عام على اعتقال الشاعرة دارين طاطور... تضامن عالمي

اعتقلت الشاعرة دارين طاطور، من قرية الرينة في الجليل، بسبب كتابات شاركتها عبر الشبكات الاجتماعية.

عام على اعتقال الشاعرة دارين طاطور... تضامن عالمي

الشاعرة دارين طاطور

اعتقلت الشاعرة دارين طاطور، من قرية الرينة في الجليل، بسبب كتابات شاركتها عبر الشبكات الاجتماعية.

في الـ11 من تشرين الأول/ أكتوبر 2015 اقتحمت الشرطة بيتها في منتصف الليل، كبلت يدي الشاعرة ابنة الـ34 عاما وأخذتها. وفي الـ11 من تشرين الأول/ أكتوبر 2016 مرّت سنة كاملة على اعتقال طاطور التي لا تزال رهن الاعتقال المنزلي في ظروف قاسية.

في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، قدمت ضد طاطور لائحة اتهام بادعاء التحريض للعنف ودعم تنظيم لإرهابي. ترتكز التهم ضد طاطور على قصيدة 'قاوم، يا شعبي، قاومهم 'ومشاركتين على 'الفيسبوك'، منهما مقولة 'أنا الشهيد إلي جاي' التي شاركتها، مثلها مثل العديد من الشباب، كردة فعل على جريمة قتل الفتى محمد أبو خضير.

المحاكمة ما زالت مستمرة في محكمة الصلح في الناصرة حيث ستعقد الجلسة القادمة في الـ17 من تشرين الثاني/ نوفمبر، ومن المتوقع أن تشهد دارين طاطور في هذه الجلسة. إذا ما تمت إدانتها بكافة التهم الموجهة لها فمن الممكن بأن تحاكم بالسجن ثماني سنوات.

طاطور قضت حتى الآن ثلاثة أشهر في سجون إسرائيلية مختلفة وستة أشهر أخرى بالاعتقال المنزلي في المنفى القسري في شقة بتل أبيب كان على عائلتها أن تتحمل تكاليفها. في نهاية شهر تموز/ يوليو قرر القاضي في محكمة الناصرة أنه بإمكانها متابعة السجن المنزلي ببيت عائلتها في الرينة. وقد جاء هذا القرار بعد أن قامت 250 شخصية، بينهم أدباء معروفون، فنانون وشخصيات ثقافية أخرى، بنشر رسالة مفتوحة تطالب بإطلاق سراح طاطور: بين الموقعين على الرسالة نذكر نوعم تشومسكي، نعومي كلاين، دايف إيجرز، كلوديا رانكين وعشرة من الحائزين على جائزة 'بوليتزر' وبينهم الأديبة المعروفة أليس ووكر والصحافية كاترين شولتس. أكثر من 7000 شخص وقعوا على الرسالة منذ ذلك الحين كما قام ناشطون بإطلاق حملة تضامن عالمية لدعم الشاعرة الشابة.

وبمناسبة مرور عام على اعتقال طاطور، وقع 170 كاتبا وشاعرا ومفكرا على عريضة باللغة العبرية تطالب بالإفراج عنها وإلغاء التهم الموجهة لها، فقد نشرت صحيفة هآرتس خبرين حول هذه العريضة على موقعها الإلكتروني باللغتين العبرية والإنجليزية. وبين الموقعين على العريضة الأديب الإسرائيلي إبراهيم جبريل يشوع، والشاعر توفيا روبنير، والبرفيسور في الفلسفة أفيشاي مرغليت، والرسام تسيبي جيفا.

قصة طاطور هي واحدة من بين قصص كثيرة. منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وحتى تموز/ يوليو 2016، اعتقلت حكومة إسرائيل حوالي 400 فلسطيني بسبب كتابات على الشبكات الاجتماعية، ذلك بحسب منظمات حقوقية. مع ذلك فقد أثارت قضيتها اهتماماً دولياً خاصاً مع الأخذ بعين الاعتبار انعكاساتها المخيفة على حقوق الفلسطينيين في إسرائيل، الحليفة الأقرب لحكومة الولايات المتحدة.

منظمة الكتاب العالمية 'نادي القلم الدولي'(Pen International) تبنت قضية دارين طاطور كمثال للملاحقة التي يتعرض لها الكتاب والفنانون ولمحاولة قمع حرية التعبير، حيث عقد 'نادي القلم الدولي' مؤتمره السنوي الـ82 في غاليسيا، إسبانيا، بمشاركة أكثر من 150 ممثلا مما لا يقل عن 63 مركزاً. ومن خلال هذا المؤتمر، وفي الـ30 من أيلول/ سبتمبر 2016، بمناسبة اليوم العالمي للترجمة، عبر المشاركون عن تضامنهم مع الشاعرة دارين طاطور من خلال قراءة شعرها وترجمة قصيدتها 'شاعرة من وراء القضبان' إلى أكثر من عشر لغات، فقد نشر موقع 'اللسعة' النص العربي الأصلي لقصيدة 'شاعرة من وراء القضبان' بمناسبة سنة على اعتقال الشاعرة.

كما نشر موقع 'عرب 48' في هذه المناسبة، مقال رئيس الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين 48، الشاعر سامي مهنا، تحت عنوان 'اعتقال دارين طاطور: دولة تخاف من قصيدة'. وكتب مهنا أن 'هذه الإجراءات التعسفية الخطرة من قبل أجهزة الأمن والقضاء الإسرائيلي، ومن يقف وراءها من عقلية وفكر وتوجه داخل الأجهزة الأمنية العميقة، كجهاز 'الشاباك'، تعيد إسرائيل برمتها إلى سنوات الملاحقات التي استهدفت الكلمة والموقف، تلك الفترة التي تعرض فيها شعراء المقاومة الفلسطينية إلى الملاحقات والسجون والإقامات الجبرية، والتصفيات، التي ذهبت إلى ما وراء الحدود، كاغتيال الأديب الفلسطيني، غسان كنفاني، الذي لم يحمل سلاحاً يومًا، ولم يشارك في أي عملية عسكرية، ولم يقاوم ظروفه وظروف شعبه كمهجر من أرضه ووطنه قسرًا، سوى بقلمه، واغتيال الشاعر كمال ناصر وكمال عدوان وغيرهم'. وينهي مقاله بالنداء: 'الحرية لدارين طاطور، وللمعتقلين والأسرى السياسيين، أسرى الحرية، الذين يقبعون في السجون الإسرائيلية، والحرية للموقف والانتماء والكلمة الحرة وحق التعبير، ولن ترهبنا ممارسات القمع والاستهداف العنصري، وسنسعى دومًا، بالموقف والكلمة والعمل والنضال، لإحلال السلام العادل والمساواة، رغم أنف أعداء العدل والسلام'.

في اليوم نفسه، الـ11 من تشرين الأول/ أكتوبر 2016، نشرت 'مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان' بيانا لها باللغة الإنجليزية تحت عنوان 'تجريم الشعر: قضية دارين طاطور' يشمل تحليل الملف من النواحي القانونية. كما نشر موقع 'Mondoweiss'، وهو موقع مؤثر من الولايات المتحدة يختص بتغطية قضايا الشرق الأوسط، تقريرا طويلا للكاتبة 'كيم جنسن' يغطي متجددات قضية طاطور منذ الجلسة الأخيرة للمحكمة في التاسع من أيلول/ سبتمبر. أمّا الموقع الإسرائيلي 'حديث محلي' (سيحة مكوميت)، الذي يمكن أنه اليوم أكثر موقع باللغة العبرية يتابعه ناشطو اليسار، فقد نشر مقالا تحت عنوان 'سنة على اعتقال الشاعرة دارين طاطور: على سهولة حرمان الحرية دون محاكمة'، ويركز المقال على قرار تمديد الاعتقال حتى انتهاء الإجراءات القانونية وعلى الاعتماد على لائحة الاتهام دون فحص الأدلة ومن ثم الضغط المتراكم على المتهمة للاعتراف أو للوصول إلى صفقة لتجنب مرحلة اعتقال أطول من العقاب المتوقع.

خصص ناشطو حملة التضامن مع طاطور في الولايات المتحدة يوم 11.10 لحملة تغريدات على موقع 'تويتر' تدعو لإطلاق سراح الشاعرة. ومن المعروف أن نشاط التضامن مع طاطور في الولايات المتحدة مدعوم من حركتي 'عدالة نيو يورك' و'صوت يهودي للسلام' اللتين تدعما حملة المقاطعة ضد المؤسسة الصهيونية (BDS). فقد لاقت حملة التغريدات استجابة واسعة، كما نرى في الصورة المرفقة.

 

تعليق الشاعر الفلسطيني من مدينة يافا محمود أبو عريشة بمناسبة سنة على اعتقال الشاعرة دارين طاطور

'إن القمع الذي يتعرض له الأدباء الفلسطينيون قديم الأزل. هل تذكرون غسان كنفاني. لماذا اغتال الموساد هذا الشاعر والصحافي الفلسطيني الذي كان يمارس مهنته الشريفة مهجراً في لبنان؟ لقد مضت أربعة عقود على رحيله وكذلك على اغتيال الشاعر راشد حسين الذي أحرق حياً على يد الموساد في منزله في نيويورك كما يقول أبناء عائلته. هذا الترصد للأدب والأدباء مخيف، وهو يميز الأنظمة القمعية والعصور المظلمة. كيف يقبل العالم 'المتنور' بذلك؟ وكيف يتماشى مع حقوق الإنسان الذي يدعو العالم الغربي إلى احترامها وفي المقابل يدعم بكل القوة النظام الإسرائيلي القائم على التمييز والظلم؟

اقرأ/ي أيضًا| اعتقال دارين طاطور: دولة تخاف من قصيدة/ سامي مهنا

إن استمرار اعتقال دارين هو أولاً من مسؤولية هذه الدول ككل وليس فقط إسرائيل. مع ذلك فإنه يجدر بنا أن لا ننسى أحرار العالم شخوصاً من مختلف الدول الملتفين حول قضية دارين ومستمرين في دعمها، لهم كل التحية'.

التعليقات