ماذا يحدث لو اختفت مواقع التواصل الاجتماعي؟

أصبح "الفيسبوك" من المواقع التي تمثّل الـ"حياة" بالنسبة للكثير من الأشخاص، وأضحى جزءا لا يتجزأ من حياتهم، ولا يستطيعون التخلي عنه، فضلا عن “تويتر” وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي. لدرجة الإدمان.

ماذا يحدث لو اختفت مواقع التواصل الاجتماعي؟

أصبح "الفيسبوك" من المواقع التي تمثّل الـ"حياة" بالنسبة للكثير من الأشخاص، وأضحى جزءا لا يتجزأ من حياتهم، ولا يستطيعون التخلي عنه، فضلا عن “تويتر” وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي، فهذه المواقع تعمل على التواصل المستمر والتعرف على أشخاص، ولعلها تساعد في عملية التواصل بين الأصدقاء القدامى، لكنها في المقابل تفكّك الأسرة، فكل فرد فيها يكون منشغلا بهاتفه المحمول لمعرفة الأخبار والأحداث والدردشة مع الأصدقاء، واختفت روح الألفة والمودة بين الأسرة، وأصبح كل منا منشغلا عن الآخر، ولا يعرف عنه شيء في ظل عدم معرفة الوالدين بمثل هذه الوسائل التكنولوجية، أو حتى بمعرفتهم الجزئية.

فالكثير من الأشخاص يرون أنه بمجرد توقّف الوسائل التكنولوجية وإلغاء مواقف التواصل الاجتماعي، ستتوقف أعمال كثيرة بنيت على أساس التسويق الشبكي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي سيتوقّف الدخل العائد منها.

فقد أصبحت وسائل التواصل جزءا مهما جدا في حياتنا لا يمكن الاستغناء عنه، بل وأدمنها البعض، وفي حال انقطاعها ستتسبّب في إرباك وتوتر الكثير، وستبدأ حالة الفراغ والملل في العودة مرة أخرى، وذلك على الرغم من أن وسائل التواصل لها عامل مهم في حالة الاكتئاب والتوتر التي تصيب الفرد نتيجة متابعتها المستمرة، بل وإنها تعمل في هدم علاقات اجتماعية كثيرة نتيجة انشغال كل طرف عن الآخر بهذه التكنولوجيا.

لكن على الصعيد الآخر، ومن وجهة نظر الفئة العمرية الأكبر سنا والأكثر نضوجا، نجد أن رأيهم سيختلف، فسنجد أن الكثير يحبذون انقطاع مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت السبب في تفكّك الأسرة، لأن الحياة بعدها ستكون أفضل وسيعود الزمن إلى الهاتف المحمول الثابت، وستقوى العلاقات الاجتماعية مرة أخرى وتعود الحياة لطبيعتها، فهي مجرد وسائل فقط لتواصل العالم الافتراضي والوهمي مع بعضه، هذه بالإضافة إلى تقوية العلاقات الأسرية والعائلية، فكل شخص يشتاق إلى شخص آخر سيذهب إليه لزيارته. فوسائل التواصل الاجتماعي لم تقتصر فقط عند حدها الاجتماعي بل أصبحت وسيلة بين الحكام وصنّاع القرار والجمهور، فمن خلالها يستطيع الشخص التعبير عن رأيه بحرية دون أي قيود تمنعه أو تحجر عليه سلطاتها، إذا استثنينا بعض الحالات التي تفرض بها الدولة القمعية الرقابة حتى على مواقع التواصل.

وتقول أستاذة علم الاجتماع د. فدوى عبدالمعطي، إن "إدمان الفرد لمواقع التواصل الاجتماعي يجعله في عزلة اجتماعية بعيدا عن المجتمع الذي يعيش فيه، حيث يجد الفرد كل ما يتمناه في هذا الموقع لذلك لا يجد داعي لمواجهة العالم الخارجي حتى وإن انقطعت علاقته بأسرته، فينعزل ويتوحّد عن العالم الخارجي، متكيفا مع أصدقائه عبر شاشة الكمبيوتر لمعرفة كل ما هو جديد في عالم السياسة والاقتصاد والفن، ومعرفة رد فعل الجمهور في الأحداث السياسية التي تحدث حوله، لذلك يجد نفسه في قلب الحدث ولا يجد داعي لمخالطة العالم الخارجي، حتى أن يعبر عن رأيه من خلال هذه المواقع، ناصحة بعدم تكريس الحياة أمام هذه المواقع والحدّ منها لما لها من أضرار على أجهزة الإنسان العضوية، وحتى لا تتحوّل من مواقع تواصل إلى مواقع انقطاع اجتماعي".

وتوضح استشارية الأمراض النفسية، د. رنا علي، أن "إدمان الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى حدوث الكثير من المشكلات السلوكية والنفسية لكثير من الأجيال، هذا بالإضافة إلى تغيّر سلوكياتهم وتقاليدهم النفسية والعاطفية والسلوكية، وجعلهم في عزلة عن المجتمع الذي يعيشون فيه وعن أسرتهم، وأقل خبرة بمواقف الحياة اليومية، وجعلهم يلقون صعوبة في التواصل مع من حولهم، مشيرة إلى أنه لابد من التقليل من الجلوس أمام هذه المواقع"، لافتة إلى أنه لا شك أن الشخص سيجد صعوبة كبيرة بسبب إدمانه لهذا العالم التكنولوجي.

وتضيف أنه إذا قرّر الشخص الابتعاد عن هذه الوسائل، سيجد صعوبة في التأقلم مع أسرته، وفي شغل وقت فراغه، حيث سيجد فراغا كبيرا مما يشعره بالملل والاكتئاب، كما سيشعر الفرد بحالة من النقص الحاد في مواكبة الأحداث الجارية ومعرفتها، وسيجد الشخص صعوبة في الحصول على البديل عن إدمانه لمواقع التواصل الاجتماعي مما يشعره بالإحباط، وقد يلقى سخرية من أصدقائه من مدمني هذه المواقع، لكن عليه أن يتخذ موقفا حاسما سواء مع نفسه أو مع الأشخاص الذين حوله دون تراجع.

اقرأ/ي أيضًا | عندما لا يتوافق عملك وطموحاتك... ماذا تصنع؟

وتشير علي، إلى أن هناك العديد من البدائل التي يجب أن يتبعها الشخص بعد إقلاعه عن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والبعد عنها، منها القراءة، حيث أنه يمكنه معرفة الأحداث من خلال قراءة الصحف، بالإضافة إلى القراءة بصفة عامة، فهي تعد منبعا للثقافة، وتكسب الشخص رؤية من خلال الاطلاع، والعودة إلى الروايات والقصص التي كان يفضّل المرء قراءتها قديما، وأيضا ممارسة الرياضة لملء وقت الفراغ، لفوائدها الصحية التي تعود على الشخص، حيث أنها تكسب الجسم القوة والنشاط وتصفي الذهن، بالإضافة إلى العودة للتواصل الحي مع الأهل والأصحاب، ومناقشتهم في الأمور الحياتية والعامة وجها لوجه بعيدا عن أزرار لوحة المفاتيح. فتبادل الخبرات مهمة خاصة في مرحلة الشباب، هذا كله من شأنه أن يعوض المرء عن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، ويجعله لا يشعر بفراغ في حياته بالانقطاع عنها.

التعليقات