العمر البيولوجي: الشباب يضحى كهلا.. والمسنون أصغر سنا

للإنسان عمران، عمر زمني يحدّد بعدد السنوات التي يعيشها، والعمر البيولوجي الذي يحدّد بناء على الحالة الصحية ومستوى اللياقة ومظهر الإنسان، حيث يتمتّع بعض المسنين بصحة جيدة ومظهر أقرب إلى الشباب

العمر البيولوجي: الشباب يضحى كهلا.. والمسنون أصغر سنا

للإنسان عمران، عمر زمني يحدّد بعدد السنوات التي يعيشها، والعمر البيولوجي الذي يحدّد بناء على الحالة الصحية ومستوى اللياقة ومظهر الإنسان، حيث يتمتّع بعض المسنين بصحة جيدة ومظهر أقرب إلى الشباب، في حين يبدو بعض الشباب بمظهر أكبر من عمرهم الحقيقي ، وهو الأمر الذي يتحكم فيه العمر البيولوجي بعيدا عن العمر الزمني الحقيقي للإنسان.

يُقصد بالعمر البيولوجي العمر الحيوي للإنسان، وتحديد وضع الشخص البيولوجي مقارنة بعمره الزمني بالاعتماد على المعدل الطبيعي للعمر الزمني، فقد يكون المرء مهتما بصحته ويمارس الرياضة والنشاط البدني، مما يجعله يتمتّع بأجهزة داخلية أكثر حيوية من معدل عمره الزمني، في حين قد يكون هناك شخصا معتل الصحة ويعاني من الأمراض، مما يزيد عمره البيولوجي بشكل أكبر من عمره الزمني، الذي يُعرف بأنه عدد السنوات الفعلية التي يعيشها الإنسان، وعادة تحدّد منذ تاريخ الولادة، إلا أن هذا التحديد لا يأخذ في الاعتبار العوامل الفسيولوجية والاجتماعية والنفسية.

لا يرتبط العمر البيولوجي بالضرورة بالعمر الزمني، كونه يتأثر بعوامل أخرى، وهو ما يظهر في شخص في السبعينات من عمره يتمتّع بصحة جيدة وقدرة على ممارسة الرياضة بشكل أكبر من شخص ثلاثيني أو أربعيني، كذلك يتمتّع بمظهر شبابي يجعله يبدو أصغر من عمره الزمني.

وقد تناولت دراسة حديثة أجراها مجموعة من الباحثين الأميركيين، العمر البيولوجي لمجموعة من الأشخاص في فئات عمرية مختلفة، معتمدة على فحص الحالة الصحية والنفسية بشكل منتظم لـ1937 شخصا في إحدى مدن “نيوزيلندا” منذ ولادتهم وحتى بلوغهم 38 عاما.

وركّز الباحثون خلال الدراسة، على قياس سرعة العجز في أعضاء الجسم المختلفة من الكبد والكلى وجهاز المناعة، كذلك التغيّرات في معدل الكوليسترول ووضع شرايين الدم خلف العين، والتي تُعتبر مؤشرا على حالة الشرايين الدموية في المخ، وباستخدام هذه المعايير تمّ تحديد العمر البيولوجي للخاضعين للأبحاث والذي تراوح بين 28 و61 عاما.

وخلصت الدراسة إلى أن معظم المشاركين تقدّم عمرهم البيولوجي مرة كل سنة، في حين زادت سرعة التقدم في العمر البيولوجي لدى الأشخاص الذين تتجاوز سنهم الـ38 عاما، كما أظهرت اختبارات قياس نسبة الذكاء تراجعا لدى هذه الفئة، وهو ما يشير إلى مخاطر الإصابة بالزهايمر والسكتات الدماغية.

وقال د. آن بيلسكي، الأستاذ بجامعة ديوك الأميركية، والمشرف على الدراسة: إنه يجب البدء في دراسة التقدم في العمر عند الشباب، إذا كانت هناك رغبة في الحدّ من الأمراض المرتبطة بالعمر، موضحا أن آثار التقدّم في العمر بدأت في الظهور من سن الـ26 عاما.

وأضاف د. بيلسكي: تزيد مخاطر التعرّض لأمراض مختلفة كلما تقدم العمر البيولوجي، لذلك يجب أن يكون التقدم في العمر نفسه هو هدف الأبحاث والدراسات، حتى يمكن الحيلولة دون وقوع العديد من الأمراض في نفس المرحلة العمرية.

ويشير الباحثون إلى أن هذه الدراسة تؤدي إلى إدراك أبعاد عملية التقدم في العمر بشكل مجمل، كبديل لعلاج كل مرض مرتبط بالتقدم في السن بشكل منفصل، وتتزامن تلك الدراسة مع نتائج بحث علمي توصّل إلى أن تأثير العوامل البيئية المحيطة بالإنسان على التقدم في العمر البيولوجي، تتجاوز السبعين بالمئة، بينما تؤثر العوامل الجينية بنحو عشرين بالمئة فقط.

ويقول د. سعيد مأمون، استشاري الصحة العامة: إن العمر البيولوجي هو العمر الصحي للإنسان، والذي يحدّد بكفاءة عمل الأجهزة والخلايا في الجسم ومستوى اللياقة، لافتا إلى أن للإنسان عمرين، عمر يعتمد على تاريخ الميلاد، وعمر بيولوجي يتضمّن “العمر النفسي والعمر الاجتماعي”، مبينا أن العمر البيولوجي لا يمكن تحديده وقياسه، إلا بعد أن يصل الإنسان إلى سن الثلاثين، حيث يدخل في مرحلة تراجع تدريجي وتقل كفاءة الجسم في هذه المرحلة بنسبة 1 – 3 بالمئة كل عام.

وتابع مأمون: هناك عدة عوامل تؤثر في العمر البيولوجي للإنسان بعد سن الثلاثين، من أهمها الأمراض الوراثية مثل السكري والثلاسيميا، والأمراض المزمنة كالروماتيزم والكوليسترول والضغط، هذا بجانب العادات السيئة، مثل تعاطي التدخين والكحول، فضلاً عن الصحة النفسية.

وتوضح د. ندى ياسين، أستاذ الباطنة بكلية الطب جامعة القاهرة، أن محاولة التقليل من العمر البيولوجي للإنسان تعني بقاء حالة أعضاء الجسم وأدائها لوظائفها الطبيعية في أحسن حال لأطول فترة عمرية ممكنة، مشيرة إلى أن هناك هرمونات في جسم الإنسان مسؤولة عن تراجع العمر البيولوجي، وهي: “الإستروجين، التستوستيرون، البروجسترون”، بالإضافة إلى الأنسولين، لافتة إلى أن هذه الهرمونات يجب أن تكون في معدلات أعلى من الحد الأدنى لها، وفي حالة وصولها إلى الحد الأدنى يجب اتباع نظام وقاية بتعديل نمط الحياة من خلال النظام الغذائي وممارسة الرياضة والصحة النفسية.

وأضافت ياسين: إنه من الممكن التأثير في العمر البيولوجي، من خلال الانتظام في ممارسة الرياضة والنشاط البدني، بمعدل أربع ساعات في الأسبوع كحد أدنى وبشكل منتظم، وتغيير النظام الغذائي باستخدام الفيتامينات والمعادن، وتناول الأعشاب المفيدة، إضافة إلى إزالة السموم المتراكمة في الجسم، واستخدام بعض تمارين الاسترخاء، هذا بجانب الراحة النفسية والتغلّب على التوتر، مؤكدة أن الدراسات والأبحاث أثبتت أنه من الممكن إبطاء أو عكس النمو البيولوجي.

اقرأ/ي أيضًا| في الصيف.. كريم الوقاية ضروري حتى بالسيارة

التعليقات