31/10/2010 - 11:02

قال جميلٌ أنْ يَكونَ هُوَ النهر../ إبراهيم مالك

قال جميلٌ أنْ يَكونَ هُوَ النهر../ إبراهيم مالك
شاطرَني حُزني أخ ٌ
اصطفيته لصُحْبَتي
من بَيْن إخوتي الكثيرين
كعدد ِرَمْل ِالبَحْر،
لما في خُرّافِه ِ
مِنْ حِكمَة ِحَياة
نقاء ِحُلْم
صَفاء ِود
وألق ِوَعْد.
قالَ
وكانَ في حَديثِه ِمِسْحَة ُحُزن
يا صاحِبي!
يا شريك َحُلْمي
ونزيل َسِجْني
يا عَشيق َ انطِلاقات ِ
الفراش
في مراحاتٍ لم تشهد
دَعْسات ِجُنود،
قالَ
قِلّة ٌهُمُ الشعُراءُ المصطفون
يَشعُرُ واحِدُهُم
هذا أوانُ انكِماش ِما كان فيه ِ
مِنْ طين ٍوماء
يُغَيِّبُ ذاتهُ
في غفوَة ِنوْم ٍ سَرْمَدِيَّة
يرعى تجدُّدَهُ وانطلاقهُ
من قفصِه ِالأرضي
رَحْمُ ذاكرة لا تشيخ
ويرحلُ عَميقا ًوبعيدا ً
لِيَنْتفِضَ
على موتِه ِفلا يَموت
وَيَحفظ َ لنا وللآتين
ما كانَ مِنْ بَوْح ٍ
إيحاءات ِصَلاة
تجدُّد ِفينيق
وَشوَشات ِريح
بَحَّة ِقيثارة
نقاء ِحُلم،
قال َ
أشاطرُك العزاء َ
إذ أدرِكُ أيَّة َمَنْزِلة
كانت له في خلجات ِروحِك
وإن كنتُ لا أسْتسيغ ُ
رِثاء ًأو عَزاء ً
فيمَنْ
لا يقرُبُهُ مَوْتُ الذاكِرَة
المُتجَدِّدَة.
قالَ
إنَّ نجما ً
شعَّ ًفي سَماء ِ وَطَنِك
وطني ، وَطَنِنا المحلوم ِبِهِ
يظلُّ بُؤْرَة َضَوْء ٍتسْكُنُ
فضاء الأفق ِالغربي
لما سيبقى وطَنَنا
وَطَنا ًيفوحُ في فضائِهِ
عَبَقُ تينٍ وَزيْتون
وذَوْبُ أكواز ِرُمّان
نُحاسِيَّة ِالبَشَرَة
وما احْتُلِبَ من
عٍنَب ٍونخيل،
قالَ
هُو النهرُ
في اندفاعِِه ِالمُتجَدِّد
وقد بلغَ المَصَب
لِيصْبحَ قطرَة ً
هي البحر
تَتَشكّلُ منه وفيه
سحابة باقية
تخلِقُ فضاءها
لِتُحَلَِّقُ فيه ِأمَلا ً
بعِناق ِبَهاء َالقِمَم
فتستحيل
في لحظة ِمَخاض
قطرة َندى
أو حبَّة َمطر
تنزِلُ مِنْ عَليائِها
تتبادلُ الأنخابَ
مَعَ عُشْب ِالوِدْيان
تراقصُه
لِتتَجَدَّدَ منه وفيه،
حينها هتف صاحبي،
قأبهَجَني،
ما أجمَلَ أن يكونَ هو النهر،
غَمَرَني
لحْظتها شعورٌ خَفِيْ
فغالبت ُ عجزي ورحتُ
أشارِكُ صاحِبيَ الغِناء:

إنَّني أسْمَعُهُ خريرَ الماء
وقد غَمَرَ المَدى
ألمَحُه ُقادِما ًيُرَدِّدُ
صدى الحياة المتجدِّدَة
فغمرني فرحُ سَنابل
طَرْطقة ُمَزاريب
سقسقة ُماء ِجَداوِل
رَقصَة ُسِندِيانة
وزقزقة ُعنادِل،
داهَمَني إحْساس
وأنا أصْغي لِصاحِبي
أنّي رُحْتُ
في عِزِّ الظهيرة
أنظر إلى البَعيد ِالبَعيد
عَلَّ بُؤرَة َضوء ٍمُشِعّة
تلوح لعينييِّ الحالِمَتيْن
ومِنْ هُناكَ
تطلُعُ سَحابَة
تستحيلُ قطرة ندى
وحبة قمح.

التعليقات