31/10/2010 - 11:02

عن أطياف أبي العبد: خواطر وحوارات.

خواطر وحوارات مع الراحل نواف عبد حسن

عن أطياف أبي العبد: خواطر وحوارات.
بقلم أحمد إغبارية

(خواطر وحوارات مع يتيم ثقافة الأيتام الصديق

الراحل نوّاف عبد حسن في ذكرى وفاته الأولى)



قبل النزيف

باسم الكأس

باسم السّمر

يفتح أزرار الليل

ويتحسّس الأقمار

رجل...

كثرته عشق غريب

وواحده أطياف

***

- ... أعشق كلّ النساء في امرأة واحدة ميّتة... ألا نذهب؟

- إلى أين نذهب؟

خطف البرق عينيه وقال:

- حيثما اتفقّ وكيفما صادف. ما أظنّ أحدًا يدري أو ينوي إلى أين سيذهب.. أُشعل عشرة بيوت بالنور وأنام مطفأ.. ألا نذهب!

- ما المسافة؟ ومن أيّ الطرق؟

- كل مسافة حبلى. كل طريق إنما هي رحم .. عشرة أذرع تتفتق من ذراعي لتشلّ.. ألا نذهب!

- من أين تأتي بهذا الكلام؟

- يأتيني.

- وكيف تسحب كل هذه الظلال؟

- تُثقلني لكنها تؤويني ..ألا نذهب!

- إلى أين نذهب؟



***

- هل جاء؟

- وحده جاء.

- هل حدّث؟ ماذا قال؟

- لم يغادر من متردّم.

- ماذا فعل؟ وهل علّم؟

- فتح كتابًا ليعلّم بالقلم.

- من التفت؟

- ... كان هو يتلفّت ...

- من تلهّف؟

- ... كان هو يتلهّف ...

- من غيره كان؟

وحده كان ... وحده ذهب.



***







النزيف

ضاقت بك الفكرة

احتقنت...

نزفت...

راحت إلى ملح جرحك

غمرت حبّك بالحبّ

وتلاحم فيك موتان



***

- يا نازفًَا وسرير الموت يحضنُه

هل خذلتك يد متهاوية ترحّبُ؟

- لا...

ولا توانى رأس رمش وهو يسترقُ

ولا خبا بعض فؤادي وهو يودّعُ



***

بعد النزيف

غرفتك مضاءة،

دالية ثكلى تشرئبّ إلى أوراقك العطشى،

وبين جيف الكتب..

سطور تحثّ الخطى إلى لحظة من لحظاتك.



تراك مررت خلسة؟ وإلا من أين يأتي هذا الصوت؟

- من ضفاف السديم. من أقصى مرامي الصدى.

- أتيت؟ فكيف أتيت؟

- أنا من الذين يأتون. كنت على سفوح العدم أثبّت أقدامًا، وعلى ناصية الصمت أقرع أجراسًا. وفجأة. اشتقت للتيه المسجوع. وكنت من مريديه. فنفخ المكان فيّ. وحملتني رائحة الطابون والقهوة، فقدمت على جناح الشعر.

- الشعر .. ! وهل تقرأ هذه الأيام؟ حدّثني ما تقرأ وما تتصفّح؟

- أقرأ: رسالة "الصمت العالي". رواية "العشق الصادي". وقصيدة عن قصيدة لي لم أتممها. فلأعد إليها.

- لم نرك بعد.

- طال مكوثي هنا، فأنا من الذين يعودون..

- أتعلم؟ أنت من الذين إذا غابوا يحضرون، وإذا فُقدوا يُعرَفون. تمكث ما دامت ذكرى، ما دامت قصة تروى..

- أنا من الذين وُلدوا لتطويهم ذكرى. لكن لا توجد ذكرى للفقراء. لا توجد قصة عن الفقراء. حكايتي لن تحكى. أهلي كما غادرتهم. والشّعاب كعهدها.

- أفهمك. لذلك أنت لا تقترب.

- كي لا أبتعد، وكي أختم القصيدة بمطلعها. هكذا ... أجمل.




التعليقات