استهداف الصحافيين بات ممنهجًا ومنظمًا لدى مؤسسة الاحتلال

منذ خطف الفتى أبو خضير وحرقه حيًا، وبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومؤسسة الاحتلال تحاول بشكل مكثف طمس الحقائق وكم الأفواه، كي لا تصل الصورة الحقيقية للعالم أجمع، ومحاولة الاستمرار بلعب دور الضحية لتكسب الرأي العام العالمي، لكنها هذه المرة فشلت فشلاً ذريعًا.

استهداف الصحافيين بات ممنهجًا ومنظمًا لدى مؤسسة الاحتلال

صحفيون بمدينة نابلس يتضامنون مع زملائهم في غزة

منذ خطف الفتى المقدسي محمد أبو خضير وحرقه حيًا، وبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومؤسسة الاحتلال تحاول بشكل مكثف طمس الحقائق وكم الأفواه، كي لا تصل الصورة الحقيقية للعالم أجمع، ومحاولة الاستمرار بلعب دور الضحية لتكسب الرأي العام العالمي، لكنها هذه المرة فشلت فشلاً ذريعًا، بحسب خبراء.

ورغم أن مواثيق أممية عدة تنص بشكل واضح وصريح على حماية الصحافيين، وأن إيذائهم مخالفة جنائية، خاصة أولئك العاملين في مناطق النزاع، لكن إسرائيل كعادتها تركل كل المواثيق الدولية بقدمها ولا تعيرها أدنى اهتمام.

إحدى الممارسات التي استعملتها هي استهداف الصحافيين الذين يحاولون نقل الصورة الحقيقية للعالم، وسجلت الكثير من الحالات أبرزها قتل 12 صحافيُا يعملون في قطاع غزة أثناء الحرب الأخيرة، واستهداف عدة وسائل إعلام مثل قصف مكاتب قناة الجزيرة وتلفزيون الأقصى في غزة، بالإضافة لاستهداف الصحافيين في الضفة الغربية والداخل والاعتداء عليهم، منهم من كان يبث على الهواء مباشرة أثناء الاعتداء عليهم.

طرق الردع

هدف مؤسسة الاحتلال كان ردع الصحافيين عن نقل الحقيقة بأي ثمن، واستخدموا في سبيل ذلك شتى الوسائل والأسلحة، فتارة أطلقوا الرصاص على الصحافيين وأصابوهم مثل مصور تلفزيون فلسطين، نادر بيبرس، الذي أصابوه في رأسه ومراسل قناة "فلسطين اليوم"، أحمد البديري، الذي كان واضحًا استهدافه بأكثر من عيار ناري، وتارة ألقوا قنابل صوت على الصحافيين، لمنعهم من التصوير مثلما فعلوا مع الصحافية هناء محاميد وطاقم قناة "الميادين" في العيساوية، واستعملوا أيضًا الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وتعمدوا جرح الصحافيين مثل ما حدث مع مراسلة "فلسطين اليوم"، كريستين ريناوي، وطاقم المصورين علي ياسين وأحمد غرابلي، ووصل الأمر بالاحتلال حد إطلاق الرصاص المطاطي من بعد أقل من مترين مثل ما حدث مع المصورة الصحافية منى عمري، كما اعتدوا بالضرب المباشر بالأيدي على صحافيين ومصورين ومحاولة كسر كاميراتهم مثل ما حدث للصحافي ربيع عيد والمصور رامي جبارين في مظاهرتي الناصرة وحيفا المناهضة للحرب، الشهر الماضي.

وتساعد قطعان المستوطنين الشرطة في هذا الأمر، خصوصًا في المستوطنات ومدن الجنوب، حيث يتنظم المستوطنون بجماعات يتم التنسيق بينها للاعتداء على الصحافيين العرب بالضرب وإسماعهم أقذر الشتائم، بغض النظر عن وسيلة الإعلام التي يعملون بها، ويعتدون على كل ناطق بالعربية مثل ما اعتدوا على مراسل قناة "بي بي سي" بالعربية، فراس خطيب، وقال الكثير من الصحافيين العرب الذين يعملون مع وكالات أجنبية أن قطعان المستوطنين يرسلون أحدهم في البداية ليسأل إذا كانوا من قناة "الجزيرة" وإذا كانوا يعلمون أين يتواجد طاقم "الجزيرة"، لأنهم يعتبرونهم عدوهم الأول وأحد أهم الأسباب لتشويه صورتهم عالميًا.

وحشية الاعتداءات

يقول المصور الصحافي رامي جبارين: "أثناء المظاهر في الناصرة، كنت أصور اعتقال أحد النشطاء واعتداء ستة عناصر أمن عليه بالضرب المبرح، رآني أحدهم وصاح بكلمات مبهمة، عندها جاء إلي عنصر آخر ودفعني بقوة، حاولت مواصلة التصوير لكنه دفعني بقوة أكبر وألقاني أرضًا، ووقف بيني وبين الحدث كي لا أصور. تكرر الأمر مرة أخرى في مظاهرة يوم التصدي في حيفا، حيث دفعني أحدهم بقوة، وحاول ركل الكاميرا بقدمه ليمنعني من تصوير اعتداء أكثر من 7 عناصر شرطة على شاب في المظاهرة".

وعن وحشية الاعتداءات المباشرة تقول منى عمري: "كنت أصور المواجهات بين قوات الاحتلال والشباب الفلسطيني في العيساوية، أثناء انسحاب قوات اليسام كنت في الشارع أنا وبعض المصورين والأهالي، توجهوا نحونا بسرعة وبدأ الأهالي بالهروب، وصاح أحدهم لا تهربي سيطلقون الرصاص على ظهرك، أنت صحافية ولا يستطيعون أذيتك، لكنهم اقتربوا مني وطلبوا بوحشية أن أغلق الكاميرا، كانت إحداهن امرأة حاولت مصادرة كاميرتي ولكنني تمسكت بها، وعندما تأكدوا من إغلاق الكاميرا قاموا بالاعتداء علي بالضرب. وقعت أرضًا ورأيتهم يذهبون، ظننت أن الموضوع انتهى، عندما وقفت على قدمي عاد أحدهم وضربني على يدي اليمنى بكعب بندقيته، أطلق آخر على ساقي رصاصة مطاطية من على بعد أقل من مترين، وعندما صرخت من شدة الألم بدأوا بالضحك والتهكم".

الاستهداف المتعمد والمتكرر

 تقول كريستين ريناوي مراسلة تلفزيون فلسطين إنه "رغم قوانين ومواثيق الأمم المتحدة التي تنص على حماية الصحافيين وعدم المس بهم خاصة في مناطق النزاع، إلا أن مؤسسة الاحتلال لا تعيرهم أي اهتمام، نلاحظ جميعنا اننا مستهدفون شخصيًا، حيث في كل مرة يحاولون إصابتنا لردعنا عن تأدية واجبنا، كانت أشدها الرصاصات المعدنية التي أطلقت باتجاهنا أثناء تغطيتنا للمواجهات في شعفاط، حيث أصيب جميع أفراد الطاقم بما اتضح أنها بندقية قناص يعرف أهدافه جيدًا، وقبلها وبعدها كثيرًا مثل باب العامود والشريط الحدودي ناء تغطية العدوان على غزة".

وأضافت ريناوي: "الصحافيون هم أحد أهم مكونات خط الدفاع الأول، فهم ينقلون حقيقة ما يحدث لكل العالم ويسلطون الضوء على القضية وعدالتها، وفي كل حدث ومواجهة يكون أحد المصابين صحافيًا يحاول أداء واجبيه بأمانة وفضح جرائم قوات الاحتلال وانتهاكاتها، لكن هيهات أن ينالوا من عزيمتنا، سنبقى نؤدي واجبنا وننقل الحقيقة وفضح جرائمهم".  

هذا جزء بسيط ومقتضب من معاناة الصحافي الفلسطيني في تغطيته اليومية للأحداث، فالاحتلال الإسرائيلي تجاوز من زمن الخطوط الحمراء، وأكبر دليل على ذلك، عدد الشهداء من الأطفال في غزة في الحرب الأخيرة. فمن لا يرتدع من قتل الأطفال حتما لن يردعه الاعتداء على الصحافيين. 

 

 

التعليقات