الحرية، المجتمع والحكم الأخلاقي../ عبد الله البياري*

-

الحرية، المجتمع والحكم الأخلاقي../ عبد الله البياري*
للحرية ألف تعريف وتعريف، لست هنا بصدد تعريفها أو تقديمها كقيمة مطلقة، بقدر ما أريد تقديم أنساق لحركة الحرية وعلاقتها بديناميكية المجتمع و الحكم الأخلاقي.

وأعلم مقدما أن صفحاتي هذه مهما طالت فلن تفي الحرية والمجتمع والحكم الأخلاقي وعلاقة كل ذلك بالإنسان أي حق مستحق، بل و أعتقد أن الصواب لن يجانبني عندما أصف هذه الكلمات بأنها ليست أكثر من نقاط على حروف أتقاذفها بيني وبين أناي باحثا عن أجوبة غير ملتصقة بالأسئلة لأن لكل سؤال هو جواب يتحول بمنطق الامور إلى سؤال وهكذا دواليك..

سأبدأ بتوصيف بدائي بسيط لفكرة الحرية في مقولة، ولا أدري من كان صاحب تلك المقولة، إلا أنها معبرة كبداية حيث تقول:

(الحرية هي أن تمد ذراعك أينما و كيفما أردت من دون أن تصطدم بذراع من هو بجانبك)، وفي عبارة أخرى، هي الأكثر شيوعا في أوساط عامة الناس: (الحرية هي أن تفعل ما تريد من دون أن تؤذي أحدا)، وبالنظر للعبارتين يمكننا القول إنهما وإن كانتا غير صحيحتين – كما سيرد بالتفصيل – إلا أننا نلاحظ فيهما وفي أي مقاربة لمعنى (حرية) أن الحديث عن تلك القيمة يرتقي من مستوى لآخر بالتوالي، وإن كان أغلب التنظير يتوقف عند المستوى الأول –لغويا-:

المستوى الأول: هو مستوى الذات: والذي نلحظه في ضمير المخاطب في كل التوصيفات الفلسفية والفكرية العلمية والمبسطة لفكرة الحرية، وهو ضمير المخاطب الوارد مثلا في عبارة: (أن تمد –أنت- ذراعك) و( أن تفعل –أنت- ما تريد)، ولأن المخاطب ههنا هو الإنسان، العنصر الأول والأصيل والكامل للإنسانية، كانت الحرية حقا إنسانيا فرديا.

المستوى الثاني : هو مستوى الأنا و الآخر: أي المجتمع الإنساني، وهو المشار إليه بضمير الإشارة في (تصطدم بذراع من هو بجانيك) و (من دون أن تؤذي أحدا)، ومن فكرة الحرية والمجتمع وإستحقاقاتهما إنبثق الحكم الأخلاقي والحسم به.
كما ذهب هيجل بإعتباره الحرية حقا لأنها فكرة، إعتبر فلاسفة الحق الطبيعي أن هناك ارتباطا بين الحق في الحرية و الحق في الحياة، حيث:

- الحرية كحق طبيعي – فردي:
الإنسان هيء طبيعيا – جسديا، بمكونات و أجهزة خاصة، تحدد ماهيته في الطبيعة ككائن حي، وبما أن القاعدة الأم في الطبيعة أن كل كائن حي يستخدم ماهيته ومفرداتها وأجهزتها في سبيل ضمان استمراره وبقائه كما هو في السلسلة الطبيعية والمحيط الطبيعي، فكذلك الإنسان ككائن حي، يتوجب عليه أن يستخدم ماهيته ومفرداتها وأجهزتها لضمان بقائه واستمراريته، وذلك حق طبيعي تكفله الطبيعة واضعة الكائنات كلها تحت بند: إزدواجية المؤثر والاستجابة و التي طورها داروين لعامل الإنتقاء الطبيعي: Natural Selection والذي نحن ههنا لسنا بصدد تفصيله.

وكمثال مبسط جدا لفكرة الحرية الفردية كحق طبيعي، يمكننا إسقاطها على على شخص –واحد فقط- على جزيرة ما، فذلك الشخص يتوجب عليه كحق طبيعي أن يبذل كل ما بوسعه مستخدما كل قدراته الطبيعية الجسدية والعقلية والتي تحدد ماهيته ككائن حي بما يضمن بقاءه واستمراريته كفرد على تلك الجزيرة.

إذن الحق الطبيعي يتحدد بحسب الرغبة: في البقاء وتلإستمرار، والقدرة: أي القدرات الطبيعية الجسدية والفزيولوجية للفرد.

أو كما أوضح سبينوزا: "ولما كانت قدرة الطبيعة الشاملة كلها لا تعدو أن تكون مجموع قدرات الموجودات الطبيعية فقد ترتب على ذلك أن يكون لكل موجود طبيعي حق مطلق على كل ما يقع تحت قدرته، أي أن حق كل فرد يشمل كل ما يدخل في حدود قدرته الخاصة. ولما كان القانون الأعظم للطبيعة أن كل شيء يحاول بقدر إستطاعته أن يبقى على وضعه وأن يستمر، و بالنظر إلى نفسه فقط، دون أي اعتبار لأي شيء آخر، فينبني على ذلك أن يكون لكل موجود حق مطلق في البقاء على وضعه ".1*

أو كما قال هوبز:
"الحق الطبيعي هو الحرية غير المحدودة والممنوحة لكل فرد في حالة طبيعية.) *2
وأضيف أنا ههنا: حالة طبيعية مادية.
مع ظهور الـ( الأنا) و الـ(الآخر)، ولدت فكرة المجتمع، فـ(المجتمع) كلمة تعني في أبسط تعاريفها اللغوية إجتماع ما زاد عن إثنين، والذي لا يمكن فصل تلك التعاريف على إسقاطات علوم الإجتماع و الأنثروبولوجي.

إلا أن الحرية الفردية كحق طبيعي عند هذا المستوى، لن تكون سوى مرادف لـ"حالة حرب"، وذلك لأن الطبيعة لا تعترف سوى بمنطق القوة و البقاء للأقوى، ولا تعرف العدل ولا ترحم الضعيف، وإذا ما طبقت إجتماعيا، فستكون قائمة على المصالح الفردية، والتي إن كانت ترنو إلى ضمان الإستمرار الفردي إلا أنها تسبب الإضمحلال والزوال الجمعي و المدني كمجتمع متغير ومتطور أكبر من قيود الحرية الطبيعية المادية.

وطبعا في هذه الحالة لن يخرج الإنسان عن حدود الحيوانية الطبيعية المادية، بل وسيتقيد بحدود المجتمع الطبيعي المادي الحيواني في صور قطعان تغلب عليهم صفات القطيع كسطوة الذكر الأقوى على القبيلة، وتوزيع الطرائد، وتقسيم بقية أفراد القطيع أفقيا على درجة أرقى وأدنى بحسب القوة والجنس وذلك أيضا لا يمكن نطبيقه إنسانيا.

ولعلاج تلك الحرية الحيوانية الطبيعية، أذكر ما قاله سبينوزا الذي دعا إلى إقرار ضرورة وقوف العقل أمام الحالة الفردية الطبيعية للحرية، باعتبار أن هنالك ثلاثة دوافع أو اعتبارات تفرض ذواتها لتخطي الحالة الطبيعية للحرية :

1. اعتبارات وجدانية أمنية، تتمثل في توق الإنسان إلى العيش في أمان وعدل وقبول فكرة التعايش و التعاون: (القيم المطلقة لعلم الإجتماع السياسي إنسانيا).

2. اعتبارات عقلية تتمثل فيما يدركه الانسان من مصلحة تهم الذات والآخر كمجتمع فالإقرار بالمصلحة المشتركة أو العامة هو إعمال للعقل الجمعي وليس الفردي: (فيما تطور بعد ذلك انطلاقا من قاعدة رأي الأغلبية للمؤسسات المدنية القائمة على الإستحقاق الفردي و المنظومة العقلية والمنطقية وليست الفردية الأحادية).

3. اعتبارات نفعية تتمثل في التخلي عن المبادرات الذاتية لفائدة سلطة ذات سيادة متعالية عن الأفراد لأنها تمثل الإرادة العامة: ( وتلك كانت اللبنة الأولى التي تطور وانبثق منها مجلس القبيلة كأول نظام اجتماعي إداري نابع من فكرة العائلة مؤسساتيا كأول تجمع طبيعي، ومع عزل فكرة القطبية والحكم الواحد انبثقت البرلمانات ومجالس الشعب والشورى بكل صورها كمؤسسات مدنية إستحقاقية تثميلية وليست أحادية السلطة)

وطبعا الحديث عن تلك النقاط الثلاث وبحثها وتفنيدها هو شيء بالغ الحساسية، ويسهل ههنا الإنزلاق من عرض النقاط المحددة في عنوان المقال: (الحرية، المجتمع والحكم الأخلاقي)، أي اجتماعيا إلى منزلق السياسة وعلومها، وهو ما أعمل حاليا على البحث فيه في مجموعة مقالات مستقلة تتناول النوسطالجيا السياسية والأيديولوجيا، لذا فسألتزم في هذا المقال بالجانب الموضح في العنوانه.

إذن وبالعودة لنقطة الحرية كحق جمعي – مدني واستحقاقاتها، أمكننا توضيحها باستخدام ذات المثال البدائي السالف الذكر عن الإنسان / الجزيرة وذلك بتغيير أو إضافة بسيطة لمنظومة: الذات / المحيط لتصبح ألأذات / الآخر / المحيط، أي بفرض وجود شخصين إثنين (مجتمع بسيط) على نفس الجزيرة، لتصبح حينها الحرية من حق فردي / طبيعي مكفول لحق جمعي مدني، بكلمات أبسط تصبح عملية البقاء ليست فردية إنما جمعية فيصبح ما على الجزيرة ملك للمجتمع فيما يضمن بقاءه.

وعملية البقاء (جمعيا) إنما هي ليست عملية قطيعية بيولوجية، إنما هي ديناميكية فكرية وحضارية تسمو فوق حدود بيولوجيا المأكل و المشرب و التناسل، وهو الفرق بين القطيع و المجتمع.

إذن الحرية مسؤولية، لأنها ببساطة وكما رأينا فكرة تفرق التجمع الطبيعي عن المدني لأنها المكون الأساسي للإنسانية.

فالحرية تتطور لتصبح مسئولية بالإجتماع ووجود الآخر، لذا وجب على الفرد أن يعيها حقا إنسانيا أصيلا لا يتجزأ، فهي لا تعطى و لا تهدى، هي كل لا جزء له، وكلما ازداد الوعي الإنساني الفردي بحريته، كلما إزداد الوعي بالمسؤولية عن أفعاله الحرة وحكمها الأخلاقي في المجتمع.

إن منظومة الوعي بالحرية ككل والمسؤولية عنها هي العامل المؤثر في كسر المنظومة الرقابية التي تتخذ من نفسها مرجعية وعقلا أسمى إنسانيا للحسم الأخلاقي بما في ذلك من مصادرة على الفردية العقلية و الحرية، وتصدير صكوك الغفران و الخطيئة، ذلك الفكر الرقابي الذي تسهل استمالته سياسيا ودينيا و فكريا وأيديولوجيا، لتتحول حينها الساحة الإنسانية قاطبة إلى سجن كبير كلنا فيه سجناء وسجانون، متذرعين بالحرية.

إن زيادة الوعي الفردي بحريته إجتماعيا، تصعب على الفرد التهرب من الحكم الأخلاقي، لأنه يصبح حينها أكثر سهولة ووضوحا، ولن يكون حكرا مطلقا أو حقا مطلقا.

وعلى الجانب الآخر فإن حالة القسر أو القهر الرقابي الإجتماعي على الفرد وحريته تحت أي مسمى من مسميات القيم المطلقة أو الأيديولوجيات تسهل عليه –الفرد – التهرب من الحكم الأخلاقي لإنعدام الحرية الإجتماعية. وذلك ما يمكننا ملاحظته في الكثير من بلادنا حيث ارتبطت العدمية الأخلاقية (كفكرة) مع القهر الإجتماعي (كفعل).

ولأن كفة الميزان مابين الـ(فعل) و الـ(فكرة) لن تستوي أبدا، فستظل تلك الدائرة تدور مفرغة، وتنتج لنا العديد من مظاهر المصادرة على الحريات والعنف بمختلف صوره من تكفير وقذف ومنع ومصادرة واعتقال، وحتى تهم معلبة بالإساءة للقيم المطلقة وكل ذلك لا يسمو خارج كونه فعلا لا فكرة هذا من ناحية، واستحواذ للبراءة و الشهادة ودور الضحية كأفكار من ناحية أخرى.

وهنا:
" ليس الحكم الأخلاقي معزولا عن الظروف الإجتماعية والتربية و السيرة الفردية. ونحن عندما نتكلم عن الحرية في الحسم بالحكم الأخلاقي فإننا نتكلم عن طبيعة الأخلاق لا عن طبيعة الفرد، أي فرد، يواجه الخيارات الأخلاقية بغض النظر عن الدواعي و الأسباب التي أدت إلى ذلك. ولكننا لم نأخذ بعن الإعتبار الظروف الإجتماعية والبيئية وظروف التنشئة الفردية التي سوف تساهم في ترجيح هذا الخيار على ذلك. إن الأخلاق المستندة إلى الحرية تفترض أنه في لحظة القرار الأخير، ماقبل الخطوة العملية، يكون القرار حرا مابين أن تفغل أو لا تفعل، لأنه كان بالإمكان، ولو كإحتمال ضعيف، اتخاذ قرار آخر. وكلما ضعف الإحتمال ازداد التحدي الأخلاقي صعوبة، وهذه الصعوبة لا تغير من التعامل الإجتماعي مع الحكم كحكم حر. فالحرية مسؤولية."*3

يمكننا القول إذن أن (الحرية) و (المجتمع) و (الحكم الأخلاقي) ليست عناصر سابحة في الفراغ، بل هي عناصر ترتبط في دواخلها ككيانات مستقلة وبينها وبين بعضها ككيانات متصلة بالوعي، لذا وفي النهاية فإن منظومة (الحرية المجتمع و الحكم الأخلاقي) هي مسؤولية إنطلاقا من الوعي بها جميعا.

لذا فذلك الوعي هو الذي يأتي قبل الإتيان بأي فعل من ناحية الفرد ليصبح:

1. وعيا بالحرية في عنصر (الذات/ الأنا) أثناء الإتيان بالفعل أو الإنتاج لتصبح عملية حرفية عالية الجودة كذلك المنتج أيا كان فكريا ثقافيا معرفيا أو فنيا، تيقنا أنها –عملية الإنتاج أو الفعل- إنما هي إنعكاس للوعي الفردي بالحرية الجمعية – المدنية وبالتالي المسؤولية تجاه المجتمع.

2. وعيا بالحرية في عنصر (الـ هو /الآخر) وذلك في عملية إستقبال ذلك المنتج أو الفعل ونقده وتفنيده والتنظير له على مستوى يتناسب مع درجة الحرفية و المهنية التي أنتجت المنتج أو الفعل أيا كان.

لتصبح حينها عملية الإرسال والتلقي بين الفرد ( الأنا) والمجتمع (الـ نحن)، هي عملية، فعلها ورد فعلها هو الفكرة وليس الفرد.

وبصورة أكثر عمقا، تصبح عملية إستيعاب (الآخر/ الـ هو) لحق (الذات / الأنا) الفردي الحر في البقاء و الإستمرار والتعبير عن الذات المميزة له وهي العقل و الفكرة هي عملية إثبات تميز : Individualism.
تصب في النهاية في خدمة المجتمع. كذلك تصبح عملية إستيعاب (الذات/ الأنا) لخصوصيات تجمعها مع (الآخر/ الـ هو) هو تقدير لخصوصيات وفردانية وتميز ذلك المجتمع بذاته مما لاشك أن ينعكس على المنتج أو الفعل.

لذا فبتواجد هذه الدرجة من الوعي بكمال الحرية الطبيعية والمدنية، تسهل عملية الحسم الأخلاقي، والتي لن تتعدى حينها أن تكون مجرد عملية جمع وطرح فكرية للفكرة و الفكرة المقابلة، وطبعا فإن الزخم الفكري الناتج سيؤدي إلى:

1. رفع مستوى الوعي والثقافة في المجتمع.

2. السمو فوق الكثير من مشاهد الشخصنة الفكرية المقيتة والمدمرة.

3. سمو الخطاب بين المرسل والمتلقي إلى مستوى الفكرة أكاديميا ومعرفيا و ثقافيا، والتخلص من متلازمة الإتهامات المشخصنة و المعلبة وحالات الخوف المرضي من الأسئلة.

4. القدرة الفعلية على إستقراء المنتجات والأفعال التاريخية وإسقاطاتها بموضوعية بعيدا عن إستقطابها ايديولوجيا أو إنتقائها أو عزلها أو حتى نسخها كما حصل ويحصل مع الكثير من الأحداث التاريخية، والتي يتم فيها توزيع صكوك الشهادة والبراءة على القتلة، وتجريم وقذف وتخوين غيرهم والكثير من مشاهد النوسطالجيا.

5. التخلص من القياسات المحدودة و الإختزالية لأي منتج ثقافي أو فني أو فكري أو معرفي بمعزل عن واقعه والمحيط، بل والحكم على تلك المنتجات بالنجاح أو الفشل أو الرقي أو التدني أو السمو أو الإنحطاط لأسباب غالبا ما تكون غير إستقرائية للواقع ودرجة التباين بين جاهزية / خصوصية المجتمع ووعيه وثقافته وخواص المنتج.

6. إقتصار المسمى الفكري إنتقائيا، لما في ذلك من مظاهر الحق المطلق المجحفة، حيث أن المعرفة والتجربة الإنسانية هي تراكمية، فلا يمكن القول بأن تلك الفكرة هي (فكرة) وغيرها لا، ببساطة لأن الأضداد تخرج من ذواتها، وكما قال فوكو: "أركيولوجيا المعرفة أثبتت الـ "مع" و "الضد" في ذات السياق)، أي أن الفكرة لا تصبح استحواذا رأسيا انما هي إستحقاق أفقي.


"الخوف لا يقود أبدا إلى الحب، وقد لا أكون مخطئا إذا قلت إنه أقصر الطرق إلى الكراهية ثم الحقد وأخيرا العنف أو أكثر. فالخوف قد يخلق الطاعة الظاهرية أو الشكلية وربما يوحي بالإستقرار ولكنه لا يؤدي للطمأنينة"

عبدالرحمن منيف في رائعته من أدب السجون "الآن.. هنا"

وفي النهاية تلك الأطروحة قابلة للتطبيق على أي منتج إنساني أيا كان تحت هذه السماء.

.Spinoza, politics
2.Hobbes. Leviathan
3.عزمي بشارة، طروحات عن النهضة المعاقة

التعليقات