22/04/2016 - 12:49

"يوغا" على شاطئ طرابلس

تحمل مجموعة من النساء، كل خميس، الحصائر الملونة والمرتبة بعناية ويتمشين نحو الشاطئ، في شرق العاصمة الليبية، لممارسة رياضة الـ"يوغا" في الهواء الطلق، بعيدا عن رقابة مجتمعهن المحافظ، والأزمات اليومية المتواصلة في البلاد منذ ست سنوات.

"يوغا" على شاطئ طرابلس

تحمل مجموعة من النساء، كل خميس، الحصائر الملونة والمرتبة بعناية ويتمشين نحو الشاطئ، في شرق العاصمة الليبية، لممارسة رياضة الـ'يوغا' في الهواء الطلق، بعيدا عن رقابة مجتمعهن المحافظ، والأزمات اليومية المتواصلة في البلاد منذ ست سنوات.

وبحماية سيارة شرطة، تسير نحو 25 امرأة بملابسهن الرياضية بين بيوت مجمع 'الريغاتا' السياحي المهجور منذ ثورة 2011، لتفترشن ولمدة ساعة الشاطئ المقابل للمجمع، وتتابعن بحماسة تعليمات المدربة.

وتقول مودة 'اليوغا تخرجني من الضغوط التي نعيش فيها. استطيع هنا أن أنفصل عن العالم الواقعي'.

وتضيف وهي تهم بالخروج من مبنى النادي باتجاه البحر 'علينا أن نجد مكانا لنا وحدنا، وهذا المكان يوفر لنا المدى الذي ننشده، نشعر بالحرية هنا'.

متنفس

ويعيش الليبيون عموما منذ ست سنوات على وقع أزمات متواصلة، آخرها تلك التي خلفها النزاع المسلح على السلطة الذي قسم البلاد، وأضعف سلطة مؤسساته، ودمر اقتصاده، وأعطى فرصة لتنظيمات متطرفة بأن تتغلغل فيه.

ودفع هذا النزاع آلاف الليبيين إلى مغادرة بلادهم، الغنية بالنفط وبالمعالم الأثرية والجبال والصحارى والشواطئ الممتدة على ساحل بطول نحو 1770 كيلومتر، بينما اجبر من بقوا على أن يحدوا نمط حياتهم اليومية بمكانين: العمل والمنزل.

وفي مدينة غالبا ما شهدت مواجهات بين جماعاتها المسلحة، وتفتقد للنشاطات الترفيهية الرئيسية وبينها السينما والمسرح، تبحث نساء طرابلس عن أي متنفس، في مجتمع محافظ يفرض بطريقة غير مباشرة قيودا على تنقلات المرأة.

ولا يحول التقيد بارتداء ملابس معينة وتغطية الرؤوس في أغلبية الأماكن، بين نساء طرابلس وشغفهن بالموضة الإيطالية والموسيقى الغربية، وبقيادة السيارات الحديثة والسفر كلما توفرت الفرصة، وبالعمل والتعلم، والحماسة لاختبار كل جديد.

وفي 'الريغاتا'، وفرت في بداية شهر نيسان/أبريل الحالي، مديرة نادي 'بي فيت' الرياضي عبير بن يوشح هذا 'الجديد'.

وتقول عبير 'شعرنا بان المرأة بعد الحرب تحتاج إلى ترفيه وإلى تغيير'.

وتتابع بحماسة 'أضفنا اليوغا على الشاطئ، بعدما كنا قد أدخلنا إلى نادينا العديد من الرياضات الأخرى، وبينها الزومبا والرقص الهندي والعربي الممزوج بالحركات الرياضية'.

على الشاطئ حيث تنتشر الأكواخ الخشبية الفارغة، تطبق الرياضيات تعليمات المدربة على بعد أمتار قليلة من البحر، وتبدو بالقرب من الشاطئ عشرات الأبنية المهجورة وأمامها شوارع خالية من المارة والسيارات.

وكان مجمع 'الريغاتا' مخصصا للأجانب الذين عملوا في شركات النفط خصوصا، وعاشوا في مدينة طرابلس لسنوات حتى غادروها مع اندلاع الثورة، التي أعقبها اقتحام المجمع من مجموعات مسلحة للاستيلاء على منازل أفراد عائلة معمر القذافي فيه.

ردة الفعل 

ورياضة اليوغا ليست حديثة بالنسبة لليبيات، لكن جديدها في 'الريغاتا' هو ممارستها على الشاطئ في الهواء الطلق، وهي فكرة شابها في بدايتها، بحسب عبير، الخوف من ردة فعل المجتمع.

وتقول عبير وهي تجلس على كرسي في حديقة النادي وإلى جانبها ابنتها 'كنت أخشى على سمعة النادي وأن يقال بأننا منفتحون ومتحررون أكثر مما يجب، خفت من ردة فعل الأزواج والآباء، لكن الناس محتاجون فعلا إلى جديد وإلى ترفيه، وإلى أن يعيشوا كما يعيش سكان أي دولة أخرى'.

وتشير إلى أن الجلسة الأولى 'كانت ضعيفة، النساء جئن للتفرج وللاطمئنان إلى مستوى الأمن هنا، وعندما رأين سيارة الشرطة ترافقهن خطوة خطوة حتى الشاطئ، ووجدن أن المكان فارغ، شعرن بالاطمئنان وارتفع عدد المشاركات'.

ولا تتوقع عبير 'أن تتقبل الفكرة كل شرائح المجتمع'، لكنها تطالب النساء 'بأن يجربن، ثم يبدين أراءهن'.

على صفحة النادي على موقع 'فيسبوك'، يتم الترويج للرياضة المستحدثة بالعبارة التالية 'مفاجأة شهر أبريل كل يوم خميس... حصة يوغا على شط البحر'.

واستقطب الإعلان تعليقات عدة، من السؤال عن المكان والتعرفة، إلى الترحيب بالفكرة وطرحها على صديقات أخريات. وقابلها عدد قليل بالتشكيك، فكتبت إحداهن 'أحسستمونا أن طرابلس أمن وأمان'.

لكن بالنسبة إلى إيمان، فإن الأمر يتعلق فقط بالاستمتاع برياضة جسدية وذهنية في مكان منعزل.

اقرأ/ي أيضًا | 'النّور' السوريون تحت سطوة 'الزير سالم' من جديد

وتقول إيمان 'لم أشعر بالقلق، هل ستاتي إلينا قوات كوماندوس مثلا من البحر؟ فليأتوا، نحن هنا'.

التعليقات