جمال حسن من جولس.. "عشرة عمر" مع الفن التشكيلي

يعتبر الفن التشكيلي من أجمل الفنون التي تتقنها أنامل الفنان، يستوحي من خلاله ما يدور حوله من أرض الواقع وينقله بصورة معينة ليصيغه بشكل من الأشكال، في فكرة جميلة تجعله مميزاً عن غيره.

جمال حسن من جولس.. "عشرة عمر" مع الفن التشكيلي

الفنان جمال حسن

يعتبر الفن التشكيلي من أجمل الفنون التي تتقنها أنامل الفنان، يستوحي من خلاله ما يدور حوله من أرض الواقع وينقله بصورة معينة ليصيغه بشكل من الأشكال، في فكرة جميلة تجعله مميزاً عن غيره.

وينقسم الفن التشكيلي إلى عدة أقسام منها النحت على الصخر، التصوير الفوتوغرافي، فن الفيديو والرسم، وحول هذا الموضوع أجرى 'عرب 48' لقاء مع الفنان التشكيلي جمال حسن، من بلدة جولس.

وكانت البداية...

عن بداية مسيرته في غمار الفن التشكيلي، ذكر الفنان جمال حسن، لـ'عرب 48' أن 'موهبتي للفن التشكيلي بدأت منذ أن كنت صغيراً، حيث كان أول من اكتشف موهبتي مدير المدرسة الابتدائية في البلدة حينما كنت طالباً فيها'.

وأضاف أن 'الفن التشكيلي لم يكن شائعاً كهذه الأيام، ومن هذا المنطلق أردت تحقيق موهبتي، حيث درست في كلية أورانيم وقمت بتأسيس رابطة للفنانين التشكيليين العرب وعملت رئيساً لها لمدة 12 عاما، أقمت خلال ذلك معرضاً للفن التشكيلي في بلدة كفرياسيف'.

وتابع أن 'العمل الإداري في الرابطة كان يأخذ الكثير من وقتي على حساب إنتاجي الفني من جهة وعائلتي من جهة أخرى، فأنا لم أندم على ذلك بل على العكس، فقد قمنا بعدة أمور أعتز بها، حيث تمكنا من ترسيخ موضوع الفنون التشكيلية في المجتمع العربي، بالإضافة إلى إقامة عشرات المعارض'.

وتحدث عن النحت في الصخر قائلا إنه 'قمنا أيضاً بإقامة مهرجانات للصخر، إذ كان المهرجان الأول على مستوى المجتمع العربي قاطبة في بلدتي جولس عام 1996، ثم تلاه مهرجان دولي عام 1997، وكذلك كنا نلتقي برؤساء السلطات المحلية في البلاد من أجل إقامة مشاريع فنية عن الصخر بهدف تحسين مداخل البلدات وترسيخ موضوع الفنون في نفوس الطلاب، حيث وللأسف الشديد هنالك مدارس عديدة لا تعلم طلابها موضوع الفنون، وهذا ما أصررت عليه عن طريق السلطات المحلية وأقسام المعارف أن يحضروا طلاب المدارس للمهرجانات بهدف تعريفهم على الفنانين وإقامة ورشات فنية لهم'.

الفنان جمال حسن أقام 8 معارض شخصية، كان آخرها بالمتحف الوطني في عاصمة سلوفاكيا 'براتيسلافا'، كما وأقام  عدة معارض في البلاد مثل مركز محمود دوريش في الناصرة وأخرى في حيفا وتل أبيب وغيرها.

ميزات الاحتراف

الفنان التشكيلي المحترف يتميز عن الفنان الهاوي الذي يشق طريقه في الإنتاج الفني، وذلك من خلال آلياته الفنية التي يستعلمها، فعلى الفنان التشكيلي المحترف أن يجتهد على موضوع ملح، وعن ذلك يقول الفنان حسن 'أنا شخصياً لا يمكنني أن أكون متقوقعاً وأكتفي بالعمل على موضوع واحد كالتراث مثلاً، فلا بد من دمج ذلك في مواضيع إنسانية ملحة'.

ورأى أن 'الفنان التشكيلي المحترف ينبغي عليه العمل على المواضيع الملحة، فالفن التشكيلي ليس مجرد مظهر مرئي لجماليات، والفن التشكيلي يتحدث اليوم عن فلسفة معينة تعكس الإنسانية والهموم والأحزان وما شابه، وكذلك الأمر ينطبق على الفن المسرحي والموسيقي'.

وأشار إلى 'قيام الكثير من الفنانين في تكرار أعمالهم، وذلك ما يغيض الجماهير، وعليه ينبغي على الفنان التشكيلي المحترف أن يحدث ويفاجئ بأعمال مميزة ومبدعة دائماً من أجل كسب ثقة جماهيره'.

خواطر ومخاطر

الكثير ممن يسمعون كلمة فن تشكيلي لا يدركون معناها الأساسي، حيث أن معناه جاء من كلمة الجذر 'شَكِل'، وهو يعتمد بالأساس على الرسم، النحت، التصوير الفوتوغرافي، فن الفيديو والصلصال.

وعن المخاطر التي يواجهها الفنانون أوضح الفنان حسن أن 'المخاطر في الفن التشكيلي تكمن في النحت على الصخر، حيث يستعمل خلاله الفنان أدوات خطرة جداً بدون أي واقٍ قد يساهم في حمايته، فهذا العمل يتطلب الانتباه والتركيز لأن غير ذلك سيسبب كارثة كبيرة، كما ويتوجب استعمال القفازات والحفاظ على مجرى التنفس وسط الغبار المتصاعد جراء النحت'.

واعتبر أن 'الغبار المتصاعد من أعمال النحت في الصخر هو مصدر تنفسي، وأشعر أنه غبار نقي وطاهر يغسلني الله به، كون الصخر جزء من الطبيعة، ولي حوار مع الصخرة في أمر يعتقده الآخرون خيالاً، ولكن بالواقع عندما نصطدم بإشكالية معينة نشعر وكأن الصخرة ترشدنا من أجل تخطي هذه الإشكالية، ومن هنا لا نشعر بالكلل بل على العكس نشعر بالمتعة، حتى أنني أنسى كل ما حولي وأعيش عالماً آخر يمنحني القوة وعدم الاكتراث للآلة الحادة التي أعمل بها'.

قبل أي مشروع ينفذه محدثنا يختلي بنفسي في الطبيعة، حيث يشعر هناك بالطمأنينة لسماع حفيف الأشجار وزقزقة العصافير بعيداً عن الضجيج وما إلى ذلك، وهذا يمنحني شحنات من الإصرار في مواصلة المشوار لإنجاح المشروع الذي يرسل من خلاله رسالة محبة وسلام تنبذ العنف وتدفع بنا كمجتمع عربي إلى الأفضل، حسبما قال لنا.

لا نجاح دون جهد وتعب

وحول كيفية نجاح الفنانين التشكيليين، أوضح الفنان جمال حسن أنه 'من الطبيعي أن طريق الفن التشكيلي ليس مفروشاً بالبساط الأحمر، فمن أجل تقدم الفنان التشكيلي ونجاحه عليه أن يكون مجتهداً ومثقفاً ومتابعة ما يدور حول مجالات الفن التشكيلي وخاصة المعارض والورشات الفنية، وأن يعتمد على نفسه ويتعلم من الآخرين'.

وتذمر من انعدام رعاية الفنانين بقوله إننا 'نعاني من عدم الاعتناء بالفنانين التشكيليين الذين يملكون قدرات وآمال نحو تحقيق النجاح، وعليه يجب إيجاد وسيلة من أجل دعمهم والدفع بهم قدماً، ومن ناحية أخرى عليهم الاعتماد على أنفسهم من أجل تحقيق غايتهم. الصفة المطلوبة للفنان التشكيلي المحترف أن يكون متواضعاً والمشاركة في جميع معارض الفن التشكيلي وتشجيع الفنانين المبتدئين ودعمهم'.

أعمال محلية وعالمية

وتطرق الفنان حسن إلى آخر الأعمال الفنية التشكيلية على الصعيدين المحلي والعالمي، قائلا إن 'آخر العروض المحلية في مجال الرسم كانت في تل أبيب، فيما كانت آخر عروض النحت على الصخر في بلدتي البقيعة وحرفيش ومدينة إيلات. أما على الصعيد العالمي فكانت مشاركتي الأخيرة في مدينة ساركوي على بحر مرمرة في تركيا، وسأقيم الشهر المقبل معرض للرسم في اليونان، بالإضافة إلى معرض آخر في أسطنبول في شهر شباط/فبراير من العام المقبل'.

يذكر أنه تلقى عشرات الدعوات من دول عديدة للمشاركة بمعارض دولية العام المقبل، إلا أنه لن أتمكن من تلبية كافة الدعوات بسبب 'انتمائي لمجتمعي فضلاً عن تمثيل نفسي خارج البلاد، على الرغم من الإقبال العالمي الذي يتعدى ما نراه في البلاد'، كما قال.

وعبّر عن اعتزازه بكافة أعماله الفنية التشكيلية كونها تنبع من أحاسيسه ومشاعره، 'نتيجة لذلك أصل لدرجة البكاء عندما يباع أحد أعمالي الفنية، فليس من السهل أن أتجاهل الأمر من منطلق مادي'، كما قال.

وعن الاستعدادات والتحضيرات الفنية التشكيلية للعام الوشيك 2016، ذكر أن 'التحضيرات على قدم وساق، حيث نقوم بلقاء المؤسسات بما فيها السلطات المحلية والمراكز الجماهيرية من أجل إقامة مشاريع عديدة وصياغة حجم العمل ومدى نجاعته، حيث أن ذلك يتطلب بعض الوقت والجهد مع مراعاة الالتزام بالأمور العائلية ومنحهم جزء من الوقت'.

ووجه الفنان جمال حسن نصيحته لهواة الفن التشكيلي، قائلا 'أولاً أتوجه للأهالي الذين لدى ابنهم طموح بالعمل الفني التشكيلي، عليهم أن يدعموه ومنحه الثقة، حتى لو كانوا بعيدين عن هوايته والأمر خارج رغبتهم، فالحضارة تقاس بنصفين الأول العلم والآخر الثقافة، وكلاهما يكمل الآخر'.

 

التعليقات