د. بشارة: دولة عربية ديمقراطية أكثر ما يقلق الولايات المتحدة وإسرائيل

ويضيف: الشعب الليبي قادر على حسم نضاله ولن يقبل بأي تدخل أجنبي.. الأنظمة التي لا تغير تعاملها مع شعبها لن تستطيع أن تستمر في المجتمعات العربية الحديثة

د. بشارة: دولة عربية ديمقراطية أكثر ما يقلق الولايات المتحدة وإسرائيل
قال المفكر د. عزمي بشارة مساء اليوم، الثلاثاء، إن الحديث عن التدخل الدولي في ليبيا بدأ يصبح مقلقا، خاصة وأنه يتصاعد بعد أن بدأ يتضح أن الشعب الليبي بدأ ينتصر.
 
وقال إن إرادة الشعب المصري هي التي فرضت على العالم أن يعزل حليفا له مثل مبارك في مصر، وفي حالة تونس لم يقف الغرب مع الثورة إلا بعد ذهاب زين العابدين بن علي. وفي حالة ليبيا فإن الغرب قد ضبط أيضا في أسوأ حالته وأطيح بكل قيمه، حيث يتضح أن صفقة تاريخية كبرى عقدها مع النظام بعد الحرب على العراق، والتي قدم فيها القذافي الكثير سياسيا واقتصاديا للغرب مقابل السكوت عنه وعن أبنائه، ولكن عندما اتضح أن الشعب الليبي بدأ ينتصر في ثورته بدأ الحديث عن التدخل الأجنبي.
 
وشدد د.بشارة، على قناة "الجزيرة" مرة أخرى على أن التدخل الأجنبي مرفوض حتى لو ظلت الحالة مستعصية في ليبيا، مشيرا إلى أن الشعب الليبي يجب أن يحسم نضاله بدون تحديد وقت لمحاصرة النظام في ليبيا وتجنيد أصدقاء متحالفين مع الشعب الليبي وثورته. وأشار في هذا السياق إلى أن كل حديث عن تدخل عسكري لا يقبله الشعب الليبي، مذكّرا بما حصل في العراق وتوزيعه طائفيا وزيادة النفوذ الأجنبي فيه علاوة على الفساد وغياب الديمقراطية.
 
وقال إن "الشباب العربي مشدود إلى الثورات العربية لأنه ستقوم مجتمعات عربية ذات سيادة، بدون أي تناقض بين العروبة وبين الوطنية الليبية أو الوطنية المصرية، وستقوم أنظمة ديمقراطية، إلى جانب علاقات جيدة مع الغرب، ولكن بين هذا وبين التدخل العسكري بونا شاسعا".
 
وأضاف أن الشعب الليبي يستحق كل التقدير من الأمة العربية، وهو يخوض معركة نأمل ألا تطول، خاصة وأنه قطع أكثر من نصف الطريق، ويجب أن يمنح الوقت الكافي لذلك.
 
وردا على سؤال عن نهاية النظام، قال د.بشارة إنه من الصعب التكهن بذلك، وأعرب عن اعتقاده بوجود قنوات خلفية للتفاوض مع القذافي حول خروجه، مشيرا إلى أنه في النهاية براغماتيا فقد حكم ليبيا مدة 42 عاما، وعليه أن يدرك أن المعركة باتت محسومة.
 
وردا على سؤال حول تصريحات الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بشأن المؤامرة التي تدار من تل أبيب وواشنطن، قال د. بشارة إن السؤال المركزي يجب أن يتمحور حول تعامل الزعماء العرب مع ما يجري في مجتمعاتهم الذي ينطوي على الكثير من الاستخفاف بالناس وبذكائهم.
 
وأشار إلى أنه كان هناك وقت كاف أمام النظام اليمني للتوصل إلى تسوية مع المعارضة المنظمة، ولكن ذلك لم يحصل. والأنظمة في خطابها وتوجهها وتقييمها للأحداث تتهم الجماهير الغاضبة التي خرجت إلى الشوارع لتحقيق العدالة ومكافحة الفساد.
 
وبينما أشار إلى أن الرئيس اليمني، بحسب وثائق "ويكيليكس"، كان قد طلب من الولايات المتحدة قصف اليمن ليدعي هو أنه قام بالقصف، قال د. بشارة إن هذه الأنظمة موالية لأمريكا، فهذه الأنظمة لم تحرر فلسطين، ولم تقف مع غزة ولبنان، وكان ذلك إلى جانب عوامل أخرى اختمرت، مثل تحقيق العدالة ومكافحة الفساد، ودفعت الشعوب للخروج إلى الشارع، وهذه الأنظمة نفسها لم تنجح في عقد قمة عربية من أجل غزة.
 
وأضاف أن النخب القديمة تعتقد أن هناك تناقضا بين الحرية وبين الوطنية، ولكنها لم تحقق لا هذه ولا تلك. وتساءل ساخرا "هل هذه الأنظمة أرهقت إسرائيل؟ وما مصلحة إسرائيل في ذهاب مبارك؟ وهل هذه مؤامرة على أبو الغيط؟".
 
وأشار إلى كيفية تعامل الأنظمة مع ذكاء الناس، مثل شراء الذمم بالأموال، في حين أن الناس تريد العدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد ورفع مستوى الحياة، لافتا إلى أن دولة عربية ديمقراطية في حد أدنى من حقوق المواطن هي أكثر ما يقلق الولايات المتحدة وإسرائيل.
 
وأضاف أن هناك حراكا دوليا، ولكن لم يسمع صوت الأنظمة العربية، فهي تنكر وجود أمة عربية إلا أن الزعيم يشعر بالتشابه باللغة والوجدان وانتقال الكلام بالفضائيات ونوع الفساد والحكم والأجهزة الأمنية والأسرة الحاكمة، وهذه أمور مقلقة بالنسبة له، لذلك فهو يفضل الصمت (وقوف القذافي مع بن علي أساء له في ليبيا)، في حين أن الرأي العام العربي في كل بلد هو متضامن. وخلص إلى أن النظام الذي لا يستطيع تغيير التعامل مع شعبه لا يستطيع أن يستمر في المجتمعات العربية الحديثة.

التعليقات