لقاء التجمع الطلابي؛ د. مصطفى: الانحياز للمشروع الديمقراطي في متغيرات الربيع العربي

"الثورات في العالم العربي، جاءت من أجل إسقاط الاستبداد السياسي وبناء نقيض الاستبداد، وهي الديمقراطية، هذه هي المعادلة المعرفية والأخلاقية التي يجب أن تحدد مواقفنا من الأحداث في العالم العربي والسباحة في بحر التفاصيل"..

لقاء التجمع الطلابي؛ د. مصطفى: الانحياز للمشروع الديمقراطي في متغيرات الربيع العربي

نظم التجمع الطلابي الديمقراطي لقاء ثقافيا في مقر الحزب في الناصرة الأسبوع الماضي، ضمن برنامجه للطلاب الخريجين "لنا لقاء"، حول "مصر بعد 30 يونيو"، تخلل اللقاء عرض لفيلم "الميدان"، الذي رُشح لجائزة الأوسكار للأفلام الوثائقية، ومحاضرة ونقاش مع الدكتور مهند مصطفى، الباحث في مركز الدراسات الإسلامية في جامعة كامبردج.

استهل الدكتور مصطفى محاضرته بملاحظات منهجية حول الأحداث في العالم العربي، بالقول "إننا نعيش لحظة تاريخية هامة، مطلوب منا أن نبلور موقفا سياسيا منها، وننتج معرفة حولها، ولكن بالذات لمن يعيشون اللحظات التاريخية الهامة تكون مهمتهم المعرفية أصعب لأنهم ملتصقون بتفاصيل اللحظة التاريخية حتى النخاع، ولكنها تفاصيل سيتجاوز التاريخ جزءا كبيرا منها بعد عقود وسيتجاوزها البحث العلمي كمتغيرات معرفية، ولكن لمن يعيشون اللحظة التاريخية تُشكل هذه التفاصيل مركبا هاما في بلورة مواقفهم".

وأضاف مصطفى، "إن إنتاج المعرفة في هذه اللحظة التاريخية وحولها هي مكانة اعتبارية، ولكنها في نفس الوقت مُكلفة معرفيا لتسارع الأحداث ودخول متغيرات كثيرة في تحديد إيقاعها ووُجهتها، وتكون المقاربات الأيديولوجية عادة، هي المقاربات السهلة والمُهيمنة على هذه اللحظات، لأنها تختار من الأحداث انتقائيا ما يعززها ويُكرس نظرتها، ولكنها لا تفيدنا في فهم الواقع، بل تسعفنا في فهم زوايا محددة منه".

وأشار الدكتور مصطفى إلى أن "نظرتنا للأحداث في العالم العربي، بما فيها مصر، يجب أن تكون من خلال مقاربات ديمقراطية، "فالثورات في العالم العربي، جاءت من أجل إسقاط الاستبداد السياسي وبناء نقيض الاستبداد، وهي الديمقراطية، هذه هي المعادلة المعرفية والأخلاقية التي يجب أن تحدد مواقفنا من الأحداث في العالم العربي والسباحة في بحر التفاصيل". لم تأت الثورات العربية انتصارا لتيار أيديولوجي- حزبي، بل جاءت من أجل إسقاط الاستبداد وتشييد مشروع ديمقراطي، ومقاربتنا للأحداث في مصر يجب أن تكون من خلال المنظومة الديمقراطية".

وأضاف أن المقاربة الديمقراطية، تحررنا من الثنائيات السياسية التي تفرضها الأيديولوجيات علينا، والتي يفرضها في نفس الوقت الإعلام الفاشي في مصر. فيجب قراءة كل التجربة المصرية منذ سقوك مبارك وحتى هذه اللحظة من خلال مقاربات ديمقراطية، ننحاز من خلالها للديمقراطية ونتصدي لكل مظاهر الاستبداد.

وبين د. مصطفى أن ما يحدث في مصر الآن هو مناخ فاشي تقوده نخب بدأت تشكك في ثورة يناير في مصر، ووصلت ذروة هذا المناخ في اعتبار الإخوان المسلمين حركة إرهابية لأن هذا القرار هو نقيض التحول الديمقراطي، فلن يكون هنالك تحول ديمقراطي في مصر بدون الإخوان المسلمين، ويغلق هذا القرار حتى إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية تقود إلى خيار ديمقراطي.

وقال الباحث إن الصراع في مصر وأيضا في العالم العربي بدأ يتضح أكثر بأنه بين الاستبداد ونقيضه، وليس بين الدين والدولة أو اسلاميين وعلمانيين أو شيعة وسنة، وإن ظهرت هذه الثنائيات فهي غطاء للصراع الحقيقي بين الاستبداد ونقيضه، وعلينا أن نبين جوهر الصراع والتصدي في خضم الثورات لمن يحرفه عن جوهره، حتى لو كان من يفعل ذلك داعما للثورات أو ثائرا ضد الأنظمة فالثورة هي المقدسة والثوار بشر قد يخطئون، فقد ساعدتنا الأحداث في مصر بعد 30 يونيو على تعميق هذه القناعة السياسية وحتى إنتاج معرفة أكاديمية حولها تبين جوهر الصراع الحقيقي في العالم العربي هو بين الاستبداد السياسي ونقيضه.

وأشار إلى أن هنالك الكثير من الديمقراطيين المصريين خرجوا في 30 يونيو ليس ضد الإخوان بل لتخوفهم من الانحراف عن المسار الديمقراطي، ولكنهم عندما انتقدوا ما حدث بعد ذلك من انتهاكات لحقوق الإنسان والردة عن التحول الديمقراطي تحولوا إلى عملاء ومأجورين. الصراع ضد الإخوان ليس لأنهم اسلاميون بل لأنهم يشكلون البديل السياسي المركزي للاستبداد السلطوي التقليدي.

كما أشار مصطفى إلى أن هنالك الكثير من التيارات والقيادات التي خرجت في 30 يونيو تم إقصاؤها لأنها طالبت بتحول ديمقراطي حقيقي بعد إسقاط مرسي. وقال إن احتجاجات 30 يونيو هي احتجاجات مشروعة في إطارها الديمقراطي والمدني ولو بقيت كذلك، ولكن الانقلاب ذهب بعيدا حتى عن المطالب التي خرج لها الناس في 30 يونيو، فبغض النظر عن الموقف من مطالب 30 يونيو حول انتخابات رئاسية مبكرة، إلا أن الانقلاب ذهب بعيدا، ومارست السلطة في مصر بعد الانقلاب أسوأ مما خرج الناس احتجاجا عليه في 30 يونيو.

وأنهى د. مصطفى محاضرته بالقول إن المطلوب من النخب المثقفة والطلابية الانحياز للديمقراطية، وهذا يحررها من ثنائيات قد تُقيدها، مثل أن التصدي لقمع السلطة في مصر معناه أنك اخوان مسلمون، وأن تأييدك للاخوان معناه أنك ضد الديمقراطية، وأن تصديك لمظاهر الاستبداد بعد الانقلاب معناها أنك لا تملك موقفا نقديا من تجربة الإخوان في الحكم، ومواقف نقدية من مجمل التجربة المصرية بعد تنحي مبارك. ولكن يجب أن يكون هذا النقد من خلال مقاربات للديمقراطية وضد الاستبداد.


 

التعليقات