فتيات الفيديو كليب .. وأخلاقيات العري الزائد

-

فتيات الفيديو كليب .. وأخلاقيات العري الزائد
أعتقد أننا نعيش في زمن اختلفت فيه كل القيم .. فما كان حتى عهد قريب يعتبر عيبا ..أصبح الآن عاديا بمقاييس العالم الجديد ..فقد أصبح العري الزائد بوابة الباحثات عن الشهرة في عالم الفن اليوم ..و تشجيعا على المزيد من التعري أنشأت قنوات فضائية خاصة ببث الأغاني (العارية) من ورقة التوت ليس فقط من ثياب المغنيات و إنما من اللحن و الكلام و الأداء و الحضور و أي مقياس آخر للأغنية الجميلة .. و انحسر تنافس فتيات الفيديو كليب بمدى نجاحهن في إثارة الغرائز و إبداء الجزء الأكبر من أجسادهن المتراقصة على وقع كلمات بذيئة سوقية و لحن رديء و مساهمتهن في انحطاط مستوى الأغنية ..
الكاسيات العاريات في زمن الفضائيات حولن الغناء إلى عروض أزياء و إظهار المفاتن و الحركات المبتذلة و الرقص الغرائزي !!

..و بدت المعادلة سهلة و واضحة جدا للفتاة الباحثة على الشهرة و النجومية .. إنه الغناء باللحم لا باللحن يا سادة .. نعم إنه العري أولا و أخيرا ! فالاحتشام لا يضع المطربة على طريق الشهرة حتى و إن كان الصوت جميلا كما تؤكد المغنية المصرية غدير حيث تقول : (( اللي تقلع اكتر تنجح اكتر !! .. لم يعد الغناء بمفرده يحقق نجاحا مع جمهور الشباب خاصة بين الفنانات الجدد، ولا بد أن يكون هناك بعض من العري حتى يقبل الشباب على مشاهدة الفيديو كليب .. وجمهور الشباب لا يحب إلا الأغنيات التي تغنيها مطربة مثيرة، أما غير ذلك فهو يغير المحطة على الفور ويبحث عن مطربة أخرى أكثر إثارة، وأنا لا اعرف سببا في مهاجمة المطربات المتحررات.. فلو صورت كليب وأنا محتشمة فلن يراني أو يسمعني احد )) !!

و تشهد الساحة الغنائية أعدادا متزايدة من الباحثات عن الشهرة و المال ، و التقنيات الصوتية الحديثة كفيلة بتنقية الصوت و تحسينه حتى و لو كان أشبه بثغاء الماعز أو نهيق الحمار أو خوار البقرة !! و القنوات الفضائية تفتح أبوابها لكل من هب و دب إلى عالم (العري كليب) و تتبارى فضائيات عربية عديدة في تقديم كل ما هو جديد في الرقص و الخلاعة و الأغنيات الهابطة في الشكل و المضمون .. و تتسابق في ما بينها لبث ثقافة المصاصة و العلكة و المايوه و البكيني دون حياء أو مراعاة للذوق العام ..!بل تخصص برامج بأكملها لاستضافة بطلات العري و الإباحية و الملابس الساخنة على أنهن الشكل الحضاري المشرق للثقافة العربية الجديدة !!

و لكن الغريب العجيب و اللافت حقا في كل ما يحدث من هبوط و إسفاف في مستوى الأغنية هو أن الكثير من مغنيات الفيديو كليب اليوم متورطات في فضائح أخلاقية و يتباهين أمام الإعلام بالانحدار الأخلاقي المريع الذي يتمتعن به .. فلا تخجل إحداهن من الاعتراف بأنها سارقة بل تتشدق بالفم الملآن أنها مشغولة بالتحضير لأغنياتها الجديدة و لا يهمها ما تقوله المحاكم .. و ها هي واحدة أخرى تدعى نيللي مقدسي تعترف لمجلة التايم الأمريكية أنها قامت بتصوير أفلام إباحية مع مشاهير الأفلام الإباحية الأمريكيين قبل احترافها للغناء ..!! و عندما سألها الصحفي الأمريكي عن سبب قيامها بتصوير تلك الأفلام رغم ما هو معروف عن تمسك العرب بالقيم ؟ ردت بالقول إن ما قامت به تعتبره (على سبيل التمثيل ) و هذه الأفلام تدخل في نطاق العمل الإغرائي و دافعت عن توجهها ذاك بالقول أن هناك فنانات شهيرات عربيات قدمن تلك الأفلام و قد رفعهن الجمهور إلى سماء الفن العربي .. و عما إذا كانت ستقبل تمثيل أفلام إباحية مجددا أجابت : أنها ستدرس العروض التي ستأتيها و ستوافق عليها مهما كانت تحويه من آثار .. و الجمهور العربي سيتعامل معي بشكل عادي لأننا : ((نعيش في عصر الفضائيات و هذه الأمور لم تعد مخجلة كما كانت في الماضي )) ..!!

أما المغنية المصرية روبي – الزبونة القديمة في المحاكم - و التي اشتهرت برقصها الفاضح و المثير للغرائز في أغنيتها الثانية .. ظهرت في كليب أغنيتها الأولى تسير في الشارع و هي ترتدي بدلة رقص !! و قد أثارت تلك الأغنية حنق الجماعات الإسلامية في مصر مما أدى إلى اختطافها و ضربها ضربا مبرحا و تهديدها بالقتل إن هي واصلت تقديمها لهذا الشكل المستفز من الفن الرخيص .. و المدهش حقا هو إصرارها بعد الحادثة على تقديم الأسلوب المبتذل ذاته في الغناء المثير نكاية بالمجتمع و التقاليد و المحافظين و الجماعات الإسلامية !!

على ما يبدو .. و بفضل ثقافة الفيديو كليب .. يحق لنا أن نتساءل اليوم
عن طبيعة الواقع الأخلاقي الجديد الذي يفرض علينا كشر لا بد منه
بأشكال مختلفة –و بداعي التحرر و الانفتاح - ؟؟!
و يبرز السؤال الأكثر إلحاحا هنا :
- ما مدى أهمية حماية الذائقة الغنائية العربية من التدهور مقابل التركيز على آثار الإسفاف و الانحلال الذي تسببه فتيات الفيديو كليب لدى المراهقين و الشباب ؟؟!
- من يحمي الذائقة الاجتماعية و الأخلاقية من اللواتي يتمردن على العادات و التقاليد و الأخلاق بشكل سافر ليس من خلال ما يقمن به من إهانات يومية لجسد المرأة فحسب ..بل و من خلال ما يتفوهن به على الفضائيات من آراء هدامة ..؟!



بقلم : باسمة محمد حامد
صحفية سورية

التعليقات