الإله الخفي.. رؤية تراجيدية لحقيقة الإنسان والعالم

يناقش لوسيان غولدمان في مؤلفه "الإله الخفي"، الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، ترجمة الدكتورة زبيدة القاضي، مجموعة من النظريات الفكرية التي وضعها فلاسفة العصر الحديث، من روسو، وهولدرلان، وباسكال، وديكارت، وسواهم، في محاولة منه لصياغة منظومة فكرية متراصة الأبعاد، ومضبوطة المعايير، انطلاقًا من رؤى سابقة ودراسات فلسفية كان لها أثرها على الفكر الإنساني ككلّ.

الإله الخفي.. رؤية تراجيدية لحقيقة الإنسان والعالم

يناقش لوسيان غولدمان في مؤلفه "الإله الخفي"، الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، ترجمة الدكتورة زبيدة القاضي، مجموعة من النظريات الفكرية التي وضعها فلاسفة العصر الحديث، من روسو، وهولدرلان، وباسكال، وديكارت، وسواهم، في محاولة منه لصياغة منظومة فكرية متراصة الأبعاد، ومضبوطة المعايير، انطلاقًا من رؤى سابقة ودراسات فلسفية كان لها أثرها على الفكر الإنساني ككلّ.

يلفت الباحث في موءلفه إلى أن الغرض الأساسي من أي فكر فلسفي هو الإنسان، ووعيه، وسلوكه، فكل فلسفة هي أنثربولوجيا إلى حد ما، فلا يمكننا بطبيعة الحال أن نعرض في عمل ما مكرس لدراسة مجموعة من الأعمال الجزئية كلية موقفنا الفلسفي، ومع ذلك من المسموح أن نقول بضع كلمات عن تصورنا للوعي بوجه العموم، وعن الإبداع الأدبي والفلسفي بوجه خاص.

ويرى غولدمان أنه لا ينبغي على مؤرخ الفلسفة والأدب أن يدرس رؤى العالم فحسب، بل أن يدرس أيضًا تعبيراتها الملموسة، أي يتوجب عليه، في حدود إمكاناته بالطبع، ألا يتقيد في دراسته للعمل بما تفسره الرؤية هذه أو تلك، كما عليه التساؤل عن الأسباب الاجتماعية أو الفردية التي جعلت من هذه الرؤية تظهر في البحث.

ويناقش الباحث ضمن إطار فلسفي بحت، تراجيديات كلاسيكية، وأعمالا خالدة، في مجال الفكر والمسرح والذات الإلهية، في فصل بعنوان "الرؤية التراجيدية.. الله متنقلاً في الفضاء الأرسطي"، والفكر الفرنسي الحديث، وأفكار باسكال وسبينوزا، ليفتح الباحث المجال أمام طرح تساوءلات عميقة ونقدية، تضع الإنسان أحيانًا في حيز التناقض.

بينما يركز في رؤيته التراجيدية للعالم على الفكر السفسطائي والنظريات الإغريقية القديمة، وتراجيديا سوفوكليس، ويتوصل إلى نتيجة هامة مفادها أن الإنسان التراجيدي بفرضه أمام عالم، هو الواقع الوحيد الذي يمكنه أن يعارضه، والمكان الوحيد الذي يمكنه أن يعيش فيه، شريطة ألا يهجر أبدًا هذا الغرض والجهد في تحقيقه، لكن العالم لا يمكن أن يكفيه أبدًا.

ومن هذه الحتمية التي يطرحها غولدمان، يصل إلى تحليل شخصية الانسان التراجيدي في فصل لاحق بعنوان "الرؤية التراجيدية..  الإنسان"، مشيرا إلى ضرورة ألا يخطئ التفكير في معنى القطيعة بين الإنسان التراجيدي والعالم، مستشهداً بنصوص فكرية ودينية من وحي الثقافات الكلاسيكية، التي ناقشت الإنسان كبنية فكرية تعيش ضمن خضم عالم حتمي، ليس سواه أمام الإنسان.

ويبحث المؤلف بعد ذلك النظريات في الأساس الاجتماعي والفكري، تحت عناوين فلسفية، تفتح الباب أمام الدراسة المنهجية للحياة بشكل عام..

ففي فصل "الإنسان والظرف الإنساني"، يصل إلى نتيجة طرحها باسكال سابقًا، وهي أن ما هو مهم للإنسان، هو الأخلاق والتطلع إلى المطلق والدين.

وفي تراجيديات الرفض، يحلل غولدمان أعمالاً لراسين، مثل أندرماك، وبرتانيكيس، وبيرينيس، ليصل في ختام دراسته إلى مزيد من التعقيدات التي لا تمكن أحداً من ادعاء رسم تصور لدراسة علمية جدية للحياة.

التعليقات