كيف نجد عنواناً وكم نقلق من أن لا يكون ملائماً

-

كيف نجد عنواناً وكم نقلق من أن لا يكون ملائماً
يعرف كلّ كاتب تلك اللحظة المربكة التي يقف فيها أمام النصّ حابساً أنفاسه، متحدّياً نفسه ونصّه، موشكاً على انهاء ما بدأه مكتشفاً أنه يعود الى نقطة الصفر. نتحدث طبعاً عن لحظة اختيار العناوين التي يطلق الكتّاب عليها تسميات كثيرة مثل <<التوتر الجميل>>، <<قلق العناوين>>، <<التقاط روح النص>>، <<اختزال الاختزال>>... وليست هذه الوفرة سوى دليل على المساحة الشاسعة التي يحتلّها العنوان في أرض كتابتنا وفضائها.

لا مناص من هذه المهمة الصعبة، ولا ضير من أرقها، لكن السؤال يبقى عن سرّها: هل هي موهبة أم مراس؟ مصادفة أم شيفرة؟

يعرف أهل القلم أن ثمة كتّاباً بارعين في وضع العناوين، وآخرين تعجزهم الى درجة تسوّلها من فم أي عابر. بعضهم يعلن غيرته من عناوين الآخرين ورغبته بسرقتها، وغيرهم يخشى أن تصير عبئاً على النصّ وعليه، منهم من يحاول اللحاق بالموضة أو القفز فوقها، لكن للجميع طقوسهم في البحث عنها واستلهامها. هنا تحقيق.

التوتّر الجميل

يرى الشاعر محمد علي شمس الدين أن العناوين جزء صعب جداً في القصيدة: <<ليس هناك من لقيا موحدة للموضوع. قد يأتي العنوان مباشرة ثم تكرّ القصيدة كدرجة أولى من درج طويل. أحياناً يعذّبني كثيراً، ديوان <<منازل النرد>> عذّبني عنوانه ستة أشهر، <<قصائد مهرّبة الى حبيبتي>> آسيا غيّرته عدة مرات... عندي دائماً ما يسمى <<قلق العناوين>> أضع أكثر من احتمال وأبقى قلقاً محتاراً بينها لكني أرجّح العناوين المتعلقة بالحبّ، لأن العنوان الذي يحكي عن الحب جذاب للقارئ وللشباب خاصة>>.

مشكلة الشاعر بلال خبيز ليست مع عناوين القصائد بل عناوين الكتب! القصيدة تعبّر عن اللحظة، أما الكتاب فتلخيصه في عنوان يشكّل تحدياً يستوجب اختصاره بمحاوره ولحظاته المختلفة أو تحديد فكرة بين أفكاره العديدة لتعزيزها وتقديمها الى القارئ: <<أكون قد أمضيت سنة أو سنتين في كتابة الكتاب، وفجأة أجدني مضطراً الى وضع عنوان في لحظات. للقصائد مسار خاص، إذا كانت قصيدةَ مناسبَة يأتي عنوانها بسهولة. اللحظة التي نكتب فيها القصيدة تحدّد وأحياناً تفرض العنوان>>.

تتبع الروائية فضيلة الفاروق قاعدة في اختيار عناوين رواياتها منطلقة من اعتقاد راسخ بأن العنوان هو مفتاح العمل الأدبي: <<هناك من يحتكم الى معايير مثل اثارة القارئ بشكل مفتعل بهدف بيع الكتاب وتسويقه، وهناك من يفضّل أن يلخّص الكتاب في عنوان، وهناك من يحدّد القارئ ويوجّه إليه كلمة السرّ للوصول اليه بأكثر الطرق اختصاراً، أنا من أنصار الطريقة الثالثة. أحبّ الوصول الى القارئ باختصار المسافة بيننا وعبر توصيل الفكرة العامة للكتاب بشروط جمالية وفنية، منها أن يكون العنوان جذاباً ومختلفاً وغير مستهلك، وأن يحمل ايقاعا>>.
يجد القاصّ عماد العبد الله في وضع العناوين مناسبةً لممارسة حبّ ومتعة من نوع خاص:

<<عندما تأتي مرحلة وضع العنوان يأتي <<التوتر الجميل>>. عبر ممارسة طويلة أجد أن أي عنوان لا يشبه عنواناً آخر، حتى اذا كان موضوع الكتابة واحداً. أما اذا كانت المادة لا توحي بعنوان، بيضاء محايدة غائمة، فتسبّب لي <<وجع بطن>>.
يقرّ الشاعر يحيى جابر أن التوتر يحكم علاقته بالعناوين، وهو ناجم عن صعوبة اختصار النص، اختصار روحه، كذلك عن صعوبة أن يراعي الجدّة والجاذبية: <<أتحاشى كلمات شائعة مثل الوقت والورد ومشتقات النبات... مئات الكتب لها عناوين تدور في هذه المحاور>>. تعرف عناوين جابر بجرأتها وهو لا يكترث لكونها تثير حفيظة الكثيرين كعناوين: <<الزعران>>، <<بحيرة المصل>>، <<كلمات سيئة السمعة>>، وهو لا يجدها نافرة لأنها تشبه النصّ: <<هي عكس التيار لأنني أنا ونصّي عكس التيار، هذه عناوين تكون أحياناً على شفة الكاتب لكنه يخجل من قولها أو يتحاشى الدخول في متاهاتها>>.

عبء على النص!

القاصّة حياة أبو فاضل تجد العنوان عبئاً على قصصها القصيرة جداً: <<لا أضع عناوين لقصصي القصيرة جداً، أكتفي بترقيمها. هي لقصرها تجعل العنوان عبئاً عليها، أما اذا كانت أطول فلا بدّ من عنوان. أختار عنواناً للمجموعة يجمعها في وحدة وينطبق على كلّ منها وهذا ليس أمراً هيناً لكنني أترك للعفوية أن تحدّده. عنوان آخر مجموعاتي <<أجزاء>> قصدت به أن القطع أو القصص فيه هي أجزاء من وحدة كبيرة هي الكتاب ككلّ. كما أنني أتعمّد أن أترك للقارئ فسحة وأترك له تحديد العنوان، أخشى أن أفرض عليه ما لا يستسيغه وما يشعره بأنه محاصر. في مجموعتي <<لعب خارج سحر الحواس>>، أردت توصيل فكرة للقارئ حول الكتاب ليتمكّن من تحديد طريقة التعامل معه، وطرح سؤال عن امكانية دمج كلمتي <<لعب>> و<<خارج الحواس>>، ثم البحث عن اجابة داخل النص>>.

لخبيز طريقته أيضاً في التخفّف من هذا العبء: <<كنت سابقاً أرتبك عند اختيار العناوين، الآن صرت أكتب قصائد بلا عناوين فقط أضع التاريخ أعلى القصيدة. أجد هذه الطريقة مريحة، أدّخر فيها طاقتي ووقتي وأعصابي. القارئ متطلّب مهما حاولنا سنجد من لا يعجبه العنوان. لكني أركن في النهاية الى اختيار عنوان يحبّه أصدقائي، متهرّباً من المسؤولية وضجر البحث>>.
يختلف الأمر بالنسبة الى الشاعر بسام حجار، فهو لا يعاني أية مشاكل مع العناوين: <<ما أجده مناسباً أضعه. أستمع الى نصائح أصدقائي، فإذا لم يستسيغوا العنوان أغيّره فوراً. أفكّر بما يقوله النصّ، أختار سطراً منه أو عبارة لتكون العنوان.

المسألة مسألة ذوق ومزاج، ولها علاقة بطبيعة الكاتب ونوع النصّ الذي يكتبه، مثلاً من يكتب شعر تفعيلة لا يضع عنوان من يكتب قصيدة نثر والعكس صحيح، القصّاص لا يعنون كالشاعر ولا كالصحافي... العنوان جزء من النصّ وشخصية الكاتب>>.
لا تضع عنوانك بنفسك!

من خلال خبرة طويلة في <<دار رياض الريس>> والمجلات الثقافية يستنتج العبد الله أنه ليس على الكاتب أن يضع عنوان نصّه بنفسه بل أن يوكل هذه المهمة لآخر: <<كالحلاق الذي لا يجوز أن يحلق شعره بنفسه!>> ويرى أنها يجب أن تكون مهنة بحدّ ذاتها، فهي تحمل مقوّمات المهنة، أي تتطلّب موهبة خاصة وقدرات ذهنية ومخزوناً ثقافياً واطلاعاً وسرعة بديهة وطرافة وقدرة على الاختزال وتفاعلاً مع النصّ، والتقاط الفكرة الرئيسية والتركيز عليها. <<في المواد الصحافية لا يحتاج الأمر الى كثير عناء، غالباً ما تؤخذ عبارة من الحوار أو التصريح لتكون المانشيت، لكن الصحافة الثقافية تعاني من فوضى في هذا المجال بسبب العائد المادي القليل الذي يُدفع للصحافي مما يؤدي الى عدم الاكتراث بوضع العناوين فتأتي كيفما اتفق!>>.
تتلاقى رؤية عبد الله مع أمنية الشاعر جوزف عيساوي في أن يضع شاعر سواه عناوين قصائده: <<غالباً ما أتممت هذه المهمة الصعبة على عجل، بعد انتهاء القصيدة، أو أياماً قبل خروج الديوان من المطبعة، فإذا كانت القصيدة تكثيفاً للعالم فإن عنوانها إكسير تلك الكثافة. الكاتب أمام العنوان مطالب إما باختصار روح النص أو بالتركيز على بؤرة محددة فيه، وفي الحالين يوجّه القارئ ويحدّ من اتساع الدلالات الشعرية، وفي هذا حسنات وسيئات. فمثلا <<قصائد المنزل>> ديواني الأول كاد يكون <<قصائد البيت>>، إلا أني لم أشأ يومها تقديم تحية للشعر القديم. والثاني <<على سرير ينكسر>> تمت قراءته غالباً قراءة محض أيروسية (انكسر السرير لكثافة العشق عليه) وهي مخالفة للمقطع الشعري الذي استلّ العنوان منه:>> أريد أن أنام معك/ على سرير ينكسر/ حين لا يعود يفصلنا عن التراب/ سوى حبنا>>، وهو عشق يقارب الصوفية. أما الديوان الثالث <<شاي لوقاحة الشاعر>> فاخترته من عنوان يتضمن كلمة شاي ولا سيما وقد كان مادة القصيدة الأولى في الكتاب، واجداً فنجان الشاي محفزاً لمخيلة الشاعر>>.

سرّ المهنة

يتّفق الكتّاب على تقنيات العنوان، وأولها الاختصار والوضوح، كما يؤكّد عبد الله: <<يمكن للعنوان أن يلخّص المضمون أو يكون موازياً له أو يزيد عليه، الاحتمالات الثلاثة واردة، لكن الأهم هو الاختصار والوضوح. هذان العنصران هما سرّ المهنة. في النص الأدبي أفضّل المزاوجة بين المجرّد والملموس>>.
كذلك يتّفقون على أن العنوان روح النصّ. يشتغل جابر على هذا، يبحث عن جملة أو كلمة توجز هذه الروح. ويرى أن من يضع عناوناً يجب أن يمتلك عقلاً اختزالياً. للعنوان حسب شمس الدين أسرار تختلف عن أسرار القصيدة، فهو اختصار الاختصار: <<هو جناح البحر، هو أشبه ببعض أرقام الكنوز السرية. يريد العنوان أن ينفجر بذاته أو يفيض، لذلك له تعب خاص. تترواح عناويني بين جملة فعلية مثل <<يحرث في الآبار>> واسمية مثل <<ممالك عالية>> وصفية مثل <<الشوكة البنفسجية>> أو صيغة سؤال <<أما آن للرقص أن ينتهي؟>>. ليس عندي ديوان عنوانه كلمة واحدة، لم أتقصّد هذا لكن لا تبدو لي الكلمة الواحدة كعنوان لديوان غير جذابة>>.

يستند خبيز الى معيار الجدّة، وبرغم كل شيء يعترف بأنه دائماً يجد العنوان في غير مكانه، وأنه ليس راضياً عن عناينه: <<أضع العنوان لسبب، فأجد القارئ يلتقط أسباباً أخرى، نقصد شيئاً والقارئ يفهم شيئاً آخر. القارئ يقول ببساطة <<عنوان جميل أو عنوان غير جميل>>، في النهاية أرى أن العنوان لا يؤثر على القراءة والقارئ>>. أما الفاروق فتفضّل الجملة الاسمية، على أن تكون من كلمتين لا أكثر: <<أشعر بأن العنوان الطويل لا يبقى في الذاكرة>>.

تختلف عنونة المادة الصحافية عن المادة الأدبية عن السياسية. جامعاً الصحافة والشعر يقول خبيز: <<في الصحافة تتدخّل معايير خاصة في اختيار عنوان المقال الصحافي أو التحقيق أو التغطية... أهمها أن يكون العنوان شعارياً. غالباً ما نقصي العنوان الذي اختاره صاحب النص تحديداً الباحث والمفكر والناقد، لأنهم يكونون جديين الى درجة اختيار عناوين سريعة حادة، أما الصحافة فتحب المانشيت الحار الفضائحي لا الأبيض والأسود>>.

لعبة خطرة

لكلّ كاتب طقوسه الكتابية، تندرج ضمنها كتابته وتأليفه للعناوين. عنها تقول الفاروق: <<عندما أكتب أترك صفحة بيضاء مقابل كل صفحة أكتب عليها، أخصّصها للملاحظات والتفاصيل وللعناوين. أبقى أضع العناوين للرواية منذ الصفحة الأولى حتى الأخيرة، وهكذا فإن العنوان يستوجب مني جهداً ووقتاً بمثل جهد ووقت الرواية. <<تاء الخجل>> عنوان روايتي الأخيرة أتى بعد عشرات العناوين وبعدما أنهيت الرواية تماماً. أطلع أصدقائي على نصوصي وعناويني وأناقشهم لكني نادراً ما أرتدّ عن قناعتي، أتبع احساسي، كما في رواية <<مزاج مراهقة>> رأى البعض أن كلمة مراهقة تضلّل القارئ وتوحي بأني أتوجّه الى شريحة المراهقين لكنني كنت أشعر بأن روح النصّ توجب هذا العنوان فأبقيته>>.

يختار جابر حوالى عشرة عناوين للديوان أو المسرحية: <<أتناقش مع مقربين لأختبر صدق إحساسي، مفضلاً عدم استشارة الشعراء، لكني أفكّر في تحدّيهم وكتابة عناوين أجمل من عناوينهم>>.

هل يمكن لعشاق العناوين أن يفكروا بالعنوان قبل النص؟ يجد حجار أنها لعبة خطرة لا يجيدها، ربما، سوى بورخيس الذي يضع كلّ جهده في العناوين. تجرّأ جابر على هذه الفعلة مرة في قصيدة <<أذكر>>. أما العبد الله فيعتبرها فكرة شيطانية تراوده أحياناً، لكنها تبقى متكلّفة وانحطاطية وفق تعبيره.

عناوين الآخرين

هناك إجماع على أن وضع العناوين موهبة يتفرّد بها كتّاب دون آخرين. يحبّ جابر عناوين الشاعر عباس بيضون لأنه يجيد الاختزال، وعناوين أنسي الحاج ويوسف بزي ومحمد الماغوط مثل <<الفرح ليس مهنتي>>. لا يحب عناوين أدونيس: <<مع احترامي الكبير له لكني أجد في عناوينه صنعة لا أحبّها. أغار من العناوين الجميلة، والغيرة تستفزني كي أكتب. ليس صحيحاً أن الشعراء هم أفضل من يضع العناوين، فأين ذهب ماركيز وعناوينه الرائعة؟>>.

يشهر حجار غيرته من العناوين الجميلة ورغبته في سرقتها: <<قمت بهذا فعلاً، سرقت من بورخيس عنوانه <<كتاب الرمل>>، يبدو أن دار النشر لم تنتبه الى هذه السرقة فلم تطلب مني تغيير العنوان لأن أول ما تشدّد عليه دور النشر هو عدم تكرار العناوين. لكنني أخذت العنوان تقديراً لبورخيس وعبقريته وإعجاباً به، أعتقد أنه أبرع من يؤلف العناوين، عربياً لدينا أنسي الحاج أول شاعر عربي وضع عنواناً من سطرين أو من حرف جزم <<لن>>! جرأة تحسب له في تغيير ثقافة العناوين>>.

أما عيساوي فيبوح بقدرة عناوين الشاعر شوقي أبي شقرا على إدهاشه مثل <<حيرتي جالسة تفاحة على الطاولة>>، ووديع سعادة <<ليس للمساء أخوة>>، معلقاً: <<أحسب أني لم أوفّق الى مثلها، وهذا مجرد إحساس أو مزاج>>.
يتذكّر خبيز القليل من عناوين الآخرين، مثل <<مجرد تعب>> لبسام حجار، وهو لا يغار من العناوين بل من القصائد، فالعنوان مجرد تفصيل برأيه.

برغم أنها كثيرة النسيان الا أن عناوين جميلة تعلق في ذاكرة الفاروق: <<أنا ممن يتوقفون عند عناوين الكتب، مثل <<الساعة الخامسة والعشرون>>، عنوان لا أستطيع أن أنساه>>. وتنبّه الى فخّ يقع فيه كلّ قارئ هو العناوين الخادعة: <<هناك طبعاً عناوين أجمل من نصوصها، بعض الكتاب يختارون عناوين تداعب الغريزة والعواطف. وبالعكس هناك نصوص مظلومة من جهة عناوينها. عندما أطّلع على الكتب أتوجّه مباشرة نحو العنوان لفضول خاص يجذبني الى العناوين وكم اكتشفت من كتاب عبر عناوينهم!>>.

كان خبيز يقع في فخّ العناوين لكن خبرته في عالم الكتابة حصنته، الآن يقع في فخّ الموضوع والكاتب! وبرغم خبرته في عناوين الأغلفة وقع العبد الله في مكيدة في معرض بيروت للكتاب:

<<اشتريت كتاباً له عنوان لافت وجريء فاكتشفت بعد قراءته أني <<أكلت ضرب>>>>.
تنبّه أبو فاضل الى خطورة الأمر: <<لا نستطيع التحايل على القارئ فهو ذكي ولا يحترم من يخدعه أو يحاول الايقاع به تحديداً من يضع عناوين فاضحة مبالغة>>.
ككقارئ لا يأتي عنوان الكتاب أولاً بالنسبة لشمس الدين: <<حين أشتري يهمني اسم الكاتب أولاً ثم الموضوع. إذا كان النصّ عظيماً لا يهمّ العنوان، هناك قصص جميلة ولوحات وقصائد بلا عناوين. ليس دقيقاً أن العنوان قد ينجح قصيدة أو يسقطها، هو جزء منها>>.
يتصدّر العنوان الأهمية بالنسبة لحجار عندما يثير سؤالاً أو يكون عبارة جميلة ببعدها الفني، وعندما يكون لكتاب أجنبي لا نعرف عن كاتبه شيئا>>.

دور النشر

للناشرين دورهم في اختيار عناوين الكتب، ويحكى في الكواليس عن شروط وضغوط تفرضها على الكاتب فما رأيهم في هذا؟
يوضح شمس الدين: <<كنت مرتاحاً مع جميع دور النشر التي نشرت لي (الآداب المؤسسة العربية للدراسات والنشر الجديد مؤسسة الانتشار العربي) كان د. سهيل ادريس يناقشني في العناوين، رامياً الى العنوان الذي يجذب القارئ لكي يشتري الديوان، مفرقاً بين عناوين تبيع وأخرى لا تبيع، أنا شخصياً لم أكن على توافق معه في هذا، كان يهمّني العنوان المعبّر بمعزل عن القارئ والسوق. كنا نصل في النهاية الى نوع من التسويات فأقترح عنوانين يختار هو بينهما>>.

<<الرأي الأخير للكاتب، تقول الفاروق، نناقش العناوين فإن لم يقنعني الناشر يبقَ ما اخترته، والناشرون الذين تعاملت معهم سلسون وديموقراطيون>>. يؤكد جابر تدخّل الناشر لكنه يرى نفسه محظوظاً في التعامل مع رياض الريس الذي تفهّمه ولا ينفي حصول مشاكل في تسويق بعض هذه الكتب مثل <<الزعران>>.
لا نقاش أو تغيير مع كتب حجار وأبوفاضل أيضاً.

موضة
تتميّز كل حقبة ثقافية بعناوينها. هل نستطيع معرفة العصر الأدبي الذي تنتمي إليه رواية ما من عنوانها؟
يجيب جابر بالإيجاب: <<أثناء ما يسمى الحرب الأهلية كانت العناوين تدور في فلك الحرب والعنف ومعظمها كانت تحتوي كلمة <<دم>>. أما عناوين المرحلة الحالية، بعد استشهاد الحريري فلا نستطيع بعد الحكم عليها، الا أنها ستتأثر بهذه اللحظة وما ترتب عليها من تغيرات في بنية المجتمع وثقافته>>.

يرى خبيز أن هناك حقبات ثقافية وأدبية تفرض لونها على عناوين كتبها، عناوين القرن ال19 كانت تقريباً على وزن واحد <<الجريمة والعقاب>> <<الحرب والسلام>> <<الأرواح الميتة>>... هناك موضة عناوين لكل مرحلة، وموضة اليوم هي <<الشعرية>>.

الخطوط الحمراء هي التابوات المعروفة في التسويق العربي. لا يتوقف شمس الدين عند محاذير لكنه يعترف بوجودها لدى الناشر: <<ديواني <<غيم لأحلام الملك المخلوع>> ممنوع من جميع الأنظمة الملكية في العالم العربي لأنها تعتقد أن ليس بالإمكان خلع الملك! أيضا <<قصائد مهرّبة الى حبيبتي آسيا>> ممنوع في عدد من الدول العربية التي تخاف من كلمة <<تهريب>>. أما الخطّ الأحمر الوحيد بالنسبة لجابر فهو ألا يتناقض العنوان مع النصّ.


بسمة الخطيب
"السفير"

التعليقات