الجزيرة تحتفي بالمسيري؛ د.بشارة: المسيري يتنفس فلسطين بالتفاصيل

-

الجزيرة تحتفي بالمسيري؛ د.بشارة: المسيري يتنفس فلسطين بالتفاصيل
أقامت شبكة الجزيرة الفضائية، الخميس، حفل تكريم للمفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري بمناسبة إصدار كتاب يتضمن المقالات التي نشرها في موقع الجزيرة نت منذ عام 2004 ولغاية يوم وفاته في يوليو/ تموز عام 2008.

وقد أجمع المشاركون في الندوة التي عقدت بهذه المناسبة في قاعة السفير بالنادي الدبلوماسي بالعاصمة القطرية الدوحة، وتقدمهم المدير العام لشبكة الجزيرة وضاح خنفر، على أن الراحل كان "موسوعيا ومتواضعا، عميقا في أفكاره وبسيطا في التعبير عنها".

وأشاد خنفر بالمسيري قائلا إن "الجزيرة التي أحبها كثيرا أحبته هي أيضا، وستكون وفية لفكره وأدبه وعلمه"، مضيفاً أنه "بفكره وحضوره وتواصله الدائم مع شبكة الجزيرة واتصالاته الهاتفية التي كان يبدي فيها آراءه في بعض البرامج، ترك أثرا طيبا باقيا في نفوسنا".

وأكد أن هذه المناسبة ليست للاحتفاء برمز كبير فحسب، وإنما هي "احتفاء بفكر" ووفاء لرسالة أساسية أداها المفكر الراحل بكل إخلاص، مشيرا إلى إعجابه "باتزانه وعمقه وقدرته على التعامل مع أمور الحياة"، كما أنه كان "صاحب موقف".

من جهتها تحدثت أرملة الراحل هدى حجازي عن زوجها -الذي توفي في يوليو/تموز من العام الماضي بعد صراع مرير مع مرض عضال- وقالت إنه كان إنسانا عظيما لا يُنسى، وأن أفكاره ستستمر بعد وفاته، مشيرة إلى أن من آرائه أن "على المثقف ألا يعيش في برجه العاجي وإنما يجب أن يتواضع ويتفاعل مع الناس".

كما أشاد المفكر العربي د.عزمي بشارة بالمسيري صاحب موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" التي تعد أهم الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين، والتي استطاع من خلالها إعطاء نظرة جديدة موسوعية وموضوعية وعلمية للظاهرة اليهودية بشكل خاص وتجربة الحداثة الغربية بشكل عام.

ووصف بشارة أول لقاء جمعه بالمسيري، فقال إنه قابل "رجلا دافئا إلى درجة الأبوة، لم تتآكل مع العمر قدرته على السؤال والاستماع وحب الاستطلاع، مع تواضع العلماء".

وقال أيضا إن المسيري يدهشك بالتزامه المبدئي بقضية مكافحة الاستعمار كوجه آخر للثقافة الغربية المعاصرة وبمعرفة تاريخه، وإنه كان كذلك ملتزما كليا بقضية فلسطين، "كأن الرجل الذي كرس آخر عقود حياته للصراع ضد الصهيونية يتنفس فلسطين بالتفاصيل".

أما المنسق العام لحركة كفاية جورج إسحق فأشار إلى دور الراحل في إثراء حركة كفاية، وتحفيز همم الشباب فيها، وكيف أن المسيري الذي انتخب يوما منسقا للحركة كان لا يترك مظاهرة إلا ويشارك فيها، فإن لم يستطع هو فزوجته.

وقال إن المسيري "كان يمثل بالنسبة لنا أملا ونموذجا للمثقف المتواضع الذي يعطيك طمأنينة وسلاما داخليا"، فهو "نموذج فريد لن يتكرر، متصل بقضايا بلده، مثال للشجاعة والقامة العالية التي نأمل أن نشاهد نماذج منها في مجتمعاتنا العربية".

وبدوره أوضح المفكر العربي منير شفيق أنه في أول لقاء له بالراحل في ثمانينيات القرن الماضي نشب بينهما خلاف شديد حول قضية جدلية، لكنه فوجئ في اليوم التالي بالمسيري يهاتفه ليقول له إن "خلافنا بالأمس ليس كما بدا عليه ولا بد أن نتواصل"، وهذه كانت –حسب شفيق- دلالة كبيرة على تواضع المسيري وفاتحة لعلاقة طويلة.

وأضاف أنه بدأ منذ ذلك الوقت يشعر بقيمة المسيري العلمية والفكرية وقيمته كإنسان مثقف واسع الاطلاع، وقال إنه "كان يملك عزيمة قوية رغم ما كان يفتك به من مرض عضال"، مؤكدا أن غياب المسيري الذي "كان نموذجاً للعالم والباحث المجد يجب أن يجعله حاضرا بيننا" بعلمه وأدبه.

واختتم محمد هشام -أحد تلامذة المسيري- بالقول إن المفكر الراحل كان حريصاً في حياته على أن يكون لكل من تلاميذه والعاملين معه شخصية مميزة، فهو "لم يكن يحب أن يكونوا كالببغاء يرددون ما يقوله"، مشيراً إلى أنه كان يحترم ويقدر الرأي الآخر ولا يجد حرجاً في تعديل رأيه إن وجد الرأي الآخر أكثر صواباً.

وقد جرى أثناء الندوة استعراض صور ومشاهد فيديو تبين مراحل مختلفة من حياة المسيري، واستمع الحضور إلى بعض كلماته بصوته، وجرى في نهاية الندوة عرض لمحتويات الكتاب الذي أعدته الجزيرة نت تحت عنوان " نحو حداثة إنسانية جديدة" ويضم مختلف المقالات التي نشرها المفكر الراحل في الموقع، أو كتبها له لكنها لم تنشر إلا بعد وفاته، وآخرها مقالة "الإنسان والشيء" الذي بعثه للجزيرة نت قبل وفاته بساعات.

التعليقات