ما بعد .. "يوم الأرض": الثورة القادمة من شأنها أن تكون فنية، مسرحية، سينمائية، موسيقية، ثقافية مقاو ِمَة

-

ما بعد ..
*عنان بركات – يافا
ananbarakat@hotmail.com

يوم الأرض(تعريف تأريخي جماهيري): في الثلاثين من أذار من كل سنة تأتي ذكرى يوم الارض الخالد. والذي تعود احداثه لأذار 1976 بعد ان قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة ألاف الدونمات من الاراضي ذات الملكية الخاصة او المشاع في نطاق حدود مناطق ذو اغلبية سكانية فلسطينية مطلقه وخاصة في الجليل.

"يوم الأرض"(تعريف شخصي): لم أولد في هذا العام بعد.. لكن جدتي كانت تقول لي "تعال معي عالحاكورة".. كبرت.. كبرت جدتي.. كبرت أكثر.. جدتي صارت عجوز.. تركت البيت بسن صغير لأسكن في حيفا.. كبرت جدتي أكثر.. لم أدخل الى الحاكورة بعد بسبب "الحرية الإجتماعية والثقافية العربية الفلسطينية".. نسيت جدتي.. كبرت أكثر.. مرضت جدتي ودخلت المستشفى.. تذكرت جدتي وحريتي الحقيقية.. كبرت أكثر وإشتقت للحاكورة.. جدتي مرضت كثيراً وأصابها شلل نصفي.. كبرت اكثر وأدركت أهمية الحاكورة.. الأرض.. فلسطين.. الإنسان.. الحرية.

لقد إعتدنا منذ دخول اول عضو برلمان عربي الى الكنيست من قبول "أشياء" وأقول أشياء لأنني لا أعرف ما معنى "أشياء", التي قبلها كل فلسطيني على حدة وجماعات هذا الشعب من مثقفين, سياسيين, أدباء, فنانين وسماسرة. "أشياء" رفضناها ونحن نتلعثم, والأهم أنها دمرت عمق ثقافتنا "المقاومة" وفننا النقدي الذاتي والخارجي, نحن في سبات عميق بتنا ضحية.. مجرد ضحية قبلت "أشياء".

قالوا لي أصدقاء وصديقات أعزاء(لألا أجحِف بحق الحركات النسوية "الفلسطينية") أنني متسرع, متطرف, لا أتواصل مع الواقع أحيانا.. وغيرة من كلام عابر في بحر "أشياء" طبعاً متطرف لأنني أرى التأريخ وأشترة لأوسع ثقافتي الإنسانية, فالتأريخ يعشق نفسة(عشق نرسيسيوس لذاتة), ومدمن على التكرار(إدمان الرياضي على الأدرينالين), فما زلنا نخدم المؤسسة الإسرائيلية بشكل فعال أو بصمت, فجزء كبير من الفلسطينيين و "الفلسطينيين" و "العرب" والعرب على إختلاف كتبهم السماوية وطوائفهم, يخدمون ويسجدون يومياً للمؤسسة الإسرائيلية.. وبسخرية تتقيأهم هي بدورها 1936, 1948, 1956, 1969, 1973, 1976, 1982, 1987, 1991.. الخ.

- من المتسرع أنا أم إسرائيل بفردها ومؤسستها؟
- ما الحل لإسترداد جزء من إنسانيتنا وفلسطينيتنا؟

يجب أن نتسرع ونتطرف في فننا وثقافتنا من مسرح, موسيقى, سينما أو فنون أخرى لأن الفن المقاوم وحدة كفيل بإخراج الإنسان الفلسطيني من دائرة التكرار التأريخي التعيس وتحطيم مفاهيم الضحية على جميع الأصعدة بذلك نتواصل مع نفسنا ونعزز إنتمائنا للإنسان الذي بداخلنا و للفلسطيني الذي تشرذم.

جدتي كانت تقول كلمات ثاقبة دائماً وبلغة بسيطة يفهمها "المثقف" و المثقف والقطيع وكل من يقبل ويملي "أشياء", فقالت لي ذات مرة بعد أن إنتسبت لأكون رفيق أو صديق في الحزب الشيوعي: "أهم شي بالموقف الوطني الحرية..", لذلك مظاهراتي, إحتجاجاتي ومقاومتي, كلة تأطر وذَوَتُة في "الحاكورة" لأن هناك أجد إبداعي.. ثقافتي.. عالمي الشخصي.. فلسطينيتي.. فكري.. حريتي, وطنيتي.. والإنسان الذي إفتقدة في المحافل السياسية وطقوس "يوم الأرض" منذ أكثر من 60 عام.. "الحاكورة" هي حريتنا ومنها يجب أن تنطلق ثورتنا الثقافية القادمة.
_______________________________________________________________

مراجع:
- ويكيبيديا
- إيال سيفان, "من المغلوط التأريخ أم الذاكرة", مقالة 2005.
- ميلان كونديرا, "وعي الإستمرارية", 1996.
- عنان بركات, "قراءة جديدة لمعنى النكبة", مقالة 2008.

التعليقات