د. بشارة: المطلوب قيادة ليبية قطرية موحدة تضع برنامجا

ويضيف أن صمت الدول العربية غير مستغرب فالأنظمة لا تريد أن تتفاعل معها، في حين أن الغرب ينافق وصمته يشير إلى العلاقات العادية للحكم مع الغرب تحت الخطابية المزاودة

د. بشارة: المطلوب قيادة ليبية قطرية موحدة تضع برنامجا
اعتبر المفكر د. عزمي بشارة أن العنف السائد في ليبيا ضد الشعب الليبي هو عنف يائس يفوق التصور، وأن هناك محاولة من النظام، أو بالأحرى من "اللانظام" في ليبيا لإنهاء الأمور بسرعة قبل أن تتفاقم، مشيرا إلى أن القضية بالنسبة للقذافي هي مسألة حياة أو موت، فليس له إلى أين يتجه، وعنفه ينبع من جنون العظمة وكونه سلطة بدون نظام تحتكر الحقيقة.
 
وأضاف في حديثه على "قناة الجزيرة" أن صمت الدول العربية غير مستغرب، فقسم كبير من الدول العربية يخشى من موجة الثورات هذه، وكثير من الأنظمة العربية لا تريد أن تتفاعل معها، لأن ذلك يعني الفوضى بالنسبة لها.
 
أما بالنسبة للموقف الغربي، فاعتبر الموقف على أنه نفاق، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الغرب لا يحب الحكم في ليبيا، ومن جهة أخرى فهو قلق من الهجرات غير المشروعة، ومن وقف تصدير النفط.
 
وتابع أن الأمر الغريب هو أنه من المفترض أن يكون هذا الحكم معاديا للغرب، وبالتالي فإن صمت الغرب يدفع إلى التساؤل، بيد أنه من الواضح أنه تحت الخطابية المزاودة للحكم هناك علاقات عادية مع الغرب، وعندما يدرك الغرب أن النظام زائل فسوف يسارع إلى تغيير موقفه.
 
ولفت د. بشارة إلى موقف مغاير للغرب في الماضي في فترة توازن المعسكرات خلال الحرب الباردة، حيث كان الغرب معاديا له لدعمه حركات في أمريكا اللاتينية وإيرلندا وحركات فلسطينية، ولكنه أفسد حركات كثيرة بواسطة المال، ومع تفاقم العداء الغربي له عقد صفقة كبرى معه بحيث قبل به كما هو مقابل التخلي عن دعم حركات مقاومة، بل وأخذ دورا معاكسا في بعض الحالات كما هو على الساحة الفلسطينية، وكان لنجله علاقات خاصة في هذا الشأن، لصالح التفاوض مع الإسرائيليين.
 
واعتبر د. بشارة أن الفوضى هي الغطاء الأمثل للاستبداد، ولأسوأ أنواع الاستبداد. فعدم تعريف القذافي لنفسه على أنه رئيس فإن ذلك يعني عدم تحديد صلاحيات، وبالتالي فهو مطلق الصلاحيات، ويتحكم في كل قضية، بحيث أن الوزراء وموظفي الدولة لا دور فاعلا لهم، والجيش تم حله في الثمانينيات وأقيمت كتائب أمنية بدلا منه تحمل أسماء أبناء القذافي.
 
وتأسيسا على حالة "اللانظام في ليببيا"، اعتبر د. بشارة أن الشعب يريد إقامة أو إنشاء نظام وليس "إسقاط نظام"، فلا يوجد مؤسسة فاعلة في ليبيا، فكل شيء مرتبط بمزاج القذافي. وفي تطرقه إلى مسألة توريث الحكم، لفت إلى أن نجل القذافي هو الذي سيتسلم ملف الفساد في الدولة، مشيرا إلى أن حقيقة كونه الوحيد في ذلك فإن في هذا دلالة على الفساد، كشأن السماح بالنقد الذي يأتي في إطار توزيع الأدوار فهو أيضا مظهر من مظاهر الفساد.
 
وأضاف د. بشارة أن الحكم في ليبيا كان قائما على شعار قومي، وثبت أنه شعار فارغ، وانتهى مفعول الخطاب الشعاراتي النضالي، رغم أنه أصاب في بعض الأحيان، إلا أن ذلك أشبه ما يكون "بالساعة المعطوبة فهي تعطي الوقت الدقيق مرتين في اليوم".
 
وتابع أن ليبيا دولة نفطية غنية، ولكن لا يصرف ذلك على رفع مستوى المعيشة في ليبيا بسبب الفساد، لافتا إلى أن تونس لا تملك ثروة نفطية مثل ليبيا، إلا أن مستوى المعيشة فيها أفضل بكثير.
 
وختم حديثه بالقول إن الوضع بالنسبة للنظام بات مسألة حياة أو موت، والأمر نفسه بالنسبة للشعب الليبي فهو سيكمل الطريق ولن يتراجع، والتحدي الرئيس أمامه هو تقليل عدد الضحايا.
 
وأكد د. بشارة على أهمية وجود قيادة قطرية موحدة تطرح برنامجا، خاصة وأن الحديث عن نظام هش ودولة هشة، وبالتالي يجب طرح البرنامج البديل الآن من قبل القيادات، وعدم انتظار تحقيق النجاحات، وهذا أمر رئيسي كي لا يخشى الناس مما سيحصل فيما بعد.
 
وفي تعقيبه على انضمام قبيلة ورفلة إلى الاحتجاجات، أشار د. بشارة إلى أن هذه القبيلة هي عبارة عن عشرات القبائل، بيد أن المهم ليست الحالة القبائلية، فغالبية الليبيين هويتهم عربية ويجب أن تكون هناك قيادة قطرية موحدة للجميع.

التعليقات