30/06/2014 - 14:45

فضيحة خيخون: الجزائر تخرج ضحية مؤامرة ألمانيا الغربية والنمسا

بعد انتهاء دور المجموعات في بطولة كأس العالم الحالية، اتضح أن الجزائر ستواجه ألمانيا في ثمن النهائي، هذه المباراة أعادت إلى أذهان الجميع ذكريات قديمة يتمنى الألمان نسيانها لأنها تعتبر وصمة عار في تاريخهم التي سميت ب"فضيحة خيخون"، واليكم الحكاية كاملة:

فضيحة خيخون: الجزائر تخرج ضحية مؤامرة ألمانيا الغربية والنمسا

بعد انتهاء دور المجموعات في بطولة كأس العالم الحالية، اتضح أن الجزائر ستواجه ألمانيا في ثمن النهائي، هذه المباراة أعادت إلى أذهان الجميع ذكريات قديمة يتمنى الألمان نسيانها لأنها تعتبر وصمة عار في تاريخهم التي سميت ب"فضيحة خيخون"، واليكم الحكاية كاملة:

في عام 1982 تأهل منتخب الجزائر لنهائيات كأس العالم التي أقيمت آنذاك في اسبانيا، ووقع المنتخب الجزائري في مجموعة تعتبر صعبة جدًا ضمت كل من ألمانيا الغربية التي كانت مرشحة لنيل اللقب بقوة بعد أن تأهلت من التصفيات بكامل النقاط ولم يدخل مرماها سوى ثلاث أهداف، والنمسا التي شاركت للمرة السادسة في البطولة، ومعهم تشيلي الذي يشارك للمرة الخامسة في تاريخه.

كانت عجرفة لاعبي ألمانيا الغربية (وقتها كانت ألمانيا مقسمة لشرقية وغربية حتى تم توحيدها في 1990) غير متوقعة ولا تليق بلاعبي كرة قدم، فقد صرح بعض اللاعبين قائلين أن الهدف السابع سنهديه لزوجاتنا والثامن لكلابنا، كما قال آخر أنه وزملاؤه يستطيعون مواجهة الجزائر واحتساء الكونياك وتدخين السيجار، وقال مدربهم ديرفال: "لو خسرت أمام الجزائر فسأعود إلى ميونخ بأول قطار"، واعترف المدرب ذاته بعد فترة أنه أخفى عن لاعبيه فيديو يوضح طريقة لعب الجزائر خوفًا من أن يسخروا منه.

تلك العجرفة والاستهزاء بمنتخب الجزائر كلف الألمان غاليًا، يوم 16 حزيران 1982، وفي مدينة خيخون الإسبانية تواجه منتخب الجزائر مع عجرفة ألمانيا الغربية وانتهت المباراة بفوز الجزائر، ومرغت أنوف اللاعبين الألمان بالتراب، فقد نسي الألمان أن الجزائريين كانوا يمثلون قضيتهم الوطنية وقتها، وأنهم والجيل الذي سبقهم رفضوا احتراف الكرة وانضموا للثوار والمناضلين في وجه الاستعمار الفرنسي، حتى نالوا حريتهم، وانطلقت كل طاقات الجزائريين على الملعب فسجل الماجر الهدف الأول في الدقيقة 52، وقام رومينغيه نجم ألمانيا التاريخي بتعديل النتيجة في الدقيقة 62، وصرح فيما بعد أنه ظن أن منتخب بلاده يعود لطريق الانتصار، لكن تفاؤله ذهب بعد دقيقة واحدة من تسجيله الهدف عندما قام بلومي بإعادة التفوق للجزائر، وتنتهي المباراة بفوز الجزائر وتحطيم غرور الألمان.

في المباراة الأخرى فازت النمسا على تشيلي، وفي الجولة الثانية سحقت ألمانيا الغربية تشيلي 4-1 وسجل رومينغيه ثلاثية، وخسر الجزائر أمام النمسا 2-0، وقال بلومي عن المباراة أن منتخب بلاده كان قليل الخبرة وظن أن بإمكانه الفوز على النمسا بنفس طريقة فوزه على ألمانيا، ولكن هذا لم يحدث. فقد كشف مدرب النمسا جورج شميدت عن استعداده الجيد لمواجهة الجزائر وأنه على عكس الألمان لم يستهن بالجزائريين خاصة مع حماسهم بعد الاستقلال وإصرارهم على جلب الفخر لبلادهم، حتى أنه سافر إلى ليبيا لمراقبة طريقة لعبهم في كأس أفريقيا عام 1982.

بعد المباراة الثانية بات المنتخب النمساوي متصدرًا بأربع نقاط (في ذلك الوقت كان كل فوز يحتسب نقطتين وليس ثلاثة كما اليوم)، وألمانيا الغربية والجزائر بنقطتين لكل منهما وفي المركز الرابع تشيلي بلا نقاط، وصلت الجزائر للمباراة الأخيرة أمام تشيلي وفي رصيدها -1 أهداف، بينما لألمانيا الغربية +3، مع نهاية الشوط الأول كان الجزائر متقدمًا بثلاثية نظيفة، بهذه النتيجة يتأهل المنتخب الجزائري دون علاقة لنتيجة المباراة الأخرى، وكشف بعض اللاعبين فيما بعد أن بين الشوطين احتدم النقاش حول المحافظة على النتيجة أو الاستمرار بالهجوم وتسجيل المزيد من الأهداف، وفي النهاية تقرر إكمال الهجوم بدل الحكمة والتروي والحفاظ على النتيجة، وانتهت المباراة 3-2 للجزائر ووقوعهم في خطأ فادح سمح بالمؤامرة عليهم.

كانت مباراة ألمانيا الغربية والنمسا بعد مباراة الجزائر وتشيلي، كان فوز الألمان بهدف أو أكثر دون تلقي الأهداف كافيًا ليتأهل مع النمسا لثمن النهائي، وفازت ألمانيا بالنتيجة 1-0. المشكلة كانت بطريقة الفوز، فبعد تسجيل الهدف في الدقيقة العاشرة، لم يحاول أي المنتخبين اللعب أو الهجوم واكتفوا بالتمريرات وجعل الدقائق تمر، مظهرين بلا خجل أن المباراة انتهت باتفاق يسمح بتأهل ألمانيا ويقصي الجزائر، وكانت الفضيحة.

قال معلق تلفزيون النمسا الذي نقل المباراة: "هذه فضيحة كروية وعار على دولتنا بأكملها، قولوا عني ما شئتم لكنني أرفض أن أوافق على ذا العار، أنا خجل من منتخب بلادي وعليكم أن تشعروا بالمثل". وأدان التلفزيون الألماني ما فعله منتخبه وطالب المشاهدين بإغلاق التلفاز وعدم رؤية هذا العار، ووصفت الصحف الألمانية المنتخب بالمافيا والعصابة، حتى أن بعض صحف النمسا وصفت المباراة ب"انشلوس"، وهي المعركة التي ضمت فيها ألمانيا النازية النمسا إليها عام 1983.

وفي المدرجات كان الوضع مشابهًا، بدأ الجمهور بالتصفير احتجاجًا على ما فعله اللاعبون، وأخرجوا النقود وأظهروها للكاميرات ومنهم من رماها باتجاه اللاعبين في إشارة منهم للمؤامرة وأنهم يباعون ويشترون بالمال، وكان الملفت في الأمر أن جمهور كلا المنتخبين رفض ما يحدث وأدانه حد الخروج من الملعب، وحاصر الجمهور الألماني مقر إقامة لاعبيه واقتحامه لولا تدخل قوات الأمن ومنعهم من الوصول إلى اللاعبين.

لم ينكر الألمان أبدًا تلك الفضيحة، واعترف بيتر بريغل الذي لعب في صفوف ألمانيا الغربية وقتها فيما بعد قائلًا: "النمسا كانت تعرف جيدًا أننا قادرون على الفوز، وبعد تسجيلنا هدفًا مبكرًا كانوا أمام خيارين، إما أن نكتفي بالنتيجة ونتأهل كلانا أو يخاطرون بإكمال اللعب وتلقي هدفين آخرين يقصيهم من البطولة، فاختاروا الأول".

في البطولة التي تلتها عام 1986 أقيمت في المكسيك، كانت قرعة الجزائر مع البرازيل واسبانيا وايرلندا الشمالية، بعد الخسارة مع البرازيل والتعادل مع ايرلندا كان يكفي تعادل الجزائر مع اسبانيا ليؤهلها لثمن النهائي، بسبب نظام أفضل مركز ثالث الذي كان وقتها، وقال العربي الهادي الذي كان حارس المنتخب الجزائري وقتها أن اسبانيا عرضت عليهم التعادل ووعد البرازليين بهزيمة ايرلندا الشمالية لتتأهل الجزائر معهم، وذلك بسبب أن الاسبان يشعرو بالخجل لأن الفضيحة كانت على أرضهم وتحت سمعهم وأبصارهم، لكن الجزائريين رفضوا العرض وكان ردهم أن الكبرياء الجزائري يرفض التآمر.

بعد الفضيحة عام 1982، قامت الفيفا بإجراء عدة تغييرات في قوانينها أهمها عقد المباراتين الأخيرتين في دور المجموعات في نفس الوقت لكل مجموعة. وخاصة بعد هجوم الصحف العالمية على التنظيم والفيفا التي لم تعاقي المتآمرين، وكتبت الغارديان التي قادت الحملة آنذاك أن الجزائر خرج من البطولة بعزة وكرامة، وتأهلت ألمانيا الغربية والنمسا بالذل والعار.

 

التعليقات