تصنيفات جديدة للشخصيات، فما هي شخصيتك؟

حاول الفلاسفة وعلماء النفس على مر العصور فهم الشخصية البشرية، والتقاط الفروق الفردية بين الأشخاص وترجمتها إلى أنماط يمكن تصنيف البشر وفقها بحسب سلوكهم وتفاعلاتهم العاطفية، وهو ما قامت به الدراسة التي نشرتها مجلة "نيتشر هعيومان بيهيفير" في عددها الأخير،

تصنيفات جديدة للشخصيات، فما هي شخصيتك؟

توضيحية (Pixabay)

حاول الفلاسفة وعلماء النفس على مر العصور فهم الشخصية البشرية، والتقاط الفروق الفردية بين الأشخاص وترجمتها إلى أنماط يمكن تصنيف البشر وفقها بحسب سلوكهم وتفاعلاتهم العاطفية، وهو ما قامت به الدراسة التي نشرتها مجلة "نيتشر هعيومان بيهيفير" في عددها الأخير، مرتكزةً على دراسة وتحليل بيانات أكثر من 1.5 مليون شخص حول العالم، لتتوصّل إلى 4 تصنيفات جديدة لشخصية الإنسان.

في البداية، ما هي الشخصية؟

تشتق كلمة "شخصية"، أو personality باللغة الإنجلیزیة من كلمة Persona لاتينية الأصل، وهي تعني القناع الذي كان يرتديه الممثلون في العصور القدیمة عند أداء أحد الأدوار على المسرح، بغية الظهور بمظهر معين أمام الناس.

ما هي أبرز السمات في الشخصية؟

يعدّ أبرز ما جاء ضمن محاولات علماء النفس لفهم الشخصية البشرية، نموذج يعرّف بخمس سمات فردية، هي العصابية، والانبساط، والانفتاح، والتوافق، والضمير؛ وقد تمّ اختبار هذا النموذج على نحو واسع في العالم عبر عدّة تجارب بلغات مختلفة، وثبت أنها أنها تنبئ جيدًا بأنماط السلوك، مثل الرفاه والصحة النفسية، والأداء الوظيفي والعلاقات الزوجية، كما وفرت أيضًا إطارًا مفيدًا في مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك التقييمات السريرية لاضطرابات الشخصية.

وتشمل العصابية كلًّا من القلق، والغضب، والعدائية، والاكتئاب، والوعي الذاتي، والاندفاعية، وعدم قدرة الفرد على تحمُّل الضغوط، والشعور بالعجز واليأس.

فيما تحمل سمة الانبساط لدى الشخص أن يكون أكثر اجتماعيةً ويكون محبًّا للحفلات باحثًا عن الإثارة، ويمتاز بسرعة الحركة والعمل، كذلك يميل للإيجابية كالشعور بالبهجة والمتعة وسرعة الضحك والابتسام والتفاؤل، أو كما يراه الآخرون ودودًا حَسَن المَعشر، وقد يُظهر رغبةً لتوكيد الذات من حب السيطرة والتنافس والزعامة.

أما سمة التوافقية، فمن صفات أصحابها الطيبة والوداعة، وتظهر جليةً في تعبير الشخص بالثقة تجاه نفسه والآخرين، وعادةً ما يكون هذا الشخص متواضعًا، ومستقيمًا، ومخلصًا، وصريحًا، وتجده في تعامله مع الآخرين يُظهر التعاون والتعاطف والدفاع عن حقوقهم.

أما هؤلاء الذين يتميزون بسمة الانفتاح، فيسهل أن تعرفهم من خلال نمط حياتهم المفعمة بالخيال، فتجدهم قادرين على التأمل، محبين للفن والأدب، تظهر انفعالاتهم على وجوههم، وعادةً ما يرغب هؤلاء في تجديد الأنشطة والذهاب إلى أماكن لم يسبق لهم زيارتها، رغبةً في التخلص من الروتين اليومي، أما على صعيد الأفكار فنجدهم ذوي عقل متفتح يمتاز بالفطنة وعدم الجمود، والتجديد في الأفكار، كما نجدهم يميلون إلى إعادة النظر في القيم الاجتماعية والسياسية والدينية.

وأخيرًا يأتي أصحاب يقظة الضمير، وهؤلاء غالبًا ما يصفون بالبراعة والكفاءة والتصرف بحكمة مع المواقف الحياتية المختلفة، وغالبًا ما ينطبق عليهم وصف النظام، والتهذيب، والالتزام بالواجبات، والتقيُّد بالقيم الأخلاقية، كما تجدهم مناضلين في سبيل الإنجاز، متسلحين بصفات الطموح، والمثابرة، والاجتهاد، وضبط الذات، والتخطيط الجاد، وغالبًا ما يكون هؤلاء أكثر تمهلًا ونزوعًا إلى التفكير قبل القيام بأي فعل، ولذلك يصفهم الآخرون بالحذر والحرص.

كيف وظفت الدراسة هذه المفاهيم لتصنيف الشخصية؟

اعتمدت الدراسة الحالية على هذا النموذج في تصنيف أربعة أنواع من الشخصيات، لما يزيد على مليون ونصف شخص، واستبانات وصل عدد الأسئلة في كل منها إلى 300 سؤال تقريبًا، تم تطويرها من قِبَل الباحثين على مدى عقود سابقة؛ لرصد الاختلافات بين الشخصيات المختلفة وفهمها.

وعلى الرغم من أن هناك الكثيرمن الأبحاث التي درست تصنيف الشخصيات، إلّا أنّ جميعها كالنت محدودة من حيث حجم العينة، وهو ما يميّز الدراسة الحالية عن غيرها بشكل خاص، لأنها تسمح بالوصول إلى نتائج حاسمة للشخصية، مع أنّ هذا المجال لا يزال مفهومًا مصيرًا للجدل لافي علم النفس.

وبناء على نموذج السمات الفردية الخمس، يمكن إعادة فهم الأنواع الأربعة للشخصية التي انتهت إليها نتائج الدراسة الجديدة، وهي:

 أولًا، النمط العادي أو المعتدل: وهو نمط ترتفع لديه عوامل العصابية والانبساطية، مع انخفاض عامل الانفتاح، بينما نرصد توازنًا لعوامل الطيبة ويقظة الضمير عليه؛

ثانيًا، نمط الشخصية التحفظية: وتتوازن لديه عوامل الانبساطية والطيبة ويقظة الضمير، في حين تنخفض عوامل العصابية والانفتاح؛

ثالثًا، نمط المتركز حول الذات أو الأناني: ولديه ارتفاعٌ ملحوظٌ في الانبساطية بينما تنخفض باقي العوامل؛

رابعًا، نمط الشخصية القدوة: وتنخفض فيه العصابية بينما ترتفع باقي العوامل.

كذلك، فقد أشارت الدراسة إلى الدور القوي لكلٍّ من عاملَي العمر والنوع في تحديد سمات الشخصية، وهو ما ظهر جليًّا في نمط شخصية "القدوة"؛ إذ كانت نسبة المستجيبين الأصغر من 21 سنة أقل تمثيلًا، بالمقارنة بمَن هم أكبر من 40 سنة الذين أظهروا تمثيلًا قويًّا في هذه المجموعة من الشخصيات، وهو الأمر الذي امتد إلى نوع المشاركين، إذ أظهرت الإناث حضورًا أكثر ضمن المجموعة القدوة، مقارنةً بالمجموعة ذات سمات الأنانية، وكانت ملاحظة التأثير الأقوى للإناث الأكبر سنًّا من 60 سنة من العمر.

وهو ما يجعل الدراسة تقدم أدلةً مُقنِعةً على حدٍّ سواء من الناحية الكمية والنوعية، معتبرًا أن الاتساق مع قياسات المتغيرات الخارجية -مثل الجنس والسن- يضيف المزيد من الدعم إلى قوة التصنيف الذي أظهره منهجنا التحليلي، ومضيفًا أيضًا أن الاعتماد على استبانة ذات قياس متعدد الأسئلة يُعَدُّ نقطة قوة للدراسة؛ إذ يسمح بالتعبير أكثر عن الشخصية.

 

التعليقات