28/11/2018 - 11:57

وعي سياسي تترجمه جماهير الرياضة بالأغاني في الجزائر

انتشرت خلال الأعوام الأخيرة ظاهرة صنع فيها جماهير كرة القدم منصّاتٍ غنّوا فيها للحرّيّة وأنشدوا كلماتٍ ذات دلالاتٍ اجتماعية وسياسية تنتقد السلطات، وتعكس حقيقة الواقع اليوميّ المُعاش، ربّما كانت الجزائر أبرز مثالٍ في هذا الصّدد، وتسجيل جماهير ملعب مغربي يغنون

وعي سياسي تترجمه جماهير الرياضة بالأغاني في الجزائر

الجمهور يغني "بابور اللوح" (من الفيديو)

انتشرت خلال الأعوام الأخيرة ظاهرة صنع فيها جماهير كرة القدم منصّاتٍ غنّوا فيها للحرّيّة وأنشدوا كلماتٍ ذات دلالاتٍ اجتماعية وسياسية تنتقد السلطات، وتعكس حقيقة الواقع اليوميّ المُعاش، ربّما كانت الجزائر أبرز مثالٍ في هذا الصّدد، وتسجيل جماهير ملعب مغربي يغنون "في بلادي ظلموني" الذي انتشر منذ مدّة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا تخلو مباريات الدوري الجزائري لكرة القدم، بدرجتيه الأولى والثانية، من تأدية الجماهير بشكل جماعي وحماسي لأغاني سياسية تشرّح الواقعين الاجتماعي والاقتصادي، الذي يعيشه الجزائريون، وتأتي بين أهمّ هذه الأغاني التي يردّدها الجمهور أغنيتا "بابور اللوح" و"في سوق الليل".

لماذا إذًا قد تغنّي جماهير الرّياضة السياسة في الملاعب؟

في تقرير لوكالة "الأناضول" قال العامل الاجتماعي محسن بن عاشور، إنّ " ما تؤديه جماهير الكرة الجزائرية من أغاني يعبر عن المواطن البسيط والواقع المعاش"، مضيفًا أنّ "المواطن عمومًا مغلوب على أمره، يحب التعبير عما يحسّه بترجمة همومه ومشاكله على جدران الشوارع والأرصفة والفضاءات الافتراضية، أو وسط مجموعة"، كما في ملاعب كرة القدم.

وقال بن عاشور إنّ "سُبل التعبير هذه يراها، البعض خوفًا ويراها آخرون جبنًا"، لكنّه أشار إلى أنّ الكلمات السياسية التي تصدرها جماهير الملاعب تعكس حقيقة المواطن المغلوب على أمره الذي لا يستطيع كشف همومه جهرًا إمّا خوفًا أو حياءً.

وأكّد بن عاشور أنّ الدلالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تحملها أغاني الجماهير الرّياضية، إنّما هي تنمّ عن وعي الجماهير تلك ووعي المواطن إلى ما تشهده البلاد من قضايا ومشاكل، معتبرًا أنّه يفترض من الحكومة أن تكون ذكية وتسمع لمثل هذه الأغاني الناقمة على الوضع العام، والتي يصدرها المشجعون فوق المدرجات.

بدوره قال الصحافي في القسم الرياضي لجريدة الفجر، محمد بلقطار إنّ "مجموعات الألتراس، في ملاعبنا ظاهرة ملفتة للنظر، خاصة بعد ترويجها لشعارات وأغاني ذات طبيعة سياسيّة"، مشيرًا إلى أنّ "المدرجات تحولت إلى منبر لتمرير الرسائل إلى المسؤولين، للتعبير عن الواقع ونقد السلطة وطريقة تسييرها للبلاد".

وأشاد بلقطار بمشجعي الفرق الذين يتفنون في ترجمة واقعهم بطريقة بسيطة تؤكد فهمهم لأسباب التراجع الذي تعيشه البلاد خصوصا على صعيد التكفل بالشباب، موضّحًا أنّ رابطات مشجّعي كرة القدم الجزائرية، توجه رسائل متعددة كالمطالبة بالعيش الكريم والحرّية وتندّد بالظلم والفساد.

ويعتقد الصحافي في القسم الرياضي لجريدة "الشروق"، نبيل بلحيمر، أنّ "الملاعب حاليًّا تعدّ المنفذ الوحيد أمام الشباب للتعبير عما يختلج في صدورهم"، وأنّهم "يستغلون المكان لتمرير أفكارهم السياسية بالهتافات والأغاني وحتى بالرايات واللافتات، بعد أن صدت في وجوههم الأبواب".

وأردف "ما نشهده حاليًّا في ملاعبنا من شتم وعنف، هو نتاج لأفكار متداولة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، لا علاقة لها بتقاليد وأعراف الجزائريين"، وأوضح أنّ "المشاكل الاجتماعية وظهور الطبقية والعشرية السوداء (وهي سنوات الإرهاب في تسعينات القرن الماضي) سبب بارز في ذلك".

"في سوق الليل": طابق الحكومات الذي تكشفه أغنية

كما أطلق جمهور فريق مولودية الجزائر العام الماضي أغنية سياسية حققت رواجًا كبيرًا تحت عنوان "في سوق الليل"، والتي تقول في بدايتها " قولي علاش نقولك شوف لتحتا، كاين لي فطر وما تعشاش" أي قل لي لماذا؟ أقول لك انظر للأسفل، هناك من أفطر ولم يتعشّ.

وتضيف كلمتها أن "قل لي كيفاش أقول لك جاية هاكدا، لي حاكيمنها ما خلاوش "، أي قل لي لماذا؟ أقول لك هي هكذا، حكامها لم يتركوا شيئًا. وتتابع "قل لي موقتاش، نقولك هذي مدة" أي إذا سألتني منذ متى سأجيبك أنها مدة طويلة، "ليسونسيال أنا ما نشفاش، قاع ما عشناش، حلوا باب القنطة"، أي أنّ المهم أنني لا أتذكّر، فلم أعش أبدًا وفتحوا لي باب القنوط، "مادام غلقوا باب التقلاش"، أي ما داموا قد أغلقوا باب الرفاهية".

وتستطرد الكلمات بالقول "أواه أواه جامي ننسى الباسي، وعلينا كيفاش تبدل الحال" أي أبدًا لن أنسى الماضي، وكيف تغير علينا الوضع، لتختم بكلمات تشجيع الفريق وتقول " والله يا الميمة نحب المولودية هدا مكان" أي والله يا أمي أحب المولودية هذا فقط.

التعليقات