رحيل أحد فرسان التمسك بالثوابت / نضال حمد

-

رحيل أحد فرسان التمسك بالثوابت / نضال حمد
إلى الزميل وجيه مطر الذي ترجل عن فرسه باكرا ..

في غفلة من الأمر ونحن ندق أبواب الميلاد بكرات الثلج البيضاء، تلك التي دائما عكس أيامنا السوداء، منذ ضاعت البلاد وتشرد العباد. في تلك العجقة الميلادية وقبل أن نغلق أبواب الشبكة الالكترونية معلنين دخولنا عطلة الأعياد، جاء الخبر من دمشق حيث مقر الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، جاء بكلمات حزينة وحبر باكي .. خبر عاجل يقول بأن الأمـــانـة العامة للاتحاد تنعـــى المناضل والكاتب والصحافي وجيه مــــطـر ، عضو أمانتها ورئيس فرع الاتحاد في ليبيا.. أذن سقط وجيه في حادث سير مؤلم، مات وجيه، رحل، استشهد، غاب، مضى، كل هذا يوصلنا إلى أن الكاتب لن يعد يكتب. والى اننا فقدناه بسرعة البرق.

بكل حزن وألم يودع شعب فلسطين المقاوم احد فرسان التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، أحد كتابه الوطنيين الملتزمين برايات العودة والتحرير والحرية والوحدة والاستقلال، رايات حبال غسيل الجليل الممتدة من نحف حتى طرابلس الغرب، مرورا بمخيمات الداخل والخارج. فرحيل احد فرسان الثورة الفلسطينية المستمرة والمقاومة التي لا تلين والميثاق الوطني الذي لا يلغى، يعتبر خسارة لنا جميعا ولنضال شعبنا في مرحلة الكفاح الوطني من أجل طرد الغزاة الصهاينة وإقامة دولة فلسطين الحرة والمستقلة والديمقراطية.

رحيل وجيه مطر ابن نحف التي تأبى أن تكون طيعة بأيدي الاحتلال، يعتبر خسارة للثقافة الوطنية الفلسطينية الملتزمة بفلسطين وطن الشعب الفلسطيني وليس بفلسطين مجموعة جزر برية تطوقها مستعمرات صهيونية ومحميات عسكرية، وتتحكم بها عصابات محلية، منها العصابات السياسية ومنها العصابات الأمنية والعشائرية والحزبية. فهؤلاء لهم فلسطينهم أما وجيه ومن يشبهه فلهم فلسطين التي تعلموا حبها وعشقها من الآباء والأجداد أصالة الانتماء.

وجيه مطر الكاتب والصحافي وصاحب الموقف الذي لا ينقسم على اثنين لم يترك مناسبة إلا وردد فيها موقفه الوطني الثابت وغير القابل للتصرف، موقف مع فلسطين وضد أعداءها ، مع حق العودة ومع التحرير الكامل ومع المقاومة. فهو الذي كتب كل مذبحة وانتم بخير :

" بعد كل مذبحة
نستنفر المآذن
والجماهير الغفورة
والزهور المداسة
والجرائد
وأكياس الزبالة
وبعض الأمناء
وحكام مهزومين
ثم ...
نقرأ بسملة
ونصلي صلاة الغائب على الحاضر

****

بعد كل مذبحة
توقظنا ( رفيقة ) سيرالنكية
نتصفح الجرائد
ونرشف القهوة العدنية
نفتش عن تصريح
عن بيان
صاغه أمير الكلام
منذ أول مذبحة بشرية
ودير ياسين
وكفر قاسم
والعامرية

****

بعد كل مذبحة
يوقظنا الدم ..
لماذا يوقظنا الدم ..
لماذا لا توقظنا المذابح ..".

هذه هي كلمات الراحل وجيه مطر ، كلمات مجبولة بحبر التضحيات والألم ومعصورة بزيت ودم وانتماء لوطن تعجز الكلمات عن وصفه ولشعب تعجز المعاجم عن إيجاد عبارات في مدحه.

وجيه مطر عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين المناضل والكاتب والصحافي وأمين فرع الاتحاد في ليبـيـا،الذي وافته المنية صباح يوم الجمعة 23/12/2005بحادث أليم في الجماهيرية الليبية. كان ولد في بلدة نحف الجليلية في فلسطين المحتلة سنة 1948 أي أنه اكبر من كيان الابارتهايد العنصري الصهيوني بسنة. ودرس في قسم المسرح بجامعة بغداد ببلاد المنصور والرشيد. ثم عمل في التدريس والصحافة ،وأصدر العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية، حيث كان آخرها ديوان " أغنيات لرب أريحا". ومن ديوانه المذكور نقتطف ما يلي :

" أه....
اه....
يا ملوك الأمس
اليوم
الغد
اه.....
يا أورشليم
طيبة
اه اوغاريت
اور
يا عجلون
اه مأرب
اويا
اه....
يا كل ممالك الخصيان
.......
.......
أنت...
هي ...
رق
نحيا رقا
نأكل رقا
نموت رقا
ونبعث رقا"..



أخي وجيه !

لك الخلود ولنا الوفاء ، فدرب الآلام لازال طويلا ... أما فلسطين يا زميلي فستظل تعجن الصبر مقاومة إلى أن تختمر الحرية فينبلج فجر النصر بعودة الأهل للأهل والوطن الصغير إلى الوطن الأكبر.

التعليقات