في الذكرى الـ23 لاغتياله: قلم رصاص ناجي العلي../ يوسف أبو لوز

-

في الذكرى الـ23 لاغتياله: قلم رصاص ناجي العلي../ يوسف أبو لوز
في أواسط الثمانينات من القرن الماضي، انتقل رسام الكاريكاتير الراحل ناجي العلي الذي تصادف ذكرى رحيله ال 23 اليوم . . إلى مرحلة نقدية سياسية موجهة مباشرة إلى بعض القيادات الفلسطينية، خصوصاً تلك الزعامات التي أخذت تفرد السجاد الأحمر لأقدام “الإسرائيليين” تحت عنوان طويل عريض هو “المفاوضات”، وبالطبع كانت تلك المفاوضات ليست مباشرة كالتي ستجرى بين السلطة و”إسرائيل” مطلع الشهر المقبل، وإنما كانت “تحت الطاولة”، وقد كان من الطبيعي أن يتغوّل “الإسرائيلي” ويفرض شروطه وإملاءاته على الجانب الفلسطيني بعد اجتياح “إسرائيل” لبيروت في يونيو/ حزيران عام 1982، والمهم هنا أن مكّوك المفاوضات بعد خروج الفلسطينيين من لبنان في الثمانينات أفضى بالضرورة إلى اتفاق أوسلو المشين في العام 1993.

كان لا بدّ من هذه المقدمة الطويلة كي نربط بين الأداء الكاريكاتيري النقدي للشهيد ناجي العلي، وبين المناخ السياسي السائد آنذاك، أي قبل نحو ربع قرن كان وقتها ناجي العلي يرمز في رسومه إلى رجال التفاوض والمساومة والتنازل بأشكال رجال رخويين وسمان.. غليظي الرقاب ومحشورين في بدلات مدنية، ومع ذلك يبدو بعضهم عارياً وأقرب إلى صورة الكائن الحائر بين الإنسان والحيوان تتدلى على صدورهم ربطات عنق مصنوعة من قماش الكوفية الفلسطينية الرمز الذي تَخَلى عنه هؤلاء المفاوضون المتكرّشون.

كما يظهر حرص ناجي العلي على أن يرسم رموز التفاوض والهرولة إلى السلام على شكل كتل بشرية تجميعية مثيرة للسخرية، ولكنه في المقابل لا ينسى سخرية حنظلة الفتى الفلسطيني الذي يدير ظهره دائماً لكل من يحاول التفريط بالأرض والعرض.. فقد كانت سخرية حنظلة من هذه الزعامات والقيادات مريرة وقاسية، ولا تقل مرارة عن ذلك الشعور الذي يضمره ويعلنه الفلسطيني الشعبي الغلبان ابن الشارع وابن المخيم الذي يقول لسان حاله - كما ورد في إحدى رسومات ناجي العلي - “.. لا صلح، لا مفاوضات، لا اعتراف”.

اليوم يكرر المشهد التفاوضي نفسه، فبعد أسابيع قليلة يلتقي المفاوض الفلسطيني مع المفاوض “الإسرائيلي” في البيت الأبيض الأمريكي . . والمطلوب فقط تصوير ناجي العلي لهذا المشهد العبثي بقلم الرصاص الذي كان يرسم به دائماً أولئك الرغويين والمتضخمين وزلم التسوية.
"الخليج"

التعليقات