العمل التطوعي إرادة وثبات في وجه التحديات

تعود جذور العمل التطوعي في التراث العربي الفلسطيني في البلاد إلى أزمنة بعيدة، والحاجة للعون المتبادل بين الناس هي التي أسّست له، فمن أجل بناء منزل، أو جمع محصول زراعي أو حفر بئر أو حراسة القرية وغيرها كان لا بد من التعاون والتطوع.

العمل التطوعي إرادة وثبات في وجه التحديات

الرفض بكل وضوح لمحاولات أسرلة المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد

تكمن أهمية العمل التطوعي في أهمية الدور الذي يلعبه في بناء المجتمعات وتطورها، فهو ركن أساسي في قيام الجمعيات الأهلية ومنظمات التنمية الاجتماعية، واكتساب الشباب شعور الانتماء إلى مجتمعهم، وتحمل بعض المسؤوليات التي تسهم في تلبية احتياجات اجتماعية ملحة أو خدمة قضية من القضايا التي يعاني منها المجتمع، في إطار عمل جماعي منظم، ولتحقيق مفهوم التنمية الشاملة.

كذلك الاستفادة من الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة، وتسخيرها لخدمة المجتمع، و استقطاب المتطوعين من الجنسين، لتدريبهم وتأهيلهم، ليكونوا جاهزين لتنفيذ أي مهام وطنية، وتعويد النشء على إنكار الذات والتفاني في بذل العطاء، دون مقابل مادي خدمة لمجتمعهم، وتجسيد معنى التكاتف وروح التعاون، وتحقيق مبدأ الجسد الواحد والهدف الواحد.

جذور ضاربة بالأرض ثمارها للمصلحة العامة

وتعود جذور العمل التطوعي في التراث العربي الفلسطيني في البلاد إلى أزمنة بعيدة، وبلا شك أن الحاجة للعون المتبادل بين الناس هي التي أسّست له، فمن أجل بناء منزل، أو جمع محصول زراعي أو حفر بئر أو حراسة القرية وغيرها من المهام الحياتية كان لا بد من التعاون والتطوع.

لفتت انتباهنا الأعمال والنشاطات العديدة التي تنفذ في قرية مجد الكروم، والتي عرفت بفعالياتها المتنوعة سواء كانت الثقافية أو التطوعية أو الإغاثية وغيرها.

'عرب 48' التقى مجموعة من الشباب تنشط في مجد الكروم تضم قاسم كريّم، موسى سلامة، زيدان ناصر، عمر شعبان، محمد سلامة، رشيد كريّم، محسن أبو رمحين، إحسان حمدان ومالك مناع، في 'شباب العين الساهرة'، منذ نحو سنتين، وهي مجموعة تهتم بالعمل التطوعي والشؤون المحلية.

بلورة الفكرة وتحويلها إلى عمل تطوعي

يؤكد شباب 'العين الساهرة' أن الفكرة لم تأت من فراغ، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، والفرد ليس معزولاً عن الآخرين، وما يقوم به من أعمال له أبعاده الاجتماعية، فمن قبل أن ينتمي الإنسان إلى ديانة ما، أو إلى أي حزب أو طائفة، فهو ينتمي إلى الإنسانية بما تحمله له من حقوق وواجبات. ومن حقوقه الإنسانية الكثيرة، حقه على العمل.

أما أنواع العمل فهي كثيرة ومتنوعة، منها ما يقوم بها الإنسان مقابل أجر مادي معين حتى يستطيع العيش ويلبي حاجاته وطموحاته ومستقبل أبنائه، ومنها ما يقوم به بدون أجر مادي، وهو العمل التطوعي، فقيمة عمل الإنسان لا تنحصر بالقيمة المالية، إذ له أيضاً قيمة اجتماعية وأدبية وأخلاقية ودينية.

ولم تنحصر الأعمال التطوعية التي ينفذها شباب 'العين الساهرة' في تنظيف المقابر والشوارع وطلاء الجدران والأرصفة وأعمال الترميم في المدارس ورياض الأطفال ومنازل تعرضت لأضرار وخسائر فادحة بسبب حريق أو حادث طارئ، بل تعدى ذلك إلى المشاركة في حملات إغاثة قطرية والتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية تقدم العون والدعم لعائلات محتاجة في الضفة وقطاع غزة، وأخرى للأسرى مثل الرابطة العربية لرعاية الأسرى والمحررين وتسيير حافلات إلى مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى.

 ويقول الناشطون لـ'عرب 48' إن 'انطلاقة شرارتنا كانت في مشروع  تنظيم حركة السير على ساحة العين بمركز القرية، بسبب الازدحام هناك، وقد حققنا نجاحًا حيث عملنا 17 ليلة ويومًا بشكل متواصل خلال شهر ومنعنا الفوضى وحققنا هدوءًا لأهل الحي ولمن يمرون من هناك، وقمنا خلال الليالي بحراسة القاعة الرياضية ومنعنا أعمالا سلبية من قبل بعض الشبان، وأقمنا أمسيات ومحاضرات ولقاءات اجتماعية، منها محاضرة للعامل الصحي أحمد خلايلة عن أضرار تدخين الأرجيلة الصحية'.

مشارب سياسية مختلفة وهدف واحد

ويتحدث الشباب لـ'عرب 48' حول أهمية تفعيل مفهوم العمل التطوعي لدى فئات الشباب، مؤكدين على 'ضرورة بناء أواصر التعاون بين المتطوعين الشباب والجمعيات والمؤسسات الأهلية العاملة في مجالات البيئة والعمل التطوعي، والاستفادة من الخبرات والمهارات لخدمة المجتمعات المحلية في مواقعها، وتفعيل المجموعات المحلية من أندية شبابية ومجموعات تنمية المجتمع المحلي والمدارس والجمعيات لخدمة المجتمع المحلي، بالإضافة إلى استخدام الطاقات المتوفرة من الشباب لتعزيز العمل التطوعي لديهم والاشتراك في أنشطة تطوعية لخدمة البيئة المحلية وبمشاركة شباب في الفعاليات والأنشطة المختلفة'.

المبادرات الذاتية في مواجهة الخدمة المدنية الإسرائيلية

وفي حين حاولت المؤسسات الإسرائيلية وأذرعها الترويج للخدمة المدنية الإسرائيلية في أوساط أبناء الشبيبة العرب، نشطت مجموعات شبابية عربية في تذويت وترسيخ أهمية العمل التطوعي بمبادراتنا الذاتية التي تعود بالنفع والفائدة على المجتمع العربي دون أن ترضخ لإغراءات مادية أو غيرها، مؤكدين الرفض بكل وضوح لمحاولات أسرلة المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد.

ورأى شباب 'العين الساهرة' في مجد الكروم أن 'الخدمة المدنية التي تريدها السلطات الإسرائيلية هي اعتراف منا بأننا حصلنا على جميع حقوقنا وعلينا تقديم واجب لها، وهذا شيء غير مقبول علينا. نحن نطرح أفكارا ونستمع إلى مقترحات محلية من الأهالي لتنفيذها تطوعا في سبيل خدمة أبناء بلدنا وشعبنا، ونعتقد أننا قادرون على مواصلة العطاء وترسيخ قيمة العمل التطوعي لمجتمعنا في نفوس الأجيال الصاعدة'.

التعليقات