06/05/2020 - 13:25

التعلم عن بعد نتائج واستنتاجات وتجارب ذاتية

لم تكن هناك قواعد ممأسسة ومهيئة لذلك، مهنيا وتقنيا وماديا أيضا، الأمر الذي خلق فجوة لا بأس بها في فائدة الطلاب التعلم عن بعد

التعلم عن بعد نتائج واستنتاجات وتجارب ذاتية

من نشاطات الأولاد في فترة الحجر

على عتبات العودة إلى الحياة الطبيعية بعد أن عاش العالم أجمع فترة شهرين من العزلة والانقطاع شبه الكامل، بسبب الحجر الكوروني القصري لحماية الأفراد، هذا الحجر الذي جاء بعدة أشكال وكان حتميا لكل العائلة. الأولاد والأهالي عاشوا فترة كانت سابقة لم تكن في الماضي إلا نادرا، هذه التجربة تعلمنا منها الكثير وفيها جوانب إيجابيه وأيضا سلبية، عاش الأهل فيها أياما صعبة وواجهوا تحديات جمة أمام أنفسهم وأولادهم، اضطروا لمواجهة التعلم عن بعد، وهي تجربة بحد ذاتها جديدة وليست سهلة على الأولاد والمربين والجهاز التعليمي ككل والأهل. لم تكن هناك قواعد ممأسسة ومهيئة لذلك، مهنيا وتقنيا وماديا أيضا، الأمر الذي خلق فجوة لا بأس بها في فائدة الطلاب من ذلك، فهم احتاجوا لمساعدة الأهل لنجاعة التعليم، وهنا كانت مشكلة لأن الكثيرين من الأهل لا توجد لديهم المعرفة الكافية للمساعدة ولا الإمكانيات لشراء حواسيب لأولادهم وعوائق أخرى كثيرة.  

للتعرف عن كثب عن تلك التجربة كان لنا لقاءات مع أمهات تربويات، خضن التجربة مع أولادهن، كن عاملات عبر الشاشات عن بعد ومساعدات لأطفالهن الذين احتاجوا للمساعدة، من نواحي مهنية وشخصية نقدم تلك الحوارات في موقع والدية.

1- السيدة جنان نخلة مستشارة تربوية في مدرستين 

2- السيدة سحر نخلة مستشارة تربوية في مدرستين

3- الدكتورة منار حداد محاضرة جامعية ومرشدة قطرية وتعمل في مختبر النطق والسمع    

 

جنان نخلة - مستشارة تربوية - عاطف وعدي

 

 

    جنان نخلة

مستشارة تربوية

 

 

المشاعر الأولى المرافقة التي كانت: خوف، رعب، شعور بالخطر، قلق مستمر.

كمهنية أعلم أن التفكير بالخوف والقلق يجب مواجهته والتفكير به بشكل واقعي، وهنا الإمكانيات التي أمامنا للتغلب عليه:

- احتواء الخوف

- عمل لا شيء

- التجاهل ونكمل بشكل عادي وكأنه غير موجود، وطبعا الحالة الثانية والثالثة غير صحية على الإطلاق

من أجل الحصانة النفسية قمت بما يلي:

- اخترت الطريقة الأولى للحديث عن المشكلة مع الأولاد بمقدار معين وواضح ومناسب لجيلهم وهذا ساعدني لمواجهة الصعوبات وساعدهم، فأقمنا حوارا يوميا عن وجودنا في البيت وأزمة الكورونا.

- مشاركة الأفكار والمشاعر المقلقة لا تدل على ضعف بل بالعكس الصمت عنها غير مجد.

- الولد يحس بما يحس الأهل تماما ويتأثر بهم من تعابير الوجه ونبرة الصوت، فالصوت الهادئ والهدوء يساعد الأولاد كي يكونوا واعين لما يدور حولهم ويساعدهم على التركيز أكثر وتخطي الأزمة.

- التهدئة الفيزيولوجية من خلال الحركة الدائمة وأخذ النفس الصحيح.

- استعملت تقنية ال Zoom Out وهي التركيز على الأشياء ورؤيتها من أعلى لكي أرى الصورة واضحة أكثر وليس من زاوية واحدة فقط..

- عمل فعاليات مشتركة ومختلفة:

 موسيقى، تخصيص زاوية أشغال يدوية فيها مقصات ألوان وغيرها، مشاهدة تلفزيون، ألعاب تفكيرية. 

التعليم عن بعد، حسنات سيئات استنتاجات:

لم نمر بأزمات مشابهة سابقا والتعلم والتعليم ضغطنا طبعا، فأنا شخصيا لا أميل لعالم الحواسيب والشاشات الأمر الذي صعب الموضوع عندي، في البداية كان صعب ولكن كانت لدي مرافقة يومية تعلمت منها الكثير من الزملاء والمفتشة التي رافقتنا، كنا 98 مستشارة نعمل معا عبر الشاشات عن طريق تطبيق "زوم" الذي برز دوره في هذه المرحلة.  

العمل والتعلم والتعليم بالإضافة لمهامي ومسؤوليتي تجاه تعليم أولادي، هذا أصعب من التواجد بالمدرسة بكثير.

من حسنات المرحلة:

- شخصيا لم أتضايق في البيت خاصة بعد أن تعودت أصبح هناك ثباتا بالنسبة لتنظيم الاجتماعات بدأت أستمتع نوعا ما.

- جو العائلة كان ممتازا، تقربنا مع بعض وعملنا ورشات وفعاليات مشتركة.

هل التعلم عن بعد هو نموذج جديد ؟

- المدرسة لا بديل لها اجتماعيا للطلاب والمعلمين، لا يوجد بديل للتعليم عن قرب والتعبير الإنساني، لغة الجسد مهمة جدا عاطفيا وشعوريا لتطوير المهارات.

- الفائدة التعليمية أعتقد أنها لم تزد عن 50%، وهذا يرجع للأهل لأن الطلاب احتاجوا الأهل لمساعدتهم على الفهم، المعلم هو شخصية مركزية في حياة الطلاب والعملية التعليمية، والتعلم يجب أن يكون ملموسا حيث توجد للطلاب قدرات ذهنية متفاوتة، وكذلك القدرة على التركيز والانتباه، وأيضا لتمرير المواد بأساليب مدروسة ومهنية. 

- تعلمت الكثير من التجربة وأهمها التعامل مهنيا كمستشارة تربوية في حالات الطوارئ.

- أشتاق للرجوع للمدرسة من كل النواحي وأولادي أيضا ينتظرون بفارغ الصبر. 

تخوفي الوحيد هو من ناحية المواد التعليمية، هم خسروا شهرا تعليميا كاملا ولكن لا بأس.

 

سحر حنا- مستشارة تربوية -لور -أيمن 

 

    سحر نخلة

مستشارة تربوية 

 

 

 

 

 

- لهذه التجربة جوانب إيجابية، كونها مؤقتة، أعطت مجالا للأهل، خاصة في البداية، الاهتمام بأولادهم أكثر لأن ذلك كان ينقصنا جميعا وهو عامل الوقت، على الصعيد الشخصي تفرغت لأولادي لأن ضغط الحياة اليومية يمنعنا عادة من القيام بمهامنا الأسرية على أكمل وجه. دخلنا أنا وزوجي أكثر لعالمهم، طورنا جوانب بشخصياتهم واستقلاليتهم بهدوء، بمساعدة ودعم أكثر.

- على صعيد العائلة تقاربنا أكثر، اخترعنا ألعابا معا، كانت لحظات ممتعة أخذت شكلا آخر.

- تحررنا من الحياة الضاغطة ومن متطلبات اجتماعية ومن مشتريات وغيرها، تركيزنا كان على نواة البيت الذي تحول إلى كل شيء بتفرغ كامل.

- في البداية كان متعة لنا، كان همنا أن نقضي على ملل الأولاد بتفعيلهم.

السلبيات:

- مع دخول التعليم عن بعد أصبح الأمر متعبا جدا لي ولهم، فتفعيل الشاشات طيلة الوقت كان مرهقا.

- العزلة الاجتماعية لمدة شهر أفقدت الأولاد الكثير وخاصة المهارات الاجتماعية التي تتطور ومهمة في هذا الجيل، فهم انقطعوا عن أصدقائهم، وهذه الديناميكا في العلاقات المشتركة مهمة جدا لهم.

- التشتت بين كل المهام معا ومرة واحدة، دائما مطلوب مني بين مدرستين أنا مستشارة تربوية لطاقمين لدي زملاء وطلاب وتلفونات وواتس أب، تحضير للاجتماعات عبر "الزوم" هذا تطلب العمل حتى ساعات متأخرة.

- من ناحية أخرى الضغط مع الأولاد لمساعدتهم للتعلم عبر الشاشات، وهذا شكَّل ضغطا كبيرا لي ولهم بالإضافة للعمل المنزلي والأكل والطبخ.

عن التعليم عن بعد:

أعتقد بعد التجربة أن التعليم عن بعد له:

 إيجابيات ولكن من الممكن أن يكون مكملا وليس بديلا.

- لدينا القدرة أن نصل للطلاب في أي وقت وفي ساعات مريحة اكثر.

- هنالك طلاب في الحياة المدرسية الاعتيادية من الصعب أن يكونوا في المركز في الصف ولا يستطيعون التعبير عن أنفسهم، ولكن في التعلم عبر الشاشة، تفتحت لدى هؤلاء  إمكانيات ونتائج ومشاركة كانت مفاجِئة، وهذا الأمر معروف بالنسبة لعالم الشاشات فوراء الشاشات يكون الأمر مختلف بالنسبة للتعبير. 

- استعمال طواقم التدريس لآليات جديدة ممكن أن تستعمل في المدرسة أيضا، فهم أُجبروا على تعلمها واستعمالها.

- المعلم يواجه مشاكل سلوكية أقل. وهذا جانب ممكن أن يكون سلبيا أيضا، فالجانب الشعوري للطالب والتحدث إليه والتواصل معه مهم في العملية التربوية.

سلبيات:

- إقبال الطلاب على التعلم عبر الشاشات لم يكن كما يجب، وهذا الأمر متوقع، ففي المدرسة تجنيد كامل تقريبا لكل الطلاب.

 - صعوبة التواصل والوصول للطلاب عبر الشاشة أحيانا كانت الأسئلة أشبه بالتحقيق يفقد الجانب التلقائي.

اشعر به توصيل الرسالة بلغة الجسد فعبر الشاش

بالنسبة لأولادي:

 - النجاعة في التعلم عن بعد بالنسبة لأولادي ورغم الضغوطات كانت جيدة نسبيا، كرست وقتا لهم ووجهتهم، كما هو مطلوب، فزادت استقلاليتهم، ولكن من ناحية النجاعة العامة للتعليم ليست عالية، تصل ل- 30-40% ربما، لأن ذلك يتطلب من الأهل المعرفة لكي يستطيعوا تعليم أولادهم بالأساليب الملائمة وهنا فكرت جليا بهؤلاء الأولاد الذين لا يستطيعون تلقي مساعدة من أحد وهنا الدور الأساسي للأهل.

- في التعليم الجامعي لدى طلاب كبار في الجيل الإقبال والفائدة كانت أيضا غير المرجوة.

- نظام التعلم في المدارس نظام يحصر الطالب فقط في التعليم، والتعلم من بعد كبديل يجب أن يكون مركزا أكثر ومدروسا أكثر كمكمل للتعليم المدرسي.

- العودة للحياة العادية يجب ألا تكون سريعة وكأن شيئا لم يكن يجب أن نقف عند تجربتنا في الحجر، نتعلم ونستنتج العبر.

- من ناحية أولادي يتلهفون للعودة للأصدقاء والمعلمين.

- للمعلمين الدور الأساسي كونهم الشخصية السلطوية بعد الأهل منهم يتعلم الأولاد الكثير وهم رموزا لهم.

- يوجد طلاب، الأكبر جيلا، خرجوا للعمل وتوجد لديهم أعتقد صعوبة للرجوع لمقاعد الدراسة. 

أهم ما اكتُسب في هذه المرحلة مهارة الإدارة الذاتية للأهل والأولاد والمعلمين

د.منار حداد-مختبر لغة ودماغ - جواد - تامر

 

 

   د. منار حداد

مختبر لغة ودماغ 

 

 

 

بالنسبة للتعليم عن بعد أنا معتادة على القيام به وإعطاء محاضرات وكورسات محوسبة، الفرق هو بكمية الشغل وزيادة المسؤوليات. 

من حسنات التعليم في هذه المرحلة:

- لم ننقطع عن طلابنا.

- من ناحية اقتصادية بقيت أمامنا ضمانات قائمة لم تتغير وثابتة،

- للعمل والانشغال والإنتاج أهمية قصوى في فترة العزلة التي عشناها.

صعوبات المرحلة:

الصعوبة كانت بأنه بالإضافة لعملي الشخصي، كانت لدى أولادي مهام ووظائف عبر الشاشات، وهذا صعب وغير معتادين عليه، الأمر الذي تطلب مرافقتهم كونهم غير مستقلين بعد، بالإضافة للاهتمام بالأكل والمطبخ والبيت، والمسؤولية أيضا في عدم ضجر الأولاد بل تفعيلهم دائما، ولا توجد مساعدات خارجية، زوجي وأنا كنا نعمل من داخل البيت نركض بين الأشياء، كنت أشعر بالقصور أمام مسابقات الفعاليات في البيوت التي تكاثف نشرها إلى حد "الفيضان" في شبكات التواصل الاجتماعي وأيضا المهام والفعاليات التي أرسلت لنا كانت أكثر من اللازم وأدخلتنا في ضغط بدون أن يكون دراسة حقيقية لمضمون الفعاليات.

- كون المعلمين لم يكونوا مهيئين للبرنامج خلق حالة من عدم الوضوح والبلبلة، الأمر كان ضاغطا. لم تكن لدي ساعات فراغ ابدأ أعمل في الليل المتأخر.

- عدم السيطرة على الأولاد في تنظيم الحياة والوقت، من عادات النوم والأكل والدرس فكانت فوضى.

- لم تعد وظائف محددة لكل واحد في الحياة لكل أفراد العائلة.

- في حالات الضغط نحن لا نستطيع أن نعطي الولد بشكل صحيح، وهنا تحولنا كأهل لشخصية مركزية لكل شيء بدون عوامل داعمة أخرى تعليم للأولاد ومساعدة لهم، كان مرهقا لأولادنا ولنا.

نحن غير متعودين لتطوير مهارات قيادية يجب أن نهتم لها مستقبلا لتطوير المهارات القيادية

أسلوب التعليم والمهارات التعليمية:

- في الحقيقة نحن كمهنيين نملك نلك الأدوات الممكنة إن كان اقتصادية أو معرفية من ناحية أساليب تعليم وما شابه، ولكن ماذا عن الأهل الذين كانوا ضحايا وصوتا غير مسموع، لا يعرفون، لا توجد لديهم أساليب لنقل المواد ومساعدة أولادهم ولا توجد لديهم قدرات مادية لشراء الحواسيب لهم، وحتى خطوط إنترنيت لم تتواجد عند البعض لمتابعة الدراسة.

- هنا أصبح الوضع أننا نقوي القوي ونضعف الضعيف الفجوة زادت، أولاد فقدوا البوصلة، طلاب أكملوا وآخرون ضاعوا وهم جزء كبير.

- التعلم عن بعد ليس كافيا ولا عادلا أيضا ولمن لا توجد لديهم إمكانيات لذلك، فكثير من الأهل أصابهم  الشعور بالذنب نتيجة عجزهم أمام أولادهم، ووضعهم النفسي والمادي تضعضع.

 عملي الجامعي (جامعة تل أبيب) وكتابة المقالات تأخرت كوني لم أكن متفرغة ولا مركزة في عمل واحد ومكان واحد، كان العمل دائما طارئا واستثنائيا وعبر الشاشات.

- الشاشات لعبت دورا كبيرا جدا في حياتنا وحياة الأولاد استغنينا عن الكتابة بالقلم وأهميتها بالنسبة للأولاد، الكتابة وتطوير الحركة الدقيقة واكتساب المهارات أصبحت فقط في الشاشات واستعمالاتها.

- من معايير تقييم التعليم الجيد هي قدرة المعلم على التقييم وفهم قدرات الطالب وملاءمتها للأولاد الآخرين، لا يوجد وسائل للتواصل للتقييم الحقيقي، خطة نجحت جزئيا ولكن لا تقييم.

أخيرا:

- تعلمت الكثير عن نفسي وعن أولادي الجو كان في العائلة رائعا، تجربة وفرصة للتعلم عن آخرين استطعت معرفة شخصيات المعلمين لأولادي وأساليب تعليمهم لأكتشف أمور عن أولادي في التعليم ربما غابت عني سابقا.

- يجب أن نتعلم من هذه التجربة لمستقبل أفضل وندخل التغييرات على مناهج التعليم بالعمل على تطوير المهارات العاطفية للأولاد ومهارات إدارية لليكونوا أكثر إبداعا وأكثر استقلالية في إدارة شؤونه الذاتية.

- تعلمنا التصرف والعمل في حالات الطوارئ والساعات الحرجة ويجب تطويرها.

-للتطور التقني كان قفزة كبيرة في هذه المرحلة، يجب أن نستغل ذلك ونطوره ولكن دون إلغاء التعليم المدرسي. 

أجرت اللقاءات: سوسن غطاس موقع والدية برعاية عرب 48

 

التعليقات