محمد خان... مخرج حوّل السينما إلى واقع الناس

ولد خان في حي السكاكيني بالقاهرة، في 26 أكتوبر 1942، لأب باكستاني وأم مصرية، عشق السينما منذ صغره بسبب نشأته إلى جوار دار السينما المكشوفة، ومشاهدته المستمرة لها من شرفة المنزل.

محمد خان... مخرج حوّل السينما إلى واقع الناس

رحل عن عالمنا المخرج السينمائي محمد خان، تلك الأسطورة التي جسدت تجربة سينمائية من نوع خاص تمثلت في السينما الواقعية، والتي ترتبط بشكل مباشر بحياة الناس، حيث امتلك مجموعة من الأفلام التي طرحت أفكارا فنية لا يمكن لأحد إغفالها، فقد تناولت أعماله الواقع السياسي والاجتماعي المصري، ومن أبرزها “زوجة رجل مهم” و”أيام السادات” و”ضربة شمس″، الذي حصل على جائزة من مهرجان القاهرة السينمائي في أولى دوراته عام 1979، و”فتاة المصنع″، الذي حصد العديد من الجوائز العربية والدولية، وكان آخرها فيلم “قبل زحمة الصيف”.

وُلد خان في حي السكاكيني بالقاهرة، في 26 أكتوبر 1942، لأب باكستاني وأم مصرية، عشق السينما منذ صغره بسبب نشأته إلى جوار دار السينما المكشوفة، ومشاهدته المستمرة لها من شرفة المنزل.

وفي عام 1956 سافر إلى لندن لكي يدرس الهندسة المعمارية، وهناك التقى بشاب سويسري يدرس السينما، وقرر وقتها ترك دراسة الهندسة والالتحاق بمعهد السينما في لندن، والتي عاش فيها لمدة 7 سنوات، وتعرّف على مختلف التيارات السينمائية السائدة في أوروبا خلال تلك الفترة، وعاد إلى مصر في عام 1963 وعمل بالإخراج السينمائي في شركة “فيلمنتاج” وهي الشركة العربية للإنتاج السينمائي حاليا، وكان تحت إشراف المخرج صلاح أبو سيف في قسم قراءة السيناريو، لكنه لم يستمر أكثر من عام وعاود السفر مرة أخرى لكن لوجهة مختلفة وهي لبنان، ليعمل مساعد مخرج مع العديد من المخرجين اللبنانيين، ثم عاد إلى لندن بعد نكسة يونيو، وكوّن هناك تيارا سينمائيا جديدا، وقدم العديد من الأفلام.

عاد خان إلى القاهرة عام 1977 وكوّن مع بشير الديك ومجموعة من المخرجين جماعة سينمائية عُرفت باسم “جماعة أفلام الصحبة”، جمعتها رابطة الصداقة ومجمل القضايا والهموم الفنية والثقافية بشكل عام، وكان الهدف من إنشاء هذه الجماعة هو إنتاج أفلام ذات مستوى جيد وتقدم جديدا للشعب، وتتناول حياة المواطن وتفاصيل معيشتهم، والتي عُرفت بـ”السينما الواقعية”، وأنتجت تلك الجماعة فيلم واحدا هو “الحريف”، وبعده أنتج خان فيلمه الأول “ضربة شمس” الحاصل على الجائزة الذهبية التقديرية عن الإخراج، بأولى دورات مهرجان القاهرة الدولي، وكان من بطولة الفنان نور الشريف، وأثار من خلال أفلامه عشرات القضايا الاجتماعية والإنسانية، كان ختامها فيلم “قبل زحمة الصيف”، وقد مارس خان كتابة السيناريو لبعض الأفلام مثل “سواق الأتوبيس” الذي أخرجه عاطف الطيب عام 1982.

وفي حوار له مع شبكة «BBC» البريطانية عام 2014، عندما حصل على الجنسية المصرية، قال خان: “إن أصعب اللحظات التي مر بها في حياته هي تقديم جواز السفر البريطاني في مطار القاهرة للسفر”، ووقتها سأله موظف المطار عن جنسيته ولم يعرف ماذا يقول له فظل يستنكر داخله هذا السؤال، مؤكدا أنه ولد في مصر وتربى في شوارع القاهرة وأحيائها الشعبية. وكان خان يؤمن بأن الفن هو وسيلة تعبير الفنان عن وجهة نظره في كل شيء، ويمكن للفنان أن يقول ما يريد من خلال أعماله، وهنا تكون الرسالة أوضح، كذلك كان يرى أن السينما أنواع ومدارس، وكل شخص له قالب يبحث عنه، وهناك من يبحث عن الكوميدي أو الدرامي، وكل شخص له ميوله، حيث أن السينما مجال مفتوح للجميع كي يقدموا صناعتهم، وللمشاهد حرية الاختيار والتقييم.

ويقول الناقد السينمائي طارق الشناوي، محمد خان يمتلك قدرة كبيرة على معرفة كيفية اختيار الممثلين والسيناريوهات، ولديه أسلوبه الخاص الذي يميزه عن باقي المخرجين، من أقوال خان: “حتى لو جاءني سيناريو عبقري لن أخرجه، لأنه سيكون كاملا ولن يكون بحاجة لي”، وهو هنا يؤكد أن الحدوتة مكتملة ولا تحتاج له، وهو بذلك يعرف أن ما يستهويه في السينما هو الصراع المتجدد مع التكنيك، والوصول إلى شكل يتوحّد مع المضمون.

ويتفق مع ذلك الناقد كمال رمزي، والذي يرى أن خان استوعب كامل تراث السينما المصرية، حيث أنه اقتبس من كمال الشيخ جرأة النزول إلى المدينة، ومن صلاح أبو سيف الحس الشعبي من خلال الشخصيات القادمة من قلب الحياة أو بمكونات المكان، كما أنه استولى على شيء من رهافة عز الدين ذو الفقار، وربما يكون قد استفاد من جاذبية السرد عند نيازي مصطفى وحسن الإمام، ويختتم حديثه قائلا: “إنه زمن محمد خان بامتياز، فهو الذي كان يعرف كيف يثور على الحدوتة”.

هذا وكان خان يرتبط بعلاقات وطيدة مع كبار الممثلين والفنانين، إلا أن ذلك لم يحول دون حدوث بعض الخلافات فيما بينهم، كان من أبرزها خلافه مع الفنان الراحل أحمد زكي، حيث أثار فيلم “الحريف” الذي عرض عام 1983 خلافا بينهما، وذلك عندما أراد خان أن تظهر الشخصية بشكل بريء، في حين أن زكي رأى أن الشخصية متجهمة وأكثر تعقيدا، فقام بقص شعره نهائيا على الرغم من رفض خان لذلك، وهو ما جعله يستبدله بالفنان عادل إمام للقيام ببطولة الفليم، ومن هنا انقطع التعاون بين الطرفين حتى عام 1988، وبعد ذلك عاودا العمل معا مرة أخرى بفيلم “زوجة رجل مهم”، و”أحلام هند وكاميليا”، وفي يوليو 2015 انتقد خان الفنان هاني عادل من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قائلا: “لحظة لخبطة.. أعترف أني بتابع مسلسلين اثنين فقط، ومش ناوي أكتب عنهم دلوقتي”.

وتابع: “أول لقطة في حلقة إمبارح لحارة اليهود، هاني عادل في إسرائيل، إيه ده إيه ده.. ده أنا لسة شايفه بيدي نصائح في “تحت السيطرة”، نفس الشكل، نفس الدقن، وتقريبا نفس الانفعال، دي مأساة عمل الممثلين في أكثر من مسلسل في نفس الوقت، بيساهم في فقدان مصداقية العمل”.

لم يقتصر هجوم خان على الفنانين عند هذا الحد، بل إنه هاجم الفنانة “دنيا سمير غانم” عندما طرحت أغنيتها “لو كنت مكانك” على لقطات من فيلمه “فتاة المصنع” دون أخذ موافقته، وهو ما جعله يشن هجوما ونقدا عليها.

اقرأ/ي أيضًا| الموت يغيب المخرج السينمائي محمد خان

كما استبعد خان الراقصة دينا من المشاركة في فيلمه الأخير “قبل زحمة الصيف” لعدم توافق وجهات النظر بينهما. كذلك شن هجوما على المخرج أحمد عبد الله ووصفه بالمخرج المغمور، وذلك بعد استبعاد فيلم “فرش وغطا” لأحمد عبد الله من لجنة الأوسكار.

التعليقات