"الرجل الفيمينيست" والخارج عن المألوف

يتصف الرجل الفمينيست بالعديد من الصفات الإيجابية بعكس الرجال أصحاب الصورة النمطية، وهو ما لا تتوقعه المرأة التي تظل في حيرة إذا أحبت أحدهم

"الرجل الفيمينيست" والخارج عن المألوف

يطلق لفظ “فيمنيست” على الرجال الذين يطالبون بأن تتمتع المرأة بكامل حقوقها وحريتها، ويتضامنون معهن في قضاياهن التي يثيرونها ،وفي آرائهن المختلفة حول الاهتمامات المجتمعية والشؤون الخاصة للمرأة، ويترجم هذا التعريف النظري إلى واقع عملي عندما يكون الفيمنيست زوجا، حيث يقوم بمساعدة زوجته في أداء واجبات المنزل، من منطلق المشاركة وأحقية الزوجة في ذلك، كما يردد دائما مصطلحات جاذبة للمرأة يهدف من خلالها نيل الرضا والحب، مثل الحرية والاستقلال، والتي تلقى رضا وقبولا واسعين لدى المرأة.

الفيمنيست نوعية مختلفة من الرجال ذات خصائص وصفات وشخصية تميل لتأييد المرأة، حيث يطلق عليهم “نسوي”، وتعني بالنسبة للبعض المطالبة بالحرية المطلقة التي تصل إلى حد الحرية الجنسية، وبالنسبة للبعض الآخر فهي لا تعني سوى التضامن مع المرأة والتعامل معها وفق ضوابط بعينها، بعكس من يمثلون الصورة النمطية للرجل، التي تتعامل مع المرأة باعتبارها الزوجة وأم الأبناء فقط.

وقد واجهت هذه النوعية من الرجال الكثير من الانتقادات من أبناء جنسهم، كان أبرزها أنهم نسويون أي لا يبحثون سوى عن السعادة الجنسية فقط، وأن خططهم المستقبلية لا تتناول سوى الارتباط بامرأة جميلة يشاهدها الآخرون بإعجاب، كما أنهم يقومون بترديد مصطلحات لا يريدون منها سوى لفت انتباه المرأة نحوهم، وجذب أنظارها لنيل إعجابها فقط وإيقاعها في شباكهم العاطفية، وبعد الارتباط تنتهي حياتها معهم بانتهاء العلاقة الخاصة، ويجعل المرأة تتنازل تدريجيا عن المصطلحات والأهداف، التي طالما طالبت بها وأبدت اهتمامها بضرورة تفعيلها.

ويتصف الرجل الفمينيست بالعديد من الصفات الإيجابية بعكس الرجال أصحاب الصورة النمطية، وهو ما لا تتوقعه المرأة التي تظل في حيرة إذا أحبت أحدهم، بين الارتباط به والعيش معه أو التخلي عنه خوفا من الانتقادات التي تلصق بهم من جانب النمطيين، أهم هذه الصفات أنهم يعينون زوجاتهم على القيام بأعمال المنزل، من خلال مساعدتهم لهن وهو ما يتبادر عكسه تماما إلى أذهان النساء اللواتي لا يمتلكن معلومات كافية عن طبيعة الرجل الفيمنيست، ولكن ما هو واقعي أن هذا النوع من الأزواج يتعامل مع مسؤوليات المنزل باعتبارها شيئا يجب أن يتقاسم بينه وبين زوجته، إيمانا منه بأحقيتها في ذلك، فهذه ليست مهام الزوجة بمفردها وإنما واجب عليه هو أيضا.

ويؤمن الزوج الفيمنيست بالاستقلالية المادية له ولزوجته، حيث لا يرى أحقيته في أن تشارك زوجته في مصروفات المنزل، إذا كانت عاملة ولديها راتب شهري ثابت، كما لا يجب عليه الاطلاع على حجم هذا الدخل مهما بلغت به الأزمات، إلا إذا أرادت هي ذلك، ولكن هذا لا يعني أنهما يتجاهلان التخطيط لمستقبل أسرتيهما الصغيرة، فهما يتشاركان حول الادخار.

وعن نظرته العامة للنساء يتميز بأنه يراها نصفه الآخر وشريكته الأبدية، وليست مجرد راحلة يمضي معها أوقاته الجميلة ويذهب عنها ليبحث عن راحلة أخرى، وهذا ينبثق من كونها تتساوى معه في حقوق الاستقرار والشعور بالراحة الزوجية والسعادة، وتكوين الأسرة وتربية الأطفال وبناء حياة متكاملة، كما يتسم بقدرته على احترام رأي زوجته حتى وإن خالف ذلك رأيه، فهو يؤمن بكونها إنسانا ذات طبيعة مستقلة، على عكس ما يتصورن الزوجات، فهن ينتظرن من الزوج الفيمنيست أن يناقش زوجته في جميع الأمور، ويبدي اعتراضه على ثقال وأتفه الأمور، ويفرض رغباته وأهواءه عليها.

ويرى الزوج الفيمنيست أن التقاليد عائق كبير يقف أمام استمرار العلاقة بينه وبين زوجته، لذلك لا يضع لها وزنا، ولا يرى سوى زوجته، التي يعتبرها الملجأ الأول والأخير له، ولا يلتفت إلى الانتقادات التي يلقاها من الآخرين، المتعلقة بنظرته للعلاقة بينه وبين المرأة عامة وزوجته خاصة.

وتقول د. أمينة كاظم، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس: الزوج الفيمنيست يتصف بنجاحه العملي الذي يتوازى مع نجاحه في حياته الزوجية، ويسعى لذلك ليس لأسباب تتعلق برأي الآخرين به أو نظرتهم إليه، وإنما ليزداد قدره أمام ذاته، فهو يبحث عن النجاح لإصلاح حياته الداخلية، وليس لرغبة منه في ازدياد تسلطه أو تحكمه في من يحيط به، حيث يرى أن التحكم لم يكن الحل الأمثل لتأطير علاقاته بالآخرين، وكذلك يتسم بالالتزام الديني من خلال أدائه للفروض، مثل الصلاة والصوم والزكاة، ولا يفرض على زوجته أداءها سواء كانت على دينه أو غير ذلك، حيث يؤمن بحرية الاعتقاد أولا ثم حرية الممارسات طالما لا تضره، ويرى أن طبيعة فكره هي بالأساس عقيدة دنيوية وليس من شأنها التطرق إلى العقائد الدينية.

وأضافت: الزوج الفيمنيست يحترم خصوصيات الزوجة ومساحتها الشخصية، ويعد هذا من الصفات الإيجابية التي يتحلى بها، فقد يمنحها الحرية لمحادثة الآخرين بصورة مطلقة دون رقابة منه، سواء واقعيا أو افتراضيا من خلال الإنترنت، كما أنه لا يتدخل في طبيعة عملها، إيمانا منه بأحقيتها في الاستقلال العام والتام، وذلك لثقته بقدراتها في تحمل المسؤولية أولا، وباختياراتها ثانيا، مؤكدة أن هذا النوع من الأزواج يقدم دعمه الكامل لزوجته، فهو يختلف عن الآخرين بعدم التعليق على الشكل الخارجي للمرأة أو صفاتها الجوهرية، ولكنه يقدم بصورة معنوية دعمه لها، لا سيما إذا شعر بإحساسها المنتقص، من خلال التكرار دائما لكلمات ذات تأثير إيجابي على حالتها النفسية، مثل الإشادة بجمالها أو روعة شخصيتها وصفاتها، كما يثني دائما على قراراتها التي تتخذها، دون تعليقات تحط من قدرها وشأنها.

اقرأ/ي أيضًا| مناهضة تزويج الطفلات... مسؤوليتنا

التعليقات