14/06/2011 - 21:35

برفقة الأمل / أمير زريق*

كان يعدو برفقته الأمل في مثل هذا اليوم الربيعي المشمس بين حقول الزهر، يلتقط الصفير وسط الضحكات والصيحات، ليزين سلة البيض، ويصبغ مع انبثاق الحياة من المغارة طفولته، لعلها تعبق بعطر الزهور، لتسير واعدةً بغد مزهر.

برفقة الأمل / أمير زريق*

- بعدسة الفنان ضياء مصلح -

كان يعدو برفقته الأمل في مثل هذا اليوم الربيعي المشمس بين حقول الزهر، يلتقط الصفير وسط الضحكات والصيحات، ليزين سلة البيض، ويصبغ مع انبثاق الحياة من المغارة طفولته، لعلها تعبق بعطر الزهور، لتسير واعدةً بغد مزهر.

كان يلعب برفقته الأمل، ليكسر هدوء أول الليل بضربات كرةٍ وخفقاتِ قلب نابض بالحياة، متمردًا على سكون الليل الريفي، مطلقًا صرخات الحياة لتَهُبَّ مع نسمات المساء الباردة، طارقة جميع أبواب الحارة ونوافذ قلوبها.

كان يصغي برفقته الأمل لضربات المعاول ونغمات العود، تخرج من بين أصابع والده التي شققها الزمان، ليطمئنه بتحقيق حلمه الأبوي، ويهنئه بتفتح الزهرة التي زرعها ممزوجة بعرق الجبين وموسيقى الروح.

كان يقفز برفقته الأمل فوق الصخور والحجارة، في الحقول الوعرة، يقطف زهر النجاح زهرةً زهرةً، ليقدمها لوالدته التي أمضت النهار تراقب قلبها من نافذة البيت، فخورة بما وطئه من صخور، وبما جناه من زهور.

كان ينمو برفقته الأمل كزهر الصفير، شامخاً، ينظر إلى الأعلى، باحثاً عن غدهِ الذي تركهُ منتَصِباً في الأرض التي كبر بها، يزينها ببهائه ويحميها من شمس اشتدت حرقتها مع اقتراب الصيف، إلى أن احتضنته الأرض لتُغيِّبه عن ذاك الصيف.

كان يصعد برفقته الأمل على «سطوح» البيت ليشرف على بلدٍ افترشت التلال الممتدة تحت هذه السماء، ليختار لنفسه حيزًا في هذا الفضاء الرحب، ليختبأ وطفولَتهِ هناك، حيث يراقبنا، نغوص بالزمان ونحصي أيام الغياب والعبرات.

كان يحمل حقيبته المدرسية برفقته الأمل، سائرًا بخطى واثقة، ليمتاز بدراسة العلوم وقواعد اللغة، دون أن يطّلع على قواعد الطفولة التي أتقنها حتى الاحتراف، وأبى أن يفترق عنها، إذ بقي ملتصقاً بها حتى النهاية.

كان والأمل رفيقين حميمين، لا يفترقان إلا ليذهب كلٌّ منهُما إلى حلمِهِ، هذا الحلم الذي انتزعه عن أمله..

فترك الأملَ يكبُرُ بيننا، وغاب.

 

* عيلبون - فلسطين

ameer.zr@gmail.com 

التعليقات