بيت لحم... محطة الحضارات باتجاه أول التاريخ

بيت لحم: مدينة فلسطينية تقع في وسط الضفة الغربية، على بُعد 10 كيلومترات إلى الجنوب من القدس، وكان أول ذكر للمدينة في مراسلات خاصة ببيت لحم عام 1350 قبل الميلاد أثناء سكن الكنعانيين.

بيت لحم... محطة الحضارات باتجاه أول التاريخ

بيت لحم... مدينة فلسطينية تقع في وسط الضفة الغربية، على بُعد 10 كيلومترات إلى الجنوب من القدس، وكان أول ذكر للمدينة في مراسلات خاصة ببيت لحم عام 1350 قبل الميلاد أثناء سكن الكنعانيين، من قبل الحاكم المصري على فلسطين لدى الفرعون أمنحتب الثالث، والذي كان يصفها بأنها نقطة انطلاق استراتيجية قوية وهامة، ومحطة استراحة للمسافرين من سوريا وفلسطين إلى مصر، وتم تدمير بيت لحم من قبل الإمبراطور هادريان خلال القرن الثاني الميلادي خلال عدوانه على البلدة.

وفي عام 395م، عندما تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى شرقية وغربية، أصبحت بيت لحم تحت حكم الإمبراطورية الشرقية (البيزنطية)، حيث ازدهرت بلدة بيت لحم وازداد عدد سكانها وانتشرت الكنائس والأديرة في البلدة والمناطق المحيطة بها.

وفي عام 527م، عندما أصبح جستنيان إمبراطور القسطنطينية كانت فلسطين تحت حكمه، وشهدت مزيدا من الرخاء والتوسع لكنائسها وأديرتها، ولكن بعد ذلك بعامين فقط ثار السامريون ضد الدولة البيزنطية، بسبب إصرار حكام بيزنطة على تنصيرهم أو خروجهم من بيت لحم ومصادرة أموالهم وأملاكهم، وبسبب وجود خلاف عقائدي بين السامريين وبين المسيحيين، تظاهر بعضهم باتباع الدين المسيحي حتى تتاح لهم فرصة الثورة، حيث اجتاحت البلاد أعمال السرقة والنهب وتدمير كنائس وأديرة البيزنطيين، بجانب إشعال الحرائق في منازل المسيحيين، مما اضطر الإمبراطور جستنيان إلى إلحاق أقسى أنواع العذاب بالسامريين.

وفي عام 637م، أصبحت بيت لحم جزءا من جند فرع فلسطين بعد الفتح الإسلامي، وبعد فترة قصيرة تحت الحكم الإسلامي زار الخليفة عمر بن الخطاب بيت لحم، حيث ازدهرت العلاقات بين عمر والسلطات الكنسية، وتم عقد اتفاق مكتوب للإبقاء على سياسة متسامحة تجاه المسيحيين، كما تم بناء 'مسجد عمر' نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب في بيت لحم، وعقب احتلال الصليبيين البلدة في عام 1099م بدأ فصل جديد في تاريخ بيت لحم، حيث شرع الصليبيون في بناء التحصينات والمواقع الدفاعية لتعزيز ملكهم وسيطرتهم على فلسطين والقدس، وفي يوم عيد الميلاد عام 1100م، توج بلدوين الأول كأول ملك لمملكة الفرنجة في القدس.

وفي عام 1187م، عندما استولى صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر وسورية، الذي قاد الأيوبيين لاستعادة القدس من أيدي الصليبيين، اضطر رجال الدين اللاتينيين إلى ترك بيت لحم، وسمح لرجال الدين الروم الأرثوذكس للعودة، ومع ذلك وافق صلاح الدين على عودة اثنين من الكهنة اللاتينيين واثنين من الشمامسة في عام 1192م، ومع التوتر بين الجيش الأيوبي والصلييبي تم التوصل إلى اتفاق هدنة لمدة عشر سنوات في الفترة من 1229 إلى 1239م بين الأيوبيين والصليبيين، حيث خضعت مدن (بيت لحم والقدس والناصرة وصيدا) لسيطرة المسلمين، وعند انتهاء المعاهدة استعاد الإمبراطور أوغسطين بيت لحم من المسلمين وعادت إلى الحكم الروماني مرة أخرى.

وفي عام 1250م، تم استبدال حكم الأيوبيين في مصر بالمماليك الشركسية. وفي عام 1260م، صعد بيبرس إلى حكم مصر بعد انتصاره في معركة 'عين جالوت' ضد التتار، واغتيال السلطان سيف الدين قطز. وفي عام 1263م، أمر بيبرس بتفكيك الأبراج والجدران من كنائس بيت لحم ونقلها إلى القاهرة، حيث غادر رجال الدين الأرثوذكس المدينة، وبالتالي عاد رجال الدين اللاتينيين إلى بيت لحم، ووضعوا أنفسهم في دير مجاور لكنيسة المهد.

ومع صعود العثمانيين إلى سدة الحكم في عام 1517م، وخلال سنوات من السيطرة العثمانية، بدأت فترة من الصراع بين الفرنسيسكان واليونانيين، وبعيدا عن معترك الدين والعقيدة والسياسة في فلسطين، شهدت فلسطين وبيت لحم ازدهارا كبيرا في مجال الزراعة والتجارة والصناعة. وبحلول نهاية القرن السادس عشر الميلادي أصبحت بيت لحم واحدة من أكبر القرى في محافظة القدس، وأشارت سجلات الضرائب العثمانية والتعداد في عام 1596م، إلى مدى ازدهار بيت لحم تجاريا في ذلك الوقت.

وخلال الفترة من 1831 إلى 1841، كانت فلسطين تحت حكم أسرة محمد علي باشا والي مصر، وخلال هذه الفترة وفي عام 1841، عادت بيت لحم تحت الحكم العثماني مرة أخرى وظلت كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1917، حيث احتلت بريطانيا فلسطين، وقد قام الانتداب البريطاني بإدارة بيت لحم في الفترة من 1920 إلى 1948.

وفي عام 1947م، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين، وأدرجت بيت لحم في جيب دولي خاص للقدس على أن تدار من قبل الأمم المتحدة، وخلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، استطاعت الأردن السيطرة على بيت لحم وإخضاعها تحت سيطرتها، واحتفظت الأردن بالسيطرة وإدارة المدينة حتى حرب الأيام الستة (النكسة) في عام 1967م، حيث آل حكم بيت لحم جنبا إلى جنب مع بقية الضفة الغربية إلى الاحتلال الإسرائيلي. وفي عام 1995م، تحولت وجهة المدينة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وفقا لاتفاق أوسلو.

شباب بيت لحم يتصدون لقوات الاحتلال، الانتفاضة الثانية، تشرين 2000 (أ ف ب)

وبلدة بيت لحم إحدى مدن فلسطين التي تعج بالتاريخ والآثار القديمة، فهناك مسجد عمر الذي بني في عام 1860م، لإحياء ذكرى زيارة الخليفة عمر بن الخطاب إلى بيت لحم، كما تعد كنيسة المهد واحدة من مناطق الجذب السياحي الرئيسية في بيت لحم، نظرا لوجود جزء من ساحة المهد على شكل مغارة أو كهف يسمى 'القبو المقدس'، والتي من المفترض أن المسيح ولد داخله، كما يوجد بالكنيسة جزء آخر اتخذ ملجأ للعائلة المقدسة، كما تحتوي البلدة على 'برك سليمان'، التي أنشأها السلطان سليمان القانوني لتخزين المياه.

اقرأ/ي أيضًا | نابلس.. تاريخ زاخر وحاضر مضطرب

ويوضح أن التسوق هو عامل كبير في اقتصاد بيت لحم، وخصوصا خلال موسم عيد الميلاد، حيث يصطف السكان في الشوارع الرئيسية بالمدينة والأسواق القديمة، بالإضافة إلى أن البلدة بها محلات لبيع الحرف اليدوية الفلسطينية مثل: المنحوتات الخشبية، والصلبان، فضلا عن انتشار محلات التوابل والمجوهرات والحلويات الشرقية، بالإضافة إلى أن الزيتون والمعجنات والحلويات من العناصر الغذائية الأكثر شراء من قبل السياح الذين يزورون بيت لحم.

التعليقات