د.عزمي بشارة لـ "العرب" القطرية: إسرائيل تسبق أميركا في طرح الأفكار فيما يتعلق بفلسطين، ولا يوجد أمن قومي عربي بل أمن أنظمة..

د.عزمي بشارة لـ
خص المفكر الفلسطيني القومي الدكتور عزمي بشارة «العرب» بحديث شامل انصب أساسا على عناوين الوضع الفلسطيني في خضم الحصار المضروب على غزة، مرورا بالموقف العربي من تطورات الساحة الفلسطينية ووصولا إلى الحصيلة النضالية للتجمع الوطني الديمقراطي ضمن الحركة الوطنية في أراضي 1948.

يعتبر المفكر الفلسطيني أن إسرائيل باتت تجاهر بسياسة العقوبات الجماعية للفلسطينيين بسبب انتخابهم لحماس، منكرا على بعض الأطراف في السلطة محاولة استغلال حالة الحصار المضروبة على غزة لحسم القضايا الوطنية الخلافية وترجيح كفة الصراع الداخلي. وحذر من ركوب اللعبة الإسرائيلية الهادفة إلى إقناع الشعب الفلسطيني بأن حكومة غزة فشلت في إدارة شؤونه.

يذكر بشارة بأن الهدف من أي عملية سياسية ليس ذاتها، بل الوصول إلى الحل السياسي، معتبراً أن العملية السياسية الطويلة الأمد أمر غير طبيعي لدى حركات التحرر، بل هي لا تحصل إلا حينما تصبح القوة المحتلة جاهزة للمرور نحو الحل الدائم المتمثل في إنهاء الاحتلال.

وحول سؤال التأثير الأميركي على إسرائيل، يرى د.بشارة أن واشنطن لم تكن أبدا محفزا لإسرائيل بل تجري خلفها في الخيارات المطروحة، ليخلص إلى أن الترابط الاستراتيجي مع إسرائيل جزء من الأمن القومي الأميركي.

وبوصفه أحد رموز النضال الفلسطيني في أراضي 1948، قال الدكتور عزمي بشارة الذي تلاحقه السلطات القضائية بإسرائيل بتهمة «التعاون مع جهة معادية»، إن اختيار دخول الكنيست كان لمعالجة القضايا اليومية للمواطنين معالجة نضالية وليس عبر التوسط لدى السلطات، موضحا أن فلسطينيي 1948 طرحوا لغة تزاوج بين القومية والمواطنة، وكانت أمضى سلاح ضد الصهيونية.

 ما هي دلالات الحملة القمعية الإسرائيلية مباشرة بعد محطة أنابوليس التفاوضية؟

- ما يجري جزء من الظاهرة برمتها. بالنسبة لإسرائيل لا إمكانية لتحقيق حل دائم في الوقت الراهن. وسلوكها يكشف عن تكامل واضح بين النهج التفاوضي والسلوك القمعي. التفاوض في قاموس الاحتلال هو إدارة أزمات لمنع حدوث الانفجار ولتجنب حل للمشكلة في نفس الوقت. إسرائيل تستخدم القمع لدفع الفلسطينيين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات وتستخدم المفاوضات للتغطية على القمع.

 جاء التصعيد الإسرائيلي عقب جولة الرئيس الأميركي بالمنطقة. ما قراءتكم لهذا التوقيت؟

- زيارة بوش غريبة. بدا مثل إمبراطور يزور مستعمراته، وهو لم يتلق دعوة بل كانت الزيارة بمبادرة منه. وقد أحرج دول الاستقبال بمهاجمة الجيران. تجاوز أصول اللياقة الدبلوماسية ليهاجم من عاصمة بلد عربي الدولة الجارة. كانت زيارة بوش ردا على استضافة قمة مجلس التعاون للرئيس الإيراني أحمدي نجاد. جاء بوش ليطرح على حلفائه خطا صداميا مع طهران لا يريدونه. أما فيما يتعلق بفلسطين، فإن ما ميز زيارته أنها جاءت بعد أنابوليس لتجعل ما كان مستترا سياسة علنية، أقصد تحويل رسالة الضمانات التي وجهها لشارون إلى السياسة الأميركية الرسمية تجاه القضية. وللتذكير فإن أساس الرسالة تفهم واشنطن لمواقف إسرائيل القاضية بعدم الانسحاب إلى حدود 1967، عدم عودة اللاجئين، عدم التنازل عن القدس.

 ترتسم في الأفق الانتخابات الرئاسية الأميركية. ما هي مفاعيل هذا الاستحقاق على السلوك السياسي الإسرائيلي؟

- في العقود الأخيرة، لم ألاحظ أن نتائج الانتخابات الأميركية تؤثر على سياساتها في المنطقة. الانتخابات فيما يتعلق بالمنطقة العربية والشرق الأوسط لا تعني الكثير، لأن المرشحين عموما لا يعرضون سياسات مختلفة، ولأن القضية الفلسطينية تحديدا في تقسيم العمل القائم بين إسرائيل وأميركا في المنطقة هي ملف إسرائيلي بالدرجة الأولى، كما أن الملف العراقي أميركي. واشنطن لم تكن أبدا محفزا لإسرائيل بل تجري خلفها في الخيارات المطروحة. أوسلو كانت استنتاج رابين وليس كلنتون، والدولة محدودة السيادة هي استنتاج شارون وليس بوش الابن. الترابط الاستراتيجي مع إسرائيل جزء من الأمن القومي الأميركي. نتائج الانتخابات الأميركية قد تعني بعض الأمور بالنسبة للعراق ولبنان وسوريا، حيث قد تختلف المقاربات بين جمهوري وديمقراطي، أما تجاه إسرائيل فلا ينبغي توقع تغيير جوهري. السلطة في الولايات المتحدة تتداول تحت سقف أمن قومي متوافق عليه، وفي التاريخ الأميركي، كانت محطات الانقلاب في السياسات الخارجية قليلة، وحتى في هذه المحطات الكبيرة، لم يحصل تغيير جدي في الالتزام الأميركي تجاه إسرائيل.

 يقرأ البعض في الحصار الإسرائيلي لغزة محاولة لترجيح كفة أطراف على أخرى في الساحة الفلسطينية. ما رأيكم في ذلك؟

- الإسرائيليون باتوا يجاهرون بهذه السياسة. إسرائيل تعاقب الفلسطينيين جماعيا على اختيارهم لحماس، وهي تعتقد أن الضغط على السكان قد يدفعهم إلى الاستنتاج بأن الحكومة غير قادرة على تأمين حاجياتهم وعلى التصرف كحكومة مسؤولة عن جمهور معين. هذه السياسة أصبحت معلنة، علما أن الضغط على المدنيين بالإكراه والعنف لإحداث تغيير في سلوكهم السياسي هو بالضبط التعريف الأميركي للإرهاب، وهذا ما يجري في غزة. للأسف هناك أوساط في الشارع العربي تحاول التحدث بلغة إسرائيل بالقول إن الوضع يعني فشل حكومة حماس. مثل هذا الاستنتاج في سياق الضغط الإسرائيلي الحالي أمر خطير، لكونه يسوغ محاكمة قيادات الشعوب من حيث قدرتها على التفاهم مع المستعمر على تلبية الحاجات المعيشية للناس. أذكر في الثمانينات أن شعارنا الرئيسي في الداخل كان هو رفض بدائل لمنظمة التحرير الفلسطينية، حينما كانت إسرائيل تنصب بدائل تدعي أنها قادرة على تلبية حاجات السكان، من قبيل قيادات قروية أو اجتماعية، تتوصل إلى تفاهمات مع السلطات الإسرائيلية لإعطاء رخصة عمل، بناء، علاج، تنقل. كنا نقول إن هذه قيادة عميلة، ونحن نصر على منظمة التحرير. ذلك لأن جوهر المسألة ليس تفاهما مع الاحتلال على شروط الحياة المادية بل إيجاد حل لقضية الاحتلال نفسه. الذي حصل أن قسما من قيادة المنظمة، بعد أوسلو، أصبح يلعب هذا الدور ويفاخر به قائلا: أنا قادر على التفاهم مع إسرائيل لتأمين حاجات الشعب. هذا خطير، لا ينبغي أن تحشرك إسرائيل في هذه الزاوية. أن تكون مقبولا لدى الشعب لأنك قادر على التفاهم مع سلطات الاحتلال دون زوال الاحتلال نفسه. يجب قطع الطريق على إسرائيل لممارسة هذه اللعبة. في اليوم التالي لحصار غزة، خرجت أصوات تخاطب حماس: استنتجوا أنكم فشلتم في إدارة غزة، سلموا لنا القطاع. ماذا يعني هذا؟ إن هذا الطرف يريد أن يحصد نتائج الاحتلال. لدي خلاف مع حماس على استلام السلطة، لكن أرفض أن يكون الحصار أرضية لحسم قضايا وطنية. هناك سقف وطني يضم الجميع، ويجدر أن يبقى اختلافنا تحت هذا السقف، ولا نسمح للاحتلال بسحب الأرض من تحت أرجلنا، أو يصبح الاحتلال سقفا بديلا. أنا هنا لا أستطيع أن أكون محايدا رغم أني لست متفقا مع حماس. الموضوعية هي تقديم الشهادة على الحق. لقد حصل خطأ جوهري، بل خطيئة. حماس ارتكبت أخطاء لكن ارتكبت خطايا بحقها، من خلال محاولة تجاوز نتائج ديمقراطية بالحصار أو معاقبة نهج المقاومة، أو محاولة إقناع الناس بأن نهج المقاومة لا يفيد وأن التفاوض مع الاحتلال هو الحل.

 في خضم هذه الاحتقانات في الوضع الفلسطيني، يحتدم النقاش حول نجاعة نهج المقاومة، ميدانيا وسياسيا. كيف تقاربون هذا الجدل؟

- يجب أن يوجه السؤال إلى من يعادي إطلاق الصواريخ على إسرائيل. إن كان يعادي نهج المقاومة إجمالا فهذا رأي، أما إن كان النقاش حول النجاعة الميدانية وسؤال الشكل المناسب: إطلاق صواريخ أم استهداف جنود.. أم غير ذلك، فهذا نقاش مشروع، لكن مثل هذا النقاش يبقى دون أساس موضوعي لمباشرته مادمنا أمام تيار يعول تماما على المفاوضات، ويتعهد بإزالة «البنية التحتية للإرهاب». لا يمكن إجراء نقاش موضوعي بين طرفين أحدهما لا يؤمن أصلا بنجاعة المقاومة ككل. في حين إن تم تبني فكرة أن نهج أنابوليس لا يمكن أن يكون الحل، وأنه لا يمكن وضع كل أوراق اللعبة بيد أميركا وأن بعض الأوراق ينبغي أن تظل في يد الجماهير من خلال المقاومة، فحينئذ يمكن فتح نقاش حول أفضل سبل المقاومة. الآن هناك تشكيك متبادل في النوايا لا يمكن من بلورة أرضية مشتركة للنقاش. ينبغي أن نتذكر أن الهدف ليس العملية السياسية بل الحل السياسي. العملية السياسية الطويلة أمر غير طبيعي لدى حركات التحرر. حينما تصبح القوة المحتلة جاهزة تحصل العملية السياسية كممر نحو الحل، وهو إنهاء الاحتلال. التفاوض دون قاعدة مقاومة يعني التضحية بأوراق اللعبة وإنشاء فئة مستفيدة.

 بمجرد ضرب الحصار على غزة والتداعيات المعيشية الناجمة عنه، أصبح عنوان الوضع في فلسطين هو المعابر، ألا يعني ذلك نجاح إسرائيل في فرض عناوين مرحلية؟

- هذا تشخيص حقيقي. الوضع المعيشي يصبح هو الموضوع وليس الاحتلال. الانجرار وراء ذلك خطير. المسؤول عن تدهور الوضع المعيشي في غزة وغيرها هو الاحتلال. الناس تقارن بين غزة والضفة الغربية. هل تصح مقارنة غزة مع الضفة أم مقارنة غزة المحتلة بأرض حرة؟ ثم إنه ليس هناك فرق بين غزة والضفة على المستوى المعيشي. الضفة نفسها في حال حصار، وتحتاج فقط إلى قرار إسرائيلي. حاليا، إسرائيل تفرض حصارا على غزة لأهداف سياسية، بينما تقضي أهدافها في الضفة بالسماح بنوع من الرفاه النسبي. لكن، حالما تغضبها السلطة كما فعل عرفات، يعلن الحصار. عناوين القضية الفلسطينية ترقص حسب الإيقاع الإسرائيلي مما يؤدي إلى تخفيض سقف المطالب الفلسطينية. ينبغي التركيز على أن الاحتلال هو الموضوع. ثمة أمر آخر ينبغي الالتفات إليه. أغلب أهالي غزة لاجئون من جنوب فلسطين. وقضيتهم كلاجئين في غزة ينبغي أن تطرح بحدة. إسرائيل ستجعل من عام 2008 عام احتفالات بستينية الاستقلال (النكبة). هذا الوقت مناسب للتشديد على الأولويات، وأنا من منبر «العرب» أسأل: هل أقامت الجامعة العربية لجنة لإحياء ذكرى النكبة. نحن سنفعل ذلك حيثما تواجد الشتات الفلسطيني. هذا العام سيكون إحياء ذكرى النكبة لتذكير العالم بأن قضية فلسطين ليست أراضي 1967 فقط وأن حق العودة يهم فلسطينيي 1948 أيضا. لن نسمح لإسرائيل بالهروب من مسؤولياتها نتيجة لخلاف غير مسؤول فلسطيني - فلسطيني.

 الوضع الحالي في غزة في ظل فك الارتباط الإسرائيلي يعود بالأذهان إلى بعض الأدبيات الصهيونية التي أوصت بالتخلي عن القطاع. ما السيناريوهات القائمة بخصوص مستقبل غزة؟

- فك الارتباط الإسرائيلي مع غزة جاء نتيجة لإدراك إسرائيل بالكلفة الإنسانية الباهظة لإدارة القطاع. إسرائيل لن يكون لها مانع من فصل غزة وضمها إلى مصر. ما يمنع هذا السيناريو هو وجود شعب فلسطيني صامد، ووجود قضية أرض واحدة محتلة بضفتها وقطاعها. إسرائيل تحاول التخلص من وجع رأس غزة، دون أن تخلص الشعب الفلسطيني من وجعها، وهذا غير ممكن. هذا ليس احتلالا بالمعايير الكلاسيكية للاحتلال. الأمر يتعلق بسجن جماعي، وإلا فما معنى التحكم في حرية حركتك، وفي غذائك ودوائك وإنارتك. الآن، حراس السجن انسحبوا من داخله، وحوطوه من الخارج.

 هل تتوقع أن تفضي التحركات التي تشهدها القاهرة إلى استئناف الحوار بين السلطة وحماس؟

- هناك طرفان أحدهما يتحدث عن حوار بشروط. الطرف الذي يضع شروطا لن يغير موقفه دون حصول ضغط عربي حقيقي. هذا الموقف ليس مزاجيا، بل نتيجة التزامات وارتباطات فيما يسمى بالتسوية التي ارتبط بها وجوديا. هو ملتزم تجاه إسرائيل بعدم محاورة حماس، ومادام ربط مصيره بالتسوية، فلن يحصل هناك حوار حقيقي. شخصيا، لا أتوقع أن يستنتج أطراف السلطة ذاتيا أن فشل المفاوضات مع إسرائيل يفرض الذهاب إلى وحدة وطنية مع سلطة غزة. ذلك لأن المفاوضات أصبحت شرطا وجوديا لهم، وهم يصرون على إنجاز شيء هنا وآخر هناك، وتحديد أجندة مفاوضات تلو الأخرى.

 في كثير من التجارب السياسية، يفضي التقاطب الثنائي إلى بروز قوة ثالثة تقدم بدائل للانسداد القائم. هل من إمكانية لتحقق مثل هذا التطور في الحالة الفلسطينية؟

- في فترة المآزق حيث تتوزع مواقف الشعب الفلسطيني بين الفصائل الرئيسة، من الصعب بروز قوة ثالثة. في الحالة الفلسطينية، ومنذ أوسلو، فإن كل محاولة لتشكيل تيار ثالث واجهت الفشل بسبب الاستقطاب الذي تمارسه الفصائل الرئيسية. لا أدري إن كان الوضع مناسبا لتشكيل حركات سياسية بديلة خاصة أن النقاش السياسي الأساسي يدور في الضفة وغزة، في حين لا يمكن استمرار تهميش الشتات الفلسطيني. في لبنان، هل يستمرون في هذه التعاسة، دون توطين ودون مقاومة، دون إقامة ودون مواطنة. أحد ما يجب أن يقول لهم ماذا يفعلون، هل يبقون فريسة شاكر العبسي!؟ ثمة خطر لحدوث ضياع حقيقي للمرجعية بالنسبة لهؤلاء. ينبغي إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير. قضية الاستقطاب مطروحة في مجمل الساحة العربية، والثنائيات بدأت تسقط. القول بأن الاختيار هو بين الأنظمة العربية أو الحركات الإسلامية لم يعد له نفس المصداقية. الفترة المقبلة ستكون حبلى بالأحداث والتحولات السياسية نتيجة «التعب» الفلسطيني والعربي. هذا لا يعني انمحاء التيار الإسلامي، بل سيضطر إلى التغير، وهذا ينطبق على حماس، حرج المرحلة سيفرض حوارات وصيغاً جديدة بوجودها ومعها، إما في إطار منظمة التحرير أو ضمن حوار مع قوى علمانية ديمقراطية.

 كان اندلاع أزمة المعابر اختبارا للنظام الإقليمي العربي من حيث دبلوماسية إدارة الأزمات. كيف تقيمون الأداء على هذا الصعيد؟

- في دول ليس لها أمن قومي، ليس هناك معنى لإدارة الأزمات. إدارة الأزمات، عندما يتعلق الأمر بأمن النظام، أمر تتقنه الأنظمة العربية منذ آخر انقلاب في السبعينيات، حيث راكمت خبرات مكينة في ذلك. أما إدارة الأزمات الإقليمية فغير متوفرة مع غياب ذات إقليمية عربية قائمة. فليس هناك تشخيص موحد من لدن الأنظمة العربية للتحديات المطروحة، وما يراه البعض أزمة يراه آخرون انفراجا. لنلاحظ أنه منذ انهيار النظام العربي القديم بعد احتلال العراق، انكشف المستتر، وما كان يضمره البعض بات يجهر به. في لبنان، البعض رأى أن المقاومة مسؤولة، والآن أن حماس مسؤولة. هذا وضع جديد. لنقارن مع إيران كيف تشخص الأزمات وتديرها. ليس هناك وضع مواز عربيا للأسف.

 أنتم تمثلون رمزا لفلسطينيي 1948، ممن اختاروا العمل الوطني من داخل المؤسسات الإسرائيلية من أجل الأهداف الوطنية. ما حصيلة هذا الخيار؟

- السؤال هو أي داخل، نحن في التجمع نرفض العمل داخل المؤسسة الإسرائيلية. نعم، اخترنا دخول الانتخابات البرلمانية، وهناك أحزاب عربية تؤيد الدخول في الحكومة وفي لجنة الأمن بالكنيست والمشاركة في وفود إسرائيلية بالخارج. نحن نرفض هذا. في ظروف غاية في التعقيد، قلنا إن عرب الداخل ينبغي أن يأخذوا قضاياهم بأيديهم ويحافظوا على الهوية الوطنية، لكن كثيرا من عرب 1948 بدأوا بعد أوسلو يبررون «الأسرلة»، لسان حالهم يقول: «ها هي المفاوضات انطلقت وعلينا أن نبحث عن مصالحنا». نحن عارضنا هذا الاتجاه، دخلنا الانتخابات كي لا نترك الساحة للانتهازيين. لسنا في سلة واحدة. دخلنا البرلمان لمعالجة القضايا اليومية للمواطنين معالجة نضالية وليس عبر التوسط لدى السلطات. بدأنا نطرح لغة تزاوج بين القومية والمواطنة، وكانت أمضى سلاح ضد الصهيونية، والدليل الملاحقة القضائية التي أنا محلها. إصرار إسرائيل على يهودية الدولة رد فعل على هذا الخيار النضالي، وهناك تيار رئيس في المؤسسة الصهيونية يعتقد أنه كان خطأ فتح المجال أمام العرب لدخول معترك السياسة الداخلية. أعتقد أنه لم يحن الوقت بعد لتقيم كامل للتجربة، النضال متواصل، لكنني أعتقد أن الاجتهاد كان كبيرا.
دخلنا في الانتخابات سنة 1996، قبل ذلك لم يكونوا عرب 1948 معروفين، وكانوا محل تعميمات مشككة. الآن أصبح هناك تمييز بين القوى العربية.

التعليقات