"شراع الأمل" مبادرة شبابية لدعم اللاجئين السوريين

ذهب السوريّون هذا الصيف إلى البحر لا ليستجمّوا بل لأنّ بهِ حياةً آمنة يفتقدونها في وطنهم، رغم أنّ الشراع الذي يقودهم للنجاة من ويلات الحرب تتجه بوصلته إلى المجهول، فقطرات الماء يدها مسكونة بالغدر.

حملة "شراع الأمل" في الناصرة

ذهب السوريّون هذا الصيف إلى البحر لا ليستجمّوا بل لأنّ بهِ حياةً آمنة يفتقدونها في وطنهم، رغم أنّ الشراع الذي يقودهم للنجاة من ويلات الحرب تتجه بوصلته إلى المجهول، فقطرات الماء يدها مسكونة بالغدر، وكما تقول الأغنية السوريّة التي تعبّر عن منفى الشعب السوري الوحيد ' بالبحر إرميني ولا تسأل ما عندي طريق ثاني'.

ولكنّ مجموعة من المبادرين أرادوا تغيير جزء من بوصلة هذا الشراع ليكون 'شراع الأمل'، وهو اسم أكبر مبادرة شبابيّة انطلقت من الداخل الفلسطيني، الأسبوع المنصرم، لإغاثة لاجئي سوريّة في دول شرق أوروبا، لتشمل مختلف المدن والقرى العربيّة.

'شراع الأمل'

انطلقت حملة 'شراع الأمل' بعد عمل دام أسبوعين من قِبل ثلاثة طلاب أكاديميين مبادرين وهم: سندس سلطي، رغدة عوّاد وهيثم بيادسة، وبدعم وتغطية قانونيّة من مركز مساواة في حيفا، لتقديم الدعم لهذه المبادرة، التي استطاعت تجنيد أكثر من 50 مندوبا من مناطق مختلفة في البلدات العربيّة لجمع التبرعات للاجئي سوريّة في أوروبا.

وفي هذا السياق تقول إحدى المبادرات القائمات على الحملة، سندس سلطي، من النّاصرة، لـ'عرب 48' إنّ هذه الحملة غير سياسيّة وغير حزبيّة بل إنسانيّة في الدرجة الأولى، وهي قطريّة تشمل أكثر من 30 مدينة وقرية عربيّة و 50 مندوبا، بالإضافة إلى الغطاء القانوني المتمثل في مركز مساواة، مردفةً أنّه بعد أسبوعين ستخرج بعثة باسم فلسطينيي 48، إلى دول شرق أوروبا، تضم متطوعين ومتطوعات من الحملة، كوادر طبية من أطباء وممرضين واختصاصيين نفسيين لتقديم خدمات علاجية وصحيّة للاجئين وأطفالهم.

وتشير سلطي إلى أنّ التبرعات التي يتم جمعها في البلاد ستخرج ضمن جمعيّة أوروبيّة، وتحويلها لشراء مستلزمات أساسيّة للاجئين كالمسكنات والأدوية، المواد الغذائية، الأغطية، والملابس، وكل ما يحتاجه اللاجئون من مواد أساسية تسدّ ولو بشكل جزئي احتياجات الإنسان الأوليّة.

من العالم الافتراضي إلى الواقعي

وبدورها تتحدث المبادرة والقائمة على الحملة، رغدة عوّاد، لـ'عرب 48' عن البوادر التي دفعتها للمثابرة لإنشاء هذه الحملة وهي بوادر إنسانية بحت، كما وصفتها، فهي شاهدت المعاناة السوريّة عبر وسائل الإعلام لمدة 4 سنوات، كما شاهدها العالم بأسرهِ، وفي الآونة الأخيرة ظهرت معاناة اللاجئين السوريين في أوروبا وظروفهم الحياتيّة القاسية التي حرمتهم من الحاجات الإنسانيّة الأساسيّة.

ولكنّ عوّاد لم تتوقف عند مشاهدتها لهذه القصص الصعبة عبر وسائل الإعلام، بل اختارت أن تخرج لمرحلة ما بعد الفيسبوك والتويتر، وهي الخروج لأرض الواقع وتنفيذ ما هو ممكن لإغاثتهم، حتى لو كانت هذه الإغاثة جزئية فهي بالنهاية لا تستطيع محو المعاناة كاملة، ولكنّ جزء من المساهمة والدعم والمشاركة قد يساهم في تغيير واقع إنسان ما ولو كان تغييرًا بسيطًا، على حدّ تعبيرها.

وتتابع عوّاد بحديثها أنّ لمواقع التواصل الاجتماعي 'الفيسبوك' إيجابيتين تتلخصان بقولها: 'استطاع الفيسبوك أن ينقل ويوثّق معاناة  اللاجئين في أوروبا، مما أتاح لنا الاطلاع عن كثب والتفاعل شعوريًا معهم ومع ما يقاسونه، وهو كان دافعنا للتحرك وإغاثتهم على أرض الواقع وليس فقط التعاطف معهم، والإيجابية الثانية هي استخدام الفيسبوك كمنبر أوّلي لإنشاء الحملة والخروج منه لحيز الواقع والتنفيذ الحقيقي، عبر صفحة الفيسبوك الأولى 'أكبر مبادرة شبابية من الداخل الفلسطيني لإغاثة لاجئي سوريا #شراع_الأمل'، والتي استطعنا من خلالها تعريف الناس على حملتنا، وتجنيد أكثر من 50 مندوبا'.

ويعبّر المندوب عن منطقة طمرة، سليمان حجازي، في حديثه لـ'عرب 48' بالتأكيد على  أنّ 'هذه المبادرة أتت من المعاناة التي كنا نشاهدها، كالطفل عيلان كردي، وغيرهِ من اللاجئين ومعاناتهم، ونتساءل جميعًا ما الذي يمكن فعله ونحن موجودين في مكان آخر بعيد عنهم؟، إلى حين رأيت هذه المبادرة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي فقررت التواصل مع القائمين على الحملة لأكون جزءً منها عبر جمع التبرعات من مدينتي طمرة'.

التعاضد بين الشعبين

ومن جهتهِ، يؤكد سليمان حجازي على إنسانية هذه المبادرة غير المحزبة، والتي تسعى فقط لإغاثة اللاجئين دون مسميات أو اعتبارات حزبية وسياسيّة، خاصةً أنّه ليس هناك أحد أحق من الشعب السوري على الشعب الفلسطيني لإغاثتهِ ومساعدتهِ في أزمتهِ، قائلاً إنه 'في عام النكبة 1948 وما بعدها احتضنت سوريّة عددا كبيرا من الفلسطينيين، وها هي النكبة تتكرر اليوم، ولكن مع الشعب السوري، وللأسف نحن في فلسطين داخل الخط الأخضر أو الضفة والقطاع لا نستطيع استقبالهم في بيوتنا، ولكن أقل ما نستطيع فعله هو جمع التبرعات لمساعدتهم ولو كان ذلك جزئيًا في رسم الفرحة على وجه طفل سوري أو إغاثة عائلة سوريّة على حدود صربيا مثلاً'.

وفي هذا السياق يفيد المندوب في منطقة طمرة، أحمد حجازي، أنّها مبادرة إنسانية، موجهًا رسالته لكافة أبناء الداخل الفلسطيني: 'نحن اليوم موجودون كبشر، يجب أن نخرج من النازع الديني والسياسي إلى النازع الإنساني، والنظر خارج القفص الذي يحيطنا، والخروج منه إلى مساعدة البشر والأطفال والنساء كي يبنوا حياتهم الطبيعيّة، سواء كان ذلك مساعدة ماديّة أو معنوية، فيجب تقديمها'.

ومن منطلق التعاضد بين الشعبين، تشير عوّاد في حديثها إلى 'ارتباط الشعب السوري بالشعب الفلسطيني'، فالإقبال على الحملة كما وصفته بالجيّد، 'المتبرعون الذين صادفتهم أبدوا رغبتهم وإقبالهم على هذه الحملة من خلال تبرع كل شخص بحسب قدرتهِ، بالإضافة إلى دعم وترحيب مركز مساواة في حيفا لهذه الحملة، وهو دعم للحماية القانونية وتجنيد مؤسسات أوروبيّة للتعاون معها'.

يُذكر أنّ الحملة ستستمر حتى يوم الأربعاء المقبل، واستقطبت العديد من أهالي الناصرة للتبرع، عبر نصب وحدة تبرّع في ساحة عين العذراء، أشرف عليها العديد من المبادرين والمتطوعين يوم الثلاثاء المنصرم.

التعليقات