الهوية في الزمان و المكان ،،
هذه الأدلة الزمكانية ( بلغة المسرح ) لأمر واقعيتهما صفتان متحتهما مقاربة بلاغية الخطاب السردي للأديبة من منظورين تفاعليين ،،
الأول ،،
حرفي محض ،، أجاز كثافة الإبداعي بلاغيا من خلال تشاكل و تشابك الثقافي عالي النبرة و النبض الموسيقي للجملة و المقطع في تضاعفاتهم بين الحنين للزمان و صفعة مآل المكان قصدا في فرز مخرج ثالث يرتكز على الحضور الآني و استشراف مستقبل ينطلق من قناعة الذات الساردة و فرضية حتمية التغيير من الثابت إلى المتحول ،،،
الثاني ،،
و لن أقول بأنه وصف بقدر ما هو قراءة ذاتية تروم الواقعية من منظور الأديبة نبال شمس كردة فعل فرضتها ضبابية المكان المفضية إلى طريق مسدود و تعليق الأنا على صلبان متاهة الاستقرار النفسي و الجسماني المتعدد الأمكنة و في اللا مكان لتبقى الذات الساردة و طويتها الملاذ الأخير في انتظار الصياد أو كودو الذي قد يأتي و لا يأتي ،،

و في مضمر قراءة ثانية لعمق نصوص الكتاب كسرد جمالي يحل استعاراته الخاصة المبنية على الذاتي يمكنني القول في شقه الثاني و كاستهلال ثم انغماس في سرد لصيق بالسير ذاتي للأديبة المبدعة نبال في الحلم و اليقظة و سبر أغوار الذات الفطرية للآخر و التي تستنبط منها الإرادة الحرة التي تمج المقولب و المعلب حضورا و فكرا و حتى حلما ،،،
ففكرة استحضار المصطلح البلاغي في جوانيته المتحرر من قيود التسمية كان لازمة هذه النصوص التي أرى أنها تندرج في إجناس القصة القصيرة مع اختلاف جدري في قصدية الدلالات و المضامين المركبة و المشيدة لتأسيس تواصل تفاعلي و التي هي حتما لا تمت للعادي المتداول بإبداع ، لكنها تبقى من وجهة نظر خاصة قصص قصيرة بالمفهوم الأدبي الثقافي الإبداعي سرديات تروم ما وراء شخصانية الصورة في عناصرها المستوحات من التفكير الذاتي المتقدم عرفانيا لماهية كينونتها الباحثة عن نقاء حرية و وطن تعاني فيه إنسانية الإنسان كفرد و كجماعة كل أشكال الغربة ،،، هذه الصور المرسومة على جسر فكر مستنير في حدته البلاغية التي تروم المتعة القرائية الفاتحة مسام الخوض في البحث عن صدفات الانتشاء رغم أنف الوجع ،،
و في سياق هذا الاشتغال على الذاكرة أحيانا و الواقع أخرى تمتح الكاتبة و من خلال استحضار عدد من الوجوه التي تمررها بصمت خلجات الأديبة و هي بالمقابل ليست شخوصا عادية أو سحابات مارة على قارعة الحضور ، لكنها نجوم مضيئة أنارت في زمن سابق و تنير حاضرا فكر الأديبة و كمثال ،، كانت هناك الولادة ،،( ماريان ،،، و الإسم هنا له دلالته القوية ) و الموت و الزمن هنا قياسيان ( ماريان مشت تحت المطر الغزير فوحدها السماء غسلت روحها من العوالق ،، ) و هنا يمكننا فتح دلالات هذا الاستحضار السؤال ،،،
( لماذا عدت يا مريم ،،، ؟؟؟ ) فالزمن غير الزمن و المكان غير المكان و الوضع انفلت من معقله و لم يعد الآن قابلا لممارسة الطقوس البيضاء و لأن التعاويد باتت سوداء و لا تحتمل سطع النور ، ليتدخل الخيال الجامح و المسكون بتقاسيم شفير القرب المحموم بدواخل الوصل بين الذات الساردة و هذه الإيقونات النادرة و كأنها اللؤلؤ وسط ركام البقايا غير المجدية و الباعثة على التقزز ،، فكان و لا بد و حتما للأديبة استعمال فرضية الاسترجاع و الاستشراف و السرد المتفرع من ذاته و ليس الاجترار المجاني ،، لكن اللبيب هو من يتبين مضمر المضمون المستبئر لهذه الخاصية التي تتفاعل فيها الأسماء و الشخوص بنفس المستوى الفكري بعيد القصدية و من مصطلحاته تمرير تأملية الصمت عند الأطفال و البعيد عن ارتعاش الكلام إيقاعا على صمت أجنحة الفراشات ذات الألوان القاتمة و كأنه قارئ فنجان الآتي من الفخاخ المعولية و قد يبدو صمت الأطفال سعيدا و لكن الحقيقة و لو نسبيا غير ذلك ،،،
قد تبقى هذه الفقرة الأخيرة خلاصة لجفن البنفسج في تضاده المعرفي أضمومة للصمت و الصمت الآخر ،،
شكرا لك أديبتنا المميزة نبال شمس على هذا الإمتاع الذي لا تمل العين من إهداء جفنيها لبنفسجه الراقي حسا و معنى ،،،

.

التعليقات